الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الواقع الفلسطيني وحسابات الزمن

حاتم سميح ابوطه

2008 / 11 / 17
المجتمع المدني


من سُنة التفكيرأن تري اليوم بعين الواقع ما يدور حولك من أحداث بالرجوع اليها وفهمها علي انها تأتي ضمن سياق تراكمي نتيجة احداث ومواقف سالفة يمكن لك ان تكن قد عايشتها وحضرتها , فذلك هو التعريف المبسط للتاريخ وهو ان تري الاحداث الواقعة ضمن سياقها التاريخي ولمدة عمر الحدث وعندها يكون الحدث التارخي قد وقع وتتطلع الي تراكماته فيما بعد , فعلي هذا المنوال وهذا القانون الكوني قد تكونت معظم الحضارات الانسانية وتركت لنا عديد من الانجازات والاعمال التي حفرت في الذاكرة الانسانية .
فأذا تطرقنا الي دراسة الحضارات الانسانية بعين من المقارنة تجد ان العديد والعديد اذا لم يكن كل الحضارات الانسانية تتأتي بناء علي اساسيات تشابهت في معظمها من بداية نشأتها ومرورا بمرحلة قوتها وحتي أفولها وبداية عهد جديد لحضارة جديدة .
فالمتأمل هذا الترتيب الكوني الواضح والمتكرر يصبح عليه من السهل اخذ العبر واكتساب الخبرة اللازمة من اجل ترتيب وتطوير القاعدة الاساسية التي قام عليها ضمن السياق الحضاري, ليصبح بعدها مكملاٌ لما تركه الاسلاف من مخزون وأرث حضاري يعتمد عليه لتسيير شئونه الحياتية .
والمتأمل في الواقع الفلسطيني اليوم نجد اننا اليوم بعيدين كل البعد عن ما يمكن ان يكون منارة لنا نسترشد من خلالها الطريق الي طوق النجاة المفقود في هذا الواقع المؤلم وما وصلت به مقاديرنا الي ان نكون أخوة أعداء لا نمثل ذلك التاريخ المشرق للحضارات التي تعاقب عليها الفلسطينيين بدأ بالكنعانيين ومرورا بالفارسيين والرومان وصولا الي النقلة الحضارية الاعم والاشمل وهي بزوغ فجر الاسلام في فلسطين وما شهدته من نقلة نوعية جابت بتأثيرها علي كافة مجريات الحياة في ذلك الوقت وما كرسته الخلافة الاسلامية من مبادئ للايخاء والتوحد ورص الصفوف من اجل بناء مجتمع اقوي وكانت فلسطين عندها جزءً من المنارة الاسلامية المشرقة في مشارق الارض ومغاربها , وعندها بدأت عقارب الساعة ترجع الي الوراء من خلال أجتماع وتراكم عديد من نقاط الضعف التي فتت في الصف الاسلامي وكان نتاجها بدء المشروع الاستعماري للبلاد العربية بدون استثناء وكان قلب هذا المشروع هي فلسطين التي انتهي بها المطاف الي قبضة العصابات الصهيونية ووقوع شعبها تحت نير الاحتلال .
والمتابع لتاريخ النضال السياسي الفلسطيني يجد ان هذا التاريخ يرتبط بعدد من المؤثرات التي تحكم سيره ويكون لها بالغ الاثر في توجيه وبوصلة هذا النضال , ولعل اولها هي العوامل المرتبطة بشخصيات تاريخية معينة ومسألة شخصنة التاريخ وما كان لذلك من أهمية وتأثير في جانب هام , الا انها لم تخلو من السلبيات التي زادت من بطء تحريك وتفعيل الدور السياسي المطلوب في ذلك الوقت من جانبه الفردي ودون الالتفات لصب هذا النضال الي جانب التاريخ العريق والمؤسسة النضالية ولصالح جهد وجماعي يمكن ان يساهم في بث روح التواصل في النضال من المنطلقات التي قام عليها من سبقهم في النضال ليمثلوا مرحلة يمكن البناء عليها والتأسيس لمراحل اكثر تقدما بأتجاه نيل المطالب والحقوق المشروعة .
اما الجانب الآخر هو ان الساحة الفلسطينية مرت علي مر العصور بعدد من الأزمات الداخلية قد كان أكثرها يعود الي مسألة ان البعض اراد ان يستحوذ علي تمثيل الشعب الفلسطيني الكامل دون النظر الا الي ما يمتلكه من قوام العتاد والعدة والعائلة والجاه وما كانت تلعبه العائلات الكبري من سلبية الموقف في وقت من الاوقات علي الرغم من العطاءات الجليلة التي قدمتها الا انها في بعض الاوقات كانت تسهل للمحتل البريطاني ان يفت صف الشعب الفلسطيني ويحيده عن وحدة قراره , ولعل ادارك الفلسطينيين لهذه المسألة متأخرا كان من اهم العوامل التي ساهمت في تراجع الوتيرة النضالية وتأخرها علي حساب مزيد من الدماء التي أريقت التي شكلت الصفعة المدوية علي الوجه الفلسطيني لتعيده الي وحدة قراره والي اهدافه الموحدة .
ولعلي لا أنكر انني قد سردت هذا العصف العاجل من التاريخ النضالي الفلسطيني وذلك استحضاراً للصورة الحالية التي يمر بها الشعب الفلسطيني من حالة مؤلمة للانهزام الداخلي وحالة الانقسام المدوية والتي عصفت بالنسيج الاجتماعي الفلسطيني .
فاليوم هو بمثابة الامس القريب من حالة انقسام كانت في يوم من الايام في الصف الفلسطيني , فالصورة واحدة ولكن الادوات مختلفة هذه المرة .
الا ان الغريب هذه المرة هوان العلاج القديم لمثل هذه الحالة لم يعد بالكفاءة والنجاعة التي كان عليها بالامس , فبالامس القريب الجميع توحد خلف وحدة القرار والمصير أمام قيادة الانتداب البريطاني , تلك الوحدة التي تجلت في يومنا هذا امام الاحتلال الاسرائيلي في مخيم جنين وبطولات الاكرم منا جميعا شهدائنا الابرار.
ولعلي ابحث في أجندتي اليومية لابحث عن واقعة كجنين يمكن ان تعيد اللحمة الي هذا الصف المكلوم فأري ان كل يوم نمر به جنين بحد ذاته لما فيه من مرارة العيش وتهويد المقدسات والاعتداء والقصف واستمرار هذا الشلال الهادر من دمائنا الفلسطينية ,واتأمل من ان يوم الوحدة قريب , الا انني ارجع لما في جعبتي من أمل ومصطدماً بحائط كبير اسمه الانقسام.

من الصعب علينا ان نتنبأ المستقبل , ولكنه بأستطاعتنا ان نغرس شجرة تكون لنا مظلة في هذا المستقبل المجهول.

ففلسطين واحدة بعلمها وشعبها وكلمتها










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المئات يتظاهرون في إسرائيل للمطالبة بإقالة نتنياهو ويؤكدون:


.. موجز أخبار السابعة مساءً - النمسا تعلن إلغاء قرار تجميد تموي




.. النمسا تقرر الإفراج عن تمويل لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفل


.. طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة يعيش حالة رعب ا?ثناء قصف الاحتل




.. النمسا تقرر الإفراج عن أموال -الأونروا- التي تم تعليقها سابق