الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متطلبات الإصلاح البيداغوجي وإكراهات وتحديات واقع التدين5

سامر أبوالقاسم

2008 / 11 / 8
التربية والتعليم والبحث العلمي


وعلى مستوى الاختيار المنهجي، ارتأينا أن نشير إلى مجموعة من المحددات المنهجية يمكن اعتبارها مقومات أساسية لهذه الدراسة، فهي من جهة تحدد الإطار المنهجي العام، حتى لا تحيد الدراسة عن أهدافها العلمية تحت طائلة أي مبرر كان، ومن جهة أخرى فهي تشكل قاعدة ارتكاز تعاقدية للوضوح التام فيما بين القائم على هذه الدراسة والمتلقي لنتائجها وخلاصاتها. ونقترح إيراد هذه المحددات على الشكل التالي:

1. كان بالإمكان اعتماد منهجية التقييم الخارجي، المعتمد على استخدام آليات نقدية من خارج منطق وفلسفة الإصلاح البيداغوجي ذاته، الشيء الذي سيجعلنا أمام تقييم يضع هذا الإصلاح ذاته كموضوع للنقاش والتقييم، إلا أن هذا المنحى سيضفي المزيد من الصعوبات المنهجية فيما يتعلق بخلاصات واستنتاجات هذه الدراسة؛ صعوبات راجعة بالأساس إلى نقاش المشروع المجتمعي بصفة عامة من منطلقات إيديولوجية صرفة، حيث يتداخل فيها السياسي بالاقتصادي بالاجتماعي بالثقافي بالتربوي. لذلك اختارنا منهجية التقييم الداخلي، المعتمد على الآليات النقدية المنطلقة من داخل التصور والفلسفة التي أطرت مشروع الإصلاح التربوي بالمغرب.

2. طبيعة الموضوع الذي نحن بصدد دراسته، كان بالإمكان تناوله في إطار المقاربة الشمولية، لأن المنظومة التربوية على اعتبار أنها تنصب على التنشئة الاجتماعية والثقافية والتربوية هي عبارة عن مجال متداخل ومتفاعل مع باقي المجالات المجتمعية الأخرى، بحيث لا يمكن التفكير في إصلاح هذه المنظومة دون أن تكون مندرجة في إطار الجدلية المجتمعية في تفاعلاتها المتنوعة. إلا أن هذا النوع من المقاربات يقتضي تظافر جهود العديد من الدارسين والمختصين في إطار مجموعة أو مجموعات عمل، وهو ما يتطلب بدوره إمكانات وإمكانيات ليست بالهينة، كما أنها ليست في متناول الباحثين والدارسين دون دعم من مراكز ومعاهد متخصصة في البحث العلمي، وهو ما يطرح بالضرورة أزمة البحث العلمي في مجال تطوير الفكر التربوي النقدي بالمغرب.

لذلك، آثرنا اعتماد المقاربة المبنية على تقييم حصيلة ما أنجز على أرض الواقع، فيما يتعلق بالإصلاح البيداغوجي الذي طال مناهج وبرامج مادة التربية الإسلامية وكتبها المدرسية، وذلك بالانطلاق من المقتضيات التي سطرها الميثاق الوطني للتربية والتكوين لعشرية الإصلاح وباقي الوثائق الرسمية المؤطرة والموجهة لعمليات الإصلاح التي طالت هذه المادة الدراسية، ذات الحساسية المفرطة بالنظر لعمق التحولات والتطورات وكذا الوقائع والأحداث التي يعرفها المجتمع المغربي في ارتباط بموضوع العلاقة القائمة بين التدين والسياسة.

وهي مقاربة، وإن كانت ذات طابع محاسباتي، إلا أنها ذات قيمة علمية، تمكن من النظر إلى موضوع البحث والدراسة من زاوية ما أنجز وما لم ينجز، كما أنها تساعد في إلقاء الضوء على الموضوع للوقوف عند المؤشرات الدالة، السلبي منها والإيجابي، للبحث عن احتمالات التجاوز الممكن في واقع حالتنا الوطنية.

3. إن التعاطي مع موضوع مادة التربية الإسلامية في منظومة التربية والتكوين المغربية، قد يكون من الشساعة بمكان، باعتبار تعدد المداخل والمقاربات ومجالات الاشتغال وطرقه وآلياته، لكن موضوع الدراسة هذه، آثرنا أن يكون محددا بالضبط في الإشكال المركزي المحدد في الفرضية الكبرى، وفي الإشكالات المتفرعة عنه المعبر عنها في الفرضيات الصغرى، تاركين باقي الإشكالات ومجالات الاشتغال الأخرى لدراسات لاحقة إن أمكننا ذلك، وهي كلها بالطبع مجالات مفتوحة على كافة الدارسين والباحثين والمهتمين للاختلاف والتكامل بشأنها على قاعدة ارتكاز أساسية وجوهرية متمثلة في السعي نحو خدمة مستقبل المغرب والمغاربة.

4. إن الأمر بالنسبة لهذه الدراسة، خاصة على مستوى القيم، لا يقف عند حدود الإشكالات النظرية ذات الصلة والارتباط بالاختلاف الحاصل بين مختلف التيارات الفكرية والثقافية والسياسية والاجتماعية، بقدر ما يتعداه إلى التأكد مما تحقق في ظل التوافق بين هذه التيارات المعبر عنه في الميثاق الوطني للتربية والتكوين، الذي قد يجد الجميع ذاته فيه، وإن بنسب متفاوتة حسب ما يقتضيه منطق التمثيلية السياسية، المحددة لطبيعة وشكل السياسة التربوية والتعليمية المراد أجرأتها.
لذلك، فنحن سنعمد إلى البحث عن مدى تحقق إمكانيات التمييز بين ما يرجع إلى قيم العقيدة الإسلامية، وقيم الهوية الحضارية ومبادئها الأخلاقية والثقافية، وقيم المواطنة، وقيم حقوق الإنسان ومبادئها الكونية، في ظل الإصلاح البيداغوجي الحالي، خاصة في مادة التربية الإسلامية، ومدى التمكن من الوصول إلى طريقة معينة لتكييف ذلك مع الحاجات المتجددة للمجتمع المغربي بصفة عامة، والحاجات الشخصية للأجيال الناشئة بصفة خاصة.

5. إن موضوع البحث والدراسة سيكون منصبا بالأساس على الوثائق التوجيهية لمادة التربية الإسلامية وكتبها المدرسية المصادق عليها من طرف وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي، الخاصة بقطاع التعليم المدرسي؛ (التعليم الابتدائي، والتعليم الثانوي الإعدادي، والتعليم الثانوي التأهيلي)، عبر آلية تحليل المحتوى.

ونظرا للتعدد الكبير للوثائق المرجعية ومواد الاشتغال من جهة، ونظرا لطول النفس الذي تقتضيه مثل هذه الدراسات من جهة ثانية، وأخذا بعين الاعتبار الالتزام بالدقة العلمية في دراسة الموضوع من جهة ثالثة، ومراعاة للعامل الزمني الذي يتطلب منا الوقوف ولو على بعض التقييمات الجزئية من جهة رابعة، فإننا سنعمل على أساس أن نفرد لكل سلك من هذه الأسلاك الدراسية جزءا خاصا به.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تحاول فرض إصلاح انتخابي على أرخبيل تابع لها وتتهم الصي


.. الظلام يزيد من صعوبة عمليات البحث عن الرئيس الإيراني بجانب س




.. الجيش السوداني يعلن عن عمليات نوعية ضد قوات الدعم السريع في


.. من سيتولى سلطات الرئيس الإيراني في حال شغور المنصب؟




.. فرق الإنقاذ تواصل البحث عن مروحية الرئيس الإيراني إبراهيم رئ