الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القسم الثاني ....... تحركات القنصليه الامريكيه في البصره بعد ثورة 14/ تموز مباشرة

عربي الخميسي

2008 / 10 / 5
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


القسم الثاني
اصطحبني الملازم الاول خالد طارق الى مقر امرية موقع العماره العسكري الكائن شمال المدينة في منطقة تقاطع نهر المشرح بنهر دجله ، والتقينا بالعقيد ... ( لم اتذكر اسمه الان ) آمرالموقع فرحب بي هذا الرجل كثيرا ، وعن طريقه ارسلت برقية مفصله واشعار الى آمرية موقع البصره بسلامة الوصول ، مع شرح الموقف والمستجدات وكانت الساعه حوالي الثانية عشره ظهر ذلك اليوم ثم وجه لي امر موقع العماره دعوة لتناول العشاء معه في نادي الضباط ، وكلف الملازم الاول خالد طارق بالتفرغ لآبداء العون اللازم لتنفيذ مهمتي .

رجعت الى المستشفى وانا مشغول الفكر كيف وباية طريقه يمكنني معرفة سر زيارة القنصل؟ واية امور اخرى كانت ضمن المهمات المكلف بها ؟
عند باب المستشفى كانت هناك غرفه صغيره على الجانب الايسر منه ، ورايت تواجد احد الاشخاص بداخلها ، ومن محتوياتها استنتجت ان صاحبها جعل منها مكان سكناه كما يظهر، فاقتربت منه وسلمت عليه فخرج لأستقبالي والترحيب بي ، وكان شابا بعمر حوالي الثلاثين وقد تبين لي انه معوق (اعرج ) جراء حادث حصل له ايام الطفوله ، فجلست واياه على مسطبه خشبيه كانت امام الغرفه ، وخلال تناول الشاي الذي اعده خصيصا لي بدأت استدرجه شيئا فشيئا عن الثورة وقادتها والوضع العراقي الجديد ، وكان هذا الموضوع هو موضوع الساعه آنذاك ، فابدى هذا الشاب تعاطفا وحماسا شديدين ، واظهر حسا وطنيا مخلصا حول ما اطرحه من افكار ، وقد طال جلوسي معه متعمدا، ونحن الاثنان نتناول الحديث الودي الهادئ الشفاف دون تعصب وبكل سذاجه اوشعور بكلفة الحوار بيننا اثناء الحديث المتبادل ، حتى شعرت انه قد اطمأن لي تماما ووثق بي ، ومن خلال الاسئله واجوبتها عرفت انه يشتغل بصفته حارسا ثابتا على بوابة المستشفى ، وقد مضى على عمله هذا مدة تزيد عن خمسة سنوات ، وهو على اطلاع كلي وملم تمام الالمام بما يخص المستشفى وادارته واشخاصه وزبائنه وطبيعة اعماله الطبية ، وكان اهم شيئ عندي هو محاولة معرفة العلاقات التي تخص الامور غير الطبيه بين ادارة المستشفى وجماهير اهل العمارة ، ان كانت هناك علاقات ربما لها صله بزيارة القنصل.
استمر الحوار بيننا اكثر من اربعة ساعات ، وفي رأس كل ساعه كنت اتظاهر بالذهاب الى الحمام لأسجل باختصار شديد خلاصة ما حصلته من معلومات او بينات ، وحيث قد مضى عليها خمسون سنة ، وبسبب تقدم العمر يتعذرعلي ادراجها بشكل كامل في الوقت الحاضر، الا ان اخطر ما افاد به ذلك الحارس ان المستشفى كان يعطي معونات (كما يسميها ) ماليه او رواتب شهريه الى اشخاص من غير المرضى ، لم يوضح لي ماهية تلك المساعدات ومن هم اؤلئك الاشخاص ، وما هي صفاتهم او اسماؤهم اوعلاقاتهم مع المستشفى ؟ رغم اسألتي المتكرره بقدر ما افاد به انهم اصدقاء للمستشفى وبعضهم محتاجين على حد قوله ، اضافة الى تقديم الخدمات الطيبه لهم ولعوائلهم مجانا .
وخلال هذه الفتره خرج سائق سيارة القنصل الذي كان يرافق الثاني من دارسكن مدير المستشفى ، وجلس معنا على المسطبه الخشبيه بعد دعوته من قبل الحارس ليشاركنا شرب الشاي ، ومن ثم بادرني بالسؤال حول ما حدث لنا عند جسر كرمة علي ، فاجبته بالملابسات التي رافقت الحاله كما شاهدها هو ، وسالته بدوري عن انطباع القنصل في ذلك الوقت الحرج ؟ فقال ان القنصل كان يراقب الحاله عن كثب ، وقد شعر بحراجة الموقف ، وسالته ثانية هل انتم مسلحين تحسبا للطوارئ ؟ اجابني نعم ان القنصل فقط كان يحمل مسدسا شخصيا .. ثم اجابني على اسئلتي له من اي بلده انت ؟ وهل تتكلم الانكليزيه ؟ وما هو تحصيلك العلمي ؟ وما اسمك ؟ الى آخره من الاسئله .. قال لي انا فلان ابن فلان من اهالي البصره .. اقدر اتفاهم باللغه الانكليزيه الى حد ما .. تعلمتها عن طريق السمع والممارسه بشكل بسيط .. وانا خريج المتوسطه .. وغيرها من الاجوبه عرفت من خلالها بانه ينتمي للاخوة الاكراد الافيليه ، وقد مضى عليه بوظيفته في القنصليه بالبصره قبل كذا سنة . وبقينا نتحدث نحن الثلاثه وحتى الساعه السابعه مساء حين حضرالملازم الاول خالد طارق ليسطحبني الى نادي الادارة المحلية بدلا من نادي الضباط كما كان مقررا ، معللا ذلك برغبة متصرف اللواء السيد رشيد.... للتعرف علي ، فقلت له لا مانع لدي وذهبنا مباشرة الى هناك ورايت ثلاثة اشخاص جالسين اعرف منهم امر الموقع فقط ، اما الاثنان الاخران فاحدهما كان متصرف اللواء المدعو رشيد .... والثاني ضياء شكاره مدير تسوية اراضي العماره كما قدمهما لي امرالموقع ،
ومن خلال الحديث عرفت ان متصرف اللواء السيد رشيد .... الذي لا اتذكر اسم ابيه الان هو من اهالي قضاء المسيب ، وكان احد الضباط المشتركين بحركة رشيدعالي الكيلاني سنة 1941 وقد تعرض للاعتقال في حينه ، واحيل على التقاعد فاعادته ثورة 14 / تموز بوظيفه مدنيه تكريما له كما قال لي ، اما السيد ضياء شكاره مدير تسويه اراضي العماره فكان كما يظهر خائفا من الثورة ولا اعرف سبب خوفه ، وبعد تناول العشاء على شرف مائدة المتصرف طلبت منهم السماح لي بالانصراف ، فنهضت مبكرا لأتمام ما خططته لتنفيذ مهمتي المكلف بها ،
فعدت فعلا للمستشفى بحوالي الساعه الثامنه ، وجلست ثانية مع الحارس والسائق على المسطبه نتحدث بامور شتى ، الا اني كنت احاول جرهم للحديث عن الثورة والوطنية والاخلاص والاستعمارالاجنبي وغيرها ، من مواضيع ومفاهيم سياسيه يتداولها الشارع العراقي آنذاك ، و كلها كانت تؤلف محاور أحاديثنا !!

