الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دور منظمات المجتمع المدني في مواجهة مشكلات التعليم 1-3

فتحى سيد فرج

2008 / 9 / 30
المجتمع المدني


لم يعد التعليم كبوابة للتقدم و النهضة قضيه محل جدل أو شك ، و تشير خبرات الدول إلي أن عمليات التنمية أو التحديث الناجحة قد بدأت بالتعليم. من هنا فأن قضيه تطوير التعليم أصبحت ذات أو لويه دائمة في برامج و سياسات كل البلدان ، ليس فقط الدول الساعية للتنمية بل ربما تحظى بقدر اكبر من الأهمية في الدول المتقدمة حتى تحافظ علي مستوى تقدمها.
أزمة التعليم في مصر
ولاشك أن النظام التعليمي في مصر يعاني من أزمة مستحكمة تجعله عاجزاً عن مواجهه متطلبات هذا العصر، مما يهدد مستقبل مصر وهو ما يؤكده كتاب الدكتور/ حسين كامل بهاء الدين"التعليم والمستقبل" الذي يشخص فيه حال التعليم في مصر: حيث كان اكثر من نصف المدارس لا يصلح بكل المقاييس للحفاظ علي الحد الأدنى للكرامة الإنسانية ، فآلاف المدارس ليس بها دورات مياه ، ومبانيها أيله إلي السقوط بعضها دون نوافذ أو أبواب ، وتحتاج إلي معامل و مكتبات و أماكن لممارسه ألا نشطه ، ومع انعكاسات وتداعيات الانفجار السكاني و التزايد الهائل في أعداد التلاميذ تم تحميل الفصول الدراسية فوق طاقتها… وصلت في بعض الأحيان إلى مائة تلميذ…. و تعددت الفترات بحيث لم يكن الزمن الذي يقضيه التلميذ في مدرسته يتجاوز ساعتين أو ثلاث ساعات يومياً… و المحصلة النهائية أن تدهورت أوضاع العملية التعليمية بشكل خطير مما احدث تأثيراً سلبياً علي كل مكونات المنظومة التعليمية من مناهج و معلمين وفي دراسة للدكتورة/ منى البرادعي عن التعليم و التنمية قدمتها في جمعيه النداء الجديد مايو2004 إشارات فيها إلي عدم قدرة التعليم علي الإسهام الإيجابي في رفع إنتاجيه المتعلم حيث لم تزداد الإنتاجية إلا بمعدل 2.8% لكل سنه دراسية أصافيه والى تدني مساهمة التعليم في تحقيق نمو اقتصادي ، وانخفاض معدلات التشغيل للمتعلمين ، وعدم قدرة التعليم في الإقلال من الفقر وتحسين توزيع الدخل وهكذا يتضح أن انخفاض جودة التعليم كانت سببا لعدم إسهام التعليم في التنمية بالقدر المطلوب ، الأمر الذي يستلزم العمل بسرعة وبكل السبل من اجل تحسين جودة التعليم وكفايته .
وفي هذا السياق يشير نادر فرجاني إلى أن العائد المترتب على التعليم للأفراد وللأسر يعتمد على ثلاثة معايير: البطالة، والكسب، والمكانة الاجتماعية ، العمل مكافأة يتوقع من يسعي إلى التعليم أن يحصل عليها. ولكن هذا الظن كثيرا ما يخيب الآن في مصر. والكسب جانب رئيسي آخر للعائد على التعليم ، وبحساب معدل العائد على مراحل التعليم المختلفة في مصر نجد أن التعلم الابتدائي ينتج عائداً ضعيفا اقل من 5% تعبيرا عن الكسب المرتفع نسبيا للحرفيين قليلي التعليم، أما العائد على إنهاء التعلم المتوسط فسالب أي يمثل الإنفاق عليه خسارة للفرد والأسرة وعلى حين يعطي إنهاء التعليم الجامعي عائداً إيجابيا ، فلا يتعدى 2% أي اقل بكثير من معدل الفائدة الذي يترتب على إيداع ما ينفق على التعليم في بنك ، كذلك تؤكد الدراسات على اثر المستوي الاجتماعي في تحديد العائد فنجد أبناء الأغنياء يحصلون على كسب أعلى من أبناء الفقراء في جميع مستويات التحصيل التعليمي .
و رغم تدني كفاءه التعليم و عدم تحقيقه الأهداف المرجوة منه نجد أن ارتفاع التكلفة الفردية له في تزايد مستمر، فبدارسة تطور إنفاق الأسرة على التعليم ما بين عام 1981/ 1982 و1990/ 1991 " بحثي ميزانية الأسرة " وجد أن إنفاق الأسرة الفقيرة على التعليم قد ارتفع في كل من الحضر بنسبة 672% والريف 973.8% عنه بالنسبة للأسر المتوسطة والغنية 334.2 % في الحضر و529.5% في الريف على التوالي ، ويمكن تفسير هذه الزيادة الكبيرة في إنفاق الأسر على التعليم خاصة من الفئات الفقيرة بعدة عوام
أن وزارة التربية والتعليم قد فرضت منذ الثمانينات في محاولة للتغلب على انخفاض ميزانيتها رسوما في كل مراحل التعليم . و بالإضافة إلى هذه الرسوم الإجبارية هناك نفقات أخرى تتحملها الأسر مثل أسعار مختلف المستلزمات التي يحتاجها الطالب من ملابس وكتب وكراسات وأقلام.. الخ، وتجدر الإشارة إلى أن الأسعار قد ارتفعت خلال هذه الفترة مقاسه بالرقم القياسي لأسعار المستهلكين بنسبة 371.5% في الحضر و355.6% في الريف ، وهناك نفقات مجموعات التقوية بالمدارس ونفقات الدروس الخصوصية التي أصبحت ضرورية تقريبا لتحقيق النجاح بسبب انخفاض كفاءة النظام التعليمي ، وقد أثبتت الدراسات أن 28.5% من تلاميذ المرحلة الابتدائية مقيدون في دروس التقوية بالمقارنة بـ84.8% في المرحلة الإعدادية، أما بالنسبة للدروس لخصوصية، فقد قدر أن 36.4% من تلاميذ المرحلة الابتدائية يتلقون دروسا خصوصية مقابل 63.1% في المرحلة الإعدادية ، وفى الثانوية العامة تصل نسبة الدروس الخصوصية إلى 93 % ، كما تبين أن اكبر عبء للإنفاق هو الدروس الخصوصية، يليها الملابس، ثم الرسوم المدرسية والكتب و أخيرا مجموعات التقوية ، كما أشارت الدراسات الميدانية والمسوح المختلفة التي أجريت حول عمالة الأطفال والتسرب من التعليم أن أهم أسباب التسرب ترتبط بالفقر وارتفاع تكلفة التعليم والرغبة في الحصول على دخل للأسرة من ناحية، وبالتجربة السلبية في التعليم من ناحية أخرى .
وفى تقرير البنك الدولي عام 91 عن( تخفيف حده الفقر خلال التكيف الهيكلي) و الذي أشار إلى أن التعليم كان عاملاً قوياً من عوامل الحراك الاجتماعي خلال الفترة الناصرية, لكن معدلات النمو المرتفعة لم تسفر عن استيعاب كل الأطفال في سن التعليم، و كان ذلك مصدراً هاماً و خطراً متوصلاً لزيادة إعداد الأميين، و لم يتوقف الأمر عن قصور إمكانيات الاستيعاب و إنما كانت أليه التسرب حيث يقدر التقرير معدلات التسرب في الخمس سنوات ألا خيره ما قبل 1989 بما يتراوح ما بين 10% إلى 15% و إن هذه الفئة من الأطفال المتسربين ينتمون إلى