الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أخلاقيات القصص القرآنية – ثوابت أم نواقص (4)

مستخدم العقل

2008 / 9 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


استكمالاً لمجموعة المقالات السابقة حول قصص القرآن وخطورة اتخاذها كمصدر للثوابت الأخلاقية فهانحن نستمر في رحاب قصص القرآن لنجد قصة موسى والسامري الواردة في الآيات 83 الى 98 من سورة طه التي تقول:
وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَىٰ ﴿٨٣﴾ قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَىٰ أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ ﴿٨٤﴾ قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ ﴿٨٥﴾ فَرَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا ۚ أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي ﴿٨٦﴾ قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَٰكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَٰلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ ﴿٨٧﴾ فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَٰذَا إِلَٰهُكُمْ وَإِلَٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِيَ ﴿٨٨﴾ أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا ﴿٨٩﴾ وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ ۖ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَٰنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي ﴿٩٠﴾ قَالُوا لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّىٰ يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَىٰ ﴿٩١﴾ قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا ﴿٩٢﴾ أَلَّا تَتَّبِعَنِ ۖ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي ﴿٩٣﴾ قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي ۖ إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ﴿٩٤﴾ قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ ﴿٩٥﴾ قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَٰلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي ﴿٩٦﴾ قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ ۖ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّن تُخْلَفَهُ ۖ وَانظُرْ إِلَىٰ إِلَٰهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا ۖ لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا ﴿٩٧﴾ إِنَّمَا إِلَٰهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا ﴿٩٨﴾

ونظراً لأنه يجب علينا أن نقرأ كتاب الله بصورة موسوعية شاملة فهاهي بعض الآيات الأخرى التي تكمل القصة وهي الآيات 51 الى 55 من سورة البقرة التي تقول:
وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَىٰ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ ﴿٥١﴾ ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُم مِّن بَعْدِ ذَٰلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴿٥٢﴾ وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴿٥٣﴾ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُم بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴿٥٤﴾ وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ ﴿٥٥﴾

فطبقاً للآيات الكريمة عاليه فإن موسى قد ترك قومه أسفل جبل سيناء وذهب وحده (لا أدري لماذا) الى أعلى الجبل لكي يتكلم مع الله (ويُقال إن صيام المسلمين ليومي الإثنين والخميس من كل اسبوع هو تقليد لليهود الذين كانوا يفعلون ذلك احتفالاً بتلك المناسبة) وأثناء دردشة موسى مع الله سأله الله عن قومه فأجابه موسى إنهم يتبعونه ولكنه تركهم في أسفل الجبل ليتقابل مع الله وذلك لكي يرضى عنه الله، وهنا أخبره الله بالمفاجأة وهي أنه قد (فتن) قومه وأرسل اليهم السامري ليضللهم. ولم يفكّر موسى في أن يسأل الله عن السبب الذي دفعه لفعل ذلك بل عاد لقومه غاضباً ومعاتباً لهم ومتسائلاً عن السبب الذي جعلهم يضلّون فقالوا له إنهم لم يفعلوا ذلك برغبتهم بل أن السامري أبهرهم بأن أخرج لهم عجلاً له خوار (يُقال إنه ذهبي) فظنوا أن ذلك العجل هو إله موسى فعبدوه. وهنا (طبقاً لآيات سورة البقرة) ازداد غضب موسى على قومه فنصحهم بأن يقتلوا أنفسهم لكي يرضى عنهم الله، ثم التفت موسى بغضب الى أخيه هارون وسأله عمّا منعه من التدخّل حين رأى قومه يَضلون (أو يُضَلون) فقال له هارون إنه خشى أن يتسبب ذلك في إثارة الفتنة بين القوم، فالتفت موسى الى السامري وسأله عن موضوع ذلك العجل فقال له السامري إنه رأى أشياء لم يرها بقية القوم (بالطبع فإن القرآن لم يفسّر كنه تلك الأشياء) فسوّلت له نفسه أن يفعل ذلك. هنا قام موسى بطرد السامري وتشفى فيه بأن أخبره بأنه سيحرق ذلك العجل ثم ينسفه في اليم (لا أدري أي يم ذلك في وسط سيناء ولا كيف يتم نسف الأشياء في اليم).

المثير للحيرة هنا هو رد فعل الله تجاه مافعله قوم موسى، ففي الآية 54 من سورة البقرة يقول الله إنه قد عفا عنهم (فَتَابَ عَلَيْكُمْ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) وكذلك يؤكد مرة أخرى إنه قد عفا عنهم وذلك في الآية 153 من سورة النساء (ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَن ذَٰلِكَ) ولكنه يعود في الآية 152 من سورة الأعراف ليؤكد إنه سيغضب عليهم الى الأبد ويكتب عليهم المذلة في الحياة بسبب مافعلوه (إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ).

وبالطبع فإننا لو طبّقنا مبدأ الداعية النجم عمرو خالد بضرورة اتخاذ قصص القرآن كثوابت أخلاقية في حياتنا لكانت الثوابت الأخلاقية التي يجب علينا جميعاً أن نتعلمها من تلك القصة هي:
1. أنك يجب عليك دائماً أن تختبر ولاء مَن يحبونك بشتى الطرق، فعليك مثلاً أن تختبر ولاء إبنك الصغير بأن تسافر وتختفي عن عينيه لمدة طويلة للغاية حتى ينسى شكلك تماماً وتتوقف عن إرسال أية نقود أو هدايا له ثم تتفق مع صديق لك أن يقوم هو بالإنفاق على إبنك ويشتري له الهدايا الباهظة الثمن ثم تقوم بعد ذلك بإرسال جاسوس ليرى إن كان ابنك (الذي لم يرك ولايعلم إن كنتَ لازلت على قيد الحياة) مازال يحبك أم أنه يحب ذلك الصديق أكثر منك.
2. إذا أخبرك شخصٌ ما (ولنقل س) بأنه يُخفي تنيناً تحت فراشه وأن ذلك التنين سيلتهمك إذا لم تطع ذلك الشخص فعليك أن تصدّق ذلك الشخص فوراً ودون مناقشة ولاتحاول نقل ذلك الشخص الى مستشفى الأمراض العقلية مثلاً ولا أن تطلب منه رؤية ذلك التنين المزعوم.
3. إذا أخبرك شخص آخر (ولنقل ص) إن الشخص الأول (س) هو مجرد كاذب أو مجنون وأنه لايوجد تنين ولايحزنون فلاتصدّقه مهما كان كلامه منطقياً.
4. يجب أن تُقنع عقلك بالأفكار اللامنطقية التي لاتحمل دليلاً على صحتها وتجنب دائماً الاقتناع بالأفكار المنطقية التي تحمل أدلة صدق ملموسة.
5. إذا كنت تحاول الترويج لفكرة معيّنة ووجدت منافساً لك يحاول الترويج لفكرة أخرى منافسة فيجب عليك أن تتخذ كل الوسائل الممكنة لإنهاء تلك المنافسة ولو أدى الأمر الى إحراق وتدمير الأفكار الأخرى طالما أن الهدف هو نجاح وصول فكرتك أنت.
6. إذا أخطأ شخص في حقك (ولو عن غير قصد) ثم أخبرته أنك قد سامحته (لسبب أو لآخر) فيجب عليك ألا تنسى تلك الأساءة بل يجب أن تحاول الانتقام منه طالما بقى على وجه الحياة ولايجب أن تنسى غضبك تجاه تلك الإساءة.

وفي النهاية فقد اخترت تلك الأمثلة البسيطة من القصص القرآنية بهدف توضيح المفارقة الهائلة بين الأخلاقيات التي تحتوي عليها مثل تلك القصص القرآنية وبين نظرتنا الحديثة للأخلاق التي هي أكثر رقياً بالتأكيد وإلا لكان ذلك كفراً بآلاف الدروس الأخلاقية التي تعلمناها طوال السنوات الطويلة التي تفصلنا عن الزمن الذي ظهرت فيه تلك القصص.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دار الإفتاء تعلن الخميس أول أيام شهر ذى القعدة


.. كل يوم - الكاتبة هند الضاوي: ‏لولا ما حدث في 7 أكتوبر..كنا س




.. تفاعلكم | القصة الكاملة لمقتل يهودي في الإسكندرية في مصر


.. عمليات موجعة للمقاومة الإسلامية في لبنان القطاع الشرقي على ا




.. مداخلة خاصة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت