الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
ارمن العراق..انتماء الى وطنيين
سرى العميدي
2008 / 10 / 28المجتمع المدني
بين بغداد ويريفان يختزل درب طويل من الألم والعذاب ترافقها سمفونيه حزن عميق على تلك العاصمتين المنكوبتين ولون الرماد هو السائد فقبل سنين مضت سمعت صرخات متألمه تنوح بحرقه من حناجر الابرياء في ارمينيا يسمع صداها اليوم في العراق بنفس تلك النبرات الجريحه التي تجرح الذاكره بذكريات مريره ومجازر شنيعه لاتمت للانسانيه بصله ذهب بها كل غالي وحبيب اخذت معها كل ماهو جميل رحلت وتركت خلفها جراح وعويل ودموع جامده في الاحداق مذهوله من شدة الوقع حائره في البحث عن سبيل للخلاص من هذه المحنه الاليمه
ارمن العراق الكثير منا يجهل هذه اللفظه ولايعلم تاريخ هذه الطائفه التي تعيش معنا منذ سنين طويله متاخيه متازره مع جميع الطوائف العراقيه الاخرى التي تعيش تحت سقف هذا الوطن والتي اسهمت في مختلف جوانب الحياة العراقيه وبمختلف المجالات
فمعظم العراقيين يعرفون الارمن كطائفه مسيحيه فقط لكن لم يغوصوا في تاريخ هذه الشعب الذي يحمل من المأسات والمعاناة ما يشيب له الراس وتقشعر له الابدان وتذرف لها الدموع
ينتمي الارمن الى العرق الاري ويعود وجودهم الى ارض ارمينيا التاريخيه الممتده في الاجزاء الوسطى والشرقيه من اسيا الصغرى الى الالف الثالث قبل الميلاد حسب الدراسات
تحدها من الغرب تركيا ومن الشرق اذربيجان وايران في الجنوب الغربي وبالشمال جورجيا عاصمتها يريفان والديانه الرسميه فيها المسيحيه مع وجود اقليات دينيه اخرى حسب ما يشير اليه الباحثين
نزح العديد منهم من ارض ارمينيا بسبب المجازر وحملات الاباده التي قام بها العثمانيون ضدهم عندما تسلم حزب الاتحاد والترقي زمام الحكم في الدوله العثمانيه
يشير الباحثون ان بداية هذه الازمه كانت في زمن السلطان عبد الحميد الثاني اذ ادعت الدوله العثمانيه ان روسيا قامت باثاره الارمن الروس القاطنين قرب الحدود الروسيه العثمانيه فبدأت بتحريضهم وامدادهم بكل متطلبات القتال من سلاح ومال وتدريب كما قامت بريطانيا بتقديم دعم لها لانها ارادت ان تضعف الدوله العثمانيه حينذاك
فقد ادعت الدوله العثمانيه انه لايوجد حل لهذه المشكله الا بتهجير الارمن من تلك المناطق الحدوديه وقطع الصله بينهم وبين الجيوش الروسيه المحرضه
اتخذت عمليات التهجير تلك كل اساليب البطش والقسوه حيث خلت من أي رحمه وضمير انساني كان الموت يعرض بابشع صوره واساليبه حيث رمي العديد بالرصاص وشنق الاخر حتى الموت والبعض الاخر كان ينتظر دوره عند سكين القصاب ومنظر الدم المتناثر يزيد الصوره رعبا وذعرا ومن كان اكثر حظا ذلك الوقت هو من اصيب بالجنون
كانت النساء تساق في قوافل تحت وطأة العطش والجوع تترامى بعضهن معلنات نهاية هذه الحياة التعيسه وتسير الباقيات حيث المصير المجهول
فبين ليله وضحاها ماتت كل ملامح الحياة في تلك المدينه الجميله دماء ملطخه في كل ارجاء المدينه بيوت متهدمه على من يسكنها جثث متراميه في كل مكان صرخات اطفال يبحثون عن امهاتهم التي تعفنت اجسادهن
مجانين مشردين في كل مكان يصرخون بذعر واجسادهم ترتعش لهول الواقعه وشدتها
ولعل اكثر المشاهد ألما" هو منظر المهاجرين الذين ينظرون بنظرات يائسه وجريحه الى ملامح الوطن المشوهه لعلهم يجدون قريبا او رفيقا يكمل معهم رحلة العذاب الى المنفى
