الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في المبدأ الاخلاقي للفكر الهندوسي

ابو الفضل علي

2008 / 9 / 21
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


نقراء احد ( الاوبانيشادات ) وهي من سفر (الاوبانيشاد) الذي ظهر نتيجة الجدلية الفكرية للبراهمانية والتي تعتبر الشريحة الثانية من الطبقات الاربع لنظام الطبقات الهندوسي وهي طبقة رجال الدين – وهنا- في هذا المقطع الذي سنقرؤه وصف للحقيقة العليا التي يؤمن بها الهندوس (( براهمن – اتمان )) نقرء في المقطع : "هو الذي يقيم في الارض وفي المياه وفي النار وفي الجو وفي الرياح وفي السماء وفي الجهات الاربع ... هو الذي يقيم في كل الاشياء ومع ذلك هوغيرها هو الذي يدبر كل شيء من الداخل . هو النفس . يفيم في الانفاس وفي الكلام وفي العين وفي الاذن ... هو الرائي الذي لا يرى والسامع الذي لا يُسمع والمفكر الذي لا يفكر به والفاهم الذي لايُفهم
.هو نفسك اتمان " ولعل العبارة ( هو نفسك اتمان ) اراد الاشارة فيها الى ان النفس الفردية هي جزء من ذات طبيعة النفس الكلية ويرى الهندوس في عقيدتهم ان التحلي في صفات الاله براهمن – اتمان هو الضامن الحقيقي للوصول الى السعادة الارضية والتي من خلالها تتمكن النفس من الانعتاق والاتحاد مع براهمان بعد الممات , ان ظهور هذا الفكر في الالف الاول قبل الميلاد يعكس حقيقة التطور الفكري والفلسفي للهنود في هذه المرحلة برغم ان البعض يعتقد بدخول هذه الفكرة عن طريق الفتوحات التي قامت بها قبائل تعرف باسم الهندو – ارية – والتي كانت من اصول اوراسيا في مطلع الالف الثاني قبل الميلاد
المهم فقد بقى البراهمانيون يعلمون القاعدة الاصلية التي مفادها : " ان النفوس التي هي من طبيعة واحدة ترجع الى مصدرها بعد حياة واحدة في الجسد وفي العالم المادي ، اما مذهب التناسخ فكان من ديانات سكان الاصليين والذي فرض نفسه على البرهمانية
(وهي الديانة التي فرضها الفاتحين ) والتي لاينكر تأثير رجال الدين الهندوس على الفكر البرهماني فاصحاب مذهب التناسخ يؤمنون بوجود جواهر فردية مستقلة هي الارواح التي تعيش حالة (الكارما) ومعناها (حالة تحديد طبيعة تناسخ الروح) والكارما هي كل الاعمال والافكار وهي غير بعيدة عن المعيار الاخلاقي الذي يحدد ما اذا ماكانت الكارما حسنة ام سيئة فالكارما الحسنة هي التي تقود الروح الى تناسخ اعلى اما الكارما السيئة فتقود الى تجسد ادنى قد يصل الى مستوى الحيوانات اوالحشرات.
وبالتالي فأن الفكر الديني الهندوسي اوجد حالة من التمايز في المجتمع الهندي وان التفاوت الاجتماعي سببه قانون الكارما وان حياة الانسان ليست خاضعة كليا لتجربته بل هيه متأثرة بتحصيل حاصل حياة الروح قبل ان تصل اليه وتتحد بجسده لذا فأن الجدلية الفكرية بين البرهمانية وعقيدة التناسخ المتأصلة عند سكان الهند الاصليين انجبت مذهب (الفيدانتا) الذي يعتمد على حقيقة الظاهر والباطن فحقيقة الباطن المرتكز على الاخلاق هي عين عمل الانسان وهي الرتبة العليا التي يتمكن منها الفرد من الاتحاد مع النفس الكلية.
ان فكرة الانعتاق التي يتحدث عنها معلموا الديانة الهنودسية هي فكرة حقيقية وموجودة في كل الاديان فعن طريق الالتزام بالمرتكز الاخلاقي وتغيير جوهر الفرد نحو الافضل لبلوغ علة الانعتاق التي تؤدي بدورها الى بلوغ العلة الغائية وهي الدخول في رحاب النفس الكلية المقدسة، الا ان الهندوس يذهبون الى فكرة الاتحاد المباشر مع النفس الكلية التي يرفضها بعض المفكرين من الاديان الاخرى باعتبار ان الاتحاد هو ليس مباشرا لعجز الانسان علميا وفكريا من الاحاطة بكيفيات وماهيات اللذات المقدسة والتي يعبر عنها لدى الهندوس (بالنفس الكلية).
ان محبة الله في الفكر الهندوسي فيها تشابه مع الديانات الاخرى الا انها لاتتجاوز المحبة الشخصية بين الانسان وخالقه ولاتعني هذه المحبة ان الهندوسي لايحب جاره او المجتمع الذي يعيش فيه فالاله عندهم فوق الخير والشر وان تعامله مع الروح وفق مبدأ الكارما بيد ان الفكر الهندوسي الكلاسيكي حول الاله الذي يعتبره من كائن فوق الخير والشر الى كائن اخلاقي حيث تحتم عليهم ان يدخلوا الاخلاق ضمن السلوك الديني فالاله يدعوا الى مكارم الاخلاق ثم يجزي بها على خلاف مبدأ الكارما الذي لايؤمن بأن الروح تجزى على مدى تعاملها اخلاقيا باعتبار ان التناسخ مستمر ولايمكن الوصول الى الجزاء الا بانتهاء الكون ومن عليه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماكرون يرحب بالتزام الصين -بالامتناع عن بيع أسلحة- لروسيا •


.. متجاهلا تحذيرات من -حمام دم-.. نتنياهو يخطو نحو اجتياح رفح ب




.. حماس توافق على المقترح المصري القطري لوقف إطلاق النار | #عاج


.. بعد رفح -وين نروح؟- كيف بدنا نعيش.. النازحون يتساءلون




.. فرحة عارمة في غزة بعد موافقة حماس على مقترح الهدنة | #عاجل