الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار الأديان ... متي يكون صحيحا و متي يكون مجرد هذيان؟

أسعد أسعد

2008 / 11 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


و أعني بحوار الأديان تلك المؤتمرات التي يُدعي إليها متخصصو الدين الأسلامي و المسيحي و المفروض أن يناقشوا فيما بينهم الأمور التي تخص العقيدتين , و تختلف طبيعة المناقشات بحسب الغرض الذي ستجري من أجله المناقشة أو ينعقد من أجله المؤتمر.
و محور الخطأ في هذه المؤتمرات و المناقشات هو الخلط بين الدين و السياسة ...فنحن العرب نتناقش في الدين بمرجعية سياسية و نتناقش في السياسة بمرجعية دينية , و لن تستقيم الأمور إلا بمناقشة موضوعية صريحة ...الدين في أمور العقيدة و الدين ...و السياسة في أمور القانون و المجتمع.
...هل يعترف المسيحي بأن محمد رسول من عند الله ...طبعا لا و إلا لو كان يعترف لكان مسلما و لا داعي لهذا الحوار أصلا ...و هل يعترف المسلم إن يسوع المسيح هو إبن الله... طبعا لا ... لكن حتي لو إعترف المسلم إن يسوع المسيح هو إبن الله فليس معني ذلك أنه صار مسيحيا ... فالإنجيل الكامل لا بد أن يؤدي إلي التغيير الشامل لحياة الإنسان الذي لا يتم إلا بقبول الموت عن الذات مع المسيح بعمل إلاهي و ليس بشري ...فالمسيحي الحقيقي لم يصر مسيحيا لمجرد إعتقاده في المسيح أنه إبن الله ... بل المسيحي الحقيقي هو من جعله الله مسيحيا بسبب إستجابته لإنجيل المسيح
لذلك فإن إشتراك القادة و السياسيين في مؤتمرات تؤدي إما إلي مداهنات و مجاملات و مراوغات أو تؤدي إلي مصادمات و مشاحنات ضررها أكثر من نفعها و يبقي الحال علي ماهو عليه بل و أسوأ.
و في هذا الصدد سنجد أننا لابد أن نقسّم القضية إلي محورين هما شقي هذه القضية:
المحور الأول المحور الديني العقائدي : و هذا لا يمكن التحاور فيه بنية سليمة و إنفتاح ذهني إلا إذا سلمنا بالفروق في العقائد و الأديان و تحققنا - كل طرف في الحوار - إنه لا توجد أي أرضية مشتركة بين الدينين و العقيدتين سوي ما ظهر منها في السرد اللغوي لبعض القصص التاريخية عن شخصيات دينية أو بعض التعاليم التي تبدو متشابهة و هي في عمقها مختلفة في معناها و في تطبيقها.
المحور الثاني هو محور سياسي إجتماعي: و هو يدور حول كيف يمكن أن يتعايش أبناء الوطن الواحد بإختلاف دياناتهم - و هي فعلا مختلفة - في إطار إجتماعي مترابط و متماسك تحكمه منظومة من القوانين الدستورية التي تعدل تماما و تساوي تماما بين أبناء البلد الواحد .
و الدخول في المناقشة عن طريق أي محور منهما يجب أن يبدأ بصراحة و دون مواربة أو إصطناع أي مجاملة بأن هناك إختلافا جذريا بين المتحاوريين يمكن تصنيفه في معظم إتجاهاته إنه تضاد تام بين العقيدتين المسيحية و الإسلامية.
و مناقشات المحور الديني لابد أن يكون لها جانبين في الحوار , الجانب الإسلامي و الجانب المسيحي.
في الجانب الإسلامي هناك ثلاثة محاور تندرج تحتها جميع قضايا الإختلاف العقائدي و السلوكي:
أولهما: قضية هل النبي محمد نبي من عند الله مرسل من عند الله؟ ماهي دلائل المسلمين في إثبات نبوته و أنه قد أرسله الله فعلا و أنه لم يأت من نفسه أو من ذاته أو بتأثير أشخاص بشريين أو تحت تأثير روح ليس من عند الله
ثانيهما: القرآن هل هو كتاب يصلح أن يكون دليلا علي نبوة النبي محمد أنه نبي من عند الله...ماذا يعني القرآن لمن كانت لغته ليست العربية ...أو ماذا يعني القرآن لمن هو أمي قليل التعليم لا يفقه من أمر اللغة العربية قليلا أو كثيرا حتي و لو كان يتكلم إحدي لهجاتها؟
ثالثا السيرة و الأحاديث النبوية: قضية مركز الأحاديث و السيرة المجموعة و المدونة في عشرات من المراجع التاريخية , ما مدي صحتها و هل تصلح أن تكون شهادة للحكم علي القرآن و علي النبي محمد بصدق رسالة أي منهما؟ فالقرآن لا يذكر مثلا كيف جُمِع و من جَمَعَه و لا يذكر كيف أوحي إلي النبي محمد في بداية بعثته و إختياره رسولا لله – بحسب الفكر الإسلامي - من أول غار حراء إلي عرضه ما حدث له علي زوجته السيدة خديجة, و كيف تحقق هو نفسه من بعثته؟
هذه هي المحاور التي ينبثق منها الفقه و الشريعة و سلوك و ممارسة المسلمين لفرائض دينهم , فهل يقبل المسلمون حوارا في هذه المحاور الثلاثة؟ هل يقبل المسلمون أن يدرس المسيحيون كتبهم و يأتوا بها إلي الحوار و يجلس الطرفان في جو حضاري مشبع بروح العلم و البحث يعالج كيفية فهم المسلمين لدينهم و كيفية فهم المسيحيين لدين المسلمين؟ و هل سيقبل الطرفان بالإقرار بفشل التقارب إذا كانت هذه هي نتيجة الحوار؟
أما في الجانب المسيحي فهناك أربعة قضايا تندرج تحتها تساؤلات المسلمين و إنتقاداتهم للديانة المسيحية
أولا: العقيدةالمسيحية التي تجعل من الله – بحسب الفكر الإسلامي – ثلاثة آلهة. كيف يمكن لقادة الفكر المسيحي شرح هذه العقيدة المختصة بأن الآب الإبن و الروح القدس هم في الواقع شخص واحد؟ و في هذه العقيدة معضلة ...كيف يمكن للمسيح أن يكون إبن الله؟ كيف يتزوج الله من إمرأة و ينجب منها إبنا؟ (و أنا هنا أتكلم بحسب التصور الإسلامي للمشكلة الذي إستنبطته من تعليقات المسلمين و تساؤلاتهم) و تبني علي هذه المشكلة أيضا تساؤلا آخر هو ماذا يميز المسيح عن باقي البشر أو الأنبياء – بالتغاضي عن ولادته المعجزية - لكي تكون له هذه الهالة من القدسية فوق باقي الأنبياء و باقي البشر؟ كيف يمكن للمسيحيين أن يعبدوا المسيح و هو بشر إنساني مع الله أو من دون الله؟
ثانيا: كيف يمكن أن يكون الكتاب المقدس هو كلام الله و هو لا يوافق القرآن؟ كيف يمكن أن يكون الكتاب المقدس مقدسا و هو ينسب لأنبياء الله خطايا و أخطاء و يتهمهم بالزنا و القتل و الشرك أحيانا؟ كيف يمكن أن يكون كلام الله و هو به الكثير من اللغة و الألفاظ المكشوفة و التي يمكن إعتبارها الفاظا جنسية؟ كيف يمكن أن يكون كلام الله و به آراء بشرية و كلمات أناس عاديين و روايات تشبه أساطير الخرافات و التي يدعوها المسيحيون رؤي و نبوات؟ كيف يمكن أن يكون بالكتاب المقدس أوامر بالحرب و القتل و السبي ثم يدّعي المسيحيون إنه كتاب سلام؟ و ماذا يقول المسيحيون عن الإشارات التي يدّعي المسلمون إنها وردت بالكتاب المقدس عن النبي محمد؟ و لماذا يرفض المسيحيون إنجيل برنابا؟ و أين هو الإنجيل الصحيح؟
ثالثا: كيف يؤمن المسيحيون بأن المسيح قد صلب فعلا؟ و كيف يكون هذا جزاء البرئ ؟ و لماذا يرفض المسيحيون القول بأن الله قد نجاه بمعجزة؟ و كيف يؤدي صلب المسيح و موته - إن حدث - إلي أن يكون ذلك كفارة عن خطايا البشرية كلها كما يدّعي المسيحيون؟ و إذا كان المسيح هو الله كما يدعي المسيحيون فكيف يموت الله؟ و ما هي طبيعة المسيح الحقيقية هل هو بشر مخلوق أم إله؟
رابعا: ما هي سلطة القسيس أو الكاهن المسيحي ؟ ما هي الرهبنة و لماذا تمنع الكنيسة القسوس من الزواج أحيانا و ما علاقة ذلك بحوادث الشذوذ التي نسمع عنها أحيانا؟ لماذا لا تقبل المرأة المسيحية الحجاب و قد قبلته العذراء مريم أم المسيح؟ لماذا يأكل المسيحيون خبزا و يشربون خمرا في الكنيسة و كيف يدّعون أنه جسد المسيح و دمه؟ لماذا يعلق المسيحيون الصليب علي صدورهم و يطبعونه علي أيديهم أحيانا إذا كان هذا هو آلة إعدام؟
و علي المسيحيين أن يأتوا بأدلة قاطعة و برهان عقلي يقبله المنطق علي إن هذه التساؤلات يمكن أن يقبلها إنسان يفكر بعقلانية , و بالتحديد العقل المسلم الذي ثقافته القرآن باللغة العربية.
و المشكلة إنه ستكون هناك بعض النقاط ستظل عالقة و غير مقبولة لكل طرف من الطرف الآخر بل و ستأتي المناقشات بمواضيع أخري و ستفتح أبواب أخري تحتاج إلي مؤتمرات و مؤتمرات... و خاصة إنه و بدون أدني شك فإن غرض المسلمين الأول هو إقناع المسيحيين بالإسلام و الدخول فيه و كذلك سيكون هدف المسيحيين هو قبول المسلمين للمسيح يسوع ربا و فاديا و مخلصا.
و النقطة الأساسية التي تخفي عن الجانبين هي إن الله بحسب العقيدة الإسلامية يختلف تماما عن الله الذي تقدمه العقيدة المسيحية بحيث أننا نستطيع أن نقول مجازا إن المسيحيين و المسلمين يتكلمون عن إلاهين مختلفين من أول الخلق إلي نهاية الكون و أبدية الإنسان. فهل يقبل الطرفان مناقشة من هو الله عقلانيا بدون النصوص الدينية؟ التي يحتكم إليها كل طرف في ديانته؟
و المهم أو قل هو الأهم فإنه في حالة فشل التقارب الفكري الديني - و هو المرجح في هذه الأحوال - فهل يدخل الطرفان في مناقشة الأوضاع السياسية و الإجتماعية بما يضمن الوصول إلي حلول تحقق العدالة الكاملة و المشاركة التامة في الوطن و الوطنية.
إن إستمرار المناقشات السطحية و اللف و الدوران حول الأمور الجوهرية و الخلط بين الدين و السياسة سيسبب الفرقة أكثر من التقارب و سيغلف العلاقات بطابع من الرياء و يعمي العيون عن حقيقة المشكلة و أبعاد الخلاف و ستنعقد مؤتمرات و مؤتمرات و بعد ألف سنة أخري سنبحث عن مزيد من المؤتمرات , و سيعيش أصحاب العقيدتين في جميع البلدان تحت شريعة الغاب "البقاء للأقوي" تحت رحمة قادة الأديان.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترمب يغازل المانحين اليهود بالورقة الفلسطينية ويطلق سلسلة من


.. حلمي النمنم: فكر الإخوان مثل -الكشري- | #حديث_العرب




.. 40-Ali-Imran


.. 41-Ali-Imran




.. 42-Ali-Imran