الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التعليم الحكومي والتعليم الاهلي والتمايز الطبقي

خضير حسين السعداوي

2008 / 11 / 24
التربية والتعليم والبحث العلمي


منذ أن انتقل التعليم في العراق من التعليم الخاص التعليم الملائي و ظهور المدارس الحديثة في العراق والدولة هي المسؤولة عن التعليم وبكل مفرداته من بناء المدارس إلى تعيين الكوادر التعليمية إلى الكتاب المدرسي الذي يعبر عن فلسفة الدولة التربوية وأصبح التعليم يمد الدولة الحديثة بما تحتاجه من الكفاات العلمية وفي شتى الاختصاصات وبقي هذا الرافد يمد الدولة بالموظف والطبيب والمهندس وطلاب الكلية العسكرية والشرطة وغيرها من مفاصل الحياة العصرية المختلفة بالرغم من أن التعليم قبل ثورة 14 تموز العام 1958 كان يقتصر وبشكل كبير على أبناء العوائل الثرية والمترفة وأبناء ملاكي الأراضي ولم يسجل أبناء الطبقات الكادحة في المدن و الريف العراقي حضورا ملموسا في المدارس لحالة الفقر فيها والسيطرة الإقطاعية على الفلاحين وأبناءهم في الريف حيث كان قدرهم أن يكونوا جزء من الأرض التي يكدحون فيها لتذهب حاصلات الإنتاج في نهاية السنة الزراعية إلى جيوب الإقطاعيين مع العلم أن بعض ملاك الأراضي منع فتح المدارس في مناطقهم خشية الوعي الذي يرافق التعليم .
ولذلك على مدار ما يقارب من ظهور الدولة العراقية إلى العام 1958 لم نسمع أن الدكتور الفلاني أو المهندس الفلاني أو الموظف الكبير الفلاني أو الضابط الكبير الفلاني ابن عامل أو فلاح أو ابن كاسب أو من أي من الشرائح الاجتماعية المعدمة الأخرى فالذي نتذكره في مدننا حتى أوائل الستينات لم اعرف في محافظتي ذي قار التي اسكنها رغم اتساعها وعدد سكانها الكبير لم نسمع عن دكتور أو مهندس أو موظف كبير من هذه الشرائح التي ذكرنا إنما اغلب الأطباء والمهندسين والمدرسين والموظفين الكبار اغلبهم من العوائل الثرية أو الإقطاعية التي تستطيع الإنفاق على أبناءها لإكمال تعليمهم في داخل العراق أو خارجه ولم يتمكن أبناء الطبقات الفقيرة في أعلى حد إلا أن يصل إلى وظيفة معلم أو موظف بسيط في دائرة حكومية ولكن بعد ثورة تموز العام 1958 حدثت قفزة نوعية في التعليم فقد تبنت الثورة وبشكل كبير التعليم والذي من مفهوم وأهداف هذه الثورة أن ((التعليم حق لكل مواطن ))وعلى الدولة أن توفر مستلزماته فانتشر في أقصى المناطق الريفية والتي كان الإقطاع يقف حائلا دون وصولها فضلا عن المدن والقصبات الأخرى البعيدة ودخل أبناء الفلاحين والعمال وكل شرائح المجتمع التعليم بلا استثناء وغاب التمايز الطبقي في التعليم حيث يجلس ابن الفقير إلى جانب ابن الغني في صف واحد وأحيانا في مقعد واحد واستمر التعليم على هذا المنوال ، والغي أو حجم التعليم الأهلي والكليات الأهلية القائمة على الربح والخسارة والمتحكم بها من قبل المستثمرين وظهر كثير من الأطباء والمهندسين وأصحاب الكفاات والموظفين الكبار من انحدارات فلاحية أو أبناء كسبة أو عمال وغيرها ، الذي أريد أن أقوله لكي لا نكرس ما بدأه النظام السابق من ظهور التعليم الطبقي الذي يميز ما بين الفقير والغني فقد أعاد ذلك النظام التعليم الأهلي أو كما اسميه أنا(( تعليم الأغنياء ))والكليات الأهلية