الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مذبحة وطن

حاتم سميح ابوطه

2008 / 11 / 15
المجتمع المدني


لا ينكر احدنا اليوم أن الهم الأكبر للمواطن الفلسطيني هو الحديث في السياسة وعن مسار القضية الفلسطينية الفلسطينية الداخلية وما ستؤول اليه محادثات القاهرة من نتائج مرجوة لانهاء الانقسام العميق في النسيج الفلسطيني , واصبحت قضايا الساعة هي القضايا الحيوية والحياتية وسبل تأمين الموارد الخاصة بالمواطن لضمان الامن الغذائي والخدماتي له ولأسرته , فقضايا الوضع الداخلي وسبل تأمين الحياة هي الهدف المشترك لكل مواطن ,فلم يعد بأمكان الانسان البسيط ان يحلم بما هو أكثر من النظر تحت قدميه ليجد ما يسد حاجاته البسيطة ليعود من جديد ليلتقط ما يضمن العيش به لليوم الاخر ومن ثم يدور في هذه الدائرة التي تمثل اليوم مسار الحياة الفعلية التي ارتبطت بشكل وثيق بما يدور من حوله من أحداث سياسية تفضي في نتاجها الي ما يمكن ان يراهن عليه المواطن بأنه ضمان ليوم جديد وحياة يوم أخر .
ان الباحث في الشأن الفلسطيني الداخلي والمراقب فقط للارقام الاحصائية الصادرة عن الجهات الرسمية لا يتنبأ الا بما هو أسوأ علي صعيد كافة المستويات الحياتية للشعب الفلسطيني , فضحايا الحصار والاغلاقات المتكررة وأعداد المرضي المرفوضة حوالاتهم , واغلاق المعابر , ونسب البطالة , ونسبة الطلاقات , وأعداد ضحايا الانفاق , وغلاء الاسعار , وضحايا الاقتتال الداخلي , وأعداد الاعاقات , ونسب الخريجين الجدد , وأعداد الطلبة الجدد في الجامعات , ونسبة الزيادة السكانية , وتوقف بناء المدارس , وأعداد الشباب الراغبين السفر للخارج , وشح مشاريع التشغيل , وانقطاع الدعم الدولي عن مؤسسات المجتمع المدني , وارتفاع وتيرة العنف بين الاطفال في المدارس وصولا الي طلاب الجامعات , وتوقف الصناعات المتوسطة , وشح الادوية والمواد الاساسية , وتوقف مشاريع البني التحتية ,فكل تلك المعطيات السابقة تعطي دلالات واضحة علي اننا اليوم أصبحنا امام واقع جديد, تنسدل من خلاله آفاق معتمة من مسارات المستقبل الذي اصبح الفرد فينا لا يري منه الا ما هو بين يديه , عاجزا ان يكون ذلك الانسان الذي يغرس اليوم ليأكل غدا من غرسه , فأرض السلام اليوم أرض فلسطين اختلطت بها صنوف من العجائب والتناقضات التي طرأت, ولم نعد بتلك القدرة التي طالما كانت حاضرة علي ان نكون بالمستوي الذي يحاكي به هذا المستوي من التناقض, والاهم والادهي ان الاحتلال يسعي اليوم لكسب مزيد من الوقت لتهويد المقدسات كما هو واضح للعلن في مدينة القدس وما يمارسه المستوطنين من بناء للكنس علي انقاض المقابر التاريخية في القدس وتهجير العائلات المقدسية والتي كان آخرها اليوم بتهجير عائلة الكرد من حي الشيخ جراح لتثبيت المخطط الصهيوني لمشروع " القدس الكبري " وما يكشف عنه يوما بعد يوم من أعداد للانفاق التي حفرت تحت المسجد الاقصي والتي أعلن عن اثنان منهم مؤخرا بلسان الاحتلال نفسه , وكذلك ما سبق من حملة شرسة استهدفت اهلنا في عكا وما اثير ضدهم من حملة للتطهير وقعت لتعلن عن الصورة الواضحة لمدي الحقد الاسرائيلي علي عروبة الارض الفلسطينية .
لا اخفي علي نفسي حقيقة اننا اليوم كفلسطينيين أصبحنا بعيدين كل البعد عن المستوي النضالي للحدث علي المستوي السياسي في صراعنا مع المحتل الاسرائيلي , فاليوم نتفرد نحن بأقتتالنا الداخلي ولم نكتف بذلك بل اصبح الاحتلال يشاركنا هذا الهم , وهم يتفردون بمشروعهم الاحتلالي في القدس وتهويد المقدسات الفلسطينية الاسلامية لخلق واقع جغرافي وديمغرافي جديد لا يمكن الرجوع الي ما دونه في المستقبل .
كما ان جميعنا يشعر بانه قد تخلي في لحظة من اللحظات عن واجب الامانة في المحافظة وحراسة المقدسات الاسلامية واجتمعنا لنحيد عن هذا الواجب لننزل عن الجبل لنجمع الغنائم .

فجميعنا اليوم قد نزل عن الجبل وقد تفرقنا صفوفا واحزابا وشيعا متناثرة وأصبحنا مساغا سهلا يتذوقه من أراد الرهان علي مصلحة او تحقيق غاية له من خلال هذا الشعب .
وأنني اذ لا اخجل ان أعبر عن واقعنا بشيء من الواقعية الصادقة ,وان ألخص ما تحدثت به بأننا نذبح وطننا بأيدينا ولم نرحم به عراقة تاريخه الضاربة في أعماق الارض , لننتقل من مشاعل للنضال الي باحث عن الزاد وفراغ العيش .

" فعذراً فلسطين , فقد صنعت فينا الصمود , وما كان منا الا ان نصنع مذبحة "









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. مؤتمر لمنظمات مدنية في الذكرى 47 لتأسيس رابطة حقوق ال


.. اعتقالات واغتيالات واعتداءات جنسية.. صحفيو السودان بين -الجي




.. المئات يتظاهرون في إسرائيل للمطالبة بإقالة نتنياهو ويؤكدون:


.. موجز أخبار السابعة مساءً - النمسا تعلن إلغاء قرار تجميد تموي




.. النمسا تقرر الإفراج عن تمويل لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفل