الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجامعات العراقية و الأحزاب الإسلامية , ذئب أم حمل ؟!

فرات مهدي الحلي

2008 / 11 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تمثل الجامعات الحكومية في كل بلدان العالم منبر الفكر و العلم و الحضارة , و هي عتاد لا ينضب للأنظمة السياسية الناجحة في البلدان التي باتت تُدرس كل العلوم بغض النظر عما تحمله في طياتها من الأهداف و الرؤى السامية , ففي بريطانيا مثلا تدرس علوم الشريعة للطلبة المسلمين رغم أن المملكة البريطانية تمثل في حد ذاتها عدوا تقليديا للفكر الإسلامي الحديث و الذي دخل في ميدان السياسية بشكل يتوافق مع ما رسمه الفكر الكافر للغرب – على حد الوصف الشرعي – فتجد حزب الله اللبناني مثلا قد هيئ لنفسه من الإسلام قاعدة تتفق بهيكلتها مع فكرة الأحزاب الغربية جاعلا لكلمة حزب أساسا قرآنيا , ومؤمنا –بعد الله طبعا- بالمشاركة الديمقراطية في الحكم , قابلا بالفكرة و مشرعا للديمقراطية الإسلامية , في الوقت الذي يبقى الجانب النفسي و التعبوي للعقيدة الإسلامية و عقيدة المقاومة و الجهاد خانة خصبة للانطلاق الحر في الساحة اللبنانية , و على نفس المستوى اللبناني سارت الأحزاب الدينية في العراق ولكن سوء طالعها هو وجود نظام حكم قومي رجعي مستبد مثل نظام صدام .

ظلت الأحزاب الإسلامية في العراق منذ نشأتها على مصطبة المعارضة الخارجية , و رسمت بأفكارها أحلام الجنان إذا ما عادت إلى العراق , وفعلا فقد صدقت أمريكا و الغرب الكافر و عادوا إلى العراق ليفوزوا بالانتخابات و ليدخلوا الشعب العراقي في مطحنة صراعهم المذهبي و الطائفي , فخلال سنتين كاد العراق أن يهوي إلى قائمة الدول المنقرضة , في جوٍ من الرعب و الخوف المستمرين في شوارع و حارات بغداد و العراق كله , فقد مارس زعماء الأحزاب سياسة جديدة أساسها "كل شيء في سبيل المال و المنصب " فكان من أوائل تشريعات المجلس النيابي ذو الغالبية الإسلامية هي المحاصصات و المستحقات المالية للنواب المناضلين في سبيل الله و الوطن و الراتب !!! , ولم تسلم حتى المؤسسات الجامعية من يد تلك الأحزاب و مليشياتها و تحت عناوين مختلفة , فلا بد لك أذا دخلت إلى جامعة بغداد أن تسمع بقسم المتابعة و الطابق 14 و الكائن في برجها , حيث يمثل هذا القسم بصورته القانونية حرسا امنيا للجامعة وفي طبيعة عمله الجارية حتى هذه الساعة "شرطة للأمر بالمعروف و النهي عن المنكر" و قاعدة لحماية طلاب الاتحاد الإسلامي و الذي يقع على عاتقه مسؤوليات جما , كتنظيم الاحتفالات- حزنا و فرحا- على طول العام و توظيف الوضع الرث للجامعات في خدمة المؤمنين وساطة و تدليسا "و اليه ترجعون" , فضلا عن حصول أعضاء ذلك التنظيم على المميزات التي تمنحها الجامعة لطلبة الاتحادات قانونا , و لا يخلو هذا الوضع الرث من الطائفية الحزبية و المذهبية فتجد مثلا أن جامعة الانبار تحت سيطرة الحزب الإسلامي و التوافق و هي اليوم قد وجدت من أفراد الصحوة منافسا جديدا في ساحتها , أما في الجامعة المستنصرية التي عانت من الارهاب على طول السنوات الخمس الماضية فلا تجد فيها سوى الصدريين و الدعوجية و البدريين, حيث أصبحت كل الجامعات العراقية ملعبا للصغار و ضعاف النفوس في الوقت الذي يلتقي فيه وزير التعليم العالي بعبد العزيز الحكيم ليؤكد الاثنان على ضرورة استقلالية الجامعات حزبيا و طائفيا , ولا أجد من ذاك الاجتماع المبارك إلا عملية حوار بين القطبين الطائفيين لتقسيم التركة الجامعية على الطريقة الإسلامية و الإصرار على وجودهما الطائفي و الحزبي في وسط النقاء العراقي , ولعل آخر ما حدث في الجامعة المستنصرية هو مظاهرة شكلية و إضرابا إجباريا عن الدوام ضد الاتفاقية الأمنية مع الاحتلال و معرضا للضحايا النظام السابق برعاية مؤسسة الشهداء مضفين على الدماء الطاهرة للضحايا الصفة الحزبية المطالبة بالثمن في الانتخابات القادمة , ففي الوقت الذي تقف فيه كل جامعات العراق في نكبة علمية حقيقية من هجرة و تقتيل علمائها كنتيجة لما فعلته الأحزاب المشؤومة في الحرم الجامعي المقدس تحاول الذئاب أن ترتدي ثياب الحمل الوديع .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية من قوات الاحتلال


.. لايوجد دين بلا أساطير




.. تفاصيل أكثر حول أعمال العنف التي اتسمت بالطائفية في قرية الف


.. سوناك يطالب بحماية الطلاب اليهود من الاحتجاجات المؤيدة للفلس




.. مستوطنون يقتحمون بلدة كفل حارس شمال سلفيت بالضفة الغربية