الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ظاهرة ضرب الزوجات ...مسؤولية الرجل والمجتمع

إبتهال بليبل

2008 / 11 / 10
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


ربما هذه هي الحياة نتفاءل كلما نسمع عن التحرر والتطور ونتصور بان هناك غداً سيزيح عن أحلامنا غبار التخلف والجهل، ويضيء لنا الأيام القادمة التي نستبشر بها خيراً، وها هو الرجل يمسك مفاتيح الأبواب التي تفتح ألأمل للمرأة، فهل يعلم ذلك؟ الرجل الشرقي يعيش التناقض بين ما يقوله وما يقوم به، فلا يزال بعض الرجال يمارسون أشياء عفا عليها الزمن، ومن هذه الظواهر ما نسمع عنه كل يوم من ضرب الأزواج لزوجاتهم، وهي ظاهرة ليست قاصرة على فئة معينة من المجتمع، كما أنها ليس لها علاقة بالمستوى التعليمي أو المادي ..
أنه العنف المنزلي، وهنا في مجتمعنا له وضع خاص، حيث تظل مثل هذه الممارسات طي الكتمان بفعل العادات والتقاليد ... فمن المسؤول عن هذا، وما الحل؟ ربما نجد جواباً وربما لا!!! لنحاول اليوم أن نسلط الأضواء على هذه القضية.
المواطنة سعاد محمد الشمري ربة بيت متزوجة وتبلغ من العمر اثنتان وأربعين عاما تعلق على الموضوع بقولها:
- نحن في مجتمع شرقي يتساهل بشكل كبير مع الرجل الذي يستخدم العنف مع زوجته بل ويعتبر الأمر كأنه حق من حقوقه، فأغلبية النساء في مجتمعنا يتعرضن للعنف الذي يتراوح بين العنف الجسدي والمعنوي والمتمثل في قمع شخصيتها وإلغائها كإنسانة..
ويعتقد محمد العبيدي / أستاذ في كلية التربية الأساسية:
- أن بعض الرجال يسلكون هذا الأمر ليظهر بأنه شجاع وليس جبانا، ويكشف عن طبيعتهُ الجسدية والروحية بأنه يسلك هذا الأمر لابتعادهُ عن الحقائق السامية التي فضل الله سبحانهُ وتعالى إنسانيته، والرجال مختلفون وأعتقد ان هذه القضية محددة بارتباط الأزمة وربما هي عائلية حيث يترتب عليه العامل النفسي، وأضاف قائلاً الهموم اليومية تنهك رتابة الموقف، أو تأثيرات المحيط الاجتماعي فتجعل من الرجل يفقد حتى الإحساس بهذه الحقائق التي يتمتع بها ويصل إلى كينونتهُ، الرجل يضع نفسهُ بهذا الموضوع في مواجهة حاجز مهم هو حاجز المشاعر والعواطف والوجدان والحب، يعتقد أنه أمام إزالة الحاجز فضلا عن ذلك يجد نفسهُ يختزل تلك المشاعر ويتجه نحو العنف والإثارة ويضع نفسه في قلق، يجعلهُ فاقدا للكثير من الأمور منها ذاتهُ وإدراكه للواقع لتتحول حياتهُ عبارة عن مشهد يتجرد من الإنسانية وينجذب نحو العدائية …
وعن معاناة المرأة المعرضة للعنف أبدت الباحثة الاجتماعية أمل عبد العزيز/ أستاذة جامعية، رأيها بالقول:
- انطلاقا من الحالات التي نشاهدها ونسمع عنها، تبين لنا أن النساء اللائي يعانين من هذه القضية تجدهن في حالة من الضياع واليأس وبالتالي فقدان الثقة بالنفس وبالمجتمع بصورة عامة، وقد يصل الأمر إلى بعضهن إن يصبن بالانهيار العصبي وانفصام الشخصية، مما يدل على خطورة هذه القضية وضرورة مكافحتها، وناشدت أمل وسائل الإعلام أن تسلط الضوء على العنف داخل الأسرة وبالذات ظاهرة ضرب الزوجات، وعن أسباب هذه الظاهرة أشارت الى أن، هناك عدة عوامل اجتماعية ونفسية تدفع الرجل (الزوج) إلى ممارسة العنف تجاه زوجتهُ أبرزها العقد النفسية التي أصيب بها من جراء حوادث ومواقف مر بها والمتمثلة في خلق ازدواجية في الشخصية، إضافة إلى الغيرة الشديدة تجاه زوجتهُ فتتحول هذه الغيرة إلى شكوك وظنون، الأمر الذي يعكس ما بداخله على الأخرين وإلقاء اللوم عليهم وميلهُ إلى تبرئة ذاتهُ وتنزيهها وهذا يتمثل بإلقاء اللوم على زوجتهُ التي تعتبر الضحية في هذه الظاهرة، كما أنه يعمد دائما إلى عدم تقبلهُ إلى أي اختلاف في الرأي أو تقبل أي نصيحة من غيرهُ، وتكثر هذه الحالة بين الذين يتعاطون الكحول والمسكرات بإدمان، وقد أثبتت الدراسات إن الطفل عندما يعيش في بيئة يتخللها العنف وفقدان أي من مقومات الأسرة القويمة تكون نتاجها رجال وأزواج يحملون صفة العنف ضد زوجاتهم، كوسيلة لفرض احترامه على الآخرين ..
رأي القانون
