الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفتاوى تطال ميكي ماوس

جمال المظفر

2008 / 10 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


صحا العالم بكل فئاته العمرية ودياناته وقومياته واثنياته وانتماءاته الفكرية والسياسية على فتوى جديدة مخجلة لكل عربي وقع سهوا او بدون قصد تحت هذا المسمى الجغرافي ، ان تكون عربيا بالولادة لا بالاختيار ، وان تكون مسلما بالانتماء الوراثي لا العقائدي ، وان تكون ضمن رقعة جغرافية صحراوية تقدس الطابع البدوي على الحضاري وتعلي سياسة العشيرة على النظام المدني ، وتفعل القصاص بحد السيف لا بلغة القانون ، واعلان الوصاية المطلقة لشيخ العشيرة على وصاية العلم والمعرفة والشهادات العلمية العليا والاولية ، وان تبقى النساء جواري يزوجن بفنون وضعية منتقاة ، المسيار والمتعة والمسفار وزواج الدم وغيرها من البدع الاخرى والتي اعادت النساء الى مرحلة المشاعية البدائية ..
آخر الفتاوى الحداثوية التي صدرت هي فتوى الداعية السعودي محمد المنجد الذي اباح دم الكائن الكارتوني ميكي ماوس وقال انه من جنود ابليس في الارض ، هذا المخلوق الصغيرالذي ابتكره والت ديزني والرسام اوب ايفركيز قبل اكثر من 80 سنة والذي بات صديقا محببا لدى الاطفال والكبار ، ولاادري لماذا صحا هذا الداعية بعد كل هذه الفترة الزمنية من تسلل ( الشيطان ) ميكي ماوس الى الشاشة الصغيرة والذي بات يهدد الدعاة لان الاطفال ، بل حتى الكبار يتابعون هذه الافلام المغرية ولايتابعون القنوات المتشددة التي تحاول اعادة الانسان الى ماقبل التاريخ وتبث ثقافة لاتمت للحضارة والمدنية والتطور بصلة ...
يبدو ان هناك صراعا حادا مابين لغة التطور العلمي والتكنولوجي ودعاة التطرف الديني ، فالعالم بات يتطور سريعا ، بحيث نصحو صباح كل يوم على انجاز مذهل في مجال العلوم والتكنولوجيا والاتصالات مقابل تراجع كبير في العقلية العربية بسبب صناع الفتاوى الذين يريدون ارجاع المواطن العربي الى زمن العصيدة والبعير وانتهاك سيادة الدول على مبدأ ( الفتوحات ) والتي هي غزوات مع سبق الاصرار والترصد شاءوا أم ابوا ...
العالم يتطور سريعا ويبني نظامه المدني بصورة علمية ويواصل مشواره في ولوج كل انواع العلوم الارضية والفضائية حتى وصل الغربيون الذين نطلق عليهم وفق منهجنا الديني ( الكفرة ) الى المريخ والذي كان يشكل لنا مصدر قلق ورعب لان افلام الخيال العلمي كانت تصور لنا ان هناك كائنات فضائية سوف تأتي وتدمر الارض في مشاهد مرعبة ، وكم صدم المشاهد العربي عندما رأى المسبار الفضائي وهو يهبط على سطح المريخ ويثبت ان ليس هناك ولا ( جريدي ) على سطح هذا الكوكب الخرافي الذي شكل هاجس خوف لدى المواطن العربي ، بل حتى للمواطن الغربي ...
اذكر تلك الاية التي كانت تستفزني كثيرا لما فيها من دعوة صريحة لولوج العلم وبخطاب الهي لاخطاب داعية او مدعي (يامعشر الجن والانس ان استطعتم ان تنفذوا من اقطار السموات والارض ،فانفذوا ، لاتنفذون الا بسلطان ) هذه الاية نزلت على العرب ، وحفظوها عن ظهر قلب بصحابتهم وانصارهم ومؤيديهم ومهاجريهم وفاتحيهم ومبشريهم ، ولكن هل استفدنا من عمق هذه الاية ..؟
لماذا استغل الغربيون جهالتنا وسبقونا في العلم ووصلوا الى الفضاء ، واكتشفوا السلطان الذي يخرجهم من الجاذبية الارضية بينما بقينا نحن نتغزل بالقمر ونصف وجه حبيباتنا به وتبقى رقابنا متدلية الى الخلف من كثر مانحدق به ويسحرنا باستدارته ونوره العالي ونعجب من كويكب بهذا الحجم يحلق في هذا الكون من دون اسلاك او خيوط ...
