الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة الكتلة فى مصر

عادل ندا

2008 / 9 / 21
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ثقافة الكتلة البشرية فى مصر هى مزيج من ثقافات متناغمة ومتصارعة فى نفس الوقت. وهذا التفاعل الحميم، جدلية حضارية، نحسد عليها. مشكلتنا أننا ننكر أجزاء من ثقافتنا لصالح الكتلة أحيانا، وأحيانا أخرى ضد مصالحها، لغياب القيادة الطبيعية صاحبة الرؤية. القيادة أو القيادات صاحبة الرؤى المختلفة التى يجب ان يكون بينها درجات من الإتفاق ودرجة من الصراع البناء. صراع محكوم الشدة. هناك تنوع فكرى ثقافى عالمى (كوزمو بوليتانى) طبيعى فى مصر. فهذة الكتلة ظلت على الدوام جاذبة لكل الثقافات وممتصة لها.
من الإجرام محاولة تصفية بعض الثقافات عنوة، وأحيانا لا أخلاقيا.
ثقافة ما يجب ان نسميهم نخبة الكتلة لدينا تنكر أبعاد كثيرة فى ثقافتنا، مثل البعد الأوروبى الثقافى كما تنكر البعد الثقافى الفرعونى الذى تتمسك بهما الكتلة ولحكمة. البعد الأوربى للصحوة العلمية والعملية، كثقافة حديثة أخذت حظها فى التطور المادى حتى ولو كان ذلك على حسابنا فى الكثير من الأحوال. والبعد الثقافى الآخر هو البعد الفرعونى كثقافة جذور ممتدة الى سبعة آلاف سنة. ثقافة متأصلة تعطى للكتلة قوة الإمباطورية التى تستطيع بها أن تنازع إمبراطوريات قديمة محيطة بنا. حضارات قد تحاول واهمة أن تبتلعنا. صراعنا معها تنافسيا فقط. إمبراطوريات ثقافية قديمة مثل ثقافة الفرس، وتقافات الأتراك العثمانيين وحضارات بابل العراقية وثقافات الشام المختلفة وكذلك الأكراد والعرب كثقافة وليس دين الخ.
البعد الدينى بعد قوى ولكن لا يمكن أن نحشر باقى الأبعاد داخل قوالبه التى لا تتفق مع رؤى أصحاب الثقافات الأخرى. لا يمكن إجبار الآخر على تبنى ثقافتك بالكامل. هذه رغبة فى إلغاء الآخر. الآخر يذوب منفصلا متصلا كجماع حضارى إنسانى. ما عدا ذلك إجبار. وهنا يحدث الصراع. صراع حياة أو موت والمسألة ليست هكذا ولا يمكن منطقيا أن تكون هكذا.
كل هذه الثقافات جزء لا يتجزأ من ثقافتنا كمصريين بشكل ما أو بآخر. صراع الثقافات محتدم لعدم وجود الحس الإنسانى الأصيل. فكل ما هو إنسانى موجود فى كل ثقافات الإنسان المتنوعة. فالكل واحد وهذا مبنى حتى فى جيناتنا. وأساسى فى فكر كل إنسان.
مشكلة اليهود والصهاينة منهم أنهم تحالفوا مع الأقوى والأعداء التاريخيون مرحليا للإنسان، فى مرحلة صراع ثقافى محتدم بل داعر وبلا داعى. فالثقافة الرأسمالية المتوحشة كما يقولون والتى تنتهج النهج الساعى الى الهيمنة وطرد الباقون أو إذابتهم قسرا ليست ثقافتنا. فثقافتنا المتعددة رحبة ومستوعبة ببساطتها.
نطرد الفلسطينيون وننشئ قوة غربية بفكر صهيونى يدعم الرغبة فى السيطرة والإستنزاف. نؤستك الأنظمة ونقهرها فى إتجاه التسليم للرغبات الإستعمارية التملكية بالإستحواز. ومن لا يأتى طوعا نحتله عسكريا.
فى ثقافتنا من يدخل حديقتك ليأكل ليس بسارق. فى الغرب يطلق عليه النار دفاعا عن ملكيتك الإستحوازية. فى ثقافتنا يمكنك أن تطرق أى باب طالبا الطعام والشراب وبلا تنازل عن الكرامة الإنسانية. فى ثقافات أخرى إحسن الي وأنا سيدك.
الصراع الخارجى محتدم. لابد من تبنى التهدئة الداخلية بالتخلى عن التشدد المتطرف فى كل إتجاه. وهذا ليس نداءا لإلغاء التطرف ولكنه نداء للحكمة والصدر الرحب. بأن يسمع الجميع الآخر بسماحة. والقدرة على القراءة وقبول المختلف فى الرؤية للترقى والسمو وبعد النظر. اصحاب الثقافات المتكيسة المتكلسة خائفة، بل وربما مرعوبة وكل له مسبباته، لذلك الرعب. السماحة غائبة عن الساحة اليوم. فما بالك بالإثار.

