الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


( لمناسبة الذكرى الرابعة لاستشهاد النصير المقدام وضاح عبد الأمير- سعدون )

محسن صابط الجيلاوي

2008 / 11 / 16
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


كنت دوما أفكر في بداية تصلح للكتابة عن رفيق درب وشهيد مثل سعدون ، شيء يبعد ويقلل التفسيرات المبتسرة والاختزالية وخصوصا داخل بقايا حزب أعرف جيدا آليات العمل والتفكير بداخله أو مع المختلف فكريا معه ..خصوصا أن سعدون أصبح في موقع قيادي متقدم وأنا خارج الحزب ، بل أكثر من هذا خارج الإطار الفكري الذي يعمل عليه الشهيد سعدون وأقصد ( الشيوعية ) كفكر وممارسة ، ولكن كل تلك الإشكالية وكل تلك الطرق والدروب والمفترقات التي قادتنا لها الحياة وحب الوطن والناس والمنافي والتجربة وتنوعها المطلوب لا تلغي أبدا إلا أن أُعبر عن احترامي وتقديري للمحطات وللذكريات العطرة لهذا الإنسان المتميز في سلوكه النضالي والأخلاقي والاجتماعي...
التقيت الشهيد سعدون لأول مرة في قاعدة ( هيركي ) وهو في طريقه ضمن مجموعة كبيرة من الأنصار الملتحقين حديثا من الخارج إلى ( ناوزنك ) حيث قيادة الحزب، ومن اليوم الأول لاستراحتهم هناك وبعد أحاديث وأسئلة وحوارات متفرقة يحملها عادة حدث قدوم الأنصار الجدد تكونت علاقة ودية معه وأعتقد أن لشخصيته في هدوئها وكياستها والمُشبعة بثقافة سياسية وأدبية تجعل من سعدون شخص محبب على القلب ومشروع تعارف سلس وطليق ومفتوح لكل من يلتقي به ...ومن حسن الصدف انني مع المرحوم أبو جنان أُنيطت بنا مهمة إيصال وقيادة مفرزتهم إلى قاعدة ( كوستا ) وكان حينها يتطلب ذلك حوالي 5 أيام من المسير الشاق ، وكان في مفرزتهم المُشكلة من القامشلي كما أعتقد عدة مشاكل تنظيمية واجتماعية أفرزتها صعوبات رحلة طويلة في دروب وعرة ولأيام طويلة ، ورغم أن سعدون الشاب والقادم حديثا من مقاعد الدراسة التي قطعها في الاتحاد السوفيتي يشكل عنصر عادي في المفرزة لكن طيلة مسيرتنا من ( هيركي ) إلى ( كوستا ) وعند حدوث إشكالات ومتاعب نراه يتقدم بهدوء وبثقة وبلا ضجيج أو افتعال إلى مساعدتنا في تذليلها مما جعل حضوره اللافت هاما ومحوريا وأساسيا في عمل المفرزة في مختلف الجوانب وهذا ما أكسب سعدون محط احترام خاص منا نحن كإدلاء ومحط احترام عموم المفرزة التي هو عضو فيها ..ومن مسيرة تلك الأيام تكونت لدي علاقة شفافة ودافئة مع سعدون ، فبعدها بأشهر انتقلت شخصيا من ( هيركي ) إلى( ناوزنك ) وعند عودتي من الأخيرة في الطريق إلى ( بشتآشان ) التقينا في مقر فصيل ( شقولگا ) وكم أسعدني وأمدني بفرح عامر طريقة استقباله الأخوية الودية لي حيث كنت حينها أعاني من متاعب صحية ..