عندما خاطب الله الانسان بهذه الاية كان في وضع البدائية ، يوم لم تكن هناك تكنولوجيا وعلوم وصواريخ وطائرات ولا استنساخ جيني ، يوم كان الانسان يستيقظ منذ الفجر ويعد طعامه من اجل ان يسير لعشرين كيلومترا ، بينما اصبحت اليوم هذه المسافة تقاس بالثواني وتصبح لاشئ ضمن نطاق سرعة الضوء ...
كل الفتاوى التي تصدر تدعو للقتل دون محاكمة او استجواب قضائي ، لامجال للمقابل لان يدافع عن نفسه او ابداء وجهة نظره ، ولكن السؤال المحير لماذا لايعتمد الدعاة منطق الحوار في الوصول الى اوسط الامور من اجل وضع النقاط على الحروف ...
اتذكر يوم صدرت فتوى باهدار دم مدعي ( الايات الشيطانية ) سلمان رشدي دون اجراء حوار او رفع دعوى قضائية ضده لاساءته مشاعر المسلمين كي نبين للعالم اننا شعب يحترم القانون وينشد العدل ، وكان من الممكن اجراء مناظرة تلفزيونية كالتي كنا نراها بين علماء دين مسلمين ومسيحيين حول قضايا فقهية وبالتالي التوصل الى لغة تفاهم وتقارب لا الى نقاط اكثر خلافية ...
تفعيل سلطة القانون في المجتمعات العربية يتقاطع مع سلطة الدين وبالتالي يضعفها ، عندما يسلط رجل الدين نفسه قاضيا ومفتيا ، لايقتل بيده ، بل بلسانه ، وهناك اياد تنفذ تلك الفتاوى بعمى قلب ، قتل هذا او ذاك لانه يتقاطع معهم في الرأي او الفكر ، وهذا الامر يجعل من تطبيق النظام الديمقراطي في المجتمعات العربية مستحيلا عندما تكون السلطة الدينية فوق القانون ولايمكن التقرب منها ويمكن ان يهدر دم المواطن او الاعلامي لمجرد وجهة نظر تنتقد تلك السلطة او لاتجاريها في فتاواها ..
لغة الحوار هي اللغة المثلى في التخاطب بين البشر ، مثلما الفن الذي يوحد الرؤيا والخطاب العالمي رغم الاختلاف في اللغات والاجناس ، وهي طريقة العقلانيين الذين يدعون لتفعيل لغة العقل وتنشيطها من اجل مجتمع يبنى على اساس تنويري لاعلى اساس فوضوي ....
تجريم الخبازين واباحة قتلهم لانهم يحرقون العجين بالنار ، وهي تهمة جاهزة للقتل لان نعمة الله اي ( الخبز ) لايجوز حرقها ويجب اكلها نيئة على علاتها ، وكذلك تحريم الجمع مابين الطماطم والخيار بدعوى المزاوجة مابين المؤنث والمذكر وهذا كاف لان يكون الشيطان ثالثهما ، وتحريم المسلسلات المدبلجة او لعب كرة القدم وتكفير العلمانيين لانهم يفصلون الدين عن الدولة والاعلاميين لانهم يبيعون الكلام ، والذين لايطلقون لحاهم لانهم مرتدون ، والذين يلبسون الجينز وهلم جرا من هذه الفتاوى الفنطازية ..
المشكلة ان هيمنة السلطة الدينية على سلطة الدولة أضعف الاخيرة وجعلها اداة بيد الاولى خوفا من ان تنقلب ضدها وبالتالي تؤلب الشارع ضد السلطة الدنيوية ( الشهوانية ) .. ولذلك باتت بعض الدول اسيرة هيمنة التيارات والقوى الدينية المتشددة ، بل وصل الامر الى تهديد الامن والسلم العالمي من خلال اباحة دماء مواطنين من دول اخرى او تنفيذ عمليات ارهابية ضد دول غير مجاورة للحدود الجغرافية للبلدان الاسلامية بدعوى الجهاد ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بالأرقام: عمليات المقاومة الإسلامية في لبنان بعد اغتيال الاح


.. عبد الجليل الشرنوبي: كلما ارتقيت درجة في سلم الإخوان، اكتشفت




.. 81-Ali-Imran


.. 82-Ali-Imran




.. 83-Ali-Imran