الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مدنٌ ظُلمتْ وتتطلع إلى الإنصاف

جاسم الحلفي

2008 / 11 / 21
المجتمع المدني


ليست كردستان وحدها تحملت وزر التهجير والتدمير، رغم سعة حجم الكارثة التي لحقت بها، فهناك مناطق أخرى في العراق شهدت أيضا الهدم والتجريف. إنها ليست القرى الحدودية مع إيران والكويت، التي لحق بها الخراب ما لم يتصوره عقل إنسان سوي، بسبب الحروب الكارثية، كما أنها ليست قرى الأهوار التي دمرت نتيجة سياسة التجفيف المعروفة.
الحديث لا يدور هنا عن تلك الفظاعات المؤلمة، إنما عن قرى أخرى في وسط وجنوب العراق، لا ذنب لأهلها سوى أنهم رفضوا أن يكونوا حطبا لأتون الحروب العدوانية الخاسرة، والسياسات العنصرية المدمرة. وإذ تصعب الإحاطة هنا بالظلم والعدوان الذي لحق بتلك القرى الآمنة التي جرفت بساتينها وسويت بالأرض بيوتها، وسجلت بذلك علامات مخزية في سجل النظام المباد، يمكن تذكر هنا ما لحق بقرية (سيد دخيل) من تنكيل واسع بأهلها عقابا لهم لاشتراكهم في انتفاضة آذار المجيدة عام 1991 كذلك الضيم الذي لحق بقرى عشائر (ال بو حسان) في المثنى، والدمار المادي والمعنوي الذي لحق بهم، بعد ان تم قصف تلك القرى بالمدفعية الثقيلة لمدة 24 ساعة متواصلة، هذا فضلا عن إعدام مجموعة من أبناء المنطقة بعد أن سويت بيوتها بالأرض وجرفت مزارعها العامرة. ولم تكن مناطق (ال جويبر) في قضاء سوق الشيوخ بمحافظة ذي قار، بمنحى من شدة القمع الذي شمل جميع سكانها، بعد أن امتنع عدد منهم عن الالتحاق بالقوات الحربية للنظام السابق.
إذ نستعرض هذه الأمثلة فليس المقصود تبيان جرائم النظام السابق ولا للتذكير بسياساته العدوانية، إنما عرض احتياجات أبناء تلك القرى والعمل على إنصافهم بعد الحرمان والمعاناة والأذى الذي لحق بهم. ذلك لأن هؤلاء الناس يستحقون الالتفات إليهم وتعمير قراهم وتعويضهم تعويضا عادلا ومجازاتهم. وإن تعذر على الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية أن تقدم شيئا لهم فلا اقل زيارتهم والاستماع إليهم، والتخفيف من معاناتهم. إن حالهم كحالنا؛ فقد علموا بأرقام الميزانية الاتحادية، وبتخصيصات تنمية المحافظات، وما تضمنته فقرات الأعمار والبناء فيها. كما أنهم انتظروا بصبر كي يروا شيئا مما سمعوه عن برامج المنح الدولية في إعادة بناء قراهم وتأهيلها، وتمنوا بشكل ملموس رؤية جهود مجموعة التعاون التابعة لوزارة الخارجية الايطالية، التي خصصت مبلغا قدره 35 مليون دولار للمباشرة بإعادة بناء 40 قرية من قرى (آل جويبر) المهدمة.
إن سكان تلك المناطق يشكون اليوم، وبألم بالغ، ما آلت إليه أوضاعهم. فهم لا يتحدثون عن ما لحق بهم سابقا بسبب موقف النظام المباد منهم، فهم ارتضوا بإدانته، وطي تلك الصفحة المؤلمة من تاريخنا المعاصر. لكنهم يتطلعون الى الحكومة الحالية كي تنصفهم. فالظروف الذي تحيط بهم قاسية، والصعوبات الحياتية كثيرة، والخدمات سيئة، والبطالة متفشية، وأراضيهم تحتاج الى الاستصلاح والمياه والدعم الزراعي.
ان أبناء شعبنا في تلك المناطق الذين ازدادوا صلابة حينما رؤوا بأم أعينهم نهاية الظالم، ورحيل من نفذ جرائمه بحقهم في غفلة من الضمير الإنساني، هؤلاء الذين لم تثنيهم قسوة الظروف عن المضي قدما للدفاع عن العراق الذي تحمى فيه الحقوق والكرامة، يتطلعون اليوم الى خطة إعمار حقيقية تنفذ بنزاهة ووجدان، تنصف المتضررين من جور الدكتاتورية المقبورة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا.. تفاصيل خطة حكومة سوناك للتخلص من أزمة المهاجرين


.. مبادرة شبابية لتخفيف الحر على النازحين في الشمال السوري




.. رغم النزوح والا?عاقة.. فلسطيني في غزة يعلم الأطفال النازحين


.. ألمانيا.. تشديد في سياسة الهجرة وإجراءات لتنفير المهاجرين!




.. ”قرار تاريخي“.. القضاء الفرنسي يصادق على مذكرة اعتقال بشار ا