الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حصارالجغرافية

صباح مطر

2008 / 10 / 18
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


لم تستقر الخارطة السياسية للعالم على حال ثابتة بل عصفت بها رياح التغير بصورة مستمرة كما يتبين مع بداية التأريخ المقروء
وبزوغ فجر السلالات ،وكل الاحقاب التي تلته،فدول كثيرة قامت واختفت وحضارات انشأت فسادت ثم بادت وامبراطوريات امتد سلطانها على رقعة واسعة من سطح الكوكب حكمت امادا قبل ان تهبط مترنحة من السفح....لتستقر في ذاكرة التأريخ الثرة بخزينها اللامتناهي.
واضح ان هذه الحالة كلفت البشرية كثيرا من الدماء اضافة الى عذاباتها والامها لألاف السنين من المعانات وما يترتب على كل مرحلة من خصوصيات وإرهاصات انية،حتى ال الامر بها بعد المعانات العسيرة والتجارب المريرة الى ان تستقر على وضعها الحالي المقبول على علاته والمتأتي من تطور نوعي في العقل الجمعي البشري الذي انتج كل هذه الموارد التي تسود العالم الان اعرافا وقوانين لتستقر كل مجموعة سكانية داخل حدودها المرسومة دوليا اضافة الى تطور الثقافات التي تحترم حقوق الاخرين وترفض الاعتداء عليهم، ناهيك عما موجود من توازنات وتجاذبات دولية تبقي على الاطار العام للخارطة بشكله الحالي دون ظهور مايوحي بتبدلات ملفته ومقلقة هي الاخرى قد تظهر على السطح حاليا او على المدى غير المنظور على الاقل ،رغم ما تفرضه حالات الهجرة والتهجير من تغيرات ديموغرافية في مناطق عديدة مثلما هو ظاهر في منطقة الخليج ومناطق اخرى تخضع لظروف مشابهه او مختلفة احيانا.
ان خارطة منطقتنا التي صنعها مقص(سايكس بيكو)الذي قسم تركة امبراطورية الرجل المريض التي اخرجت من حلبة الاحداث في العقد الثاني من القرن المنصرم فرض واقعا جديدا اثار سخط وحفيظة الكثيرين في وقته ،الا ان له من المزايا ما يجعلنا نترحم على صانعيه الذين انقذونا او انقذوا بلادنا من هيمنة سلطنة ال عثمان اولا ومن ثم انتشلونا من واقع مرير كان سيحدث لو لم تكن هذه المعاهدة أي(سايكس بيكو)ولأصبحنا تبعا لأمبراطورية جديدة يقودها الخليفة في الحجاز او أي مكان اخر ولأملى علينا واقعا حياتيا جديدا نمضيه مابين الدعاء لجلالته بطول العمر ودوام السلطان او مدججين بالسلاح على ثغور البلاد لنغزوا مجاهدين من اجل اضافة درة جديدة الى تاجه او نزيد رصيده من الجوار الحسان والغلمان ومن كنوز الذهب والفضة لينغمس في ملذاته وهناءاته ويترك لنا الفوز بأحدى الحسنين.
ان خلاصنا من امبراطوريتين واحدة افل نجمها وغرب الى الابد واخرى لم ترى النور بفعل معاهدة اوجدت اقطارا ودول لم تكن في غابر زمانها الا جزءأ من دولة او امبراطورية او هي حاضرة لمجموعة دويلات قائمة في ان واحد ومنها عراقنا العزيز هذا البلد الجميل في مختلفاته حيث الجبل والهور والصحراء بتلالها والسهل الرسوبي المنبسط وعطائه الثر،ووجود النهريين دجلة والفرات وحوضهما جعل من هذا البلد سلة غذاء المنطقة انذاك،فكانت ارضه تعرف بأرض السواد لكثرة مزروعاتها،وقيل ان اسم العراق جاء لتشابك عروق اشجاره،هذا البلد بهذه المواصفات اضافة الى انه رابط لطريق التجارة النهرية والبرية وعبره طريق -الحرير- المعروف سابقا، جعله محط انظار الطامعين،ولأن كل حدوده او على الاقل اغلبها حدودا برية لاتوجد فيها موانع طبيعية او تضاريس يتعذر تجاوزها اصبح عرضة دائمة لأعتدائات وتجاوزات جيرانه،وبما ان كثير من الشعوب تشتكي من ظلم الجغرافية فأن هذا الحيف والظلم نراه واضحا جليا في ذروته على بلدنا العراق الذي ظل على مدى تأريخه قبلة للطامعين وساحة لصراع تكاد لاتخلو منه كل حقبه التأريخية ،والسبب في اغلبه جيران فرضتهم موضوعية الجغرافية التي لا يمكن تجاوزها ،فكانت هجمات الكوتيون والفرثيون والعيلاميون الذين اكتسحوا المملكة الاكدية واحتلوا عاصمتها اور عام 2320 ق م والتي استطاع الملك الاكدي حمورابي من استعادتها بعد ان تم اخضاع كل مملكة عيلام عام 2094ق م ،وكذلك الهجرات السامية المتعاقبة التي دخلت البلاد عن طرق شتى ومنها طريق الشام واعالي الفرات هابطين مع مجرى النهر بأتجاه الجنوب بسبب التغيرات الطوبغرافية التي طرأت على شبه الجزيرة العربية كنتيجة للتغير المناخي الذي حدث في الفترة الدفئية الاخيرة، واقام هؤلاء المهاجرين ممالك ودول تسببت بإنزياح السومريين سكنة البلاد الاصلين وانزوائهم وبالتالي اختفائهم نهائيا عن مسرح الاحداث.
ومن الشرق عاد الاخمينيون واحتل ملكهم-كورش الثاني- مدينة بابل عام 539ق م وعامل اليهود المتواجدين فيها منذ السبي البابلي معاملة حسنة وسمح لمن يرغب منهم بالعودة الى فلسطين ومكنهم من بابل واهلها ، واستمرت التجاذبات والصراعات داخل العراق قرون طويلة الى ان جاء العرب المسلمين فكان مسرحا لوقائع ومعارك كبرى جعلته تحت حكم الخلافة الراشدية ثم الاموية فالعباسية وما تلاها من تتر ومغول وغيرهم ،الى ان جائت الامبراطورية العثمانية فأصبح ساحة للكر والفر بينها وبين الامبراطورية الفارسية من عام 1520م الى 1914م تخللتها عدة معاهدات لتسوية الخلاف وترسيم الحدود منها معاهدت(زهاب) عام 1639م ومعاهدة (ارضروم) في الثامن عشر من تموز عام 1823م، و(ارضروم)الثانية عام 1847م وبروتكول –القسطنطينية-عام 1906م والذي استكملت اجرائاته عام 1914م وكانت اخر حلقة في سلسلة المعاهدات والمواثيق في زمن الدولة العراقية الحديثة اتفاقية 6 أذار1975م بين رئيس النظام البائد والذي كان نائبا في حينه و-شاه-ايران المخلوع والتي نقضها النظام فيما بعد وشن على اثرها حربا ضروسا لثمان اعوام ثم اعاد العمل بها بعد ذلك.
وما ان سقط هذا النظام حتى تدافعت موجات التتار الجدد تحت شعارات ومسميات شتى عابرة حدود العراق التي اضحت مفتوحة بعد ان حلت الدولة العراقية بمؤسساتها الامنية والعسكرية ،وعاثت هذه الموجات قتلا وتخريبا بكل ماهو جميل في العراق ،بل بكل ماهو عراقي تحت غطاء مشرعن بفتاوى علماء السوء وربائب الشيطان وممولة بما جادت به الايادي القذرة من اهل الحقد واصحاب الضغائن الاقليمين ، ومسلحة بأدوات التفخيخ والعبوات الناسفة واسلحة القتل الجماعي التي استباحت دمائنا وحصدت ارواح ابنائنا بلا وازع من ضمير تحت شعارات لايوجد اسوء منها الا حاملوها والمروجين لها،جائت من المتباكين على حرية الشعب ووحدته واستقلاله وهم في حقيقتهم اول العابثين بها، واذ كان )من نكد الدنيا على الحر ان يرى، عدوا له ما من صداقته بد) فأن من نكد الجغرافية ان جعلت جيران لنا ما من مجاورتهم بد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغدة تقلد المشاهير ?? وتكشف عن أجمل صفة بالشب الأردني ????


.. نجمات هوليوود يتألقن في كان • فرانس 24 / FRANCE 24




.. القوات الروسية تسيطر على بلدات في خاركيف وزابوريجيا وتصد هجو


.. صدمة في الجزائر.. العثور على شخص اختفى قبل 30 عاما | #منصات




.. على مدار 78 عاما.. تواريخ القمم العربية وأبرز القرارت الناتج