الرؤية التى تتناغم مع الكل يتم ويستم تبنيها. مشكلة الإخوان مثلا أنهم منفصلين عن الكتلة والكتلة تلعب بهم. فهى تهدد بهم النظام الذى إختارته أو وافقت عليه. كما تلعب بباقى القوى المنفصلة نسبيا عن الواقع بما فيها بعض الحكام، لصالح القوى المتفهمة.
أيضا مثلا، حزب الغد يعيش أحلام. والكتلة لعبت به فقط لتهديد أو بالأحرى لتحجيم النظام، لصالحها، وحتى تدفعه الى تقليل الفساد ولزيادة حس القيادات للقيام بدورهم، فى مناصبهم، لصالح الكتلة وليس لصالح مكاسبهم الشخصية الضيقة. بالمناسبة أطالب بالإفراج عن أيمن نور وعن باقى المحتجزين بلا داع.
أرى الموقف، موقفنا أننا نعيش نسبيا غيبوبة والبعض لايريد الإفاقة منها. غيبوبة النخبة بينما الكتلة تعى. الإنسان البسيط مغيب بمزاجه، لأنه لا بيحل ولا بيربط. الغيبوبة بالنسبة له إستراحة قصيرة ثم يعود. فهو قوة فى الكتلة وفى لحظات الجد تفوق الكتلة كلها وتتوحد لتنجز. هذه هى حكمة الكتلة المحركة فى مصر. كتلة متحركة ومستوعبة وبسرعة هائلة. فى خلال سنوات قليلة، عشرات الملايين فى مصر يستعملون الموبيل ويستخدمه الكثيرون للإتصال بالإنترنت. لازالت الكتلة فى حاجة الى قيادات.

نحن ومن نسمى أنفسنا بالنخبة، نريد ولا نفعل شيأ فى إتجاه ما نريد. وربما نفعل عكس ما نريد وطوعا. تتدخل ذاتيتنا بشكل تخلفى. "أنا لن أجلس مع فلان أو علان لأنه شتمنى". نعم هناك صدمات ثقافية حادثة لنا جميعا اليوم بسبب إزدياد القدرة على التواصل التكنولوجية، وتقدم وسائل الإتصال. لكن هذا لا يستوجب ما هو حادث من فقدان التوازن. الكل يجلد الكل والبعض يجلد نفسه أيضا. ولكننا لو أمعنا النظر فى مختلف ثقافاتنا لوجدناها تكاملية. الإستخدام المفرط للوسائل الأمنية خطأ وينم عن قراءة غير دقيقة للواقع. ما يجمع القديم مع الحديث سيشمل جمماعه كل الثقافات التى تخللتهما.
كل فى تناغم وربما بالتفكير بالتمنى.
فلنتمنى جميعا، لنرى سحر التمنىٍ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس كولومبيا يعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ويعتب


.. -أفريكا إنتليجنس-: صفقة مرتقبة تحصل بموجبها إيران على اليورا




.. ما التكتيكات التي تستخدمها فصائل المقاومة عند استهداف مواقع


.. بمناسبة عيد العمال.. مظاهرات في باريس تندد بما وصفوها حرب ال




.. الدكتور المصري حسام موافي يثير الجدل بقبلة على يد محمد أبو ا