بعدها تكررت لقاءاتنا في محطات القاعدة وبعد مجزرة بشتىآشان في مناطق مختلفة من كوردستان وكانت مشبعة دوما بالنقاشات والحوارات فسعدون مستمع ومحاور جيد يفرض الاحترام ويجعل الحوار معه فيه إمتاع حقيقي كونه رفيق بسيط وعذب ومتواضع ، وكنت أرى دائما سعدون بتلك الطلعة العراقية السمراء وبتلك الابتسامة الهادئة الواثقة وكان هو ومجموعة أخرى متميزة يشكلون بالنسبة لي ولغيري شخصيات طموحة تنتمي لنا نحن جيل الخيبات المتتالية تحاول أن تشد وتحمل وتقلل وبإصرار عجيب وزر احباطات وفشل الحركة الأنصارية سواء بالممارسة أو بالتضحيات غير المبررة التي قدمتها وبالشكل القيادي المهزوم وخصوصا بعد بشتآشان ..كانت هناك نواتات في بهدنان وفي أربيل وفي خواكورك رغم قلتها لكنها كانت تحلم بالتغيير سواء على صعيد محنة حزب أو وطن ، وبلا شك كان سعدون احد هؤلاء ...، مرة التقينا في خواكورك حيث كنا نعمل قرب قيادة الحزب ومكتبها العسكري وعبرت عن رغبتي أنا وزوجتي بالعمل في المفرزة التي يقودها في أربيل فقد مللت تلك القيادة والكوادر القريبة منها وفقط وجود شخصيات مثل ، أبو سم...ح ، أبو اس...يل ، ع مالية ، م.ق تجعل الحياة لا تطاق ، فأجابني بطريقته المحببة ليش تنتقلون الحياة هنا أفضل لكم كعائلة وعندما شرحت له الأوضاع المزرية ، أجابني أن هناك قرار في قاطع أربيل لا يسمح بعمل النصيرات في مفارزها وبعد أيام من تواجده في قاعدتنا التقينا ثانية وعلى محياة ضحكة هازئة بمجمل الوضع الذي نعيشه وعلى شفتيه كلمة الله يساعدكم ، الآن عرفت لماذا لا تريدون البقاء ، فقد كان مستاءا من كل الوضع الذي تعيشه القيادة وحاشيتها ، كما أجاب عن أسئلتنا بصدد محاولة البعض تحويل عمل المفارز إلى شكل عصابات تنتهك حقوق الناس بلا تدقيق ولا إجراءات منضبطة حيث كان رافضا لهكذا مسلكيات لا تليق بموقفنا كحركة سياسية في التعامل مع حياة البشرية التي حاول البعض استرخاصها لأغراض واهية من حب الزعامة والظهور من أولئك الذين تحولوا إلى ما يشبه قطاع طرق في أربيل ....وأعتقد ولمعرفتي الجيدة بالذين تسلقوا بعد ما يسمى المؤتمر الخامس إلى اليوم عبر فعاليات تنظيمية متخلفة يشكل وصول سعدون إلى أعلى موقع قيادي وبشكل سريع هو ما يمكن وصفه بشكل جازم أن جميعهم كانوا بحاجة إلى سعدون ولم يكن هو بحاجة إلى أي واحد منهم للوصول إلى ذلك ، فالغلة التي زرعها بنشاطه الأنصاري والتنظيمي والإنساني والحياتي والأخلاقي كان وحده يحفر شكل واقع من يمتلك مفاتيح القوة المستحقة التي حازها بصر وعناد وجلد وبلا ثرثرة ..وكنت دائما اسأل البعض المتنفذ في الحزب عنه فترى في إجاباتهم خوف وحسد لان سعدون نبيل ونظيف ويعمل لتبرير موقعه في قيادة الناس عبر الاختلاط والاندماج بهم ، وبنفس القدر كان يعرف طموحات ولصوصية وتاريخ البعض من نهازي الفرص ، بل حاول بعضهم تشويه مواقفه ...فسعدون عكسنا جميعا بقى مع الناس وأندفع إلى قلب الوطن ليكون هناك حيث التنظيم والصلات والأيام المحفوفة بالمخاطر ..ورجل شجاع ووطني مثله كان قدا لها ...

