الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ظل غياب الوعي الثقافي... هل نشهد عدم توزان أفكارنا ؟

إبراهيم حسن

2008 / 9 / 22
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ملاحظة: المقالٌ يبحثُ في العوامل التيّ تؤثر في آراء وأفكار الفرد العراقي، كما تسلط الضوء على أبرز ألاسباب التي أدت الى تحجيم الثورات في العراق، كما سلطت الضوء على تأريخ الفكر السياسي منذ العهد العثماني وإلى الآن، وما كان يشهدهُ العراق في تلك الفترة المظلمة، إبتداءاً من 2008 والرجوع بالاتجاه المعاكس لتأريخ العراق السياسي.
كُتب المقال وفق المنطق الحديث، الذي يستسيغهُ الآف العقلاء،كما كتب وفق علمانية هذا القرن الغريب !!

في ظل غياب الوعي الثقافي... هل نشهد عدم توزان أفكارنا ؟

بما أننا مُقبلونَ على إنتخاباتِ مَجالس المُحافظاتْ، المُحتّمل إجراؤُها في ألاشُهر المُقبلة، فالجدَير بنا أن لا تُؤثر بنا ما ترددهُ وسائلُ إلاعلام في دعم بعض القوائِم إلانتخابية.
فمشروعيّة دعم القوائم إلانتخابية إعلامياً تنبَع مِن كونْ هذهِ القوائم باتت تصلحُ لتوليّ زمِام الحُكم فيّ العراق، هذا من جانِب ، ومن جانبٍ آخر أصبحت هذهِ القوائم ذات مصِداقية عالية فيما ترُوّجهُ لنفِسِها إعلامياً، وهنُا يلعبُ الوعي الثقافي دورهُ الفعّال في سبيل إرشاد الفرد العراقي،ولكي نعَرِفَ ماهيّة الوعي الثقِافي نقولْ (( إنَ الوعيّ الثقافي هو جميع ألاُطر الثقافية وألافكار السوّية التّي يحَظى بها الفرد في حياتهِ، سواء تم إكتِسابها أثناءَ تعليمهِ، أو من خلال إنفتاحه على محيطهِ الخارجي، حيث تمُكّنه هذه ألاُطر من التمييّز بينَ الصحيح أو السليم وبين الخاطئ أو المُعتّل، وليس مِن السَهل إن كل فرد يمُتلكُ هذا الوعيّ، فهو ناتجٌ عن درايةٍ وفهم للمضامين الفكريّة – الثقافية السائدة في بيئتهِ)) حيث يمُكننّا هذا الوعي من التمييّز بين ما تدّعيهِ هذهِ القائمة من إدعائاتٍ كاذبة ووعود مُزيفة، وبينَ ما تدّعيهِ بقية القوائم التّي يمُكن أن تكُونَ صادقةٌ بعضَ الشئ فيما تنّسبهُ لنفِسها،وهنا تكمّنُ مشكلةٌ عويصة، فالناخب سيقعُ في حيرةٍ من أمرهِ، وتردد في إختيار قائمةٍ معُينة، ولا مناصَ من ذلك، وهنا يتّضح دورُ الوعي الثقافي الذي أشرنا اليهِ سابقا.
فالذي يمتلكُ هذه الوعي سينتخبُ القائمة التّي يرى فيها خيراً لهُ ولمستقبله، دونَ ترددْ،بعد إحاطتهِ الموضوعية بثقافة أعضاء تلك القائمة، أما من لا يمتلكُ هذا الوعي سَيبقى حائراً بين عشرات القوائم.

مما لا ريبَ فيهِ إنَ كلَ ناخبٌ عِراقي يبتعدُ عن الواقع بعَضَ الشئ، ولا مراءَ في ذلكْ، فنرَاهُ من دون أن يّطلعَ على أعضاء القائِمة التي سينتخبُها، أو يتعرفَ على أهدافِها،ومما حققتهُ سابقاً، ومدى ثقافة أعضائِها، يصوتُ لها دونَ تردد، لإنها قائمة طائفته المذهبية أو العرقية، وما يدريهِ لعلَ تلكَ القائمة كمثيلاتِها من حيث الوعود الكاذبة وألاباطيل التّي تدّعيها.

إن هذا إلاهمال اللاشعوري للخلفية السياسية- الثقافية للقوائم المرشحة بلا شك سيؤدي بنا الى نفس الخطأ الفادح الذي إرتكبناهُ في إلانتخابات السابقة، حيث أدلينا بأصواتنِا لقوائم طوائفنا، علها تحقق لنا أحلامنا الوردية، فلا تحققَ ما نرُيد ولا إستتبَ أمنْ !!