ذهبت تلك الايام ومرت السنين فذلك الطفل الذي ركب في رحلة المنفى بمفرده اصبح اليوم جدا لجيل اخر لكنه لم ينسى تلك المناظر التي غرست في نفسه الما وجرحا عميقا لن يزول مهما تغير الزمن
بعد تلك المذابح الدمويه هاجر العديد من الارمن الوطن الام ارمينيا منتشرين في ارجاء عديده من العالم كذلك توافد الكثير منهم الى الاراضي العربيه وعاشوا حياة جديده وكذلك وجدوا اوطان جديده فقد استطاعوا ان يندمجوا في المجتمعات التي توافدوا اليها وساهموا في العديد من جوانب الحياة فيها لكنهم بقوا محافظين على عاداتهم وتقاليدهم التي احتفظوا بها من الوطن الام والتي توارثوها عبر اجدادهم
ولايزال الارمن متمسكين بوطنهم الام الذي يحملون اسمه ووطنهم الذي تربوا فيه
في احد الايام شاهدت الاعلامي اللامع نيشان في احد برامجه التي تحظى بحضور جماهيري واسع عندما سئله احد الاشخاص هل انته لبناني ام ارمني؟؟ فقال لدي جناحان احدهما لبنان والاخر ارمينيا واذا فقدت احدهما فلن استطيع ان احلق
في العراق عاش الارمن جنبا الى جنب مع اخوانهم العراقيين ساهموا في العديد من المجالات في الحياة العراقيه فهنالك العديد من الشخصيات الارمنيه التي كان لها حظور ملفت في الساحه العراقيه من هذه الشخصيات المغنيه سيتا هاكوبيان صاحبه الصوت الملائكي الحنون التي يردد العراقيون اغنياتها الرائعه دوما (لالي) (صغيرون)
وبياتريس اوهانسيان عازفة البيانو التي فارقت الحياة في 2008 كذلك الفنانه القديره ازادوهي صموئيل كذلك الكاتب والباحث يعقوب سركيس والمصور الصحفي الرائد امري سليم (لوسينيان) والموسيقار ارام بابوخيان وجيراير كايايان الحاصل على اول بطوله لكمال الاجسام في العراق والمصور جان (هوفهانيس جوكاسزيان) مصور ملوك وقادة العراق وملكة جمال العراق 2006 سيلفا شاكاكيان وهي اول ارمنيه تحصل على هذا اللقب التي حصلت عليه بعد ان تنازلت عنه الملكه تمار التي اختيرت بسبب تهديدات المتطرفين وتقول سيلفا كما جاء في موقع قناة العربيه (كل ما اريده هو ان اظهر للعالم ان العراق لديه جمال وتعليم ومواهب بدلا من حمامات الدم فقط
وهنالك اعداد كبيره اخرى من الارمن الذين ساهموا في نهضة العراق لا مجال لذكرهم في موضوع واحد
وكذلك توجد في بغداد العديد من الكنائس الارمنيه من ضمنها كنيسة القديس كرابيت للارمن الارثوذكس في منطقة كمب ساره وكنيسة القلب الاقدس للارمن الكاثوليك في الكراده الشرقيه وكنيسة القديس كريكور للارمن الارثوذكس في منطقه باب الشرقي وكنيسة سيدة الزهور للارمن الكاثوليك في حي الكراده وكنيسه مريم العذراء للارمن والتي تعتبر من اكبر كنائس الارمن في بغداد
كما توجد هنالك نوادي رياضيه واجتماعيه في العاصمه بغداد من ضمنها نادي الشبيبه ونادي اوهان والنادي الارمني(الهومنتمن)
اصبح مصير الارمن العراقيون اليوم مرتبط بالعراق فمع انتمائهم الذي لم يزول الى الوطن الام ارمينيا يجد الكثير من الارمن امتنانهم للوطن الذي تربوا فيه وتشاركوا مع ابناء شعبه جميع الهموم والمسرات فأرمن العراق يعتزون اليوم جدا بوطنهم العراق والذين يجدون انفسهم ينتمون اليه بكل ما للكلمه من معنى
يقول ارا(اسم مستعار بسبب رفض المتكلم الكشف عن اسمه)
بالنسبه الي اجد انتمائي للعراق اكثر من الوطن الام لانني ولدت فيه وولد والدي ووالدتي ويضيف اذا توفرت لي فرصه للذهاب لارمينيا فسوف اذهب كسفره فقط واعود اما ان توفرت لي كل وسائل العيش هنالك سوف اعيش هنالك لا لشئ لكن بسبب الظروف الامنيه التي يمر بها العراق وسوف ابقى احن الى العراق بالتأكيد