الفئات الأكثر فقرا في المجتمع ، وقد انتهي باحثي لبنك الدولي إلى أن هناك علاقة ارتباط قوي ما بين الفقر والمستويات المتدينة من التعليم بما في ذلك الأمية بطبيعة الحال حيث أوضح التقرير طبقا لأرقام عام 1986 أن نسبة كل من الفقراء وشديدي الفقر في الريف المصري كانت تمثل 37% يرادفهم 61% من الأميين وفي الحضر كانت النسبة 33% يرادفهم 35% من الأميين وعلى صعيد تكافؤ الفرص يرصد البنك الخطر الذي تمثله ظاهرة الدروس الخصوصية على تحقيق تكافؤ الفرص حيث يقرر اعتمادا على بعض الدراسات المصرية في هذا الصدد أن 80% من طلاب الأسر الفقيرة يحصلون على درجات منخفضة في امتحان الثانوية العامة بسبب عدم قدرتهم على دفع تكاليف الدروس الخصوصية، وبالتالي فهم يقنعون بالفرص التعليمية المتواضعة في التعليم العالي أو لا يجدون هذه الفرص من الأصل وفي تقديرنا أن ذلك يعود إلى تدهور أحوال المدرسة وانحدار مستوي أداء العملية التعليمية مما جعل الدروس الخصوصية ذات تأثير حاسم في تحديد أولويات النجاح والحصول على درجات تمكن القادرين على دفع تكاليفها و من ثم الفوز بالفرص التعليمية الأفضل . ويخلص تقرير البنك الدولي إلى أن 70% من الأسرلا يتجاوز تعليمهم المرحلة الابتدائية وما يخصهم من الإنفاق العام على التعليم لا يتجاوز 20% فقط، بينما نجد أن 10% من اسر المجتمع ذات الدخول العالية يستفيدون من 50% من الإنفاق على التعليم وهو نصيب التعليم العالي وبذلك فان هناك اختلالات توزيعية في الإنفاق وانحياز لصالح الأغنياء على حساب الفقراء.
و في ظل هذه السياسات يعجز عدد كبير من أبناء الفقراء عن الدخول إلى المدرسة كما إن نسبه لا يستهان بها منهم ما تكاد تلحق بالمدرسة حتى ترسب أو تتسرب لأن الفقر يحول بينها و بين الاستمرار في التعليم بنجاح ، ثم أن أبناء الفقراء الذين يتمكنون من الاستمرار حتى التخرج من التعليم ، وبالرغم من أنهم قله إلا انهم لا يجدوا فرص عمل حقيقية تساعدهم على مجابهة الفقر مما يضطرهم للعمل في مهن لا تتناسب مع مؤهلاتهم ، وبأجور منخفضة ، ويمكن تلخيص مدى التدهور الذي وصل إليه التعليم من تدني بالاشاره إلى المشكلات الاتيه:
 تردي الكفاءة الداخلية بما يعني عدم الوصول إلى الاستيعاب الكامل و ارتفاع معدلات التسرب و انخفاض نسب النجاح.
 قيام أسلوب التدريس علي التلقين من جانب المعلم، و علي الحفظ والاستظهار من جانب التلميذ.
 تدني المكانة الاجتماعية لوظيفة المعلم، و انخفاض العائد المادي لوظائف التعليم.
 ارتفاع كثافات الفصول الدراسية، وعدم توفر التجهيزات و المستلزمات التعليمية.
 عدم توفر المرافق التعليمية من معمل و مكتبات و أماكن لممارسه ألا نشطه التربوية بعدد كبير من مدارس التعليم الرسمي.
 تفشي ظاهره الدروس الخصوصية و قله أساليب التعليم.
 انخفاض معدلات التدفق بين مراحل التعليم، و تدني مستوي كل مراحله مما يؤدي إلى وجود خلل بين مخرجات التعليم العام و متطلبات التعليم العالي.
 الارتفاع النسبي للالتحاق بالفروع الادبيه للتعليم.
 عدم ملائمة مخرجات التعليم لاحتياجات النشاط الاقتصادي و تعايش الندرة و الوفرة في مجالات مهنية معينه، وانتشار البطالة و نقص التشغيل كمظاهر اختلال جوهرية بين نواتج التعليم وسوق العمل.
و تشير دراسة ميدانيه لنادر فرجاني عام 1994 إلى أن إتقان المهارات الأساسية في القراءة و الكتابة، و مبادئ الرياضيات كنواتج للتعليم الابتدائي كان ما بين 30% إلى 40% و تدني بنسبه اكبر بعد حذف الصف السادس، وحتى اكتمال المرحلة الثانوية لا يؤدي إلى الإتقان الكامل لمهارات التعليم الأساسية، إذ يصل مستوى الإتقان إلى 80% في القراءة و الكتابة و إلى 50% في مبادئ الرياضيات . ويستخلص نادر فرجاني من تحليل العلاقة بين الناتج الإجمالي للفرد ومتوسط الإنفاق الجاري على التعليم مجموعة من المقاربات يمكن تلخيصها على النحو التالي:
- يمكن تقسيم مستوي التحصيل التعليمي إلى ثلاث مراحل يسميها الركود والانطلاق والتقدم، ولا سبيل لبلوغ القيم الأعلى من الإنتاجية الاقتصادية إلا لمستويات التحصيل التعليمي أكثر من 10 سنوات تمدرس في ترابط مع معدلات الإنفاق الجاري أكثر من خمسة آلاف دولار. ويحكم المستوي الأدنى من التحصيل التعليمي اقل من 3 سنوات، والإنفاق الجاري لأقل من 100 دولار على المجتمع بأفقر مستويات الإنتاجية الاقتصادية ولا يتخطي مرحلة الركود. - يمكن الوصول إلى مرحلة الانطلاق عند تخطي عتبة مزدوجة لمستوي تحصيل تعليمي 6 سنوات ، وانفاق جاري على التعليم يصل إلى 500 دولار للفرد. أما مرحلة التقدم فلا يمكن الوصول إليها ألا بعد تخطي متوسط تحصيل تعليمي 9 سنوات وخمسة آلاف دولار للإنفاق على الفرد في سن التعليم.
وبما أن مصر في إطار سياسة إعادة الهيكلة الرأسمالية والتي أدت إلى ضغط الإنفاق الحكومي، وارتفاع معدلات التضخم، والعودة إلى فرض رسوم على التعليم تحت عباءة استعادة التكلفة، وتخلي الدولة عن القيام بأدوارها في تعيين الخريجين وتقليص الدعم، وكل ذلك أدى إلى اتساع نسبة الفقراء، مما نتج عنه آثار سالبة على تراكم راس المال البشري من خلال تدهور مستويات الإنفاق على التعليم، وقد دفع الفقراء ثمنا باهظا لهذه المتغيرات، ويشير تقرير التنمية الإنسانية لعام 2003 إلى أن متوسط سنوات التحصيل التعليمي في مصر كان 5 سنوات تمدرس، وبلغ معدل الإنفاق الجاري 100 دولار للفرد في سن التعليم وهذا يدل على إننا لم نبرح مرحلة الركود وصولا إلى مرحلة الانطلاق ناهيك عن مرحلة التقدم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاجون كأنه بيقول لإسرائيل اقتـ.لوهم بس بالراحة..لميس: مو


.. مستشار الرئيس الفلسطيني: المخطط الإسرائيلي يتجاوز مسألة استع




.. مخيّمات المهاجرين في تونس: صفاقس.. -كاليه- التونسية؟ • فرانس


.. متظاهرون إسرائيليون يطالبون نتنياهو بإتمام صفقة الأسرى مع حم




.. حماس توافق على مقترح الهدنة المصري القطري.. وقف إطـ ـلاق الن