الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
رسالة إلى المتدينين المحترمين
أيمن رمزي نخلة
2008 / 10 / 16العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
قرائي الأعزاء، السلام عليكم ورحمة من الله وبركاته. لا أريد الإعتذار عن عنوان الرسالة القاسي إليكم، لكن اسمحوا لي أن أعرض لكم احترامي الشديد لإنسانيتكم وحقكم في الإنسانية مثلي تماماً، بل وحين يتطلب الأمر فإنني أدافع عن حق المتدين أياً ما يكون دينه في ممارسة حقوقه الإنسانية إذا رأيت أنه لا ينالها.
كما أنني أقدم كل الإحترام لمعتقداتكم وعبادتكم حتى لو لم أكن أؤمن بإيمان الكثيرين منكم.
وأخيراً لا أوافق على فرض أي رأي لي على أحد منكم، فقد تبين الرشد من الضلال، ومع شبكة النت لم تعد هناك فرصة لفرض رأي، بل سقف الحرية ارتفع إلى درجات عالية جداً. والحقيقة هناك جرائد محترمة كثيرة مثل جريدة إيلاف الإلكترونية التي أكتب فيها الكثير من المقالات تسمح للقارئ المحترم أن يعبر عن رأيه ويعترض أو يرد أو يُجيب على أسئلة الكُتاب.
يوم السبت الماضي 11/10/2008 وفي تمام الساعة الرابعة عصراً تقريباً شاهدت برنامج بعنوان "نشوة" تقدمه الفنانة نشوة على قناة دبي. استضافت نشوة العلامة الجهبذ الدكتور زغلول النجار ومهندس مخترع عظيم جداً وضيوف آخرين كان أحدهم من الحاصلين على درجة الدكتوراه في "الرقية الشرعية"، أي العلاج بالقرآن الكريم.
كان محور الجزء الأول من الحلقة مع الدكتور زغلول النجار عن عظمة الإعجاز العملي في القرآن الكريم حين تحدث عن ذكر القرآن للماء. ثم انتقل الحديث بين المذيعة الفنانة نشوة وبين الدكتور زغلول وبين المهندس المخترع عن كيفية علاج جميع الأمراض بقراءة القرآن على الماء.
كان هذا المهندس المخترع قد أحضر معه أختراعه العظيم الذي سيقلب دنيا العلاج العالمي رأساً على عقب وهو عبارة عن زجاجتين من البلاستيك متصلتين بأنبوب مثل أنابيب المحاليل التي تعلق بجانب مرضى الأمراض المستعصية. وتم توصيل كل هذه التركيبة مع جهاز تشغيل أسطوانة كمبيوترية صغيرة مسجل عليها سابقاً القرآن الكريم كله. يتم إذاعة صوت القرآن بينما يمر الماء من الأنبوب الأعلى إلى الأنبوب الأسفل فينال الماء جرعة الدواء الموجودة في سور القرآن الكريم التي تشفي المرض الموجود عند المريض الذي يشرب هذا الماء.
قال المهندس المخترع العظيم بالحرف الواحد أن هناك آيات في القرآن تشفي أمراض معينة، لكن علماء المسلمين لم يتوصلوا حتى الآن في دراساتهم وأبحاثهم العبقرية الحالية إلى ماهية نص الآيات المحددة التي تشفي أمراض محددة، لكن المهندس العبقري المخترع العظيم قال " عندما نضع كل القرآن الكريم في الماء فكأننا وضعنا كل الأدوية الموجودة في الآيات المقدسة وحتماً أحد هذه الأدوية سيدخل جسم المريض الذي يشرب هذا الماء الذي به القرآن وبالتالي سينال العلاج من مرضه أياً ما يكون هذا المرض".
أعزائي القراء المحترمين، أرجو ألا تستعجبوا أو تتهمونني بالكذب فبقية كبائر المصائب ـ كمنهج تفكير ـ لم تأت بعد!!!!!!
