الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فتاوى التكفير تلاحق ميكى ماوس الوديع

توفيق التميمي
كاتب وباحث في شؤون التاريخ والذاكرة العراقية

(Tawfiktemimy)

2008 / 10 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أثارت فتوى دينية لداعية سوري يقيم في السعودية اسمه محمد المنجد السخرية عبر ردود افعال الصحافة الغربية وتقضي فتوى الداعية السعودي بأعدام جميع الفئران على الارض وتحريم مشاهدة المسلسل الكارتوني ((تومي جيري))،والفتوى بقدر ما اثارت سخرية الغربيين فانها هنا حملت المرارة لدى المفكرين والمثقفين العرب لتتركنا مثل هذه الدعوات نحن العرب والمسلمون محاصرون من جديد بدائرة من السخرية وشعور بالخزي، وحساسية غربية في التقاط هذه اللقطات وهذه الصور البالية للعرب والمسلمين والتي لاتتصالح مع العصر الحديث او مستجداته، والواضح من خلال ردود الافعال الغربية وعناوين منشيتات صحفها بأن السخرية هي الجامع المشترك لتلك الردود وهي تعزز صورة( المسلم) و(العربي )في نظر الغربي بملامحه البشعة وازيائه التراثية البالية وفضاضته البدوية وعدائه لمعالم الحداثة والعصرية والانكى من ذلك مرابطته في موقع العزلة التاريخية والقوقعة المذهبية التي تمنع تلاقحه مع رياح التغيير والمدنية وتحول دون مشاركته للكرنفال البشري في التعايش الانساني بين الشعوب والامم او تجعله محاورا حضاريا في حوار الاديان والحضارات وبذلك يصبح هذا العربي - المسلم بالضرورة مشروعا تدميريا ووبالا على السلام العالمي .
وهنا يمكن أن تنتقل مهمة السخرية والتهكم الغربيين الى لغة التحريض والفعل فالصحافة هناك في الغرب مازالت تحتفظ بهيبة سلطتها الرابعة ومازالت قادرة على ان تهيج الشوارع بالانتفاضات السلمية وتغير قرارات الحكومات وتشريعات البرلمانات. ومن هنا فيمكن ان تسفر هذه الحملة التهكمية عن حملة مناهضة ومعادية جديدة لهؤلاء العرب الذي ينتمي اليهم هذا الداعية بالجنس والعرق والدين والثقافة، فالذي يكفر فأرة لنجاستها بكل ما لهذه الفارة من موقع في نفوس ملايين الصغار المشاهدين والمتتبعين للعبة توم جيري المثيرةوهؤلاء الصغار سوف لا يشاركون الكبار سخريتهم فقط بل امتعاضهم وقرفهم من اصحابهم الصغار ذوي الاصول العربية والذين يجالسونهم في مدارسهم ويجوارونهم في محلات سكنهم.
ما الذي يمنع مثل هذا الداعية بان يكون الانسان الذي يشاهد هذه الفارة ويستمتع بصراعها الكارتوني موضوعا للقتل والابادة ايضا .
المرارة والحيرة هنا
واذا تركت مثل هذه الفتوى السخرية والتهكم لدى الغربيين وهم محقون في ذلك فماذا كانت ردود الافعال العربية والاسلامية ؟
أكتفت وسائل الاعلام الاحترافية بنقل الفتوى وردود الافعال الغربية دون أن تجرأ على اثارة الاستفهامات المشروعة عن الكثير من الاسئلة التي تبدد سخرية الغرب عنا وتزيل اوهامهم عن الصورة الملتبسة للعربي والمسلم في مداركهم وثقافتهم وسلوكياتهم الفعلية .
هل ان هذا الشيخ الداعية يمثل ذاته الفردية وأراءه الشخصية ام كانت فتواه محصلة لثقافة فقهية وجدت ارضا خصبة في تبريرها وتمريرها ؟
وفي هذه الحال :
ما الذي يستحق التهكم حقا الشيخ الداعية ام ثقافته البدائية المتزمتة التي اوحت له بهذه الفتوى العجائبية المضحكة؟
ومن ثم اذا الفئران لم تسلم من دائرة التكفير الشرقي فكيف بالثقافات الحرة والافكار الصادمة والمشاغبات المعرفية التي تبتكر افقا وتنتج حداثة تغيير وجه العالم وتفتح له صورة جديدة مغايرة ؟
هل يعني ذلك اننا سنظل لسنوات طويلة قادمة لن نخطو خطوة في استلام زمام مبادرة التغيير والسؤال النقدي الذي اوصل الغرب الى ما وصلوا اليه من تقدم وحضارة واستقرار؟
و كيف يمكن للخطاب العربي الاسلامي التنويري من اعادة الثقة بنفسه وثوابته وسط هذه الزوابع المضحكة التي تنطلق بين الحين والاخر لتعزيز صورة( العربي الاحمق )و(المسلم الارهابي المسلح )؟
ومن يتحمل مسؤولية بقاء هذه العقليات التكفيرية لثقافة بالية تزودمريدوها بهذا الكم من لكراهية والعداء للجمال والتحضر والمدنية ؟
هل هي الثقافة باعمدتها التقليدية الموروثة ام وسائل الاعلام والفضائيات التي تروج لخطابها ام الاستثمار الشرير لوسائل التقنية المعاصرة في بث سمومها الى العالم ؟
سلسلة من الاسئلة الملحة تعيد لذاكرتنا الجمعية صورة المحنة التاريخية لجميع فرق العقل والاجتهاد على ايدي جماعات التكفير والمصادرة لائمة التزمت وان هذه القصة مازالت تتكرر في عالمنا حتى يومنا هذا .
وهل يمكن لمثل هذه القصة وامثالها المتكررة والتي ذهب ضحيتها المئات من رموز الحرية والتنوير في عالمنا العربي والاسلامي ان تمكننا من اعادة النظر في ثقافتنا وثوابت رؤيتنا مع الاخر وامكان اللحاق بوتائر التعايش والسلم الامني والرفاه الاقتصادي المتسارعة ؟
كلها رهانات ستبقى في ذمة مثقفي التنوير وحملة كتاب العقل من العرب والمسلمين وهم الورثة الحقيقيون لتراث مضئ










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah