الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أي تعليم نريد لمغربنا؟

يوسف هريمة

2008 / 10 / 17
التربية والتعليم والبحث العلمي


كل تقارير المنظمات العالمية المرتبطة بالتنمية البشرية داخل المغرب، تؤشر في الكثير من الدراسات والاستطلاعات التي تقوم بها بوجود خلل بنيوي في قطاع التعليم بمختلف مكوناته، ولا تفتأ أن تحذر من تفاقم الوضع والخروج عن حد السيطرة إلى الدرجة التي يصبح فيها الوطن لا ينتج إلا كل ظواهر الجهل والتطرف والتخلف بمختلف مستوياته. لم تكن كل هذه التحذيرات يلق لها بالا في ذهنية لا تريد الإصلاح، ولا تفهمه إلا في ضوء مصالح ضيقة وعمليات تجميلية لا تغني ولا تسمن من جوع، واستمر الحال على ما هو عليه إلى أن عدنا ببركة القدير نتبوأ المكانة الأخيرة بين الوطن العربي على مستوى قطاع التعليم، بالرغم من الإمكانات المرصودة لهذا القطاع في ميزانية الدولة.
كان الوضع الذي آلت إليه العملية التعليمية بالمغرب سببا في التفكير بمقاربة جديدة، اعتبرت في حينها مخرجا من الأزمة باعتماد مقاربة التعليم بالكفايات وبناء المنظومة الدراسية عليها، بعد أن كانت المقاربة السائدة من قبل ذلك تعتمد التدريس بالأهداف. شكل الميثاق الوطني للتربية والتكوين النواة الأولى لهذا الإصلاح المرتقب، ورصدت له ميزانيات وعبئت المصالح وكل الوسائل الممكنة لإنجاحه، واستبشر الناس خيرا بالمولود الجديد الذي سيقود قاطرة العبور إلى ضفة التلميذ المتعلم والأستاذ الموجه والمدرسة الحامية لعملية التدريس بإدارتها وأطرها التربوية.
مرت عشر سنوات وخرج تقرير يشهد فيه شاهد من أهلها ينبئ بأن الميثاق لم يحقق أهدافه، ويعلن عن مخطط استعجالي يبدأ بموسم 2008/ 2009 لإنقاذ العملية التعليمية، وإصلاح ما يمكن إصلاحه من تعليم فقد كل معايير الجودة وعاد عبئا على الفرد والمجتمع، بدل أن يكون رافعة لهما من منحدر ثقافي سيأكل ثماره كل من ساهم من قريب أو من بعيد في هذا الوضع المتأزم. بدأ المخطط الاستعجالي الإصلاحي وبدت معالمه واضحة للعيان:
• تأخر الدخول المدرسي الحالي: إلى غاية الآن لا زالت العديد من المدارس تعاني من خصاص مهول في الأساتذة، ولا زال أبناء الشعب المغربي ينتظرون المخطط الاستعجالي، ليرى ما أسفرت عليه حركات التعيينات والانتقالات ومزايدات النقابات المختلفة، وحرب التحزب البغيض الذي يضيع فيه الأستاذ والتلميذ من بعده والمجتمع يشهد من وراء ذلك على أن من يزرع شوكا سيحصد شوكا، والتأخر لن ينتج إلا تأخرا ولو كان العنوان تحت شعار المخطط الاستعجالي.
• هشاشة البنيات التحتية: لا يمكن ضمان جودة تعليم في ظل ظروف مزرية تغيب فيها الإنارة والماء والوسائل الديداكتيكية المتاحة، تضمن على الأقل تواصلا في حدوده الدنيا بين طرفي صراع وهمي أنتجه تاريخ من التضليل بين أستاذ تعوزه الوسائل، وتلميذ يفجر مكبوتاته النفسية والاجتماعية والاقتصادية في غريمه التقليدي " الأستاذ ".
• فقدان الأمل في السياسات التعليمية: لم يعد أحد يثق في السياسة التعليمية المغربية والأستاذ لا تحميه القوانين أو الإدارة أو المجتمع من هشاشة الواقع الحالي، كما تحمله عبء تخلف المشروع كلما جاء الأمر بالحساب. أما التلميذ فهو أيضا ضحية ظروف اجتماعية أو اقتصادية خلقتها سياسات الدولة في مختلف القطاعات، ولم يعد يرى في التعليم والمدرسة إلا ذلك المكان التنفيسي من سطوة الأهل والدولة والثقافة، وهو يرى مصيره المجهول في عالم لا يؤمن بالقيم إلا كشعارات انتخابية أو مزايدات هنا وهناك. هذا الواقع المتردي خلق جوا من اليأس وعدم ثقة في المدرسة وفي التعليم خاصة بعد ظهور أزمة المعطلين حاملي الشواهد العليا، وكيف تلجأ الدول إلى مقارباتها الأمنية في حقهم بدل أن تكون سياسة البحث عن حلول جذرية لأزمة تتفاقم اليوم بعد اليوم هي الهم المشترك.
• الإدارة وحرب العصابات: إن العقلية التي تدار بها المؤسسات التعليمية في بلداننا بعيدة في الكثير من الأحيان عن عقلية الإدارة والتسيير التربوي، بل هي عقلية مخزنية ترهيبية في شكلها حينما يداس على الأستاذ باسم القانون، أو التحايل على النظام العام باسم المصلحة الشخصية لأطراف معينة تنشئ ما يشبه كنتونات خاصة ومحميات تدار بمنطق عصابي لا إداري، يلجأ فيه إلى أساليب متنوعة من ترهيب وتحريض وتحايل وبث الفرقة والانشقاق في الجسم الواحد.
فأي تعليم نريد؟
وعن أي مخطط استعجالي نتحدث؟
جواب واحد يتبادر إلى ذهني وأنا أقرأ الساحة وضمن مكونات الساحة، إنه التعليم دون علم، والمخطط الاستعجالي نحو المنحدر الثقافي الذي سيتحمل فيه الفرد والمجتمع تبعات هذا الاستعصاء على حد سواء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البرازيل.. سنوات الرصاص • فرانس 24 / FRANCE 24


.. قصف إسرائيلي عنيف على -تل السلطان- و-تل الزهور- في رفح




.. هل يتحول غرب أفريقيا إلى ساحة صراع بين روسيا والغرب؟.. أندري


.. رفح تستعد لاجتياح إسرائيلي.. -الورقة الأخيرة- ومفترق طرق حرب




.. الجيش الإسرائيلي: طائراتنا قصفت مباني عسكرية لحزب الله في عي