بعد هذا الحوار من المهندس المخترع العبقري العظيم اقترح الدكتور زغلول النجار رئيس هيئة الإعجاز العلمي في القرآن (لا أتذكر بقية الألقاب التي كُتبت على الشاشة) وقال: ليت حكومات المدن الكبرى تعمل مثل هذا الإختراع في خزانات المياه العمومية وذكر مدينة القاهرة كمثال، وشرح كيف أن المسئولين الحكوميين أكرمهم الله يمكنهم أن يذيعوا القرآن الكريم داخل أنابيب المياه في الخزانات العمومية حتى يتم شفاء الأمراض المختلفة في مدينة مثل القاهرة كلها لمن يشرب من هذه المياه.
يا سادة يا كرام،
كل هذا وعلامات التهليل والفرح والسعادة والإعجاب على وجوه المتابعين في الأستوديو الضخم الفخم والمذيعة نشوة فرحة جداً وكأن سيدنا الدكتور زغلول النجار كرم الله وجه قد أعلن عن خطة استرداد المدن والعواصم الإسلامية من أيادي الأمراض المستعصية التي أحتلت أغلبها وفتكت بالآلاف من سكانها.
ويحضرني سؤال هام ربما من أجل انتشار هذا الاختراع العبقري الجهبز تتدهور حال أغلب المستشفيات العربية إلى أقصى درجات التدهور على أمل التطبيق القريب لهذا الاختراع العظيم الذي يغلق على أثره كليات ومعاهد الطب ومعامل الأبحاث العلمية ـ إن وجدت ـ وبناء على ذلك تتحول "الصيدليات" إلى محلات سباكة شرعية، ويتعلم الصيادلة والأطباء بالتعاون مع السباكين كيفية توصيل المواسير بشرائط التسجيل المسجل عليها قراءة الكتب المقدسة؟
أية تغييب يلعبه برنامج مثل هذا في تليفزيون إمارة راقية مثل دبي نفتخر كعرب أن في الشرق الأوسط مدينة مثلها؟
هل يرضي معالي رئيس الإمارات ومعالي رئيس إمارة دبي بهذه الخزعبلات العلمية؟
مَن المستفيد من انتشار مثل هذه الخرافات بين المتدينين البسطاء والعمل على خداعهم بالشفاء بقراءة الكتب المقدسة؟
المقال لم ينته بعد.
أرجو أن لا يتهمني أخوتي المسلمين بالتعصب والتحيز، نعم يا أعزائي فالأمر مشابه تماماً مع بعض رجال الدين المسيحي في القرن الحادي والعشرين، وإن كان الأمر لم يصل إلى حد التوصية بقراءة الإنجيل والتوراة على خزانات المياه العمومية. لكن هناك رجال دين يقرأون على زجاجات مياه من أجل الشفاء من الأمراض الخبيثة والمستعصية والكبيسة أو حتى للشفاء من الأمراض البسيطة. وهناك قراءات تتم لينال البيت البركة أو السيارة الجديدة وفي القرى لكي تنال البقرة بركة. ولعل المشهد الشهير في "فيلم هندي" الذي سكب الماء على السيارة الجديدة ماثل في أذهاننا.
يا سادة يا كرام،
مشكلة التخلف الطبي والعلمي في بلادنا أن كثير من رجال الدين يتحكمون في الفتاوى الطبية والأبحاث العلمية ويلوون عنق العلم والطب لما يقتضيه الشرع الذي أخترعه تراثهم الذي لا يتناسب مع قطار التقدم.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. ارتفاع حوادث معاداة الإسلام والكراهية ضد المسلمين في بريطاني
.. المؤسسات الدينية في إسرائيل تجيز قتل الفلسطينيين
.. 84-Al-Aanaam
.. الجالية اليهودية بنيويورك تدعم مطلب عائلات الرهائن لدى حماس
.. بابا الفاتيكان يدعو إلى وقف إطلاق النار في لبنان وغزة