الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ألإسلام و حرية الرأي

بطرس بيو

2008 / 11 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لم يكن من المستبعد أبداً أن تكون أوربا قد أصبحت إسلامية بأجمعها لو إستطاع المسلمون أن ينتصروا في واحدة فقط من الثلاث معارك الحاسمة و المصيرية التي جرت بينهم و بين الأوربيين في الأزمنة الغابرة.

أول هذه المعارك الثلاث هي معركة بواتيية التي جرت بين عبد الرحمن حاكم غرناطة و بين شارل مارتيل في فرنسا عام 732 ميلادية إذ كان عبد الرحمن قد إحتل الأكويتين التي تقع في الجزء الجنوبي الغربي من فرنسا. فإستغاث الدوق يودس حاكم الأكويتين بشارل مارتيل و كان هذا الأخير قد حشد فرسانه في مدينة بواتييه فحدثت المعركة ومني العرب بالهزيمة وقتل عبد الحمن في هذه المعركة.

أما المعركة الثانية فهي حصار فينا من قبل سليمان القانوني سلطان العثمانيين عام 1529 ميلادية. فقد سارع الماريشال ولهلم روكندورف بترميم و تقوية أسوار المدينة و القيام بهجمات متكررة على الجيش المحاصرفأجبر العثمانيين على الإنسحاب على أعقابهم. و كانت هذه المعركة هي بداية انتكاس الإمبراطورية العثمانية.

و المعركة الثالثة هي معركة ليبانتو البحرية التي جرت بين الأسطول العثماني تحت قيادة علي باشا و أسطول البابا تحت قيادة دون جون إبن شارل الخامس ملك اسبانيا عام 1571 و كان دون جون في الخامسة و العشرين من العمر. و قد إغتر سليم الثاني سلطان العثمانيين بسيطرته على البحر الأبيض المتوسط و بحصاره لفاماكوستا في قبرص فاعد أسطوله لمجابهة ألأسطول الأوربي. و جرت المعركة بين الأسطولين قرب ميناء ليبانتو و أبيد الأسطول العثماني عن بكرة أبيه عداجزء صغير منه إستطاع أن يفلت و يعود إلى قواعده في تركيا كما قتل علي باشا في هذه المعركة. فلو كان قد إنتصر الأسطول العثماني فيها لسيطر العثمانيون على ايطاليا و لكانت كاتدرائية القديس بطرس و كنيسة السيستين في الفاتيكان مساجد الآن كما حدث لآيا صوفيا في القسطنطنية.

و السؤال الذي يتبادر إلى الذهن ماذا كان سيكون الحال في أوربا الآن لو كانت قد أصبحت إسلامية بأجمعها؟ هل كان سيظهر أناس من أمثال كاليليو و نيوتن و أديسن و ميشيل أنجلو و ليوناردو دافنشي و موزار و بيتهوفن وغيرهم من العلماء و الفنانون الذين أثروا الحضارة الإنسانية أيما إثراء.

مما لا شك فيه أن الكنيسة الكاثوليكية أعاقت في وقت من الأوقات تطور العلوم حتى فطن الغربيون إلى سيطرة رجال الدين و تخلصوا من هذه السيطرة بالإصلاح الديني و لم يكن ذلك بالأمر الصعب لأن الإصلاح جرى على الكنيسة و ليس على الدين المسيحي حيث أن الدين المسيحي يقتصر على الأمورالروحانية و لايتدخل في الأمور المادية إلا أن هذا القول لا ينطبق على الدين الإسلامي الذي هو دين و دولة. ومما لا شك فيه كذلك أنه كان من المسلمين علماء و فلاسفة من أمثال أبن رشد و ابن سينا و الخوارزمي و جابر إبن حيان و غيرهم. فإبن رشد كان معروفاً لدى الأوربيين فهو الذي عرفهم على أرسطو إلا أنه لم يكن مقبولاً من قبل رجال الدين المسلمين.

إن تقدم الحضارة و تطورها المضطرد يتطلب الحرية الكاملة لإبداء الرأي و الرأي الآخر كما يتطلب النقد الحر بما في ذللك نقد الأديان كما حدث و يحدث الآن في الغرب و هذا امر غير مسموح به في العالم الإسلامي. فلدينا أمثلة ملموسة على ذلك في عصرنا الحالي فمن المؤلفات الممنوعة حالياً مثلاً الشعر الجاهلي لعميد الأدب العربي طه حسين و غيرها من المؤلفات التي لا تحضرني عناوينها. فالكتاب الذين يرغبون إبداء آرائهم بحرية يضطرون للهجرة إلى الغرب و إلا تلقوا مغبة أعمالهم كنوال السعداوي والسيد القمني و غيرهم.

سيتفق معي أي إنسان متحضر إن رددت قول سعد زغلول أن "الدين لله و الوطن للجميع". لا شك أن الدين هو علاقة مباشرة بين الإنسان و خالقه ولا شأن للغير بما اؤمن أنا او لا اؤمن. أما العلاقة بين الإنسان و أخيه الإنسان فتنظمها الدساتير و القوانين التي تتغير مع تطور الضروف خلاف المعتقدات الدينية التي تبقى ثابتة رغم تغير أحواال البشر. فالنأخذ مثلاً واحداً عن التغير الجذري للقوانين بتغير الضروف. في الطبعة الخامسة عشر من الموسوعة البريطانية المجلد الثاني صفحة 253 جاء ما يلي عن القانون المتعلق بالرق في القرن السابع عشر في ولاية فرجنيا في الولايات المتحدة " إن المولود من رجل أبيض و أم سوداء يعتبر قانوناً من العبيد و لا يتمتع العبد بأي حقوق بموجب القانون. فلا تقبل شهادته في المحاكم ضد أي شخص أبيض. و لا يجوز للعبد أن يتعاقد مع الغير أو يمتلك ملكاً. و لا يسمح له الدفاع عن نفسه إن هوجم من قبل شخص أبيض أو أن يعتدي عليه. كما لا يحق للعبد أن يترك منزل سيده دون إذنه و لا يسمح للعبيد التجمع إذا لم يكن بينهم شخص أبيض و لا يحق للعبد حمل السلاح او تعلم القراءة و الكتابة." و الآن كما يعلم الجميع رئيس جمهورية الولايات المتحدة عـبد.













التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah