الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على هامش الصراع الهامشي

عاصم بدرالدين

2008 / 11 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من المنصف نعت السيد أحمد الأسعد، رئيس "لقاء الانتماء اللبناني" بالإقطاعية، فهذه الأخيرة تنتقل بالوراثة ولو بطريقة معنوية فقط. وما يقوم به اليوم على الساحة الشيعية من "إغراق" الناس بالأموال لا يشي إلا بتبني نظرة استعلائية لإستتباعهم. لكن، مع هذا، من الظلم أن يصدر بيان عن جهة أقل ما يقال عنها أنها "لا شيء" وتسمى "المجلس الإسلامي العربي" وحتى ولو كان يديرها علامة ومنظر ديني! ولا معنى حقيقي لتذكير الناس بإتفاق 17 أيار سوى أنه دليل على وضاعة التفكير، وما شأن ذلك بما تحدث عنه الأسعد في مؤتمره الصحفي مفنداً العناصر التي تقوم عليها الثقافة التي يعمل حزب الله على بثها في نفوس جمهوره، عن قصد أو بدونه!

لكن ما يصدم في الحوار الشيعي، الهامشي هذا، استعادة عبارة "الإقطاع السياسي"، والتوعد بعدم عودته، فضلاً عن اللجوء الدائم إلى فكر الإمام الصدر، على أنه المنهج السليم والقويم للحالة الشيعية اللبنانية. وفي هذا الكثير من الهراء، فإذا كانت "الأسعدية" هي حالة إقطاعية سافرة، فإن "الصدرية" بمرحلتيها (في حياة السيد الصدر، وبعد اختفائه وتولي رئيس مجلس النواب نبيه بري القيادة) و"الخمينية" تشكلان نمطاً مبطناً، بغطاء حزبي منظم، من الإقطاعية السياسية.

من المؤسف حقاً، أن يستعيد علمانيي الشيعة ما يسموه بـ"تراث الصدر" لمواجهة حزب الله به، فيما يشكل هذا التراث الخطوة الأولى للخمينية بوجهها الحاد والنافذ -والديكتاتوري طبعاً- والذي يتحكم اليوم بالانتشار الشيعي في لبنان ويحد من قدراته العقلية والنفسية. فقبل الصدر، كانت الانتماء الحزبي الصرف يحكم الفكر السياسي الشيعي، بين الاشتراكية والقومية بعيداً عن النزعات الطائفية (طبعاً بشكل عام). وبعد قدومه، في طريقة ما زالت حتى الساعة تثير علامات استفهام عن ماهيته ودوره، تحول الفكر الشيعي إلى عصبية مقفلة وصلت حتى ذروتها تحت عباءة حزب الله.

وإذا ما أردنا أن نصف الإقطاعية السياسية، بعيداً عن التنظير العلمي، فإننا نشير مباشرة إلى الطريقة التي يعامل بها حزب الله جماهيره. فبينما يقدم لهم كل شيء، من عمل ومال و"حياة كريمة"، فإنه مقابل هذا يتحكم بمصيرهم الأبعد. وهكذا فإن الشيعي يعيش يومه، وخاصة إذا كان منتمياً إلى حزب الله، في راحة تامة بيد أنه يجهل ما سيكون عليه حاله بعد انقضائه. فقد يأتي الأمر، من "صاحب الأمر" بضرورة مقاتلة هذا أو ذاك. وقد يحصل طارئ، ويخطر على بال "صاحب الأمر" أن يفتعل أي حادثة على الحدود، لغاية ما، فيضطر هذا المواطن الذي يعيش بكرامة، أن يلجئ غصباً عنه لينام في إحدى المدارس الرسمية هنا أو هناك!(ومحافظاً على كرامته؟) ولا يجب أن ننسى الأهم هنا، أن "صاحب الأمر" يملك مصادر الراحة، من مال و"عمل" (إذا جاز لنا أن نطلق عليه مسمى "عمل")، مما يعني أن حياتك، مصيرك، كله في يده.. إلى آخره.

وتماماً هكذا كان الإقطاع "الأسعدي". وهكذا كان الإقطاع "الحركي" في أوج قوته. واليوم حزب الله يمارس الإقطاعية حتى أخر نفس. نحن ضد هذه الثقافة التي يعمل في نطاقها "الحزب الحاكم". ولكننا في المقابل لا يمكن أن نكون مع الفكر "الصدري" و"الأسعدي" (الأب والابن معاً) أو حتى مع أناس يعارضون حزب الله، لكنهم لا يقدمون صورة أفضل منه. فالأسلوب نفسه يعتمده اليوم السيد أحمد الأسعد، لاستمالة الشيعة، ومع ذلك سيفشل حتماً. والآخرون من المعارضين فهم صغار بما يكفي كي نتجاهلهم. ونرفض نقدهم لأنهم ليسوا أهلاً له. فمنهم من صار همه الأول أن يقلد الشيخ نعيم قاسم بحركة أصبعه المهددة (ومن بعدها قرر الاستنكاف عن العمل السياسي)، والأخر ما عاد يعرف كيف سيحرم الآخرين من المعارضين من منافع دعم رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري!

إذا ماذا نريد؟ نريد التغيير. ولكن ليس فقط بالأسماء، إنما بطريقة التعامل والمنهج. فلا يمكن أن نقبل بقاء التعاطي معنا، نحن المواطنون، على أساس أننا رعاع وحاشية! وهذا ليس ارتداداً طائفياً، إنما هو اقتناع بأن الوصول إلى المجتمع العلماني (والدولة العلمانية) لا يكون إلا بإصلاح وتغيير، ونقد، الجماعات الصغرى المكونة للمجتمع. فالتغيير يبدأ من تحت..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما سبب الاختلاف بين الطوائف المسيحية في الاحتفال بعيد الفصح؟


.. نشطاء يهود يهتفون ضد إسرائيل خلال مظاهرة بنيويورك في أمريكا




.. قبل الاحتفال بعيد القيامة المجيد.. تعرف على تاريخ الطائفة ال


.. رئيس الطائفة الإنجيلية يوضح إيجابيات قانون بناء الكنائس في ن




.. مراسلة الجزيرة ترصد توافد الفلسطينيين المسيحيين إلى كنيسة ال