الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محاكم التفتيش الجديدة في الشرق والغرب

مستخدم العقل

2008 / 10 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كلنا سمعنا بالطبع عن مآسي محاكم التفتيش المسيحية في أوروبا القديمة والتي كانت تعاقب المرتدين عن المسيحية بعقوبات متعددة تصل الى الموت (بل وتكون أحياناً أكثر قسوة منه). لحسن الحظ فقد انتهت تلك المأساة التاريخية بظهور عصر النهضة الذي فصل الدين عن الدولة وأتى بالعلمانية كحل يرضي جميع الأطراف. ولكن يبدو أن محاكم التفتيش لم تنتهِ بعد من اليهودية أو الإسلام حيث أنها للأسف مازالت موجودة بحكم القانون في العديد من الدول. ففي الأسبوع الماضي قرأت خبراً أثار الشجون في نفسي وذكّرني بضرورة محاربة محاكم التفتيش بكافة صورها، ذلك الخبر هو عن طالب الجامعة الأفغاني سعيد بيرويز كامبكاش (وهو كذلك يعمل صحفياً) الذي أعجبته مقالة في الإنترنت تتحدث عن حقوق المرأة المهضومة في الإسلام فقام بطبع تلك المقالة ومناقشتها مع زملائه الطلاب في الجامعة فأبلغ أحدهم أستاذه الجامعي الذي قام بدوره بإبلاغ الشرطة عن الطالب المسكين فتم القبض عليه ومحاكمته حيث تم الحكم عليه بالإعدام. لحسن الحظ فقد قام محامي الطالب باستئناف الحكم فقامت محكمة الاستئناف بتخفيفه الى السجن لمدة عشرين عاماً وقد تسبّب ذلك التخفيف في خروج العديد من المظاهرات التي طالبت بإبقاء عقوبة الإعدام، بل وقام العديدون بتهديد محامي الطالب المسكين.

المفارقة المثيرة للشجن هي أن أخا الطالب المسكين قام بإرسال التماس للعديد من قادة الدول الديمقراطية الغربية للتدخّل لدى الحكومة الأفغانية لتخفيف الحكم على أخيه المسكين ولكنه نسى أن معظم تلك الدول الغربية لديها محاكم التفتيش الخاصة بها أيضاً. ففي العام الماضي قامت محكمة ألمانية بالحكم على المفكّر إرنست زونديل بالسجن لخمسة أعوام بسبب إنكاره لمذابح الهولوكست اليهودية، وفي نفس العام الماضي أيضاً قامت محكمة فرنسية بالحكم على المهندس الفرنسي فنسنت رينوار بالسجن لمدة عام وغرامة عشرة آلاف يورو لنفس التهمة، وقبل ذلك بعام واحد قامت محكمة بريطانية بالحكم على المؤرخ ديفيد ايرفنج بالسجن لمدة ثلاثة أعوام بنفس التهمة، وفي نفس العام قامت محكمة فرنسية بالحكم على الأستاذ الجامعي روبرت فوريسون بالسجن لمدة ثلاثة أشهر (مع وقف التنفيذ) بسبب حديث أدلى به لمحطة تليفزيونية يعبّر فيه عن رأيه في الهولوكست. وقبل ذلك ببضعة أعوام قامت محكمة سويسرية بالحكم على المفكّر جاستون آرمان بالسجن لمدة عام أيضاً بسبب إنكاره لمذابح الهولوكست اليهودية.

وبالتالي فمازال أمامنا الكثير في الشرق والغرب لكي نُنهي هذا الكابوس المسمّى بمحاكم التفتيش سواء كانت محاكم تفتيش إسلامية (كما في أفغانستان ومصر والسعودية ومعظم الدول الإسلامية الأخرى) أو محاكم تفتيش يهودية (كما في معظم البلاد الغربية). فقتل إنسان أو سجنه بسبب تعبيره عن آرائه هو جريمة في حق الإنسانية ووصمة عار في جبين الديمقراطية مهما كانت مدة السجن صغيرة (أو حتى مع وقف التنفيذ)، وبالتالي فإنني أتوجه بهذا النداء لكافة مفكّريي ومثقفي العالم لوقف تلك الجريمة التي يتم ارتكابها باسم القانون.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا الإسرائيلية تبدأ النظر في تجنيد -اليهود المتش


.. الشرطة الإسرائيلية تعتدي على اليهود الحريديم بعد خروجهم في ت




.. 86-Ali-Imran


.. 87-Ali-Imran




.. 93-Ali-Imran