واستشراء ظاهرة التدريس الخصوصي في مدارسنا التي يتباهى بها الأغنياء حتى تحولت مدارسنا وأساتذتنا أشبه بالأطباء الذين يعملون في المستشفيات الحكومية عندما يراجع المواطن الطبيب في المستشفى تجده يفحص المريض على مقولتنا العراقية (( من ور خشمه )) أما عندما تراجعه في العيادة الخاصة أو في المستشفيات الأهلية التي بدأت تنتشر في بلادنا تجده يختلف اختلاف جذري في المعاملة والتشخيص والاعتناء بالمريض كذلك في مدارسنا نتيجة استشراء هذه الظاهرة أصبح بعض المدرسين لا يبذل جهدا داخل الصف كما في حالة الدروس الخصوصية ، فإذا نحى التعليم هذا المنحى وهو في طريقه إليه للأسف الشديد فعلى الفقراء والمعوزين السلام ،عندما يختار أبناء الأغنياء المدارس والكليات بأموالهم ويبقى بقية أبناء الطبقات المسحوقة تحت رحمة المدارس الحكومية وصعوبة الأسئلة الوزارية ويحرموا من الوصول إلى الجامعات والكليات والمعاهد إلا النزر اليسير منهم ويتسرب أكثرهم إلى الإعمال البسيطة لتنتهي أحلامهم الوردية في المستقبل المشرق في بناء وطنهم وتحقيق ما يصبون إليه في رفع مستوياتهم المعايشة ... ولكي لا يفقد نظامنا التعليمي و جامعاتنا بريقهما العلمي المعروف للعالم علينا أن نلغي فكرة التعليم الأهلي أو نحد منها وصب الجهد لتحسين مستوى التعليم الحكومي الذي يحتضن كافة طبقات الشعب دون استثناء أو تمييز علينا أن نرفض جميع القرارات التي يتخذها المترفون والمنعمون في حياتهم دون إشراك الناس الذين مسهم الضر في اتخاذ مثل تلك القرارات ، لحد الآن كثير من العوائل العراقية تعيش على الحصة التموينية علينا أن ننظر إلى واقعنا قبل نقل تجارب الغير بصورة إلية ، إن نظام المدارس الأهلية نجح في بلدان متقدمة ولا اعتقد انه ينجح في بلاد لا يزال كثير من قطاعاته يعيش حياة الكفاف كيف يستطيع موظف راتبه الشهري 400 ألف دينار أو كاسب بسيط أن ينفق على أبناءه في مدارس أو كليات أهلية أذا علمنا أن القسط السنوي لا يقل عن أربعة ملايين دينار هذه المدارس والكليات استثمارية تنظر إلى العملية التربوية هذه العملية المقدسة كما ينظر إلى أي معمل إنتاجي لإنتاج المعجون مثلا ، لتخرج المعلم أو المدرس صاحب الرسالة التعليمية من دائرة قدسية المهنة إلى دائرة أي مدرسة تدفع أكثر ، وتصبح الشهادات تمنح لمجرد دفع اجور التعليم والتسجيل في هذه المدارس والذي نعاني منه ألان في المدارس المسائية من تردي المستوى التعليمي لخريجي هذه المدارس والمعاهد والجامعات أما إذا كان لابد من التوجه للتعليم الأهلي والذي يسهم في إظهار التمايز الطبقي بين أبناء البلد الواحد فعلى الدولة أن تتحمل تكاليف واجور الدراسة لأبناء الطبقات الفقيرة والمعدمة لكي نكون عادلين عندما نعلن في قوانيننا أن العراقيين متساوون في الحقوق والواجبات .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موريتانيا: ماذا وراء زيارة وزيريْ الدفاع والداخلية إلى الحدو


.. إسرائيل وحسابات ما بعد موافقة حماس على مقترح الهدنة في غزة




.. دبابة السلحفاة الروسية العملاقة تواجه المسيرات الأوكرانية |


.. عالم مغربي يكشف عن اختراع جديد لتغيير مستقبل العرب والبشرية




.. الفرحة تعم قطاع غزة بعد موافقة حماس على وقف الحرب