الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين حنا مينه وأورهان باموق

سامي العباس

2008 / 11 / 25
التربية والتعليم والبحث العلمي


في الكلمة التي القاها الروائي التركي اورهان باموق في حفل تسلمه جائزة نوبل , قال : "توفي أبي في ديسمبر 2002.اليوم ، بينما أقف هنا أمام الأكاديمية السويدية والأعضاء البارزين الذين منحوني هذه الجائزة العظيمة ـ هذا الشرف العظيم ـ وضيوفهم البارزين، أتمني، بحرارة، لو كان بيننا"... وفي بوح يخلط بين السخرية والمرارة الموجعة للقلب, يوصي روائينا حنا مينه , الذي تتلمذنا على يديه: أسلوبية في التفكير و الكتابة , وانحيازاً سسيولوجياً للفقراء يكاد يحولهم إلى أيقونة :«ليس لي أهل لأن أهلي جميعاً لم يعرفوا مَن أنا في حياتي».
وصية شيخ الرواية السورية شهادة وغصة معاً. يتقاسمها معظم المبدعين الكبارالطالعين من منابت فقيرة ..إذ تنتصب بينهم وبين أحبائهم هوة يصعب جسرها ..وفي هذا رائز إيجابي لجهة التطور الإجتماعي . فالتفاوت الطبقي لايختصر الحكاية .بل تتعداه إلى ما فعله التعليم الحديث من تفاوت ثقافي بين الأجيال .فقبله ولقرون خلت , تطابقت الأجيال كما الحافر على الحافر ..
لقد حفرالتعليم الحديث –لأول مرة - فجوة بين الأجيال العربية التي فاتها, وتلك التي أنتفعت به .فتغيرت لدى الأخيرة حساسيتها حيال العالم . وتشوشت قنوات إتصالها بالبيئة الأهلية ..لا أحدا ممن نال حظاً من التعليم الحديث في العالم العربي لم يجرب هذا الألم .ألم الاغتراب, ومصاعب التنفس داخل فقاعته البيئية ..وفي هذا الإطار تعمل الدراما التلفزيونية العربية كباريمتر يقيس منسوب الحداثة العقلية داخل فضائنا العربي المنتفخ بمكونين ثقافيين :
- مكتوب راكمته , الثقافة"اليهمسلامية " المتعالمة بتعبير محمد أركون.
- شفهي خاض مع المكون الأول , صراع البقاء ..
تشتد وطأة الغربة ,والعجز عن النهوض بالشق المعنوي من أعباء القرابة عند من منحته الحياة فرصة أكبر للتمايز .كحالة الروائي حنا مينه . تصبح علاقات القرابة- كأنفاق حفرتها الطبيعة - لتمرير السامي والجميل مما تواضعت عليه الجماعة كرأسمال رمزي - مسدودة ً من الطرفين .
يقول أورهان باموق: " كان لأبي مكتبة كبيرة ، ففي شبابه ، في نهايات الأربعينات ، أراد أن يكون شاعرا اسطنبوليا، وترجم فاليري إلي التركية، لكنه لم يرد أن يعيش تلك الحياة التي تأتي مع كتابة الشعر في بلد فقير به القليل من القراء. كان جدي لأبي رجل أعمال ثرياً, فعاش أبي حياة رخية في طفولته وسنين شبابه الأولي،".. لانجد ما يشبه ذلك في طفولة حنا مينه المبثوثة في تضاعيف رواياته:الشمس في يوم غائم .والمستنقع ..الخ.. .بل نجد الفقر وبقية متعلقاته تعبق كغيمة من الروائح تخصص بها أدب المدرسة الواقعية الإشتراكية ..
إلاأن خيطاً مشتركا يلضم الروائيين :مينه, وباموق ,نلقط طرفه في كلمة الأخير عندما تسلّم الجائزة. والتي نشرتها الصحافة العربية تحت عنوان حقيبة أبي: "إن سر الكتابة ـ في رأيي ـ ليس في الإلهام الذي لا يعرف أحد من أين يمكن أن يأتي، بل في العناد والصبر. يبدو لي ذلك التعبير التركي الجميل، « أن تحفر بئرا بإبرة»، وكأنه وجد ليصف عمل الكاتب...... ففي روايتي :إسمي الأحمر,تحدثت عن فناني المنمنمات الفرس القدماء الذين رسموا الحصان نفسه بتفان وإخلاص، طيلة سنوات، فحفظوه عن ظهر قلب، حتى باتوا قادرين على رسم حصان جميل وعيونهم مغمضة".
نعم يحفر الكاتب بئراً بإبرة. زوادته في هذه المشقة ,الأمل في أن يرى زحاماً على البئر ..هل هي غصة حنا مينه لوحده ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Ynewsarab19E


.. وسط توتر بين موسكو وواشنطن.. قوات روسية وأميركية في قاعدة وا




.. أنفاق الحوثي تتوسع .. وتهديدات الجماعة تصل إلى البحر المتوسط


.. نشرة إيجاز - جماعة أنصار الله تعلن بدء مرحلة رابعة من التصعي




.. وقفة طلابية بجامعة صفاقس في تونس تندد بجرائم الاحتلال على غز