الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


توراة بابل وآشور وليست توراة اليهود

مثنى الشلال

2008 / 9 / 23
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


في البداية أود ان اتكلم بشكل مختصر ومقتضب عن المقدس او القدسية وعلاقتها بالنفس الانسانية ... حيث منذ ان وجدت الخليقة البشرية وفي أول أطوارها كانت تنقاد غريزة الانسان الى البحث عن المقدس او القديس , وهذه الحالة طبيعية على ممر الازمان والى يومنا هذا , لان النفس الانسانية في طبيعة تكوينها محدودة الواجبات والطاقات , لذلك فهي دائماً في بحث دائم عن الغير محدود او بكلام اخر , ان النفس هي ممكنة الوجود فدائماً تبحث عن الغير ممكن وجوده او عن المطلق حتى تقف عنده ويلبي لها رغباتها ودعواتها ويسد نقص عجزها أياً كانت .... لذلك كان هذا الغير محدود بالعصور القديمة هي الالهة التي اخترعها وصنفها العقل البشري وكان ذالك في اول مهد للحضارة وهي أرض العراق , ومن هنا بدأ المقدس او الدين يشق طريقه جنباً الى جنب مع الانسان ....
وتتابعت الافكار والاجتهادات , الى ان جاءت الاديان تتوالى ... ولو كنا في تتابع مستمر لجميع الحضارات التي قامت لسوف نرى ان اساس قيامها هو الدين او المقدس الذي من اجله يصلي ويعيش ويموت ويحارب ويبني هذا الانسان قديماًوكل شئ ... فهاهي جميع ماتبقى من الحضارات القديمة او معظمها كان اساسه مبنى للعبادة وهو نفسه مبنى المقدس الي احاطه الناس وكونوا حوله المدن والامبراطوريات والمماليك .... وكثير من حضاراتنا اليوم ودولنا قائمة على نفس الفكرة المقدسة اي الدين او اي فكر مقدس آخر يتصل بالعقيدة الروحية للبشر ... كان أسلامي او مسيحي اويهودي وحتى بوذي وهندوسي وزرادشتي وغيرها ....

