الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جبل ام مغسلة ؟

حاتم عبد الواحد

2008 / 12 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



يحشر المنظرون الاسلاميون انفسهم في زاوية التبرير عندما تواجههم الصحافة بتفسير الارتباط العضوي بين الارهاب والاسلام ، فتكون اجوبتهم مقرونة باحاديث وايات ووقائع مورست في عصر بداية الرسالة الاسلامية لكي يصلوا في محصلة ما يسوقون من دلائل الى شرعية قتل وارهاب من يقف حائلا بوجه نشر الدعوة المحمدية ، بل يزيدون على ذلك شرعية النص الذي يبيح نهب اموال هؤلاء الثابتين على اديانهم او عقائدهم، والرافضين للدين الجديد والاستيلاء على املاكهم وامتطاء نسائهم تحت بند الغنيمة او الفيء ، وهم في احاديثهم تلك التي يتبلوها بتهدجات صوتية وحركات اشارية ترتسم على وجوههم ، يشعرونك بانهم عائدون للتو من لقاء عاجل مع الله ، ويتم كل هذا الهرج بدون اشارة واحدة الى القرآن الذي هو اقدس نص اسلامي يعترف بديانات من يبيح هؤلاء الدعاة قتلهم ، فاذا كان دستور الاسلام يمنح الانسان حرية اختيار ما يعبد لماذا ينصب هؤلاء الدعاة انفسهم وكلاء لله ؟
ان المنظمومة السياسية الغربية بفلسفاتها وايدلوجياتها قد عملت لعقود طويلة من فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية وحتى سقوط جدار برلين على ابتكار الارهاب الاسلامي ، لم يكن الامر الا لعبة شطرنج بين الكرملين والبيت الابيض ، فالدب الشيوعي الذي كان يهدد مصالح امريكا وحلفائها راح ينفض ثلوج سيبريا عن كتفيه في مياه الخليج الدافئة ومياه البحر الاحمر والسواحل المتوسطية طوال فترة ثلاثة عقود او اكثر ، فكان لا بد من خلق ضد نوعي يوقف هذا الزحف الاحمر في منطقة تشكل مواردها وموقعها عصب الحياة الغربية ، ولعل نظرة سريعة على تواريخ استقلال الدول العربية سوف تعطي اجابة مقنعة على الدور الغربي في تنمية وتطوير الارهاب الاسلامي ، فمن المعلوم ان الحزب الشيوعي واحزاب اليسار العربي هي من اقدم الاحزاب التي نشأت في الوطن العربي ، ولكن الواقع يخبرنا ان هذه الاحزاب لم تستلم حكما في اي دولة عربية !
فالتثقيف المضاد لليسار كان مبرمجا على عاطفة العربي الذي يردد مثل ببغاء ما يقوله امام المسجد او الواعظ ، ولا يستطيع كائنا من يكون ان يشكك في رواية ضعيفة لحديث نبوي او سطر مدسوس في كتب التاريخ الاسلامي لان محاولة مثل هذه ستصم صاحبها بالزندقة والمسقوفية كما يسمي اهل بغداد كل فكرة تحاول اماطة اللثام عن شأن ديني زائف او مختلق او يراد منه هدف سياسي ، كما ان الجمود النظري لليسار العربي ابعده عن الجمهور ، فالنظريات الجاهزة في كتب ماركس وانجلز لم تكن قابلة للتطبيق في مجتمع يعج بالخرافة والغيبيات والامية والبطالة وعقوبات التعزير والتفسيق ، مما حدا باليساريين العرب الى الانجراف في منطق يتقاطع مع عقيدتهم ، والا ما تفسير ان تتبنى احزاب اليسار العربي شعارات تحرير المقدسات الاسلامية من الاحتلال الاسرائيلي ، وما معنى انشاء جمعيات او منتديات يسارية عربية تهتم بالشهداء وتروج لعقيدة الموت المقدس ؟
ان الطقوس والنصوص الاسلامية خير معين للغرب على تنمية الارهاب الاسلامي ، كما ان انظمة الحكم العربية تشكل المفقس الدائم لخلايا الارهاب ، ولا يمكن لدائرة التعويق الغربية ان تنجز مخططاتها في بلداننا بدون وجود مد اسلامي عنيف ومدمر ايضا ، وهذا يفسر شطب الانظمة الغربية لبعض المنظمات الاسلامية من قائمة الارهاب واعادة تصنيفها في قائمة اخرى يمكن التعامل معها ، فالحاكم العربي الذي يحكم بامر الله دائما لا يدع فرصة امام مكونات شعبه للتعبير عما تفكر به ، وهو بهذا السلوك يضع حجابا بينه وبين شرعيه وجوده ، دافعا بالفقراء لصناعة رغيفهم من البارود والدم ، كما ان الاستئثار بالمال العام من قبل نخبة مقربة من الحاكم سيؤدي الى انبثاق روح انتقامية من قبل الجمهور الذي يشعر بانه غريب في بلاده ولعل خير مثال على هذا ما حصل من خراب ونهب وتدمير للدولة العراقية بعد الغزو الامريكي عام 2003 ، مع الاخذ بالاعتبار الروح الانتقامية التي مارستها ايران والكويت تجاه بنية المؤسسة العراقية الدستورية والاجتماعية والاقتصادية ، الا ينطبق ما حصل للعراق تحت باب الارهاب الاسلامي ؟
لقد شغلني سؤال منذ كنت طفلا يصاحب ابويه الى مزارات ومقامات الاولياء والصحابة المقدسين التي تعج بهم ارض العراق ، لماذا كل الزائرين يربطون خروفا عند سياج المقام المقدس او يرمون نقودا في شباكه ولا يجلبون لصاحب المقام باقة ورد او بطيخة او قطعة من قماش او شمعدانا ، ولم يكن سؤالي يجد جوابا الا ان ادركت ان القوة تاتي من المال والدم وليس من رائحة الزهور والطعم اللذيذ للبطيخ في ايام صيف بغداد اللاهب ، وادركت ان الرب الاسلامي يكره الفلاحين ويحب الرعاة لانهم يطعمونه من لحوم قطعانهم ، وعلى هذا نرى ان نزعة العربي نحو البداوة تتفوق على نزعته المدنية وليس بي حاجة للتدليل على شروط حياة البداوة التي يشكل القتل والارهاب عماد بقائها .
ان منسك الحج الاسلامي يشكل دعامة قوية من دعائم الظلم الذي يمارسه المسلمون على ابناء جلدتهم او اخوان لهم في الانسانية طالما كان هذا المنسك يسوق لفكرة غسل الذنوب وعودة الواقفين على عرفة كما ولدتهم امهاتهم بسجلات بيضاء ناصعة ، واظن ان هذا الادعاء الذي يروج له تجار الدين خاليا من المنطق والموضوعية ، ولكن ادبيات ونصوص الاسلام المقدسة تروج له باعتباره امرا مفروغا منه ، فبامكانك ان تقتل من تشاء وتسرق ما تشاء وتغش من تشاء وتنتظر يوم الوقوف على عرفة لتغسل يديك من كل الدم والدموع العالقة بهما وتعود مكللا برضا الله !
وبامكانك ان تبيد امما وتغتصب نساءها وتحفر جماجم اعدائك بالمثاقب الكهربائية وترمي بشعوب واجيال في اتون الحروب وتنتظر يوم التلبية ليمسح الله سجلك الاسود بدم اضحيتك ويبارك لك سعيك في قتل خلقه المارقين .
ان العرب المنتشرين في بقعة جغرافية تعاني من الندرة والجفاف وانتشار الصحارى هم اولى بقطعانهم من الله ، ولكننا من اجل اسباغ روح الغرور والوجاهة على ذواتنا الزئبقية نقتل في كل عام ما لا يقل عن 80 مليون بعير وبقرة ومعزة وخروف في اربعة ايام كي نمنح ذواتنا المحطمة ابهة كاذبة وقدسية مفتراة ، ولو اطلع القاريء على ميزات الاضحية الجيدة لرأى ان الاسلام يفضل البعير والبقرة على الخروف والمعزة ، فالعبرة ليس بجودة اللحم وانما بكثرته ، وهذا يفند مزاعم المتأسلمين بان الغاية من الاضحية هو اطعام الفقراء ، فالاطعام يجب ان يكون من احسن ما تاكل ، ولكن الاضحية ليس من شروطها ان يكون لحمها احسن اللحوم وانما يجب ان يكون اوفر اللحوم ، ولا ادري ماذا يضير العقيدة لو اننا صدرنا هذه الملايين من رؤوس الانعام التي ننحرها في هذه الايام الاربعة وانشأنا بمبالغها مدارس وحدائق ومصانع ، او انشأنا بها شبكات لمياه الشرب لشعب يحمل دلاءه على كتفيه منذ قرون ، او اقمنا بها ملاجيء ايتام لاطفال الذين تقتلهم حكوماتنا المسلمة !!
دم في علاك ايها الرب وبارك وكلاءك الارضيين الذين يحكموننا وامنحهم بركاتك فانهم جعلونا قطيعا جاهزا للذبح على محرابك .
للحديث بقية

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية


.. الخلود بين الدين والعلم




.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل


.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي




.. - الطلاب يحاصرونني ويهددونني-..أميركية من أصول يهودية تتصل ب