الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مجتمع مدني أكثر و دولة أكثر

كاظم الحسن

2008 / 10 / 29
المجتمع المدني


لايخفى على الكثير، ان الادبيات التي تناولت ملامح واصول المجتمع المدني في المنطقة لم تكن تتعدى زمنيا ربع قرن ،او انها مازالت في اطوارها الجينية بل ان رياحها لم تصل بعد الى بعض دول العالم ،ولاغرابة في ذلك لانها حتى على مستوى الدول الاوروبية لم تر النور على شكل تطبيقات عملية وتجسيد على الارض الابعد نهاية الحروب التي اجتاحت العالم في القرن الماضي، لاسيما الحربان العالميتان الاولى والثانية. هذا لايعني انها لم تكن في ذهن ونصوص وكتابات الفلاسفة والمفكرين الاوروبيين من امثال هيغل،ماركس، روسو، وغيرهم.
ومما تقدم نرى اهمية وضرورة ترابط السياسة والفكر والثقافة وان الاولى لا يمكن ان تتقدم ما لم يحدث تلاقح بينهم ربما يفسر سر فشل المجتمعات في العالم الثالث في ميادين الاقتصاد والسياسة الى اقصائها للثقافة والفكر وهذا يؤدي الى اعتمادها على مايسمى (التجربة والخطأ) وهي علامة على نضوب مافي جعبة السياسي من افكار وثقافة وحينما نقر بحداثة المجتمع المدني في بلادنا، انما نؤكد هشاشة الدولة من حيث ضعف المؤسسات الدستورية والقانونية وغياب التقاليد السياسية ،وهذا يعني ان اي مسعى انما بالضرورة هو اضعاف للمجتمع المدني ،وتقوية للمكونات الفرعية ذات الصيغة الطائفية والعرقية والدخول في نفق النزاعات والصراعات الحادة التي تنبثق من غياب الدولة وتهميشها.
ومن الاشكالات التي نعاني منها ،هو ذلك الخلط غير الموضوعي مابين الدولة والحكومة اومابين الدولة والحاكم،لاننا لم نصل بعد مرحلة القطيعة مع الدولة او مفهومها القديم ،ولهذا السبب ان من يدعو الى دولة اقل ومجتمع مدني اكثر في مثل هكذا ظروف انما يدعو الى استبدال الدولةبشكلها القديم او بنمطها الاستبدادي ،بالمكونات الفرعية او بالاحرى استبداد الطوائف والاعراق على حساب الدولة ناهيك عن تهميش المجتمع المدني وتعطيل دوره. وقد تكون مثل هذه الامور دعوة في مجتمعات تكاملت ونضجت مؤسساتها الدستورية والقانونية ،ضرورية ومهمة لانها تحمل في طياتها التوازن الضروري مابين الدولة والمجتمع المدني بعد طول عهد تسيد فيها الدكتاتور على الدولة والمجتمع، وعليه فان اعطاء المجتمع المدني والدولة صلاحيات بشكل متوازن انما يقود الى تفاعل ونمو وتلاقح مابين عناصر المواطنة القائمة على المساواة امام القانون والحريات وتداول السلطة والاعتراف بالاخر والانفتاح على العالم وهذا من شأنه ان يكرس ملامح واصول الدولة الحديثة ويعطيها زخما لكي تقوم بانجاز مهماتها وواجباتها على اكمل وجه. والمجتمع المدني يشكل دعامة الدولة الحديثة ولاانفصام بينهما بل ان احدهما يكمل الاخر فالذي ينشر الوعي والحرية والقانون لدى الجماهير هو المجتمع المدني. في حين تقوم الدولة على حماية الفرد من خلال المؤسسات الدستورية والقانونية ويتقبل الفرد ممارسات الاجهزة التنفيذية من خلال تفهمه بأن ممتلكات الدولة واجهزتها واجراءاتها وتدابيرها الامنية والعسكرية هي لصالح المجتمع وبهذا سوف تردم الفجوة القائمة بين الدولة والمجتمع وتنهي حالة الشك والارتياب والتربص والحذر القائمة بين الطرفين على امتداد حكم الاستبداد الذي عطل جميع طاقات وامكانات البلاد من اجل بقائه اطول فترة في حياة الشعوب المستعبدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن يكرم عشرة أشخاص ساهموا في مكافحة الاتجار بالبشر حول ا


.. تقرير للخارجية الأميركية يكشف تفشي ظاهرة الاتجار بالبشر في ل




.. أميركا.. بلينكن يقدم تقرير جهود مكافحة الاتجار بالبشر لعام 2


.. ترمب: تعرضت للتعذيب في سجن جورجيا




.. المغرب: منظمات حقوقية تطالب بفتح تحقيق دولي في -مأساة- مليلي