الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ازمة حلم

عبد الجبار خضير عباس

2008 / 11 / 26
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يعبر الحلم عن مستويات عديدة من الدلالات، منها حلم النوم والحلم بمعنى العقل إذ يقال: فلان قد بلغ الحلم أي اصبح رجلا عاقلا، ومنها الحلم القسري حين تجبر في غرف التعذيب على حلم يقظة من نوع آخر، يشبه اختبارات غرفة التأملات في الماسونية وحلم اليقظة بين الاستيقاظ والنوم ، وبوصف غاستون باشلار (ان منطقة احلام اليقظة المادية تسبق التأمل لأننا نحلم قبل ان نتأمل. وكل منظر تجربة حلمية قبل أن يكون مشهدا واعيا.) وثمة فارق بين الحلم والخيال الذي هو رسم صور للواقع مبتكرة، ويدعو ابن عربي إلى الخيال الخلاق، فالخيال عنده ليس ابتكارا للصور من مادة الواقع أو من "طينه"بتعبير ادونيس بل صورة تضاف إلى الواقع، كي تغنيه. ويرى ( ان قوى التخييل عند العرب شغلت على نحو اخص، لأسباب دينية في المقام الاول، بفتنة العين والنظر والبصر قبل البصيرة. مظهر الكائن قبل جوهره .. وشغلها الحلم بوصفه إفلاتا من ثقل الواقع وقبضته عزاء واملا). ويأتي الحلم بمعنى الرؤيا بوصفه امرا الهيا يتلقاه فقط الانبياء عند البعض والبعض الأخر يشمل الأئمة أو مجمل الناس الصالحين. وثمة قراءة سايكولوجية للحلم المعبر عنها على وفق القراءة الفرويدية وغيرها..أو بمعنى المتجاوز الذاتي للفرد والتعبير عما هو كوني في الإنسان. إلا أن ما يهمنا هنا هو فقداننا للحلم بوصفه توحيدا بين البصر والبصيرة على وفق قناعات ابن عربي. فالمتتبع لحملة الانتخابات الاميركية الأخيرة، لابد أن لفت انتباهه شعار الحلم الاميركي بالاشارة لمطالب "مارتن لوثر كنك" الداعية للعدل والمساواة والمناهضة للتمييز العنصري، وقد تحقق حلم لوثر عبر انتخاب "باراك اوباما" رئيسا لاميركا، ما احدث انقلابا في المسار الديمقراطي للبشرية، يتوافق مع أهمية ما فعل كوبرنيكوس، وفرويد، ودارون. ومدلول آخر للحلم الاميركي بان الولايات المتحدة الاميركية مكان تحقيق الأحلام الفردية، فيهاجر إليها البشر من أرجاء المعمورة، إذ هناك يعيش الناس كما في اليابان واوروبا ديدنهم الحلم بالمستقبل، اذ تحول لديهم التاريخ إلى فكرة انهم منفلتون من إيقاع اللحظة المكانية، ودائما هم في حلم بمعنى القصدية بهدف التغيير المستمر لحلم التحول المستقبلي، فلكل مؤسسة برنامج مستقبلي لخمس سنوات وأخرى عشر سنوات .. الخ . أما نحن ، فنعيش حالة سبات جمعي وتكاسل بدلا عن تحريك لوعينا، وان حلمنا فمعناه سطحي من دون قراءة للعمق، جعل خيالنا مربوطا بالماضي وبعذابات القبر فزعاً هلعاً يصنع الكوابيس. والحلم في مخيالنا الشعبي يعني الوهم، فاذا طرحت مشروعا او فكرة تأتيك الاجابة انك تحلم، يسحبك الى دوائر الانكسار والفشل المسبق ويثبط من عزيمتك، اذا ما احالك لحكاية صاحب العصفور الذي يمد يده مبتغيا اصطياد عصفور، وحين عرف المارة غايته اتهموه بالوهم والجنون، فرد عليهم ثمة من هو اكثر مني جنونا من دفع عربونا للعصفور! أي اننا نعيش أزمة حلم حقيقية.. متى سيكون لنا حلم كالآخرين؟!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا بعد سيطرة إسرائيل على معبر رفح وما موقف القاهرة ؟| المس


.. أوكرانيا تعلن إحباط مخطط لاغتيال زيلينسكي أشرفت عليه روسيا




.. انتفاضة الطلبة ضد الحرب الإسرائيلية في غزة تتمدد في أوروبا


.. ضغوط أمريكية على إسرائيل لإعادة فتح المعابر لإدخال المساعدات




.. قطع الرباط الصليبي الأمامي وعلاجه | #برنامج_التشخيص