الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا تريدون من الكرد أيها السادة؟

جان كورد

2004 / 3 / 7
القضية الكردية


هناك مخاوف في عموم كردستان من أن كل ما قيل حتى الآن عن حقوق الشعب الكردي في العراق الديموقراطي الحديث لن يكون سوى فقاعة صابونية لا قيمة حقيقية لها على أرض الواقع، وأن يخرج الكرد من معترك الجدل الطويل أشد الناس خسارة وأكثرهم تعبا وإرهاقا ، ويتوجس الكرد عامة – حسب ما نراه ونسمعه كل يوم - غدرا من قبل أوساط عربية كانت تجوب كردستان وهي تتمنطق حزام الديموقراطية وقوى إسلامية كانت تقسم الإيمان الغليظ على أنها لن تخيب ظن الكرد فيها...



وإن حدث ما لا يأمل حدوثه أي عاقل، رغم كل الوعود عن الحق الكردي في الفيدرالية منذ مؤتمري لندن وصلاح الدين، فلن يقبله الشعب الكردي، لا من قيادات العراق الحديث ولا من قياداته الكردية وإن اضطرابا عنيفا سيعصف بالمجتمع الكرستاني وسيقلب كثيرا من الأمور، بحيث تظهر مواقف قد يظن بعضهم أنها متطرفة ولكنها ستلقى دعم وتأييد مختلف قطاعات الشعب الكردي، وسيضر ذلك بمستقبل العراق بالتأكيد وقد يحول المنطقة الكردية إلى بؤرة غليان لايعلم أحد نتائج تطوراتها...



لقد بنى الشعب الكردي تاريخه على بحر من دماء شهدائه وتضحيات أبنائه وبناته، وعملت قياداته على الدوام من أجل التآخي العربي – الكردي، والعدالة والديموقراطية والوحدة الوطنية، سواء في العراق أو في سورية، ولن يتراجع هذا الشعب قيد أنملة عن تصوراته وطموحاته التي يراها عادلة، وهي حقا عادلة حسب مبادىء الدين الذي يجمع غالبية الكرد بغالبية العرب، وحسب مختلف المعاهدات والوثائق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وحقوق الأقوام والشعوب والأمم. وقبل كل شيء حقه في تقرير مصيره بنفسه على أرض وطنه كردستان. والعالم كله بات يدرك أن الكرد لم ينزحوا من أواسط آسيا أو من هضاب الحجاز أو أدغال أفريقيا، وإنما هم سكان المنطقة التي يسكنونها منذ فجر التاريخ البشري، ولم تنفع كل حملات تهجيرهم بالقوة في تصفية وجودهم القديم والمستمر في بلادهم حتى اليوم. فهل هناك وثيقة دولية تحرم عليهم العيش في استقلالية وحرية على أرض آبائهم وأجدادهم؟ وهل سيسري إلى الأبد استثناؤهم من بين كل شعوب الأرض؟



لقد بحث الكرد عن العيش المشترك الذي يمنحهم الحقوق ذاتها التي يتمتع بها غيرهم وقد أعلن الزعيم الكردي المعتدل مسعود البارزاني لدى سقوط حكم الطاغية صدام حسين بأن الكرد لن يقبلوا بأن يعيشوا بعد الآن كمواطنين من الدرجة الثانية، وحقيقة فإنهم لم يشعروا بالحرية يوما من قبل مثلما يشعرون بها الآن ويعتزون بها. وكما أنهم دافعوا عن حقهم من أجل انتزاع الحرية من الجبابرة الطغاة المستبدين عقودا طويلة من الزمن فإنهم سيدافعون عن الحرية التي يمتلكونها الآن ولن يخيفهم الإرهاب البائس فكريا والمتخلف استراتيجيا ولا تهديدات الجيران التي باتت تثير اشمئزاز كل الأمة الكردية وأصدقاء الحرية في العالم.



لذا من الضروري معرفة رأي كل هؤلاء الذين يقفون في وجه تمتع الكرد بحقهم في الفيدرالية أو في المحافظة على الحرية التي يتمتعون بها الآن، ضمن حدود العقلانية..



فماذا تريدون من الكرد أيها السادة؟



أتريدون أن يتخلى الكرد عن كل تاريخهم الكفاحي ويرموا بكل قواهم التي في أيديهم أرضا وينبطحوا عند أقدامكم لمجرد أنكم تخلصتم من الدكتاتورية البعثية عن طريق مساعدة قوات التحالف لكم، في حين أن الكرد قاتلوا أجيالا طويلة من أجل حريتهم، ولم تطمئن قلوبهم بعد إلى أن عصر الديموقراطية في العراق لن ينتكس؟ ومن يضمن لهم أن بعضكم لن يتحول إلى دكتاتورأبشع من صدام حسين وزبانيته المجرمين؟ ومن سيدافع عن هذا الشعب في وجه التهديدات الإرهابية لبعض العصابات الطفيلية على العراق ولبعض الدول المجاورة له؟ وإذا كنتم فعلا ديموقراطيين فلماذا لاتقبلون إرادة شعب كردستان وأحزابها التي تقود شرائح واسعة من هذا الشعب، وهي تسعى للعيش معكم في الحرية والديموقراطية وفي عراق تصان وحدته الوطنية؟



أتخافون من أن ينفصل الكرد عن العراق؟ أوليس هذا حقا لهم حسب القانون الدولي؟ على الرغم من أنهم كانوا قادرين على الانفصال من قبل أن يسقط نظام الدم والخراب فآثروا العمل معكم من أجل عراق موحد يتمتعون فيه بحياة في الفيدرالية؟



أم تريدون إلغاء كل حق قومي صريح للكرد بحجة أنهم عراقيون ولا حاجة للتفرقة ثم تتنكرون لبعض ما تعطونهم من حقوق ثقافية كحق ارتداء الزي الكردي الفضفاض والدبكات في الأعراس؟



من رجال العراق الذين يدعون أنهم ديموقراطيون أو إسلاميون من يرفض حتى منح الكرد حكما ذاتيا، بل من المثقفين العرب من ينوي تصفية الكرد بالجملة لمجرد أنهم لا يوافقونه على مذهبه الإرهابي ومسلكه الإرهابي، في حين أن الكرد أظهروا طوال تاريخهم رحابة الصدر في كل ما يتعلق بالدين والوطن والحياة الإنسانية المشتركة..



ومن رجال العراق من يحاول الضغط على الأحزاب والشخصيات المشاركة في القرار السياسي ليعرقلوا تمتع الكرد بما يرونه حقا طبيعيا لهم، ومنهم من يستنجد في ذلك بالجيران الذين يعملون متفقين على ضرب وتصفية أي طموح قومي كردي بسبب عنصرية أنظمتهم السياسية وضيق أفقهم الإنساني كحكام على وجه الأرض، وبخاصة عبدة أتاتورك وتركيا التي شرعت تخاف خوفا كبيرا من شبح كردستان الذي بات يخيم على استانبول وأنقره صباح مساء...



إننا نحن الكرد، في الوقت الذي نفتح فيه صدورنا وأيادينا للتلاقي مع إخوتنا العرب والترك والفرس الذين يريدونها أخوة حقيقية، وهم - مع الأسف – يختفون اختفاء الظل وقت القيلولة ويتضاءل عددهم في تسارع غريب، نؤكد بأننا قادرون على الدفاع عن أنفسنا وعن حقنا في الحرية والحياة، بل في الاستقلال وبناء دولة لنا على أرض كردستان المجزأة، لأن وعي الشعب الكردي قد ازداد، وتعلم من تجاربه الدموية المريرة، والكرد يملكون من القدرات القتالية الضرورية لخوض حرب عصابات طويلة الأمد ما لايملكها أي شعب آخر في المنطقة، وهاهي قياداته القادرة على إدارة الأمور وتجاوز الأزمات بجدارة وصبر، ويزداد التفاف كل الأمة الكردية حولها، بل وحول رايتها الموحدة التي رفعها أول رئيس كردي هوالشهيد القاضي محمد ورفيق دربه الجنرال مصطفى البارزاني الخالد ومن قبلهما العديد من شهداء هذه الأمة ومناضلوها الأشاوس. ونحن واثقون من أن العالم سيكون معنا لأننا أصحاب حق ونعيش في بلادنا ونحن أمة واحدة ولا نريد انتزاع أراض ليست لنا أو خيرات لاتخرج من أرضنا.. والقضية الكردية باتت معروفة في كل أنحاء العالم ولها أصدقاء في كل مكان..

هذا ما يجب أن يكون واضحا لمن لا يستطيع قبول تواجدنا كأمة وسط الأمم العربية والفارسية والتركية التي تسيطر حكومات بلدانها على أراض كردية ليست ملكا لها.



نعم ، من أجل أن يسقط التطرف على طرفي خط التماس ويندحر، دعونا أيها الديموقراطيون العرب نبني العراق وسوريا معا، وبشرط أن ينال الشعب الكردي وسائر الأقليات القومية والدينية حقهم فيهما على أساس العدالة والتآخي والسلام والحرية، وليس وفق قواعد الإكراه والقسر وفرض قدسية الحدود الاستعمارية القديمة على شعبنا الكردي. فنحن نرى بأن القدسية للإنسان وليس لتلك الحدود الظالمة المفروضة علينا دون إرادتنا وإرادتكم، وهذا يجب أن لا يغيب عن بال أحد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية خاصة | وكالة -إرنا- نقلاً عن مصادر ميدانية: فرق الإغاث


.. ناجون من الهولوكوست يتظاهرون في بريطانيا رفضا للعدوان الإسرا




.. رغم بدء تشغيل الرصيف العائم.. الوضع الإنساني في قطاع غزة إلى


.. تغطية خاصة | تعرّض مروحية رئيسي لهبوط صعب في أذربيجان الشرقي




.. إحباط محاولة انقلاب في الكونغو.. مقتل واعتقال عدد من المدبري