الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في سياق الجدل العقيم...!؟

جهاد نصره

2008 / 10 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عبّر الكثيرون عن استغرابهم للجدل الحامي الوطيس الذي يدور هذه الأيام بين بعض الفقهاء الإسلاميين من السنة والشيعة وكأن هذا الجدل كان توقف يوماً منذ بدأت الدعوة إلى الإسلام...!؟
لقد رافق الجدل، والخلاف، والاختلاف، الدعوة الإسلامية منذ بدايتها، ومن بدهيات الأمور أن تتمظهر الخلافات والحوارات المتعارضة وفقاً للظروف الموضوعية السائدة.! فاليوم، يأخذ الحوار الفقهي المتفجر شكله السياسي المباشر والمكشوف بخلفيته وأهدافه..! وفي أحيان أخرى كان الاختلاف والجدال يدور على مجمل قضايا الحياة وتفاصيلها إضافةً إلى مسائل لا تعد من غير أن يكون لها قيمة حقيقية غير أن معظمها ظلَّ مسكوتاً عنه ومنزوياً في بطون عشرات الآلاف من المؤلفات والمخطوطات الفقهية التي بدأ تدوينها بعيد تأسيس الإمبراطورية الإسلامية فلا يصل إليها غير الباحثين عن الحقائق والتفاصيل والأسرار...!؟
لقد اختلف الفقهاء وكتاب السير طويلاً على سبيل المثال حول اسم ولون البغلة التي أهداها ـ المقوقس ـ للرسول ـ محمد ـ ص..! وحول الأحصنة التي امتلكها في بداية تحركه المبارك..! وحول الحمار المعروف باسم ـ عفير ـ لونه، وشكله، وخصاله، غير أنهم اتفقوا على أن عفير هذا نفق حتماً أثناء العودة من حجة الوداع.!
حدثني الحارث قال: حدثنا ابن سعد قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا معمر عن الزهري قال: ـ دلدل ـ أهداها له فروة بن عمرو الجذاميّ ويقال لهل: ـ فضة ـ وقد وهبها محمد صلعم لأبي بكر.!
لكن موسى بن محمد بن إبراهيم التيميّ قال عن أبيه: كان اسم البغلة ـ القصواء ـ ابتاعها أبو بكر وأخرى معها بثمانمائة درهم واشتراها منه الرسول بأربعمائة وهي التي هاجر عليها وكانت أول بغلة يراها الناس في ذلك الحين...!
غير أن ابن سعد قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني ابن أبي ذئب عن يحيى بن يعلى عن ابن المسيب قال: كان اسمها ـ الغضباء ـ وكان في طرف أذنها جَدْع.!
نفس الأمر حصل حول الأفراس الثلاثة التي كانت عند ـ محمد ـ ص غير أن الكفة رجحت عند أسماء: لزاز والظرب واللخيف..!
ثم إن الفقهاء الأجلاء الذين اتفقوا على اسم الزوجة الأولى التي كانت أرملة ـ خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزَّى ـ اختلفوا وتجادلوا حول عدد الأبناء الذين أنجبتهم وحول أسمي زوجيها السابقين..! وبعد موت ـ خديجة ـ اشتد وطيس الجدال حول عدد وأسماء الزوجات اللاحقات وهل كن جميعهن أرامل ومطلقات كما قال البعض أم بينهن عازبات أبكار مثل عائشة..! وكان الخلاف الأشد حول العدد فمنهم من قال: تزوج محمد ص خمس عشرة امرأة ومنهم من قال: لا إنه لم يتزوج غير ثلاث عشرة وغيرهم نزل العدد عنده إلى إحدى عشر ومنهم من قال: توفي محمد ص عن تسع زوجات..! ثم كان الجدال والخلاف حول اسم الزوجة الأولى بعد خديجة فمنهم من قال: إنها عائشة بنت أبي بكر ومنهم من قال: إنها سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر.! ثم اتفق الجميع في حالة نادرة على أن الرسول تزوج عائشة قبل سودة ولكنه نكح وبنى ودخل على سودة التي كانت ثيباً قبلها وذلك لصغر سن عائشة وعدم جاهزيتها.!؟
ثم إن أجداد الفقهاء الراهنين تجادلوا كثيراً حول حقيقة أن ـ محمد ـ ص ولد مختوناً أم لا مقطوع السّرة أم لا واقعاً على الأرض من بطن ـ آمنة ـ جاثياً أم لا..!؟ عن الحسن عن أنس قال: قال رسول الله: ( من كرامتي على الله أني ولدت مختوناً ولم ير سوأتي أحد )....!؟
وقد اختلف الفقهاء الشطار على وضعية البول عند الرسول فمنهم من اعتمد رواية يحيى بن درست: أنبأنا أبو إسماعيل قال: حدثني يحيى بن أبي كثير أن عبد الله بن أبي قتادة حدثه عن أبيه أن رسول الله قال: ( إذا بال أحدكم فلا يأخذ ذكره بيمينه ) ورد في البخاري ومسلم والترمزي وابن ماجة. وعن أبي وائل عن حذيفة قال إن رسول الله أتى سباطة قوم فبال واقفاً أخرجه الترمزي وأبو داود غير أن مخالفيهم اعتمدوا على السيدة عائشة في حديث نقله علي بن حجر عن شريك عن المقدام بن شريح عن أبيه عن عائشة قالت: ( من حدَّثكم أن رسول الله بال قائماً فلا تصدقوه ما كان يبول إلا جالساً )..! وكانوا فبل ذلك قد اشتبكوا حول أسبقية النهار أم الليل والشمس والقمر أيهما خلق قبل صاحبه.! لقد اختلفوا وتجادلوا حول كلِّ شيء في الأكل والشرب والجماع ولون شوارب الرجال من أهل الجنة لقد اختلفوا حتى على الريح التي تخرج من مؤخرات أهل الجنة هل هي كريح المسك أم العنبر...!؟
وهكذا، فإن الجدل العقيم الدائر هذه الأيام بين مشايخ السنة والشيعة، لا يشكِّل تنويعاً حوارياً مستجداً يبنى عليه وذلك لأنه مجرّد استمرار لظاهرة إسلامية تاريخية عريقة..! وما يقوله الشيخ القرضاوي قاله أسلافه آلاف المرات كذلك الردود التي واجهته فقد واجهت أسلافه آلاف المرات.. ولهذا، قلنا سابقاً، ولا نزال نقول: إن حكاية الحوار الذي يجري في المؤتمرات التي تقام من أجل التقريب بين المذاهب، أو بين الأديان، هي مجرَّد وهم كبير..! إن مسألة الحوارات هذه، لا تزيد عن كونها ترف ملكي، أو أميري، أو جملكي، لا فرق....!؟
السيرة النبوية لـ ابن كثير
نساء النبي لـ عائشة عبد الرحمن
السيرة النبوية لـ الطبري
طبقات ابن سعد
سيرة ابن هشام
الاستيعاب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تجنيد يهود -الحريديم-.. ماذا يعني ذلك لإسرائيل؟


.. انقطاع الكهرباء في مصر: -الكنائس والمساجد والمقاهي- ملاذ لطل




.. أزمة تجنيد المتدينين اليهود تتصدر العناوين الرئيسية في وسائل


.. 134-An-Nisa




.. المحكمة العليا الإسرائيلية تلزم اليهود المتدينين بأداء الخدم