الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متطلبات الإصلاح البيداغوجي وإكراهات وتحديات واقع التدين1

سامر أبوالقاسم

2008 / 10 / 31
التربية والتعليم والبحث العلمي


إن ظهور بعض الاتجاهات والميول الدينية غير المتوافقة مع طبيعة وشكل التدين كما هو متعارف عليه في بيئتنا المغربية، وانتشار الكثير من المواقف الدينية غير المتناغمة مع روح العصر وتطوراته، وبروز العديد من الظواهر السلوكية السلبية المرتبطة بأشكال متعددة من صيغ التدين الآخذة في الانتشار، وانعكاس كل هذه الاتجاهات والميول والمواقف والسلوكات على المنظومة القيمية والمبدئية بشكل عام، هو ما يحملنا ـ دائما ـ على المزيد من الاعتقاد بأن البحث عن العوامل المؤدية إلى إنماء شروط الغلو والتطرف داخل المجتمع، هي على درجة كبيرة من الأهمية في وقتنا الحاضر. على الرغم من كل الانتقادات التي يمكن أن يتعرض لها هذا المنحى في التعاطي مع مسألة التغيرات الطارئة على أشكال التدين في المغرب، كظاهرة لافتة للانتباه في العقدين الأخيرين من تاريخ المغرب المعاصر.

وإن كانت العوامل المؤدية إلى الاهتمام بمسألة التدين في المغرب متعددة ومتداخلة، على اعتبار تداخل الخارجي منها والداخلي، والديني منها والسياسي والاجتماعي، إلا أنه في اعتقادنا، على الرغم من أهمية هذا الطرح ومصداقيته العلمية والاجتماعية، يبقى لعامل التوجيه والتأطير التربوي في ظل عملية التنشئة الاجتماعية دور كبير، وإن لم يكن هو الحاسم لوحده، وهو ما يفسر انخراطنا في هذا المنحى من التحليل، لاستجلاء بعض أسباب ومسسبات هذه الظاهرة، بهدف البحث عن سبل التجاوز الممكنة.

وكلنا أمل في أن تنصب جهود الباحثين والدارسين في باقي العوامل الأخرى، كل حسب تخصصه وآلياته المنهجية، إن بشكل جزئي وفق ما تقتضيه في بعض الأحيان خطة الفصل الإجرائي المنهجي، كما هو حال مجموع الدراسات التي قمنا بها في هذا المجال، أو بشكل تركيبي ومتشابك بالنظر إلى تعدد وتنوع وتداخل العوامل المتحدث عنها.

فالنقاش الذي يعرفه المغرب بخصوص العديد من القضايا ذات الصلة بموضوع هذه الدراسة، من قبيل: حقوق المرأة، مدونة الأسرة، العلاقة بين الإسلام والغرب، العولمة والمجال الديني، الإرهاب والتطرف، موقع الدين في المنظومة التربوية التعليمية، التشكيك في مفاهيم مثل الحرية والديمقراطية... إلخ، يدعونا إلى التساؤل حول كيفيات تركيز الجهود وتكثيفها لإتاحة أكبر قدر من الفرص الممكنة والمتاحة لهذه الأجيال الصاعدة، بهدف تمكينها من القدرة على تفادي السقوط في مستنقعات التزمت والتحجر، ومن كفايات الانخراط الفاعل في واقع محيطها الخاص والعام.

وهذا الاهتمام بالضبط، هو ما يدفعنا بقوة في اتجاه التساؤل ـ كذلك ـ عن مدى قدرة مادة التربية الإسلامية في المنظومة التربوية والتعليمية المغربية على التكيف مع ما تتطلبه المواصفات العامة والخاصة المراعية لمستويات الناشئة المختلفة وشخصيتها وانفتاحها وتطلعها إلى تنمية مداركها ومبادراتها وإبداعاتها.

فبالإضافة إلى أن هذا التساؤل يعد شكلا من أشكال التفكير في طرق وكيفيات مراعاة شروط تطور التجربة الإنسانية، في القرن الواحد والعشرين، والتي ينبغي أن تنعكس إيجابا على مستوى بناء منهاج هذه المادة الدراسية وتحديد برامجها السنوية وإنتاج كتبها المدرسية، فهو يشكل كذلك أحد المداخل الأساسية لولوج مدار التجديد في طرق ومناهج ومحتويات ووسائل التفكير الإسلامي بشكل عام بالمغرب، لتتضح طبيعة وشكل العلاقة التفاعلية القائمة بين المواد الدراسية وعمقها الفكري وموروثها الثقافي، إذ بالقدر الذي يؤثر هذا العمق وهذا الموروث في طرق ووسائل التربية والتدريس وفي مضامين ومحتويات المادة الدراسية، بالقدر الذي يمكن لهذه الأخيرة أن يكون لها تأثير إيجابي على عمقها الفكري وموروثها الثقافي، بالشكل الذي يمكنه أن يسهم إيجابيا في المحيط العام عبر تحقيق وتدقيق وتنقيح مناط المنظومة القيمية والمبدئية بشكل عام.

وقد عرفت المنظومة التربوية بالمغرب، في العقد الأخير العديد من التطورات الهامة التي شملت المناهج والبرامج التربوية، وذلك مع انطلاق ورش عشرية الإصلاح التربوي سنة 2000، على أساس التوجهات والاختيارات الكبرى للميثاق الوطني للتربية والتكوين، الذي يعد قاعدة ارتكاز توافقية بين مختلف مكونات الساحة السياسية والثقافية والفكرية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية. وفي السنة الدراسية 2007/2008 وصل تطبيق الإصلاح التربوي على مستوى المناهج والبرامج والكتب المدرسية إلى السنة النهائية من سلك البكالوريا.

وإذا كانت المهام تفرض، أثناء عملية تجديد الكتب المدرسية فيما بين سنتي 2003/2008، إطلاع مختلف الفاعلين التربويين على التطورات والمستجدات التي تعرفها سيرورة الإصلاح هاته، والاستجابة لحاجياتهم المرتبطة بالتفعيل والأجرأة على أرض الواقع، من خلال تعزيز تكوينهم الديداكتيكي في مجال تدبير عملية التعلم وتقويمها، وتشجيعهم على تطوير ممارساتهم التربوية، وتوحيد الخطاب التربوي فيما بينهم، بغرض تحقيق الأهداف المتوخاة، والرفع من المردودية، والعمل على تحقيق الجودة ـ على الرغم مما يمكن تسجيله في هذه المجالات من مؤاخذات لا يتسع لها مجال هذه الدراسة، وقد نرجع إليها في دراسة أو دراسات لاحقة ـ فإن هذه اللحظة المرتبطة بما بعد الانتهاء من تجديد كل المناهج والبرامج والكتب المدرسية بقطاع التعليم المدرسي تقتضي من كل الفاعلين، بمختلف مواقع فعلهم، الوقوف الجدي والمسؤول على عمليات التقييم والتقويم لما لحق هذه المناهج والبرامج والكتب المدرسية من تغيرات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 5.4 مليار دولار تكلفة السيطرة العسكرية الإسرائيلية على غزة


.. تصاعد الانقسامات السياسية.. حرب غزة لم تنجح في توحيد الصف ال




.. طفلان يختبئان داخل تنورة والدتهما من البرد في غزة


.. كتائب القسام تعلن أن مقاتليها قطعوا إمداد قوات الاحتلال شرق




.. الترجي التونسي يستضيف الأهلي المصري في ذهاب الدور النهائي|#ه