الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفدرالية مشكلة أم حل !

عبدالله صالح
(Abdullah Salih)

2004 / 3 / 1
القضية الكردية


 لا يخفى على أحد من أن الشعب الكردي عانى ولا يزال من الظلم القومي الواقع عليه من قبل حكومات الدول التي تتقاسم كردستان. رافق هذا الظلم طوال التأريخ مقاومة عنيفة من جماهير كردستان، الا أن الاحزاب السياسية القومية التي قادت هذه المقاومة كانت ولا تزال نقطة الضعف فيها. فمنذ بداية القرن العشرين كان لرؤساء العشائر ورجال الدين الدور البارز في قيادة هذه المقاومة، ومن ثم جاء دور المثقفين القوميين ليكملوا مسيرة أسلافهم، فكانت سياساتهم تحمل نفس المحتوى السابق باعتمادها على الافكار الدينية والقومية الشوفينية مع تغيير في الشكل فقط كي تتناسب مع متغيرات العصر.
الحلول التي طرحتها الاحزاب القومية الكردية لحل المشكلة القومية في العراق من خلال مفاوضات مغلقة و خلف الستار مع الحكومات العراقية المتعاقبة وعلى مدى عقود، كانت ولا تزال لا تتخطى حدود سلطة لا مركزية على صيغة الحكم الذاتي أو الفدرالية التي تهرج لها هذه الاحزاب اليوم.
ان السؤال الملح الذي يطرح نفسه اليوم والذي لا بد أن يخطر ببال جميع من يهمهم تحرر الشعوب من نير الظلم القومي بالذات هو : هل ستمحو الفدرالية الظلم القومي ؟
ان ما تريده الاحزاب القومية اليوم وما تطالب به بالحاح تحت يافطة الفدرالية هو الاعتراف الرسمي للسلطة المركزية في العراق بحقانية وشرعية سلطة هذين الحزبين على مناطق كردستان كما كانت تمارسه ابان الحكم البعثي وعدم المساس بهذه السلطة (ينبغي على المركز ان يعترف رسمياً بحكومة اقليم كردستان، ويغير حالة «وضع الامر الواقع» الى حالة «الوضع القانوني». الصلاحيات التي كان المجلس الوطني الكردستاني وحكومة اقليم كردستان يمارسانها تبقى كما هي ) هذا ما كتبه نوشيروان مصطفى أحد قادة الاتحاد الوطني الكردستاني في مقاله الاخير المنشور في جريدة الشرق الأوسط الصادرة في لندن العدد 9215 في 20/2/2004، ويضيف الكاتب في نفس المقال :( وفي كردستان تبقى الاولوية للقوانين التي شرعها ويشرعها المجلس الوطني الكردستاني.)
هنا نرى دون لبس هدف هذه الاحزاب من اقامة الفدرالية باعتبارها الاطار الانسب للاحتفاظ بسلطتها بعد سقوط النظام.
ان اقامة النظام الفدرالي في العراق سيجسد التقديس القومي ويؤجج المشاعر القومية للقوميات الاخرى الساكنة في العراق. النموذج اليوغسلافي خير دليل على ذلك، فالمواطن في يوغوسلافيا السابقة لم يكن يعر أية اهمية الى انتماءه القومي الى أن انقسمت يوغوسلافياعلى أساس قومي الى جمهوريات صربية و بوسنية و... ونرى ماحدث لشعوب هذه المنطقة من ويلات ومآسي. النموذج العراقي وفي ظل الاوضاع الحالية وبالأخص اذا ما حلت في المركز حكومة قومية أو أسلامية، سوف لن يكون بأفضل حال من يوغوسلافيا السابقة. علاوة على ذلك وحتى وان اعترفت السلطة المركزية في بغداد بالفدرالية، فانها لا تكتسب الشرعية دون اجراء استفتاء عليها،  ذلك وببساطة لانه ومن الناحية القانونية سيكون اختيار نظام فيدرالي للعراق باعتباره بلداً موحداً من حق جميع مواطني العراق وليس فقط من حق من يطالبون بالفدرالية وهنا تبرز مشكلة اخرى وهي: هل سيصوت غالبية الشعب العراقي الى جانب الفدرالية ؟! .
اوقعت الاحزاب القومية الكردية ( الاتحاد والبارتي ) نفسها في أزمة ومأزق عميقين، فقد عملت هذه الاحزاب منذ أن فرضت سلطتها في كردستان، على تهيئة اذهان الجماهير ومحاولة اقناعها بأن امريكا هي صديقة للكرد وان سياساتها في المنطقة ستصب في صالح هذه الجماهير، ومن جهة أخرى عملت على اقناع الجماهير بأن حليفاتها في المعارضة العراقية السابقة ومجلس الحكم الحالي وعدوا بالموافقة على الفدرالية حال تسلمهم السلطة بعد سقوط النظام، وها هي الجماهير ترى اليوم التراجع الحاصل في الموقفين وكيف أدت سياسات هذين الحزبين الى خلق حالة من خيبة امل  كبيرة لدى من خُدعوا بهذه الوعود، لذا نراهما يستنجدان بالجماهير لانقاذهما من هذه الازمة، وما حملة جمع التواقيع التي يقوم بها عدد ممن يعتبرون انفسهم مثقفين أكراد باسم  ( حملة الرفراندوم ) في الداخل والخارج سوى الجزء الاول من هذه المسرحية.
ان جماهير كردستان ليس أمامها حل سوى الابتعاد عن افق وسياسات الاحزاب القومية الكردية والنضال من أجل الحل الأفضل والأمثل اليوم للمشكلة القومية ورفع الظلم القومي ألا وهوالنضال من أجل الأتيان بحكومة مركزية علمانية غير قومية وغير دينية يكون للمواطنين في ظلها وبموجب الدستور نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات دون تميز على أساس قومي أو ديني أو طائفي. عدى ذلك، وفي حال الاتيان بحكومة تحمل الطابع الديني أو القومي في العراق، فان الحل الامثل والافضل للمشكلة القومية ورفع الظلم القومي سيكون عن طريق اجراء استفتاء لبقاء كردستان ضمن العراق أو الانفصال عنه واقامة دولة مستقلة باعتبار ذلك حق طبيعي لكل شعوب الأرض كي تقرر مصيرها بنفسها، تلك الدولة يجب أن تكون علمانية غير قومية وغير دينية قائمة على أساس ارادة الجماهير وهو ما يضمن بقاءها. وفي كلتا الحالتين نرى بأن الفيدرالية لا ترفع الظلم القومي فحسب، بل وتجسد العداء القومي وهو ماتريده الاحزاب القومية الكردية باعتبار ذلك أرضية تقف عليها وتستمد منها ديمومتها وبقاءها على الساحةالسياسية كأحزاب قومية.
29 / 2 / 2004
 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل أصبحت دول عربية -حرس حدود- لأوروبا لصد المهاجرين مقابل -ر


.. الأمم المتحدة: 15 ألف طفل قتلوا في غزة منذ اندلاع الحرب في أ




.. إسرائيليون يتظاهرون في تل أبيب للمطالبة بصفقة تبادل أسرى


.. هل هناك تحرك دولي لمواجهة مخاطر المجاعة في غزة؟




.. تونس: منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ينتقد إحداث السلطا