الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العيد في العراق ..... طقوس ودروس

يحيى الشيخ زامل

2008 / 10 / 6
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يحتفل العراقيون بأعياد كثيرة ومتنوعة ، وإضافة إلى احتفالهم بأعيادهم الوطنية التي تخصهم فهم يحتفلون أيضا ويشاركون العالم الإسلامي والعربي بعيدي الأضحى والفطر المباركين ، ويسمونهما بالعيد الكبير والعيد الصغير، والعيد الكبير هو "عيد الأضحى المبارك" والعيد الصغير هو "عيد الفطر " .
ومثل كل الشعوب لهم طقوسهم الخاصة التي يتميزون بها بهذه المناسبة عن غيرها ورثوها عن أجدادهم وعن تعاليم الدين الإسلامي التي أكدت على تقوية العلاقات الأجتماعية والإنسانية في المجتمع المدني ، وبهذه المناسبة يتزاور العراقيون فيما بينهم ، الجيران أولا والأقرباء والأصدقاء ، وتكون هذه المناسبة فرصة لطيفة لإصلاح الود بين المتخاصمين ، سواء كانوا جيران او أقرباء او أصدقاء بمساعدة أهل الخير والوجهاء من الناس .
العيد هذه الأيام :
وتختلف استعدادات العراقيين لاستقبال عيد الفطر، بين ملتزم بالطقوس الاجتماعية والأسرية التي أعتاد على تأديتها ، وآخر يجد أن طعم العيد قد تغير عما كان عليه، وتواصل العوائل العراقية في الأيام الأخيرة من شهر رمضان لاستعداد لاستقبال عيد الفطر، ومع اليوم الأخير من شهر رمضان تقوم بإعداد الحلوى والمعجنات العراقية وشراء الملابس الجديدة إلى تنظيف المنازل ليستعدوا في اليوم الأول من العيد لاستقبال الزائرين من الأصدقاء ، من خلال بقائهم في البيت ،وفي اليوم الثاني بزيارة الأقرباء ،أما اليوم الثالث فيخصصوه لعائلاتهم حيث يذهبون لزيارة العتبات المقدسة للائمة والأولياء الصالحين او الذهاب إلى الحدائق العامة ومدينة الألعاب لترفيه الأطفال أو ربما العكس وكل حسب رغبته.
العيد في الماضي :
يؤكد الكثير من الناس ان استعدادات العراقيين كانت أكبر في السنين الماضية ،وان أكثر من نصف طقوس العيد قد ألغيت ولم تمارس ، وكل شخص حسب ظروفه المادية والمعنوية ، فيما حافظ البعض الأخر على هذه الطقوس لظروفه المعاشية الجيدة ، بينما هنالك من ألغيت عنده بالكامل ....... والى الآن يتذكر كبار السن في الأعوام الماضية كيف كان الناس في العيد ، أكثر تكاتفاً وتقارباً ، وهم يتحسرون على فقد الكثير من خصائصه وطبيعته ، ولم تبقى من هذه الطقوس تقريباً سوى عمل "الكليجة" وإعطاء "العيدية" للأطفال .
" كليجة " العيد :
ما يميز العيد العراقي هو " الكليجة " وهي حلوى من الدقيق والسمن والسكر محشوة بالمكسرات والتمر والسمسم في قوالب صغيرة ومتنوعة أعدت لهذا الغرض وبحجم الجوزة أو أكبر ، يجلس معظم أفراد العائلة لصنعها بمتعة كبيرة مع إطلاق النكات والتهاني بهذه المناسبة الجميلة ، وبعد إكمالها توضع في صفوف متراصة في صينية كبيرة ، تحملها النساء الى الفرن الذي في المحلة ، وبعد نضجها تقدم مع الشاي أو المشروبات الباردة تبعا للموسم اذا كان صيفا او شتاءا ، لإفراد العائلة ولزائريها وإضافة " للكليجة " يقدمون أيضا الحلويات و" الجكليت " والمثلجات للضيوف والزائرين .
عيدية العيد :
يقدم الكبار من أفراد العائلة وزائريها المبالغ النقدية البسيطة والهدايا للصغار،ويسمى هذا المبلغ أو الهدية بـ ( العيدية ) وتكون هذه العيديات مبلغ فرحهم وسرورهم ، ويتباهون في جمعها أمام الآخرين من أصدقائهم ، وليشتروا بها ما لذ وطاب من الحلوى والمأكولات وشراء الألعاب الأخرى ، وبعد ان يذهب الكبار لزيارة الجيران والأصدقاء يتخلف الكثير من الصغار بعد ان امتلأت جيوبهم بالنقود ، الى اللعب واللهو وخاصة ركوبهم " المراجيح " والدواليب والدرجات والحيوانات او العربات التي تجرها تلك الحيوانات ، مع الغناء والتصفيق والردات مثل ( هذا سايقنه الورد هسه يوصلنه ويرد ) و ( يا عيد يابو ماشه خذنه وياك للشاشه ) و ( ياعيد يابو نمنمه خذنه اوياك للسينمه ) ، إضافة لترديدهم للأغنيات المشهورة والشعبية المميزة .
طقوس خاصة :
تختلف بعض طقوس العيد في شمال العراق و جنوبه ، وفي البصرة مثلا يتميز أول أيام عيد الفطر بطقوس خاصة ، أبرزها تقديم وجبات الطعام المكونة من الرز واللحوم ،حيث تتفق العوائل في الأحياء الشعبية على التجمع صبيحة العيد وتتناول طعامها بشكل جماعي لإشاعة البهجة وتبادل التحية والتهاني،والتأكيد على رفض الاختلافات النابعة من الحسابات الدينية والسياسية.
وتظهر هذه الطقوس بشكل كبير في منطقة الزبير(35 كم) جنوب البصرة حيث اعتاد أهلها ،ومنذ قديم الزمان على أن يكون فطورهم صباح كل عيد على طعام مكون من الرز واللحم، ويكون الفطور جماعيا في شوارع الأحياء حيث يجتمع رجال المنطقة وشبابها ، ويكون الفطور بعد صلاة العيد مباشرة ، بقصد إشاعة البهجة وتأكيد الألفة والمحبة والاختلاط بين أهالي المنطقة .
ويطلق على هذا الطعام اسم (المُطبك) وهو تقليد ورثوه عن آبائهم وأجدادهم أعتادوا أن يكون الرز واللحم (المُطبك) هي فطورهم الصباحي بداية كل عيد سواء كان عيد الفطر، أم عيد الأضحى ، ويرجح البعض من كبار السن أن أصل هذا التقاليد جاء من الجزيرة العربية وأرض نجد والحجاز،لان من المعروف أن أهالي منطقة الدمام والرياض في المملكة السعودية العربية عندهم نفس هذه التقاليد ، وللقرب بينها وبين مدينة البصرة اخذتها منطقة الزبير كونها على احتكاك وتواصل مستمر مع المجتمعات في الخليج العربي وخصوصا الكويت والسعودية ، و إما تكون أصلها من الزبير وانتقلت إلى الخليج .
زيارة الأموات :
وهناك طقس مهم لا يفارق العيد دأب عليه أكثر العراقيين وهو الذهاب إلى المقابر لزيارة الموتى ورش القبور بالماء وإشعال الشموع والبخور وقراءة القران والأدعية المخصوصة بجانبها ، وهو طقس يمارسه العراقيون في العيد وبالتحديد في أول أيامه وخاصة في المناطق الشعبية حيث تتوافد أعداد هائلة إلى المقابر أول أيام العيد ، وهو تقليد توارثوه ليعبر عن حالة من الوفاء مع الراحلين ..... خصوصا مع كثرة الضحايا نتيجة للحروب والكوارث التي مرت بالعراق .
الرابح الوحيد في كل الاعياد
ويبقى الأطفال هم الرابحون الوحيدين في كل مناسبات العيد سواء كان قديما أو حديثا ، فهم لا يعرفون من العيد إلا شراء الملابس الجديدة وارتدائها ، ومن ثم الذهاب إلى مدينة الملاهي والألعاب في صبيحة يوم العيد ، بعد أن تمتليء جيوبهم من مبالغ العيديات، ولا يعودون إلى البيوت حتى يصرفون أخر دينار، وربما عادوا مشيا إلى بيوتهم لأنهم لم يبقوا حتى أجرة العودة إلى البيت ، لينتظروا يوم غد بفارق الصبر، ليلبسوا ملابسهم الجديدة ويأخذوا "عيديات " أخرى لقضاء يوم أخر .
أمنية أخيرة
وعلى الرغم من اختلاف اليوم الأول لبداية الأعياد الدينية ،إلا إن العراقيين يتمسكون بالفرح الجماعي ، والتقاليد التي تلم شملهم ،خصوصا وان الأعياد الدينية في العراق تحظى باهتمام الناس بشكل كبير، ويجري التركيز فيها على العلاقات الاجتماعية والقرابية ، وتقديم المأكولات والمشروبات والحلويات النادرة ، والمحافظة على الطقوس والاحتفالات الجماعية...... ومع حلول كل عيد تبقى أمنية الكبار بجانب أحلام الصغار ، هي تحقيق الأمن والاستقرار والعيش الرغيد من صروف الدهر وتقلباته لذلك يقول الواحد للأخر في كل عيد راجيا له السلامة...... ( كل عام وانتم بخير ) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل - حماس: أبرز نقاط الخلاف التي تحول دون التوصل لاتفاق


.. فرنسا: لا هواتف قبل سن الـ11 ولا أجهزة ذكية قبل الـ13.. ما ر




.. مقترح فرنسي لإيجاد تسوية بين إسرائيل ولبنان لتهدئة التوتر


.. بلينكن اقترح على إسرائيل «حلولاً أفضل» لتجنب هجوم رفح.. ما ا




.. تصاعد مخاوف سكان قطاع غزة من عملية اجتياح رفح قبل أي هدنة