الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجامعة العراقية والتحول الديمقراطي ... جامعة القادسية أنموذجاً

علي وتوت

2008 / 10 / 17
التربية والتعليم والبحث العلمي


للخوض في موضوعة هذه الورقة نقدم بالقول، أن الجامعة العراقية بما تضمه من نخب وخبرات معرفية وكوادر علمية، فضلاً عن دورها الريادي المفترض في المجتمع، كان يمكنها أن تلعب دوراً أكبر في عملية التحول الديمقراطي التي حدثت في العراق. ولكن ما حدث لغاية اليوم لا يشي بشيءٍ من ذلك، إذ بدت الأكاديميات العراقية مراكز أخرى للتجهيل ولتسطيح الوعي بمشكلات العراق وأزماته، بل إن ما زاد الطين بلّة، أن الجامعة ومرافقها أصبحت مراكز للصراع الطائفي والجهوي والحزبي البغيض، وصراع أكثر بغضاً على المناصب الإدارية، مما أفقدها دورها الناهض كمنارة للإشعاع ومركز للحوار والسلام.
وإذا ما حاولنا تفحص (جامعة القادسية) كأنموذج للجامعة العراقية، ودورها في عملية التحول الديمقراطي، لوجدنا أن هذه الجامعة تفتقد لشروط وجودها في مجتمعها، فما بالك بالمشاركة في النهضة بواقع هذا المجتمع. وهنا يكون لزاماً أن نعترف أن المسؤولية في ما وصلت إليه الجامعة، وهو ما سنعرض له في الأسطر القادمة، هو مسؤولية مشتركة بين إدارة الجامعة وكادرها التدريسي ونخبها الثقافية، وبين (الحكومة المحلية) لمدينة الديوانية وأفراد المحافظة جميعاً.
فعلى المستوى الأول يبدو واضحاً أن هناك شروطاً للتحول الديمقراطي لم تظهر أبداً خلال السنين الخمسة الماضية في الجامعة، ربما يتمثل أهمها بآلية (انتخاب) مناصب الجامعة، التي لم يعرف أحد من أناطها حصراً بيد السيد رئيس الجامعة، بل أن منصب رئيس الجامعة نفسه، لم يخضع للآلية الديمقراطية أيضاً، بل تم اعتماد آلية التعيين.
فضلاً عن أن آليات أخرى، تدلل على الديمقراطية كـ(الشفافية) و(المساءلة)، لا زالت لا تجد طريقها الواضح إلى الصرح الثقافي والاقتصادي الأكبر في المدينة. فلا زالت أهم القضايا التي تخص مستقبل التدريسي في الجامعة، يشوبها الغموض وعدم الشفافية، فلا يعلم أحد من التدريسيين عن معاملة ترقيته شيء في العادة، ومثل ذلك مستحقاته المالية، ممثلة بمرتبه الشهري وكيف يتم حسابه، ولا آليات صرفه التي تجعل موظفاً بشهادة المعهد الفني يأخذ مرتباً شهرياً أعلى من تدريسي يحمل شهادة الدكتوراه، حتى الشهر قبل الماضي حينما تم صرف الفروقات المالية، ولا يعلم أي أحد سوى (الله والراسخون في العلم) عن ميزانية الجامعة وتخصيصاتها المالية وصرفيات مشاريعها أي شيء!!.
العلة في كل ذلك واضحة من وجهة نظرنا، فالغموض في كل هذه القضايا مبرره الفساد وإمكانيات التلاعب، في حين أن الكشف عن المعلومات والوضوح ومعرفة الحقوق لا يتيح مثل هذا التلاعب والفساد !!.
وإذا كانت الديمقراطية وفق آلياتها البسيطة (ممثلة بصندوق الاقتراع) لا تمارس في المؤسسة الأكاديمية، وإذا لم يكن هناك شفافية في طرح المعلومات ونشرها، والمساءلة في حالة التقصير، فكيف تستطيع هذه المؤسسة تعليم الديمقراطية، وقد وضعتها كجزءٍ من مناهج كلياتها في أقسامها المتنوعة، و(فاقد الشيء لا يعطيه) كما نعلم !!!.
إننا هنا لسنا بمعرض الحديث عن مشروع تربوي فحسب، فالجامعة، إذا لم يكن أحدنا يعلم، هي أكبر المشاريع الاقتصادية في محافظة الديوانية، وهذا مما لا يلتفت إليه الكثير من القائمين على إدارة المحافظة، إذ إنها تضم بحسب التقديرات ولما يزيد عن تسعةِ أشهر في السنة، ما يقرب من عشرين ألف شخص، بين تدريسيٍ وطالب وموظف، وبواسطة هؤلاء يتم تشغيل الكثير من الفنادق والمطاعم وسيارات الأجرة بمختلف أنواعها في مدينة الديوانية، والأخيرة (أي مدينة الديوانية) لا أظنها تحوي مشروعاً أكبر من هذا المشروع، الذي هو بحاجةٍ إلى عناية والتفات المسؤولين بشكل أكبر.