ورغم اختلافي مع الحزب ومع دخول ما يسمى مجلس الحكم ودخول سعدون إلى ما يسمى المجلس الوطني لكن كل ذلك الاختلاف في الاجتهاد والذي اُمني نفسي أن نعرف يوما أن لسعدون تحفظات سيكون ذلك مفخرة تضاف إلى مفاخره الكثيرة وتاريخه الناصع ... !
أربع سنوات على رحيل رجل صاحب تجربة عسكرية وصاحب حس أمني جعل من أيام وسنوات العمل السري ممكنة أن يقع في كمين غادر وبشكل سهل محل تساؤل كبير بالنسبة لي ولغيري من الذين يعرفون إمكانيات سعدون وتاريخه ، إن الأندساسات ومحاولة وقف تطور نموذج قيادي كانت كل الأبواب مفتوحة أمام مواهبه لكي يكون قائدا صاحب كاريزما ونموذج لشكل القيادات التاريخية التي قادت الحزب سابقا يجعل من أعداءه كٌثر بحق، فهناك أسماء باعت نفسها للأحزاب الكردية ، وهناك أسماء ظهرت على جداول اجتثاث البعث ، وهناك أسماء ظهرت كونها متورطة في التعامل مع النظام السابق ،وهناك أسماء حولت كل شيء زاهر في تاريخنا إلى بزنس وشركات ، مضافا إلى ذلك وجود إرهاب منفلت كل ذلك جعل من أمر اغتيال سعدون ممكنا...!

لقد كان سعدون وردة وسط كم من غث قيادي ، وكنت أتسائل مع نفسي كيف تستطيع هذه الرقة والبسالة التي اجتمعت بشخص أن تتفاعل وتعيش وسط خراب حقيقي ...؟؟؟

كان بقايا من بصيص أمل أطفأته إرادة شريرة أرادت أن تخنق حلم الناس بغد له رجالات وفكر جديد كان سعدون أحد العناوين القليلة ولكن العريضة المفترضة في ذهني وذهن الكثير من عاشوا واقع وتجربة يسار مريض حقا..!

أربع سنوات لم يتعرض أي قيادي لأي محاولة اغتيال حتى ولو بخرطوش ماء ،وأغلبهم لا يملك أي خبرات كالتي يمتلكها سعدون يجعلني أفكر مليا هل تعرض سعدون لتصفية منظمة من الطامحين بلا حق للمال والسلطة والجاه والمسؤولية ومن المشبوهين والمرتبطين بأجنده مختلفة المشارب والاتجاهات في حزب فقد القدرة على التغيير وعلى إيجاد قيادات تحظى باحترام الناس وفي بلد يعج بالفوضى حيث تضيع فيه يوميا عناوين وهوية وجرائم القتلة ...؟!

ورود حمراء جبلية على قبرك ولذكراك العطرة أيها الفتى العراقي الجميل...!

المجد للشهيد النصير المقدام سعدون والخزي والعار للقتلة المجرمين مهما كانت عناوينهم ونواياهم...!









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سعدون المناضل
رعد مجيد الواسطي ( 2011 / 5 / 21 - 22:21 )
حقا انها لخسارة كبيرة لحزبنا الشيوعي استشهاد الرفيق سعدون الانسان اللطيف المتسامح طيب القلب وستبقى ذكراه عطره في قلوب رفاقه ومحبيه

اخر الافلام

.. اشتباكات بين الشرطة الأميركية ومتظاهرين مؤيدين للفلسطينيين ب


.. رئيسة حزب الخضر الأسترالي تتهم حزب العمال بدعم إسرائيل في ال




.. حمدين صباحي للميادين: الحرب في غزة أثبتت أن المصدر الحقيقي ل


.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المتظاهرين من جامعة كاليفورني




.. The First Intifada - To Your Left: Palestine | الانتفاضة الأ