الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النظرة الى الموروث والقدرة على التقدم

ياسر جاسم قاسم
(Yaser Jasem Qasem)

2008 / 11 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لو أردنا أن نثير سؤالاً مفاده: هل باستطاعة الموروث أن يكون أداة للتقدم ‏بالنسبة لمن يؤمن به إيماناً كاملاً؟ وللإجابة عن هذا السؤال يجب أولاً تحديد ‏ماهية المؤمن بالموروث إيماناً كاملاً ألا وهو صاحب العقل الإيماني بالدرجة ‏الأولى وبالتالي فالمؤمن، وقصدنا به صاحب العقل الإيماني، ينظر إلى كل ما ‏هو جديد بمنظار الريبة والشك فكل المطلوب منه هو الحفاظ على ما أملي ‏عليه منذ زمن قديم وهذا القديم ينطوي في نظره على جميع القيم التي يفوز ‏المؤمن إذا حافظ عليها بالنتيجة فصاحب العقل الإيماني يرفض العولمة رفضاً ‏كبيراً انطلاقاً من إيمانياته المسبقة ولا يشعر بالطمأنينة بتاتاً لأي شيء طارئ ‏وبالتالي فهناك مسألة مهمة ألا وهي إن المؤمن لم يستطع أن ينسجم مع عصره ‏لأن ولائه لعصر مضى وما ورثه من هذا العصر الماضي يحمل كل ‏المصداقية وبالنتيجة فهو يدافع عما كل ما هو تأريخي، ولو أردنا أن نرى ‏أصحاب العقل الإيجابي وقدراتهم على تحليل ما يرونه مناسباً وفقاً لرؤى ‏ونصوص تاريخية يعدونها حسب أهوائهم وهي كما هي يأخذونها بعد أن بطل ‏العمل بها بسبب تقدم العصر ومن هذا الموروث النظرة الى الاخر فيقول ‏الشيخ محمد متولي الشعراوي ((اما معاشرة النساء الأسيرات معاشرة الأزواج ‏ففي هذا تكريم لهنّ، إذ يفعل بهن السيد ما يفعله مع زوجته"‏ ‏.‏
فالشعراوي ينطلق هنا من رؤية ماضوية تماماً مع عصور الاسترقاق وكأنه ‏يعيش مع عصر الرقيق على الرغم من أن الرقيق حتى في العصور الماضية ‏ثاروا على من ظلمهم ثورة مهمة عرضها المؤرخون ألا وهي ثورة الزنج وقد ‏خصصنا عنها بحثاً كاملاً وأخذنا بنظر الاعتبار الثورة الزنجية.‏
والقدرات النهضوية التي واكبتها من خلال رفض الاسترقاق والعبودية ‏والاهتمام بحرية الإنسان، إذن يتبين أن أول ما يلاحق النهضة إذا أرادت أن ‏تنطلق من فكر ماضوي تماماً كالذي يحاوله المؤمن بالماضي وصاحب العقل ‏الإيماني مسألة الحريات وبالتالي كيف يكون لصاحب العقل الإيماني حرية ‏للآخرين وهو ذو سيف مسلط على محاربيه وكل إشارة يتم تفسيرها خروجاً ‏على الإيمان مصيرها القمع الشديد والحرمان من رحمة الله الواسعة وهنا أذكر ‏موقفاً عندما كنت في بعض المحاضرات أتكلم عن الإمام علي بن أبي طالب ‏فعرّجت على المفكر المغيب عزيز السيد جاسم رحمه الله عن كتابه علي سلطة ‏الحق الذي طبعته الزمان الغرّاء فقلت في معرض حديثي عن عزيز السيد ‏جاسم "رحمه الله" فثار عليّ شيخ يؤمن بالفكر الماضوي يعمل على إقصاء ‏الآخرين بقوله معترضاً كيف أقول عنه "رحمه الله" فالرحمة لا تستحق عليه ‏فضحكت هنا وقلت كيف فقال لي هو رجل علماني لا يستحق الرحمة، وهكذا ‏أحبتي نرى أن أصحاب العقد الإيماني كيف ينصبون أنفسهم محاسبين للناس ‏يدخلونهم في رحمة الله كيفما يشاءون ويخرجون من يريدون إخراجهم من ‏رحمة الله كيفما يشاءون وهذا يظهر ضيق الأفق في معاداة العلم وتصميم ‏الجهل عبر التسلط على فكر المجتمع ووضعه في أفق ضيق غير قادر على ‏التحرّر هذا من جانب تضييق الحريات التي يمارسها هؤلاء مع أصحاب الفكر ‏المنفتح ومن جانب فكرهم في قوقعة حتى لو يتبين فساد رأيهم نراهم يصرون ‏ويتكبرون على ناسهم ومجتمعهم وبالتالي يسعى هؤلاء لما يسميهم الدكتور ‏رفعت العيد المتأسلمين يسعون إلى تربية الناس تربية الاعلمية قوامها الغيبيات ‏وكلها تنفي العقل وتبعده عن ساحة التدبير والتعليل وهنا اختلف مع رفعت ‏العيد باستخدام معرفة نفس العقل وما تبقى عيني غير قادر على مسألة التقليد ‏لأنه مقيد من قبلهم وبالتالي فهم لا يملكون الحرية لأنفسهم فكيف يعطوها ‏للآخرين ففاقد الشيء لا يعطيه كما يقولون.‏
وبالتالي نحن نحتاج إلى العقل المتسامح مع الآخر وبالتالي فاحتياجنا له يعني ‏احتياجنا لمبدأ التسامح الذي سيشكل دعامة أساسية من دعامات العقل المتسامح ‏ووجود مبدأ الحرية وهذا لن يتم إلا بتغيير صاحب العقل الإيماني إلى الكثير ‏من مواقفه التي جعلته مؤد لجا وواضعاً نفسه في سجن عقيدي طوي تغمره ‏قانعة بأنه على الطريق الصحيح وغيره على الطريق الخطأ، كذلك فإن ‏التسامح يؤسس للمسلم الأصلي وهذا ما تكلم عنه الدكتور طالب مهدي ‏الخفاجي، وبالتالي فنحن نحتاج إلى كل ما يؤمن للتسامح من النصوص الدينية ‏سواء كانت في المسيية أو الإسلام أو اليهودية لأنها ستجعلنا ننطلق من ‏مجتمعاتنا انطلاقات مؤثرة وذات واقع ملموس كي نعكس لصاحب العقل ‏الإيماني اللامتسامح أن من تواص به من الشخصيات التاريخية هو متسامح ‏وإلى حد كبير، وهنا نحن نعالج الأزمات من الواقع حيث نرى أن شخصيات ‏تاريخية في الإسلام مثلاً حملت شعلة التسامح وبالتالي قبول الآخر وبالتالي ‏الانفتاح عليه مهما كان دينه أو عرقه وهنا نرى الإمام علي بن أبي طالب يقول ‏‏(كن كشجرة الصندل تعطر الفأس التي تقطعها) وهذا القول بما فيه من دلالات ‏يعطي صورة واضحة لإتباع هذا الرجل قدرته في التسامح التي بالإمكان ‏تطبيقها في مجتمع يؤمن بعلي ولكن يعطل فلسفته في مسألة التسامح على ‏سبيل المثال.‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 170-Al-Baqarah


.. 171-Al-Baqarah




.. 172-Al-Baqarah


.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات




.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع