الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماهيّة ( الثقافة الإسلامية )

جمان حلاّوي

2008 / 10 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


نحن نعرف أن لكل شعب أو تجمع بشري وبسبب من وعيه الجمعي تصورا"ورأيا" في الوجود وفي حركة الحياة ، وهو ما يسمى بثقافة ذلك الشعب أو التجمع الإنساني , كما قرأنا وما نقل لنا من ثقافات الشعوب الإغريقية التي ساهمت بشكل مباشر في رفع الوعي البشري للشعوب الأخرى إلى مصاف الرؤيوية الواضحة للوجود أمثال أرسطو وسقراط وأبيقور وغيرهم , أو ثقافات تحمل نفحا" من التحضر والديمومة لشعوب اندثرت لكن اعمالها لم تزل شاخصة تحمل رؤى للكون والوجود وإجابات لتساؤلات الإنسان القديم كالحضارة السومرية والفرعونية وحضارة المايا و الانكا التي تتبعت حركة الشمس والنجوم ووضعت لها جداول وتقاويم غاية في الدقة ..الخ .
إن الثقافة هي مفهوم مرتبط بنمط نظرة شعب معين تربطه الأرض والقاعدة الاقتصادية ووسائل إنتاج أسباب البقاء إضافة إلى المصير المشترك والدفاع المشترك بسبب الترابط الاقتصادي المشترك ، أي أن الثقافة هي البنية العلوية لتواجد شعب معين حضاريا" وبالتالي فأن هذا المصطلح يخص تحديدا" مفهوما" ماديا" ( هو الشعب ) ولا يمكن أن يكون واجهة لايديولوجيا معينة أي لا يمكن أن نقول عن الفلسفة البوذية بأنها ثقافة بوذية أو الديانة المسيحية بأنها ثقافة مسيحية ، وبنفس المفهوم لا يمكن أن نصف الديانة الإسلامية بالثقافة الإسلامية !!
إن الأسباب واضحة بعدم شمول الأيديولوجيات بالمفهوم الثقافي كون الأولى هي اعتقاد بثوابت لا تمس ولا تتغير وغير قابلة للنقاش ، أما الثقافة فهي محاكاة للواقع وأجوبة مادية للوجود وحسب مستوى الفهم العام لشعب ذلك العصر، أما الايدولوجيا فهي على الضد تماما" أي حين يذكر بالنص التوراتي أو الإنجيلي والقرآني اسم يهوه أو الرب أو الله فالكلمة تمثل ذاتها ومغلـّفة بذاتها ولا وجود لها في الواقع المادي وبما أن العقل هو واقع مادي فلا يمكنه تفسير هذا المغلف وتحليله وحل لغزه ، فالذات الإلهية هي كينونة تمثل نفسها ولا ترتبط بالواقع أو الإدراك الإنساني ولا تسمح كآيديولوجيا مطروحة أن تفسّر كونها بلا تفسير و إجابات عكس الثقافة التي تمثل مفهوما عقليا للحياة والواقع كون العقل المفكر هو جزء من حركة الوجود يحاول إدراكه وبالتالي فان الايدولوجيا (والدينية منها موضوع النقاش ) هي خارج الواقع الوجودي المادي وبالتالي فلا وجود لها إذ أن كل ما هو خارج الوجود لا وجود له سوى في عقل المبتدع كلازمة ترميزية للواقع في تصورات فانتازية تحل إشكالات فئة مستفيدة وليس نهجا إنسانيا لتفهم الوجود المحيط متمثلا بحضارة ذلك الشعب وبالتالي يمثل ثقافته ومنهجه في الحياة وحسب فهمه لها .

لذلك نرى أن هناك تنافرا" بين ثقافة شعب أو تجمع إنساني ما وبين الايديولوجيا الدينية المطعونة في صميم ذلك الشعب وبالتالي كانت هناك دائما صراعات أدت إلى ثورات وحروب طاحنة بسبب عدم تقبل ثقافة شعب ما لهذه الايديولوجيا الدينية أو تلك وهي بالتالي حروب ذات أسباب اقتصادية كون الدين هو ركيزة الفئة المستفيدة للسيطرة على اقتصاد الشعب وجهده بفتاوى وإصحاحات وآيات تركز على تلك الفئة المتمثلة بالسلطة العليا ، وما كان الظلم يوما على شعب ما إلا وكان الدين سندا لذلك الظلم ، وما كان استعبادا واستغلالا ما إلا وكان الدين نصيره بفتاوى تجيز ذلك الظلم وذلك الاستعباد والاستغلال ، والتاريخ الإنساني الحقيقي ( وليس تاريخ الملوك والسلاطين ) يحدثنا بثورات شعوب ناضلت وانسحقت بسبب فتاوى أجازت للسلطة المتجبـّرة باستغلال الناس وتسخيرهم وسرقة جهدهم كثورة سبارتاكوس ضد الاستعباد الثيوقراطي الروماني ، وثورة زنج جنوبي العراق وثورة الصفـّارين والقرامطة ضد الحكم الثيوقراطي الاقطاعي العباسي ، والثورة الصناعية الكبرى في أوروبا ضد الكنيسة ، و كومونة باريس، والثورة البلشفية ضد روسيا القيصرية ،وثورة ماو تسي تونغ ضد الاقطاع الصيني المغلف بترّهات الآيديولوجيا البوذية والكونفوشيوسية ، إنها ثورات شعوب حقيقية مضطهدة ضد سارقي جهدها باسم الدين وأيديولوجيته ، فكيف نسمي تلك الإيديولوجيات الدينية ثقافة شعب؟ كيف نسمي الإيديولوجية الإسلامية التي أجازت استعباد الشعوب المغلوبة كشعب الشمال الإفريقي الامازيغي ، والشعب الاسباني ، وشعوب شرق إفريقيا وزنجبار من الزنوج ، وشعوب وسط آسيا، وحولت إنتاجهم المحلي إلى موارد دار أموال المسلمين القابع في قصر الخليفة ليلعب فيها ويعيش حياة بذخ وترف كقصص ألف ليلة وليلة ، كيف نسميها ثقافة إسلامية ؟ !!
ولنوضح أمرا" هنا بأنه لم يكن للإسلام ثقافة أصلا" ،
من أين جاء الإسلام بالثقافة؟ هم بدو ؛ قبائل تعلـّمت الغزو ، وطمّعها محمد ومن أتى من بعده بالغنيمة لتستبيح أراضي وحقوق الشعوب الغافلة التي لم تعهد الصحراء وما تحوي من همج برابرة فراشها التراب وطعامها يرابيع الصحراء ، وتهجم كالذئاب المتوحشة ..
من أين جاءت هذه القبائل الهمجية بالثقافة فالإسلام كفكرة مطروحة هو نهج للغزو والسلب والتهديد والوعيد ، وما نقرأه من إبداعات شخصية جاء بها الفيلسوف المسلم فلان أو علاّن فهم من زجـّوا عنوة في الإسلام بعد غزو أراضيهم واستباحة وجودهم ، وهم جميعا من بلاد فارس أو أواسط آسيا كأبن سينا وسيبويه والخوارزمي .. كانت إبداعاتهم تمثلهم كمبدعين وليس كونهم مسلمين ، لكن الثيوقراطية الحالية وبسبب من المحاولة اليائسة للتقارب مع الواقع المتحضر، والاستمرار الكسيح في مجاراة الحياة المتطورة جعلوا من الموالي المكروهين والذين اعتبروا وقتها مواطنين من الدرجة الثانية أو الثالثة في الدولة الإسلامية آنذاك ، أضحوا ألان هم خزانة علم الإسلام وان لولا الإسلام ما كانوا ليبدعوا هكذا !! ترهات وضحك على عقول المغفلين .
إن التاريخ الذي درسناه في المدارس ومازال يدرّس لأبنائنا ، وما نشاهده في التلفزيون من خلال الأفلام كفلم الرسالة وغيره هو تاريخ مزيف وتافه سطـّره كتبة بلاط الملوك أملوه عليهم ليكتبوه وكما يريدون كمحمد بن جرير الطبري صاحب (تاريخ الأمم والملوك ) الذي يمجـّد الخلفاء ، والذي يصف ( علي بن محمد / صاحب الزنج والذي قاد اكبر ثورة تحررية في التاريخ القديم ضد العباسيين في العراق وهي ثورة الزنج ) يصفه بالخبيث!
إذ انىّ لنا أن نصدق أن تجار ورأسماليي يثرب ( أو المدينة ما تسمى بالمنورة ) أن تسلـّم اقتصادها ومقاليد أمورها هكذا بلحظة وبكل الرضا والامتنان إلى شخص غريب هارب من مدينته ومطارد من عشيرته ، وهم التجار الذين يمتلكون ويمسكون باقتصاد الجزيرة العربية بالكامل ، وهم العرب المعتزون بانتمائهم القبلي ولهم تقاليدهم العشائرية أن يقبلوا بغريب ومن عشيرة غريبة عنهم ليترأسهم ، أي تاريخ سطحي سخيف هذا يريدونا أن نقبله !!

إن الدين أو أية آيديولوجيا أخرى لا يمكن وصفها بالثقافة بل هي دائما" هراوة بيد الفئة والطبقة المتسلطة ، وهي دائما" العصا المعيقة لعجلة التقدم.
لذا من غير الممكن أن نقبل أو نسمح أن توصف الآيديولوجيا الإسلامية بالثقافة الإسلامية كما هو متداول في الكتب والصحف والإعلام ، يجب أن ننتبه إلى هذا الخطأ الفادح .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 93- Al-Baqarah


.. 94- Al-Baqarah




.. 95-Al-Baqarah


.. 98-Al-Baqarah




.. -من غزة| -أبيع غذاء الروح