اثناء تواجدي في النادي الارمني(الهومنتمن) كانت تجلس برفقتي فتاة صغيره سألتها عن ارمينيا وهل زارتها
فقالت لي لم ازرها لكن بالتاكيد اتمنى ذلك لكنها مخيفه تحدث فيها الكثير من الزلازل كما ان الجو بارد هنالك دائما
فسألتها ايهما تحبين اكثر ارمينيا ام العراق ؟ خفضت راسها الى الاسفل وابتسمت ثم رفعته مره اخرى وقال بالتأكيد الاثنان
وتضيف نورا المغتربه حاليا عن العراق
انا ولدت في العراق واكلت من ارضه وشربت من دجله والفرات احب العراق واهل العراق والعراقيين اما ارمينيا فهي بلدي الام احب كرم اهلها وصراحتهم وهم ناس طيبين واكيد لا استطيع ان ابيع هذا الامور باي ثمن لان الذي جمعنا بابطال ضحوا بامور كثيره من الغير الممكن ان ابيعها بسهوله
اتفق ارا ونورا في امنيتهم بزيارة ارمينيا لكن فضلوا ان يعيشوا في العراق
تحلم نورا في ان يجتمع شمل جميع الارمن من جديد في الوطن الام ارمينيا لكن تجد ان هذا الامر اصبح مستحيل جدا لان ارمينيا دوله فقيره نوعا ما ولايوجد عمل فيها والغلاء غير طبيعي فالحياة ستكون صعبه جدا هناك
لكن لو حصل هذا الامر سوف ابقى احن للعراق لان العراق اصبح جزءا من روحي
يقول ارا لا استطيع ان اكتم الحقد الذي بداخلي تجاه الاتراك لكن في نفس الوقت ارى ان الجيل الحالي من الاتراك لاذنب لهم بما ارتكبه العثمانيون سابقا
لكن نورا تختلف في رئيها
لا استطيع ان انسى ما فعله الاتراك في وطني الام ارمينيا وكل الاتراك مذنبين بهذا الامر فلماذا لايعترفون اليوم بالاباده التي حصلت في ارمينيا التي كانت بسببهم فلماذا ينكرون الحقائق لكن مهما حصل فلن استطيع ان انسى لان ما فعلوه ليس قليلا
في جانب اخر قام الاديب التركي اورهان باموك الحائز على جائزة نوبل للاداب دافع عن مطالب الارمن في ان تعتذر تركيا على جريمة الاباده التي ارتكبتها والذي واجه هجوما من القوميين وتمت ملاحقته قضائيا بسبب الاهانه الى الامه التركيه وهدد بالقتل نتيجة موقفه هذا
يقول اورهان (حين نحاول كبح الذكريات ثمه على الدوم ظل منها يعود ويطفو انني ذاك الظل الذي يعود)
كما سعت الكاتبه التركيه أليف شافاك الى مصالحة شعبها مع الارمن والتي هوجمت من جهات عده لموقفها هذا حيث مثلت امام محكمه تركيه بتهمة شتمها للهويه الوطنيه حيث ذكرت في احد رواياتها (عاهرة استبول) وتحدثت بصراحه عن المجزره الارمنيه التي ارتكبت ضد الارمن
لعل كل جيل يحمل معه هموم وماسي وذكريات ومواجع المشكله اننا نجبر احيانا على تحمل ذنوب لم نرتكبها سوى اننا ورثناها من اجدادنا فاصبحت رفيقا لنا في جميع دروبنا
كما اننا لايمكن ان ننسى او نتناسى للحظه ما سببه لنا بعض الاشخاص من الام وجروح موجعه لا يمكن للزمن ان يمحوها مهما حدث
ولكن يبقى السؤال هل سيتصالح الارمن والاتراك بعد تلك السنين؟
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. مفوض الأونروا: إسرائيل رفضت دخولي لغزة للمرة الثانية خلال أس
.. أخبار الساعة | غضب واحتجاجات في تونس بسبب تدفق المهاجرين على
.. الوضع الا?نساني في رفح.. مخاوف متجددة ولا آمل في الحل
.. غزة.. ماذا بعد؟| القادة العسكريون يراكمون الضغوط على نتنياهو
.. احتجاجات متنافسة في الجامعات الأميركية..طلاب مؤيدون لفلسطين