وعند الساعه العاشرة سألت الحارس عن مكان ملائم لقضاء هذه الليله ، وصار الراي كما خططت له ان انام على سرير فحص المرضى بغرفة الطبيب مدير المستشفى حيث تتوفر بها مروحه سقفيه ، وكان الجو حارآنذاك ففتح الحارس الغرفه واعطاني المفاتيح وخرج ، وكانت الغرفه تبعد عن غرفة الحارس بحوالي ثلاثين مترا ، وانتظرته حتى نام وبحوالي الساعه الحادية عشرة قمت من نومي ، واخذت احاول بفتح خزانات ومكتبة الطبيب ومجارير منضدته ، كما حاولت ان افتح خزانه حديديه (قاصة حديديه ) كانت داخل الغرفه ولم افلح ، وقد باشرت بقراءة بعض الاوراق وجدتها بالاضابير مكتوبة باللغه الانكليزيه وبعضها بالعربيه ، فقمت باخذ بعضها بعد الفرز وكانت تحتوي على وثائق قد تبدو مهمه ، وربما تشير الى بعض المعلومات ذات الطابع السري منها على سبيل المثال اسماء اشخاص من اهالي مدينة العماره ومن شيوخ العشائر المحيطه بها ، دون ان اعرف سر هذه العلاقات وسببها فقط مجرد قوائم بالاسماء حسب الحروف الابجديه .
وفي صباح اليوم التالي وحوالي الساعه الثامنه خرج القنصل الامريكي من دار مدير المستشفى ، وتحرك ركبنا على نفس الطريق وعلى غرار نمط مجيئنا ، وهو ان تتقدم سيارة القنصل احدى سيارتي الشرطه المسلحة ، والثانية التي اقلها تسير خلفها ، وبعد مسيرة حوالي الساعتين اذ كانت سرعة سيرنا بطيئه نسبيا حتى وصلنا مدينة البصره دون اي عائق او حادث يذكر، فتوجهنا مباشرة الى مقر القنصليه وبعد دخول القنصل البنايه عدنا الى مقرمتصرفية البصره ، وقد انتهى كل شيئ بسلام ولم يبق سوى كتابة التقرير ، الذي تضمن فقرتين الاولى وصف حالة الشارع العراقي ودرجة فهم الجماهير للثوره واهدافها والثانية كانت التنويه ولو من باب الاستنتاج عن العلاقه العضويه بين ادارة المستشفى وبين اؤلئك الافراد المدنيين من العامة وفقا للقوائم التي حظيت بها ، وكان التقرير مسهب ومفصل ، وقد احتوى على كل كلمة افاد بها الحارس وسائق القنصل كشاهدي عدول ، ارسل هذا التقرير الى مديرية الاستخبارات العسكريه وهي الجهة المسؤوله عن مثل هكذا امور ، مع اعلام الحاكم العسكري العام بها
عربي الخميسي
ضابط عراقي متقاعد
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نصب خيام اعتصام دعما لغزة في الجامعات البريطانية لأول مرة


.. -حمام دم ومجاعة-.. تحذيرات من عواقب كارثية إنسانية بعد اجتي




.. مستوطنون يتلفون محتويات شاحنات المساعدات المتوجهة إلى غزة


.. الشرطة الألمانية تفض اعتصاما طلابيا مناصرا لغزة بجامعة برلين




.. غوتيريش يحذر من التدعيات الكارثية لأي هجوم عسكري إسرائيلي عل