الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شعبٌ شامتٌ

حسام محمود فهمي

2008 / 9 / 29
المجتمع المدني


انتقدَت الأقلامُ الحكوميةُ في الصحفِ والإعلامِ المشاعرَ المتشفيةَ للشعبِ فيما يحلُ من أحداثٍ مثل حريقِ مجلسِ الشورى واعتبرتها من عدم الانتماءِ ونكرانِ الجميلِ لما يُرادُ أن يُصورَ علي أنه اِنجازاتٌ وتطورٌ. الشماتةُ شعورٌ سلبيٌ يحملُ معاني الانتقامَ، انتقامٌ دون القيامِ به شخصياً، تُركَ للزمنِ وللآخرين، قد يكون بفعلِ فاعلِ أو مصادفةً، المهمُ أن يتمَ. الشماتةُ لغةُ العاجزِ، المقهورِ، اليائسِ، المتربصِ، تتحينُ لحظةَ الانفجارِ، إما في صورةِ مشاعرٍ جارفةٍ بالسرورِ لحدثٍ ما ضد من استحوذ علي كراهيةٍ عميقةٍ، وقد يتجاوزُ السرورَ إلي إيقاعِ المزيدِ من الضررِ مثلما حدَثَ في المحلةِ بعد اضرابات عمالِ مصانعِ الغزلِ.
تعجبت الأقلامُ الحكوميةُ من غيابِ النخوةِ في المصريين، تندرت بزمان وأفلامِ زمان، بأولادِ البلدِ الجدعان، لم تُراعْ أن الزمنَ تغيرَ، أنساها نعيمُها المعاناةَ العامةَ، كتمَ الأنفاسِ، انطباقِ الصدورِ. تِكرارُ أسماءٍ وصورٍ وأخبارٍ وتقاريرٍ بعينِها أصابَ الشعبَ بالمللِ، النفورِ، الرفضِ، لم يعُدْ يصدقُ ما يُنشرُ ويُزاعُ، قاطعَ كل ما يُمثلُ من جلسوا علي رأسِه وأقاموا وشيدوا وتوارثوا وباعوا واشتروا. شعبٌ يريدُ الحياةَ، لا يجدُ أبسطَ ما فيها، رزقُه شحيحٌ، يراه مع من لا يستحقون، يسرقونَه، يكذبون عليه، فاضَ كيلُه وطفحَ، شعرةٌ تفصلُه عن الانفجارِ، قبل أن يتحولَ انتقامُه من شماتةٍ إلي نيرانٍ.
ما أيسر اتهاماتِ الشماتةِ والنكرانِ والجحودِ، طالما أنها وسيلةُ الاستمرارِ علي الكراسي والتكويشِ علي المغانمِ والفرصِ؛ النكبةُ ليست فقط في توزيعِ الاتهاماتِ يميناً ويساراً ولأعلي وأسفل، إنها في التعميةِ عمداً علي واقعٍ يستحيلُ أن ينتهي نهايةً مُفرحةً، لا يوجد لها تصورٌ واحدٌ، لكنها جميعاً تؤدي إلي نفس الخاتمةِ، الفاجعةِ. غابَ الرأي، استُبعِدَ، حلَ محلَه النفاقُ، شهوةُ الكراسي والمالِ والسلطةِ، كلُ مسئولٍ لا يبغي إلا بقاءه، لأطولِ فترةٍ ممكنةٍ، وكأن الحالَ بلا انهيارٍ ولو مالَ. الشعبُ بعذرِه، لا يري الأملَ، نساه، كرِه التردي، ساءَ خُلقُه، فقدَ تسامحَه، ضلَ طريقَه، من فرطِ ما أساؤا إليه، في سيرِه وجلوسِه ونومِه، في أكلِه وشربِه، في أساسياتِ معيشتِه، في حريتِه.
الشماتةُ، ِشعورٌ سلبيٌ فيمن توفرَت لهم الكرامةُ، من اِحتُرِمَت أدميتُهم، لكنها حقيقةُ فيمن تبتلعُهم العباراتُ أو زوراقُ الهروبِ من جدبِ واقعٍ لا يُري منه مخرجاً قريباً،،








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليبيا.. ترحيب بأوامر اعتقال بحق ستة أشخاص متهمين بارتكاب جرا


.. -الخسائر بلبنان غير مقبولة-.. المتحدث باسم الأمم المتحدة: أو




.. موفدة العربية ترصد تطورات التصعيد على الضاحية ومأساة النازحي


.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - ‏الأمم المتحدة تدين العدوان الإسر




.. بتوقيت مصر يناقش رفض مصر للتصعيد في المنطقة أمام الأمم المتح