وبشأن رأي القانون في هذه الظاهرة، يعلق القاضي ناصر عمران الموسوي بالقول " الرأي القانوني جاء متناقضاً، ففي الوقت الذي أعتبر قانون الأحوال الشخصية وهو قانون مدني في ضرب الزوجة واستخدام العنف سبباً للتفريق القضائي، جاء قانون العقوبات، القانون الجزائي ليشير الى ضرب الزوج لزوجتهُ تحت باب التأديب في المادة (41) ليضعها مع القاصرين وصغار المهن، ويخول الزوج مثلما يخول صاحب المهنة والمعلمين حق تأديب عامليهم الصغار والتلاميذ، ورغم أن وزارة التربية تنبهت لخطأ أجرائها ألا أن القانون ظلت أحكامهُ نافذة، مع أن قانون العقوبات عام 1969 حمل في طياته منحى خطيرا جداً، حيث تضمن في المادة (41) وفي باب استعمال الحق ما نصه (لا جريمة إذا وقع الفعل استعمال الحق مقرر بمقتضى القانون ويعتبر استعمالا للحق) .
تأديب الزوج لزوجته وتأديب الاباء والمعلمين ومن في حكمهم الأولاد القصر في حدود ما هو مقرر شرعا أو قانونا أو عرفا . إن هذه المادة تستدعي وقفة متأنية إزاءها وبموضوعية فهي تؤمن ومن خلال سياق النص إن هناك فعلا ما يكون جريمة لكن الفعل اكتسى لباس الحق فصار مرتكبه في منأى عن طائلة العقاب، والحق هو المصلحة التي يعترف بها القانون ويسبغ عليها حمايته، وحين ُيستعمل الحق تكون الإباحة، واعتبر القانون تأديب الزوج لزوجته استعمالا لحق مقرر قانوناً، ومفردة (التأديب) بحد ذاتها قاسية جداً على كيان إنساني يرتبط مع الآخر بعقد مقدس اعترف الآخر به على انه شريك في حياة مشتركة وهو أهلا ليكون وعاء لامتداده البشري، ثم إن القانون ومن باب التأكيد لفكرته اعتبر المرأة قاصر مثلها مثل الأطفال القصر والتلاميذ الذين يتلقون التربية في دور الأطفال والابتدائيات، إن المرأة لا يمكن أن تكون هكذا في عقل المشرعن للحقوق والواجبات إن منطق هذه المادة هو منطق الرؤية العشائرية والقبلية المتخلفة ونظرة الديني الراكد في حدود نصوصه التي يقبلها من دون أن ينظر إلى رحاب أفق النص الديني، ورغم مرور فترة طويلة لم يتم التطرق لإلغاء هذه المادة التي فطنت إليها مدارس رياض الأطفال والتربية واعتبرت الضرب والتعنيف التربوي غير جائز ويعرض مرتكبه إلى العقوبة الإدارية، وقانون الأحوال الشخصية المرقم 188 لسنة 1959 تعريفه لعقد الزواج في المادة الثالثة التي اعتبر (الزواج عقداً بين رجل وامرأة تحل له شرعا ً غايته إنشاء رابطة للحياة المشتركة والنسل) ...
قانون الأحوال الشخصية
أن مفردة التأديب المقترنة والمشرعة له بحاجة إلى أعادة النظر، فالمرأة كائن صانع للحياة وهي محور الجمال أن لم يكن قمتهُ، أن الحوار مقترن بإنسانية الإنسان وهو مقياس لدرجة تحضرهُ وتمدنهُ، كما أن النص الديني الذي شرعن الضرب هو نص فتوائي لا بد للأصلاح الديني من أعادة قراءتهُ بشكل يعطي المرأة استحقاقها الإنساني والاعتباري، والنص القانوني عفا عليه الزمن وصار هو في وادٍ وحركة المجتمع في وادٍ آخر والقوانين الوضيعة قوانين تقترن بحركة وديناميكية الحياة، والغريب جداً أن الدعوات تثرى وتتزايد لإلغاء قانون الأحوال الشخصية في حين لم يطالب احد بالغاء شرعية ضرب المرأة باسم التأديب، هناك دعوات متزايدة بعد شيوع ثقافة حقوق الإنسان، وثقافة الحريات الشخصية على التعامل مع المرآة ككائن أنساني وشريك حيوي في الحياة وليس تابعاُ أو مواطن من الدرجة الأخرى، أن القوانين الدولية التي صادق عليها العراق في الكثير منها تحتوي على نبذ استخدام العنف ضد المرأة ووجود قوانين تشرعن هذا العنف، وما هو ألا انتهاك لمضمون الاتفاقيات الدولية …
وفي ختام حديثه وجه عمران صرخة أستغاثة الى اصحاب الشأن قال فيها " آن الأوان لخروجنا من عقد الأزمنة السابقة التي لا تؤمن ألا بالعنف كمنهج وحياة إلى أزمنة تتطلع إلى بناء الإنسان، ليست الرابطة الزوجية (حجة طابو) وليست مؤبدة، هي حياة أساسها المودة والرحمة، فأما حياة الانسجام وأما تفريق بإحسان، ويجب ان يعلم الجميع بأن الحوار والتفاهم هما النهاية الطبيعية للرابطة الزوجية.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصحفية يسرى بن حطاب


.. الناشطة النسوية في الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات نبيل




.. الحيادية والتحليل القوي والسليم أبرز صفات المحلل السياسي


.. الزراعة مصدر دخل رئيسي للعائلات الريفية




.. الصحفية ريم السعودي