الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
رسالة إلى ابن عربي
فاطمة الشيدي
2008 / 11 / 6الادب والفن
أيها الضوء الشارد كبرق خرافي، اليقيني في العشق بلا إحلال ولا اتحاد، السائر في الحكمة على هدى الضالين، وضلال العارفين، القائل بالمنابع، والمتوهج بالمعرفة، تستجمع حوارات المشيئة في مقلتيك المشتعلة بالشك، والحذر النيئ، المنفلت من ربقة الوهم لحالات الترقي والارتقاء، الحاد بطعناته الفارقة، ومنبته الغض.
تمارس لعنتك في النظر والانتظار، وفي استدعاء التشيؤ لخوارج الأفكار، وتجأر بها، تعمّد شكك باجترافات الحذافير، وغيابات السراط. وتمشي أبدا وراء الظل الملاصق لشهوة الحائط، تستلذ الأوبة كما تستلذ التداعي على فكرة خرساء، أو حساسية ناتئة تجرح يقينيات التعاويذ والمسلمات!
وكأنك مربوط اليقين بذيول الحيرة التي تنمو بعنفوان جلي على ناصية الظهيرة الحارقة والأسئلة، وتسير نحو الترامي، والتأمل الباهت من اختلاس الضوء في عينيك، ومن حرقة الشك المفنِّّد، ومن لذة السؤال الذي يحرج فيك التثبت!!
صوتك خرزة الميلاد لحكة مزمنة في العقل المستنفر، والوجع المستفز، أو ضحكة باهتة من شدة الضجر، ومن تلاوين المستنيرين بالعشق.
تمشي كأن الوجود حديقة قلبك الصوفي، تباعد بين خطواتك لتتشكل مساحة محتملة لقفزة مرتقبة، أو لانزلاق الضوء بزاوية ما في ارتباكة المشيئة التائهة في عينيك المعانقة للخلود.
تراقب الأشياء بكثبٍ غائم، ولكنك؛ وبجدارة قادر على سرقة لون الحزن من الصدور تسير باتجاه النور، أو تشتد في السؤال، وتشاغل الحزن بأحاديث البياض والصعود نحو قارعة السماء، وتقلب المعاني على رؤوس ألفاظها.
يا صديق العدم والجيوب الفارغة إلا من الحزن والأسئلة، تتكاثر في الدم كاللوكيميا، ونبحث عن رائحتها في الكلمات التي تشكلها غابة من ظلال الرؤيا المواربة، وقراءات شبحية للمعاني التي تجاهر المعشوق بالتجليات، واختلاجات العمر الزاحف نحو الموت، والهيام المتصاعد نحو عبث العشق، وفراغات الفوضى!
ياصديق البهجة الدائرة على كؤوس النحيب: ثمة ما يسافر في الدم كأشرعة زرقاء بلا مرافئ صالحة للشكوى، أو للحزن أو للبكاء أو حتى للموت المؤطّر بالفجائع المنثنية الظهر كعجوز داهمها الخرف فجأة، والليل يزحف بلا روية كأهداب عاشق متصوف هجر الحكمة وتلذذ بالهيام والتيه، ومسرح الكون تتطاول جدرانه كل لحظة، والبحر ذاكرة الغرق المغرورق بالملح الموغل في الجروح المجنونة، فما يكون جواب التأمل، وما يكون حد الفلسفة والمنطق، والحدية غفران اللغة من ذنوب بكارتها، ومن ترسبات الفكرة في مساحاتها المظللة بالشك واليقين.
يا سيد الغياب المثبت أقدامه بعمق في وجع الروح: هل تعرف كم مضى على كل هذا الغرق؟ على كل هذا التجهم المبصر لخطوط الظل في صارية الظهيرة؟ على هذا التبصر الأحمق الذي يحيل الأشياء إلى ذرات وجع وتقرحات عند منبت اللحم على العظام الهشة؟
موجعة هي الرؤيا! وهذه التلافيف الكونية تشحذ شفراتها العدمية نحو كون آخر لا يكون، موجعة الفراسة في قراءة العشق والعشاق، والكائنات الناقصة التي تظن بها الكمال! موجع جذل الإدراك ومنطَقَة الأفكار الحادة والهامشية، وكل شيء يسير باتجاه العدم، فتجلدك الرؤى وتأكل حمى التبصر من بصيرتك، فتمعن في الاستواء على سراطات لا تستوي بها إلا على الميل، وروحك لا تقبل الاعوجاج ولا تقبل نصف الحلول، ومنتصف المسافة بين الظل والحرور، ونصف الكائنات، ونقص الأشياء المفترضة الاكتمال، ولا تقبل الرؤية بزوايا تجهل روح التسامق، وتعمّد انتصافها بالجهل، فتشرع فصاميتها الزاهية بين الخلق والخلائق، وبين الأعلى والأدني، وتمارس السير الحافي في مدارات الجهل ومسارات العدم.
ياصديق الغيابات المشفوعة بتأملات قصية حد الريبة: عدمية هي اللحظات التي تفضي إلا إليها أو إلى ظلالها الراكدة في حماقات الحمقى، والذاكرة الأشد قسوة وإذلالا حين يصبح الزهايمر سيد الموقف، والكلام لا يقال، والكذب مرآة الحقيقة، والأصنام تتناسل في محيطات الحياة المستنقعية، والمباهاة أقرب لحليٍ قذرة فوق جيد عجوز لم يتركها الزمن سوى خرقة خرقاء، ومع هذا تتقلد نياشين الفخر بجمال لم يكن ليغرب!!
الزيف يستوي بين القلوب المرقّعة، وذاكرة التقصي، والنور يسير باتجاه الحلكة المضْنية، والتعب يعلك الأرواح الصادقة الهشة تحت سماوات الوجع !! حتى تطاول الكفر بالباطل الذي يغسل أنامله في أمواه الحلكة، ولاظل، ولاظليل.. فهل لديك بقايا إيمانات صالحة لأن ترفع ضمور القناعات قليلا، وتقصي غلبة المصالح، أو لهفة الجياع، أو تهافت التهافت على الترسبات في قعر كأس أو جيب ضئيل، أو جسد منهك، هل لديك مفاتيح تصلح لذوي الأقفال من عبدة المادة والجسد، أو من معاقي التوجس والتربص، هل لديك مزاريب تحد من تدفق أمواه الشجن إذ تحرد أمطار الشك، وتسيل أمواه المطلق نحو قيعان الشرود، وتنتصب الأكفان وتتعامد الأجداث، ويرتفع صوت الربابة، ويحدّث الرواة عن موت جميع العشاق في لحظة واحدة، وشنق الفلاسفة والمناطقة وذوي الحواس، والشعراء في مكان واحد، وإحراق الكتب بين شقّي عالم لا يجيد حتى الإدعاءات البائنة، أو إغراقها في نهر بليد!
وهل لديك وقت لنشرب نخبك قهوة مرة على رصيف يفصل الحياة عن الموت!
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. اتكلم عربي.. إزاي أحفز ابنى لتعلم اللغة العربية لو في مدرسة
.. الفنان أحمد شاكر: كنت مديرا للمسرح القومى فكانت النتيجة .. إ
.. حب الفنان الفلسطيني كامل الباشا للسينما المصرية.. ورأيه في أ
.. فنان بولندي يتضامن مع فلسطين من أمام أحد معسكرات الاعتقال ال
.. عندما يلتقي الإبداع بالذكاء الاصطناعي: لوحات فنية تبهر الأنظ