الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جدلية المثقف والجمهور

كاظم الحسن

2008 / 9 / 27
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الثقافة النقدية بطبيعتها ترتبط بالحداثة، كنسق عام، ومؤسسات فاعلة، منفصلة عن النظام السياسي ومؤثرة فيه في ذات الوقت ولها نفوذ كبير على الرأي العام وهي تختلف عن الثقافة التقليدية التي تتحدث عن الجام العوام وضرورة حجب المعارف واسرارها عنهم وهي نظرة كهونتية تحاول ابقاء هيمنتها وسلطتها على الرأي العام، واعتباره قاصرا لا يعي حقوقه، وهي قريبة الشبه بما يطلق عليه بجدلية المركز والاطراف ومن الطبيعي ان تنجذب الاطراف الى المركز بسبب اختلال الموازين وشرعنة مفاهيم الهيمنة والتسلط وقد يكون ادوارد سعيد في كتابه المهم " الاستشراق" اماط اللثام وازاح الاقنعة عن دور المركز في شرعيته المزعومة.

يذكر الحائز على جائزة نوبل عام 2006، الروائي التركي اورهان باموك ان (ف. س. نيبول) يكتب حول موضوع المركز والهامش وكثيرا ما اتلقى الاسئلة حول اتفاقي من عدمه مسعه وهنا اجدني ميالا الى سرد قصة حول نيبول، كنا ننزل سوية في فندق بايطاليا في (ايار) الماضي التقينا في الردهة الرئيسة للفندق لوقت قصير، وخلال استعدادي لمغادرة الفندق جاء نادل وقال لي: انه يكن لي اعجابا واضاف انه قال له اشياء جميلة حولي.
والغريب ان نيبول لم يقل لي هذه الاشياء وجها لوجه يا لها من مفارقة، كاتيان غير غربيين يتواصلان عبر نادل غربي واظن ان رسالتي واضحة.
ان الاطراف تمارس قمعها لها او لذاتها ولا ترى وجودها وتمثيلها الا من خلال المركز، وهذا يؤدي بطبيعة الحال الى نظرية المثل الافلاطونية ولكن ليس على صعيد السماء بل في المكان الارضي، الاخر (الغرب) ويغدو جلد الذات ملازما لمن يسعى للوصول الى الفردوس الغربي والتماهي معه، فاذا كانت الافلاطونية ترى في الجسد سجن الروح تصبح الجغرافية سجنا للذات تحاول الانعتاق منها.
ولكن مثل هكذا ثقافات هل من الممكن ان تنتج مفكرين يتحسسون ازمات ومشاكل مجتمعاتهم، ويتلمسون الطريق الذي يفضي الى الضفة الاخرى.
يذكر الكاتب حسن علوي في كتابه بقية الصوت: ان العقلانية المغربية التي تستلهم عقلانية ابن سبعين وابن خلدون وابن رشد تنجب سياسيا معارضا ورجل دولة في ان مثل علال الفاس وتنجب الوطنية المصرية مفكرا مثل طه وزعيما مثل سعد زغلول وتنجب مثل عروبة الشام رفيق العظم والكواكبي بينما تنجب العروبة العراقية شعراء لا مفكرين مثل الجواهري والسياب ربما ان الدرس الاكاديمي لم يغادر القاعة الى معترك الحياة، واي حياة عاشها العراقي لكي لا يشهر المثقف والكاتب والاكاديمي، قلمه حتى يطوي الفجوة بين النص والحياة او على الاقل قريبا منها، فنحن نرى الكثير من الباحثين في الفلسفة والحقول المعرفية الاخرى، قد انتقلوا للكتابة عن هموم وتطلعات شعوبهم مثل: زكي نجيب محمود، فؤاد زكريا، في مصر، محمد عابد الجابري المغرب، برهان غليون، صادق جلال العظم، سوريا هنام شرابي، ادوارد سعيد، فلسطين.
وازاء التصدعات الاجتماعية التي خلفتها الحروب والحصار ومآسي الدكتاتورية، كان يفترض ان تكون الاجيال التي اكتوت في دوامة الاهوال هذه ان تبحث عن خشبة النجاة ليس في تهويمات الشعر وفضاءاته المترعة بالخيال، بل في الدراسات الفلسفية والاجتماعية والنفسية من اجل مداواة جروح هذا الجسد الذي يئن من كثرة النزيف والالآم التي تحيطه وتعبث به بلا توقف الا ان التجربة الحرة لم تعط نتائجها المرجوة. واننا لا نريد ان نقلل من اهمية الشعر، ودوره الكبير في جعل اللغة مغامرة لقول ما لا يقال او السير في طريق الكشف، الا ان طغيانه على مختلف شؤون الحياة الثقافية، يجعل من العراق ديوان الشعر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد| سقوط مظلة حاملة للمساعدات على خيمة نازحين في خان يونس


.. هاليفي: نحقق إنجازات كبرى في القتال في رفح لإغلاق المتنفس ال




.. السيارة -الخنفساء- تواصل رحلة حياتها في المكسيك حيث تحظى بشع


.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدم منازل فلسطينيين في بلدة بير هد




.. وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أنهوا اجتماعهم الشهري دون الات