الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكنيسة المصرية وأزمة مجتمع

محمود الزهيري

2008 / 9 / 27
المجتمع المدني


أن تكون صاحب رأي وحامل رؤية هذا لايهم في المنظومة الفاشية الدينية والسياسية , ولكن الذي يزعج أن يتحول هذا الرأي وتلك الرؤية إلي مسؤلية إجتماعية بأبعادها الملتبسة في المسألة السياسية بالحتم , هكذا يريد العديد من أصحاب الرؤي أن ينأوا بأنفسهم عن معترك تحمل المسؤلية تجاه المجتمع , وتأتي تصريحاتهم إما خارجة من رحم الماضي , أو راحلة إلي خارج إطار المقدرة علي إحداث التغيير الإجتماعي والسياسي المراد تفعيله في حياة المجتمع , وهذا هو أخطر هروب من المسؤلية .
والأخطر منه الهروب من المسؤلية إلي حيث تكون مراتع الطغاة وسكناتهم السياسية في جزرهم المنعزلة عن المجتمعات بحوائط الظلم والفساد والإستبداد حيث يكون الإنسان مجرداً من صفة الإنسان , وتكون مسؤلية الشر منعقدة ضد إرادة الإنسان في رغبته أن يكون إنساناً حراً يمتلك ناصية الكرامة , ومن رأيي أن ناصية الشر ينعقد عندها لواء الفاشية الدينية والفاشية السياسية , وتقتل عند عتباتها المسؤلية تجاه المجتمع .
وأخطر الموضوعات التي تتأهب بالإنسان ليكون علي أهبة الهروب من المسؤلية هي الموضوعات ذات الأبعاد الدينية المتعلقة بالعقيدة والإيمان أي بالغيبيات وما وراء الطبيعة , وهذه الأمور يعتبر إستحضارها لمحاولة حل أزمة أو مشكلة يعتبر حديثها حديث الهارب من المسؤلية , إذ ماذا تعني تلك الأحاديث في الشأن السياسي الملتبس بالشأن الإجتماعي ؟!
وإذا كان هناك رفض للمفاهيم الدينية المحمولة علي تفسيرات وتأويلات دينية للنصوص الإسلامية التي تختصم الواقع وتناصبه العداء في حالات هروبية للماضي , فكيف نقف إذاً مع آراء لرجال الدين المسيحي المنتمين للكنيسة المصرية في تبليسهم لقضايا دينية لاهوتية لأغراض سياسية تنتهك في الأساس لحرمة المجتمعات والإنسان المنتمي لهذه المجتمعات المأزومة بسلطة الفساد ونظام الإستبداد الراعي للقتل والتعذيب والفتن ونشر العداءات والترويج لها , وانتهاك كافة الأعراف الإنسانية .

إن رجال الكهنوت ماكان لهم بعد أن أقيمت علي أجسادهم وهم أحياء صلوات الجناز , أن يعودوا للدنيا مرة أخري بقرارات سياسية متصادمة مع أرواحهم , ومتغايرين مع مطالب الروح وباحثين بشغف عن مطالب الجسد المتعلقة بتأييد وتأبيد سلطة الفساد ونظام الإستبداد القاتل للجسد والمعذب لروح الإنسان , فكيف لميت أن يبحث لحلول أزمات الأحياء ؟!
و ما دخل اعضاء المجمع المقدس أصلا بمسالة انتخاب رئيس الجمهورية أو إنتخاب إبنه خلفاً له سواء بالتزوير أو بإنتخابات حرة وشفافة , بالاضافة الى أن أعضائه فى الاساس من الرهبان الذين تم رسامتهم لرتبة أساقفة و الراهب طبقا للطقوس الكنسية يصلى عليه صلاة الجناز لانه فارق حياة العالم بإرادته ليبحث عن لذة العشرة مع الله ؟!
فكيف نتقبل آراء شخوصا قد ماتوا عن عالمنا و انفصلوا بإرادتهم الحرة الواعية عن حياتنا الدنيا من غير ثمة ضغوطات , حال كون الله قد تمثلوه شاخصاً لهم وناظراً إليهم طالباً إياهم لخدمته وخدمة شعب الكنيسة ؟!!

هل تناسى الأنبا مرقس حينما أدلي بتصريحاته لوسائل الإعلام , دموع البابا شنودة على أحداث الاسكندرية و مدد إعتكافه المتكررة إحتجاجا على سياسة النظام تجاه قضايا الاقباط وأزماتهم المتكررة والتي يستثمرها النظام الحاكم في التخديم علي بقائه في الحكم والسلطة وإستخدام الأقباط كورقة من ضمن الأوراق التي يلوح بها للغرب والولايات المتحدة الأمريكية ودول العالم الحر؟!!
أليس هناك تناقض فظيع بين إقرار رجال الدين المسيحى بوجود مشكلات و أزمات يتعرض لها الاقباط و بين المدح فى النظام و الشكر بحمده حسب إرادة رجال الكنيسة المصرية , وماقضية الكشح الدامية التي تمت تبرئة جميع المتهمين فيها بلا إستثناء من دماء الأقباط بواسطة قضاة يرأس مجلسهم الأعلي في هيئاته القضائية رأس النظام الحاكم في مصر مبارك الأب الذي مدحه الأنبا مرقس , ويبارك مجئ إبنه مبارك الإبن إستمراراً لمأساة المجتمع المصري ؟!!
فكيف تحل المشكلة القبطية ولايصبح الأقباط يمثلوا مسألة من ضمن مسائل الأزمات في المجتمع المصري ؟!!
ومشاكل الاقباط كيف ستحل ؟؟
هل ستهبط المعونة الإلهية من السماء لتفك القيود و تفل الحديد أم أن الارض سوف تنبت حلولاً لتلك المشاكل .. أليس النظام هو المسئول عن استمرارها و عدم وجود إرادة سياسية لإنهائها هى السبب ، فكيف يمدحوه اذاً ؟

أليس هناك تناقض و إزدواجية و نفاق سياسي ليس له حدود يتبدي للعميان من هذه التصريحات المخادعة للمجتمع المصري والقاتلة لحرياته والمؤيدة لقتل الديمقراطية والإبتعاد بالمجتمع عن المجتمعات الحرة ؟!
وفي النهاية :
هل هناك ماينفي سوء القصد ؟
أم أن الأمر مقصود وأصبح رجال الكنيسة المصرية بإعتبارهم رجال دين مصريين أصبحوا لا يختلفوا عن رجال السياسة فى شىء , وفي نفس الوقت لايختلفوا عن تيار الإسلام السياسي الذين يؤمنوا بالميكافيلية و يجيدوا لعبة التوازنات السياسية ؟!
وهذه التوازنات السياسية إذا كانت مقصودة ففي أي إتجاه تصب سوي أنها تصب في مصب مجري نهر الشر وعذابات الإنسان المصري بمسلميه ومسيحيه ؟!!
فهل من الممكن أن تبتعد الكنيسة المصرية عن المآلات السياسية وتحتفي بمتطلبات المجتمع والمشترك الإنساني الحضاري ؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا.. صعود أقصى اليمين بالجولة الأولى من الانتخابات يثير ق


.. مصير المعارضة والأكراد واللاجئين على كفيّ الأسد وأردوغان؟ |




.. الأمم المتحدة تكشف -رقما- يعكس حجم مأساة النزوح في غزة | #ال


.. الأمم المتحدة: 9 من كل 10 أشخاص أجبروا على النزوح في غزة منذ




.. فاتورة أعمال العنف ضد اللاجئين والسياح يدفعها اقتصاد تركيا