مما يجدر ذكرهُ هنا إن على الفرد العراقي اليوم أن لا تغريهِ تلكَ الوعود وألاقاويل المطليّة، عليهِ النظر الى الواقع الثقافي - السياسي للقائمة التي سيصوّت لها، كما عليهِ أن يقارنَ مدى صحة إلادعائات وإثباتها على أرض الواقع، هل هي ممكنة أم غير ممكنة، فأغلبها برأييّ مجرد وعود تحاولُ جذب الناخب ليعطيها صوتهُ، وبعدَ أن يجلسَ سياسّيو تلكَ القائمة على دكة الحُكم، وتمتلئ بطوُنهم من أموال الشعب، ويتيقنّوا من ذلكَ جيداً، نراهم بعد ذلكَ يتذمرون من مطاليب الشعب ، ثم يدّعون إنهم حققوا جزءاً منها والجزء ألآخر تعترضهُ العراقيل ألامنية والمالية وما إلى ذلكَ من مبرراتٍ تافههٍ قد تعوّدنا عليها في جميع المراحل التيّ مر بها العراق المسكين، ولا عجبَ من ذلك، فهذا هو شأنُ السياسي، عندما تمتلئ راحتيهِ بالذهب، يشكو من مطاليب الشعب التي سببت لهُ صداعٌ دائِم، ونراهُ يتباهى ويترّنم بأماديح وزاراته وما حققتهُ من إنجازاتٍ كبيرة في مختلفِ الصعد على حدّ زعمِه، بعد ذلكَ نراهُ يدّعي إنهُ ساهرٌ ليلَ نهار في سبيل إرضاء الشعب، أو تحقيق مطاليبهِ، وأعتقد إن إلانتخاباتَ القادمة هي أيضاً كما قلت، سينّخدعُ الشعب بمغريات القوائم إلانتخابية التي تروّجها، وسرعان ما نتأسف على إنتخابها بعد أن رمت بمطاليبنا بأنهار الوعود...وإلى الله المُشتكى..........

وفي إعتقادي إن من ينصفَ الشعب ويحققَ مطاليبهُ وأمنياتهُ يجب أن يكونَ من الشعب، وممن تسببت لهُ ألانظمةُ السابقة بويلاتٍ كبيرة،وعانى ما عاناهُ من (الظيم) والجوع والقهر وفقدان ألامل،كي يعرف حقيقة الشعب، وما يعانيهِ فعلا،فليس من المعقولِ والمنصفِ أن يُؤتى لنا بشخصياتٍ (جاهزة) من خارجَ القطر، ممن عاشوا في نعيمٍ دائم، وخيرٍ وافر، كي يحكموا هذا الشعب المسِكين، الذي عانى من ويلاتِ الحُكّام ما عاناه، وتخُم من الحروُب السوُداء، التّي أبُتلي بها، جراء سخافة السياسة التيّ كانت تتبعُها الحكومات السابقة.

ولستُ أدّعي بقولي هذا، إنني من أنصار الحكوُمة الحالية، أو أحد معارضي الحكومات السابقة، بالرغم من وجاهة رأيي وصراحته بجميع الحكوماتِ وألانظمة التّي حكمت العراق مُنذ العهد العُثماني وإلى الآن، فبرأيي كلها حكوماتٌ إستبدادية – دكتاتورية، بالرغم من التفاوت بين كل واحدةٍ منها في درجة الظلم الذي تمارسهُ تجاه الشعب، وإختلاف الخطب الرنانة التي تلقيها على مسامع السواد الاعظم من رعاياها.

أما ما يجعلنا متفائلينَ بعض الشئ في وقتِنا الحالي، هو إن ثمةَ بصيصُ أمل نترّقبهُ بين حينٍ وآخر، وهذا البصيص ( المتأرجح أمامنا) ناتجٌ عن إعتقادنا بتبدل الحكومات الحالية من حينٍ الى حين، نتيجة ممارسة الديموقراطية بشكلها الصحيح،فما كان يسود بعراقنا سابقاً، هو الدكتاتورية الحمقاء وإضطهاد الرأي السياسي الناتج عن تسلط الرُعاة وإستحواذهم على المناصبَ الرئيسة و إلادارية الحساسة في الحكومة العراقية،مما يجعلهم يفكرونَ في أمورٍ خبيثة،كسحق أصحاب الآراء الحرة والصريحة ، والقضاء على الحركات المعُارضِة دونَ ممارسة فن السياسة مع أولئكَ المعارضون، للحيلولة دونَ قيام ثورات هائجة ضدهم !!

لستُ أعني بقولي حكومةٌ معُينة، إنما أقصد بذلكَ كافة الحكومات التي حكمت العراق مُنذ العهد العثماني الى عام 2003 في العراق، أما ألآن فتارةً تضُطهد آراؤنا، وتحتُرم تارةً أخُرى، ولعلني لا أجُافي الحقيقة إن قلتَ إن إحترامَ آراؤنا هو لأجل مصلحة المقابل( السياسي)، فعندما يجد إن مصيرهِ يتحددُ بآراء الشعب، نراهُ يتوعد الشعب بخيرٍ وفير، وفرجٌ قريب، ويصب الويل والثبور على رؤوس أعداء الشعب ،وبعد أن يأخذَ من الشعب ما يرُيد، يخرجُ لمواطنيه على شاشات التلفزة، مخاطباً إياهم بشكرٍ جزيل، بعد أن يلقي عليهم محاضرة دينية، يمُجد فيها آهل البيت، ويثني عليهم، ويتظاهرُ بصفاتهِ الحميدة التي يصطنعها أينما وَجَدَ مسكيناً جائعا، بعدَ ذلكَ يُلملمُ وريقاتهُ، ويصطحبَ معهُ واعظُوه، إلى قصرهِ الفاخر، فيعلّمونهُ أصولَ الدين، ويحللونَ لهُ ما يشاؤون، ويحرمون على الشعب ما يرغبون، ومن ثم يباركونَ تسلمهِ هذا المنصب،فينهال عليهم ( صاحبنا السياسي) بدولاراتِ اليتامى والمساكين التيّ سَرقها منِهم ،وفي المقابل، يزداد وعّاظهُ بمتجيدهِ وتبجيلهِ، ويدعونَ الله أنْ يمدَ بعمرهِ كما مدّ بعمر نبي الله نوح !!

هذا هو شأنُ الوعّاظ في بلادنا( أصحاب العمائِم السوداء والبيضاء) أو بالاحرى العمائم العوُجاء !! فهم كلما جاءنا ظالمٌ مُستبدْ، جلسوا قربَ أذنيهْ، وأخذوا يلهجونَ بمدحهِ ويترّنمونَ بخصالهِ، فيأمر حاكمنا ( رعاهُ الله !!) بمكافأتهم جزاء ما قالوه من حقٍ ساطع بحقهِ.
وتستمرُ هذهِ العادة المخزية التي يمارسُها الوعّاظ إلى أبد الآبدين، فهي عادة إيجابية مرُبحة بالنسبة إليهم ،تأتي لهم بالرزقَ الكثير، والخير الوفير، هذا من جانب، ومن جانبٍ آخر يحصلون على رضى السلطان، ويحظونَ بعطفهِ.
وهكذا يفعلونَ وعّاظنا (دام ظلهم !) مع خَلفّهِ، وخَلف خلفهِ،
وهَلم جرّا.............

وفي إعتقادي أن الحكومةَ الناجحة للعراق والعراقيين هي الحُكومة العلمانية، فلا داعي للدين أن يتدخلَ في أمورَ السياسة، أو نواحِ الحياة المختُلفة، يجب أنْ يكونَ دورُ الدين ( ألإسلام أو غُيره) دوراً أخلاقياً فقط، فمن الغرابة أنْ يتمَ خلطُ الدين بالسياسةِ والإقتصاد...ووو..الخ.
وهذا ما يحدث الآن في عراقنا، حيثُ خلطَ سياسيو العراق المحتُرمين !! ألإسلام بالسياسة، والسياسةَ بالإسلام، فأصبحت صورةَ ألإسلام ملتصقة بصورةِ السياسة أينما وجدتْ، وهذا هو الخطأ الفادح بعينهِ.

برأيي إن العلمانية هي ألانجحُ في العراق وألافضل للعراقيين، حيثُ إن العلمانيةَ متُطّبعةٌ في الكثير من نفوس العراقيين، بعدَ أنْ أصبحَ الإسلام ملاذاً آمنا للقتلة، وأرهابيو القرن الواحد والعشُرون، وأصبحَ السفاكّون يسفكونَ الدماء ، بأسم ألإسلام أو بالأحرى لأجلهِ !!

لا إسلامَ مع السياسة.... ولا سياسةَ مع ألإسلام، وهذهِ لعمري حكمةٌ بالغة، إذا إعتبرنا بها، وهذا هو أوان إلاعتبار،
فهلْ من يسمعْ ؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: مزارعون في الهند مصممون على إلحاق الهزيمة بالحزب ا


.. السباق إلى البيت الأبيض: حظوظ ترامب | #الظهيرة




.. ماهو التوسع الذي تتطلع إليه إسرائيل حالياً؟ وهل يتخطى حدود ا


.. ترامب: لم يتعرض أي مرشح للرئاسة لما أواجهه الآن | #الظهيرة




.. -كهرباء أوكرانيا- في مرمى روسيا.. هجوم ضخم بالصواريخ | #الظه