إن ما يعنينا أن نكشفه هنا هو أن بقاء حال الجامعة كما هو عليه منذ أكثر من خمس سنوات ونيف، فالجامعة بدت غير معنية بالمدينة أو بالمحافظة وحاجاتها، فلا هي معنية بسوق العمل في المدينة، وكأنه ليس هناك قسم للإحصاء في كلية الإدارة الاقتصاد في الجامعة مهتم بمخرجات الجامعة، فلا زال مئات الطلبة يتخرجون كل عام بدون معرفة مستقبلهم، ولا القائمون على إدارة الجامعة قدموا حلولاً لمشكلات الفساد الإداري والمالي التي تعصف بمؤسسات الدولة في المدينة ومنها الجامعة، ولا هي (أي الجامعة) ساهمت في حلحلة الوضع (السياسي) أو (الأمني) الذي ساء وتعقد لأكثر من سنتين في المدينة، بل إنها نأت بنفسها عن مشكلات المدينة تماماً، حتى الاجتماعية منها.
إن الحديث عن سوء تعامل الجامعة مع التحول الديمقراطي في وطننا العزيز العراق يطول، بل إننا نتحدث بشكلٍ محدد، عن مخرجات الجامعة ممثلةً بطلبة وطالبات الجامعة،... وهم أولادنا وإخواننا وهم بناة المستقبل... فالتحول الديمقراطي سيقطف ثماره هؤلاء... وهم مثَلٌ لما يمكن أن تقدمه الجامعة للمدينة وللوطن بأجمعه... فإذا ما كان طلبة الجامعة وخريجوها (شباباً وشابات) ملتزمين بالقيم النبيلة لهذا المجتمع، مجيدين ومجتهدين في اختصاصاتهم، يملكون ناصية الوعي، جسّدوا الدور المفترض للجامعة، وهو ما لم نره لغاية الآن... إذ إننا نمر بأزمة خطيرة على مستوى التعليم الأكاديمي بعامة، وربما في جامعة القادسية مثل لا ينبغي الاستهانة به أبداً.... أزمة تتعلق بتشوهٍ وخلل كبيرين أصابـا المجتمع الأكاديمي بمجمله !!.
فالأزمة التي تواجهها جامعة القادسية، تتمثل أولاً بالاستهانة بأركان العملية التربوية، وهم الطلبة والتدريسيون، وهذه الاستهانة من قبل إدارة الجامعة واضحة للعيان. فهاتين الفئتين كانتا للآن ضحية لإدارة الجامعة!!، لكن كماً كبيراً من الطلبة يقع ضحية لبعض من التدريسيين غير المؤهلين!، وغير الكفوئين!، وهم أيضاً ضحية لبضعة موظفين فاسدين ومتعجرفين في تعاملهم مع التدريسيين، فما بالك في تعاملهم مع الطلبة!!.
وعليه، ومع انتهاء المدة القانونية لتولّي رئيس الجامعة الحالي لمنصبه (إذ تم تجديد بقاءه من قبل الوزارة لمدتين متتاليتين أي أربع سنوات) فإن التدريسيين في الجامعة يتطلعون الآن لقيام ديمقراطية حقة لانتخاب المناصب الإدارية والعلمية في الجامعة، تتزامن مع ما يشهده وطننا من حراك من أجل انتخابات مجالس المحافظات (تبدأ من الأقسام العلمية، مروراً بمناصب العميد ومعاونيه، وصولاً إلى منصب رئيس الجامعة الذي ينتخبه مجلس الأمناء أو الجامعة)، بشرط أن يتقدم لهذه الانتخابات من هو مؤهل بدرجته العلمية وبكفاءته وخبرته العملية وإنجازه الأكاديمي، وكما هو الحال في الجامعات المعترف بها دولياً، (وليس من ينتمي لجهةٍ سياسية كبيرة، أو من يتزلف الأحزاب والحركات السياسية، أو يجلب تعيينه من الوزارة بالمحاباة، أو..... ما إلى ذلك مما مللنا سماعه ومشاهدته) وبهذا وحده سوف يتحقق شرط الديمقراطية، وسيكون تدريس مادة الديمقراطية وتعليمها أو وضعها في المناهج المقررة، وتعلّمها قبل ذلك يحقق الفائدة المرجوة منه لطلبتنا وطالباتنا، ولكي تمثل الجامعة ونخبها منارةً للتحول الديمقراطي في وطننا، وهو ما يمثل سعي حكومتنا الموقرة أيضاً.
إن مستقبلنا... بل ومستقبل وطننا ممثل بالشباب والشابات من طلبة جامعاتنا!... فلنعمل على أن نقدم لهم، ما يعينهم على تحقيق مستقبل أكثر إشراقاً، لاشك أن الديمقراطية تمثل أهم سماته المفترضة!!.
** الورقة في الأصل مبحث من دراسة موسعة يقوم بها الباحث عن الجامعة العراقية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صفقة الاتحاد الأوروبي مع لبنان..ما خلفياتها؟| المسائية


.. بايدن يشدد على إرساء -النظام- في مواجهة الاحتجاجات الجامعية




.. أمريكا.. طلاب يجتمعون أمام منزل رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شف


.. الجيش الإسرائيلي: 12 عسكريا أصيبوا في قطاع غزة خلال الساعات




.. الخارجية الأمريكية: هناك مقترح على الطاولة وعلى حماس قبوله ل