في الواقع ظلت التوارة الى عهد قريب تشكل لغزاً محيراً لكثير من العلماء في العصر الحديث والعالم باجمعه , اذ لم يستطيعوا فهم كيفية ماتحتويه من نصوص دينية وادبية وتاريخية واسطورية , وخاصة حول مفهوم الكون وتطور الحياة على ارض البسيطة .
ضل الحال هكذا الى ان راحت معاول الآثاريين تضرب ارض وادي الرافدين باحثة عن ماهو مكنون من ماضي سحيق ومخبأ تحت الحجارة ...... وانبثق الماضي من باطن الارض ليهز الحاضر والمستقبل قوياً دامغاً مبهراً للعقول حيث اخجل او اطاح , اذا صح التعبير بهذا الكتاب الذي ضل لقرون عديدة على انه بداية الكون حيث وجد في قاع هذه الارض الغنية او المنجم الذي لاينضب قاع اكبر واعمق بكثير يمتد في مجاهيل الكون وانتظام النظام وانبثاق الشرائع والمراسيم وكافة العلوم او اساس لكل العلوم الحديثة .
وانبثق الصوت المدوي حلاً للغز وتسابق الدارسون على الاعلان ان التوراة ماهي الا مقتطفات من ابداعات وحضارات شعوب سبقت تدوينه بقورن كثيرة اقتبسته اليهود ليكتبوا توارتهم ..... على طريقة محلام كلكامش وقوانين حمورابي وتراث ارض النهرين ببلاد سومر واكد وبابل وآشور ....
ان الذي يدرس تاريخ حضارة وادي الرافدين بتمعن وفهم حقيقي سوف يرى بان التوراة ليست سوى صورة مصغرة عن محلمة كلكامش البابلية السابقة لها بقرون عديدة , وايظاً قصة الخلق البابلة " أنيوماأيليش " , وغيرها من قصص حضارة هذا الوطن المعطاء الادبية ...
كانت حضارة مابين النهرين ومعتقداتها وافكارها وقوانينها وحتى اساطيرها تقوم على ارضية الاستقرار الاجتماعي المتمثلة في الارض الثابتة والماء الوفير وحتى مستلزمات الحياة جميعها بالاضافة الى العوامل المناخية , شكلت ارضية فعالة لديمومة وحيوية الافكار الخلاقة والفاعلة للنهوض بالحياة وتطورها على كافة اصعدها ...
اما المجتمع التوراتي " اليهودي " فلم يكن يملك نفس الارضية ... فلا استقرار , اذ لاارض ثابتة ولاعوامل مناخ اذ لم يكن هناك ارتكاز على وضعية اجتماعية ثابتة وحتى لم يكن هناك توازن بين السلطة السياسية والسلطة الكهنوتية كما هي الحال في العراق القديم ...
اذن فهم حالة اجتماعية قبلية بدوية لم تكد تستقر على الارض التي اغتصبتها وتتعلم من جيرانها اساليب الحياة المدنية كما كانت موجودة في حضارة العراق القديم .... حتى جاء من حطم غرورهم وابعدهم بالقوة على يد هذه الحضارة العريقة وهنا توكنت ارضية جديدة اضيفت الى البدايات البدوية والعبودية التي كانت تمارس بحقهم من قبل حضارة وادي الرافدين وحضارة مصر القديمة ...... فكيف يسمى ويرقى الى مستوى شعب الله المختار وهو مستعبد وذليل من قبل الحضارت القديمة وكان عبدا لها ؟؟؟ فبقى في غربة وتشرد يقتات على افكار الحضارات ويدون ما يجد عندها وينسبه لنفسه على ان هذا هو كتاب الله وهو التوراة .....
بتاريخ الثالث من كانون الاول من عام 1872 فقدت التوراة نهائياً الصفة التي كانت تتمتع بها .... اذ كانوا يعتبرونها قبل ذالك التاريخ " اقدم كتاب معروف على الارض " كتاب يختلف عن بقية الكتب كتاب املاه الله او كتبه بنفسه ....
في هذا اليوم من عام 1872 قام عالم الاثار G.Smeth وهو من اوائل المختصين بالدراسات الأشورية , وامام جمعية الاثار التوراتية في لندن باعلان عن اكتشاف بالغ الاهمية في آثار بلاد مابين النهرين "سومر واكد وبابل وآشور " , حيث عمل لمدة 50 سنة متواصلة بالتنقيب والعمل المجهد لفك رموز الكتابة المسمارية ..... كان الاكتشاف خطير جداً وهو عبارة عن تاريخ مشابه حتى بالنسبة لأدق التفاصيل لرواية الطوفان التوراتية وهي اسطورة الطوفان البابلية وكانت تسبق كتابة التوارة بكثير وقد اعطى الدليل على انه التوراة قد استنسخت منه كل شئ ....
هكذا عادت فجأة وامام جميع البشر التوراة الى سلسلة الآداب العالمية من مؤلفات البشر وليس كما يقال من قبل الرب ...
اعطيت الادلة الدامغة والقاطعة التي خرجت من تحت الاحجار على انه التوراة مجرد اساطير استنسخت افكارها ومواضيعها من قبل العراقيين الاوائل الذين خطوا هذه الافكار والمعتقدات قبل التوراتيين بقرون كثيرة ...

فأي شعب هذا واي اختيار ......








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما ردود الفعل في إسرائيل حول تهديد بايدن بوقف إمدادات الأسلح


.. مقتل 4 أشخاص في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان • فرانس 24




.. ألعاب باريس 2024: استقبال رسمي وشعبي -مهيب- للشعلة الأولمبية


.. الشرطة الأمريكية تفض اعتصاما مؤيدا لفلسطين بجامعة جورج واشنط




.. أنصار الله: استهدفنا 3 سفن في خليج عدن والمحيط الهندي وحققنا