الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أقلام وعمائم تنضح حقدا طائفيا

يحيى السماوي

2008 / 9 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


شهد العراق خلال " قادسية مطيحان " حضورا ً مصريا ً لافتا ً يكاد يأخذ شكل هجرة جماعية لملايين العمال والفلاحين والموظفين المصريين الذين ملأوا فعلا ً الفراغ الهائل في مؤسسات الدولة من دوائر حكومية ومدارس ومزارع ومناشط مهنية مختلفة ـ بعد أن أفرغ الديكتاتور مؤسسات ودوائر الدولة والمعامل والمزارع من غالبية موظفيها الشباب والكهول ليلتحقوا مُرغمين بجبهات حربه العبثية التي افتعل أسبابها ضد إيران ..
كان الوافد المصري يتمتع بامتيازات خاصة جعلت منه مواطنا من الدرجة الأولى ـ قياسا بالمواطن العراقي الذي بدا وكأنه مواطن من الدرجة الثالثة ... وأذكر في هذا المجال ، أنَّ مدرسا ً مصريا فاشلا كان معي في إعدادية السماوة ، يتقاضى ضعف راتبي مع أنه حديث العهد بالتدريس ، ويتقاضى مخصصات سكن رغم أنه يقيم في القسم الداخلي ، في حين كان بعضنا نحن المدرسين العراقيين ، نسكن بيوتا ً مستأجرة دون أن يشملنا القائد الضرورة " مطيحان " بمخصصات سكن ...
كان للوافد المصري حقّ التملـّك العقاري في كل المدن العراقية ـ بينما كان مُحَرَّما على العراقي أن يمتلك بيتا ً في بغداد ما لم يكن مـن موالـيـدها ( باستثناء المنحدرين من العوجا وتكريت ـ وحاشية الديكتاتور طبعا ) ... وحين كان المواطن العراقي لا يملك حقّ تحويل بضع مئات من الدولارات إلى الخارج ، كان للوافد المصري حق التحويل المفتوح غير المحدود ... وفي بادرة تنمُّ عن استهانته بالمواطن العراقي ، قال " مطيحان " من على شاشة تلفزيون بغداد خلال لقائه بعدد من المصريين : " إن الاعتداء على أي مصري هو اعتداء على صدام حسين " فكان أن شـُرِّعَ قانون غير مُـعـلـَن يقضي بحبس العراقي مدة ستة أشهر في حال مُناكدته أيّ مصريّ ـ وهذا ما استغله كثيرٌ من المصريين في ابتزاز زملائهم العراقيين ...

أردت بهذه التوطئة ، الإشارة إلى نكران الجميل من لـَدُن بعض الصحافيين والإعلاميين المصريين في تأليبهم الحكومة المصرية على العراقيين الذين حملتهم الظروف على الإقامة في مصر ـ مع أنهم دخلوها وجيوبهم عامرة فأقاموا مشاريع استثمارية وإنتاجية وخدمية أسهمت في تشغيل أعداد كبيرة من المصريين العاطلين عن العمل ـ ولم يدخلوها حفاة ً خاوية جيوبهم كالذين دخلوا العراق ليخرجوا منه أثرياء ...
إنّ ما كتبه محمد علي إبراهيم رئيس تحرير صحيفة الجمهورية القاهرية يوم الأحد الماضي لا يتضمّن تأليبا على المواطنين العراقيين المقيمين في مصر فحسب ، إنما ويتضمن تشويها وتضليلا للحقائق وبدافع ٍ طائفي مقيت يفوح حقدا ـ وهذا ماتفصح عنه سطوره : "لقد كتبت محذرا أكثر من مرة من انتشار العراقيين بهذه الكثرة في مدينة 6 أكتوبر؛ وقالوا لي وقتها إنهم من السنة وهربوا من فظائع الاحتلال الأمريكي، وللأسف اكتشفنا بعد فوات الأوان مذهبهم الحقيقي وهدفهم السياسي" .. مضيفا : "اطردوهم أو أعيدوهم لأهلهم فلسنا على استعداد أن نسمع بعد ذلك عن قيام عمليات انتحارية في مدن مصرية" .. ووجه التضـلـيـل وتشويه الحقائق في سطوره ، هو أنه يريد إقناع الرأي العام المصري والحكومة بأن العمليات الإنتحارية التي تحدث في العراق هي عمليات يقوم بتنفيذها " الشـيعة " وليس مجرمو القاعدة والصداميون ومجاهدو " حارث الضاري " المُـرَحَّب به وبممثليه ومبعوثيه في مصر ... فهل يجهل رئيس تحرير صحيفة الجمهورية القاهرية حقيقة أنه لم يكن بين مئات عمليات الإرهاب الإنتحارية القذرة التي شهدتها شوارع وأسواق وأفران الخبز والمدارس في العراق بعد سقوط الصنم ، عملية واحدة قام بتنفيذها شيعي ؟

قطعا هو لا يجهل هذه الحقيقة ... لكنه الحقد الطائفي الأعمى الذي يعـتمل في قلوب أولئك الذين انقطعت أرزاقهم منذ رحـيـل بطلهم القـومي إلى جهـنم ..

وإذا كان لرئيس تحرير صحيفة الجمهورية محمد علي إبراهيم سـببه الشخصي لتأليب الحكومة المصرية والشعب المصري ضدّ العراقيين الشيعة في مصر ، فما هي الأسباب التي حملت رجل دين أرهقنا بالحديث عن الوسطية في الإسلام والمحبة والتسامح والتكافل الديني في تأليب السنة على الشيعة ؟ هل ثمة فارق كبير إذن بين محمد علي ابراهيم والشيخ يوسف القرضاوي ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية


.. الخلود بين الدين والعلم




.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل


.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي




.. - الطلاب يحاصرونني ويهددونني-..أميركية من أصول يهودية تتصل ب