الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤسساتنا التعليمية ومعايير الجودة

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2008 / 12 / 10
التربية والتعليم والبحث العلمي


هناك مؤسسات مختلفة تعنى بالتعليم فى هذا العصر وتتخذ مسميات متنوعة: معاهد وأكاديميات وجامعات خاصة وأهلية وحكومية. لا شك أن الجامعات والأكاديميات الخاصة يمتلكها فرد أو أفراد أو مؤسسات والتى يمكن اعتبارها مشروعات تجارية تهدف إلى تحقيق الربح وبالتالى تخضع لمعايير الربح والخسارة وهناك جامعات أهلية ذات أهداف سامية ولا تهدف إلى الربح. صحيح أن الطلاب يتكفلون مصاريف الدراسة فى هذه الجامعات الأهلية غير أن الأرباح التى تتحقق توجه مرة أخرى لتطوير العملية التعليمية وخير مثال لذلك جامعة هارفارد الأمريكية. أما الجامعات الحكومية فهى التى تمتلكها الدولة وتقوم بالإنفاق عليها ولا يتحمل طلابها مصاريف دراسية باهظة كما الحال فى المؤسسات الأخرى. سوف نتساءل فى هذا المقال حول مدى نجاح الأسلوب المتبع فى إدارة المؤسسات التعليمية غير الحكومية فى تطوير العلم والحياة فى عالمنا أم أن هذا الأسلوب لن يحقق الفائدة سوى للقائمين عليها؟

تتولى المؤسسات التعليمية المختلفة فى الغرب تطبيق تلك المعايير التى تتبناها المؤسسات التجارية والصناعية وتهدف من وراء ذلك إلى تحقيق التقدم فى مجال العلم وتخريج طلاب أكفاء. من المعروف أن الفاء باء النجاح فى عالم التجارة أو الصناعة يقوم على تحقيق المعادلة التالية: مواد خام جيدة + عمال مهرة وآلات جيدة= منتج جيد. أما إذا كانت المادة الخام من الصنف الردىء فعندئذ لن يغير مهارة العمال من الأمر شيئا لأن النتيجة المحتومة هى منتج ردىء. من المسلم به أن المؤسسات التعليمية التى تحقق سمعة طيبة فى الغرب لا تتهاون فى وضع معايير صارمة عند اختيار المادة الخام وهى فى هذه الحالة الطلاب. فالطالب الذى يلتحق بهذه المؤسسات لابد أن يكون متفوقا وحاصلا على درجات متميزة فى اختبارات صعبة مثل السات أو جى أر أى. وبعد أن تطمئن المؤسسة من جودة المادة الخام (الطلاب) تسعى للاستعانة بالعمال المهرة وهم فى هذه الحالة أساتذة متميزون لديهم تأثير بارز فى مسار العلم فى تخصصاتهم، ثم تسعى المؤسسة لمراقبة مراحل الإنتاج من خلال قياس أداء الطلاب والأساتذة حيث يتولى الأساتذة تقييم أداء الطلاب ويتولى الطلاب تقييم أداء أساتذتهم من خلال ملء استمارات استطلاع.

تحاول بعض مؤسساتنا التعليمية غير الحكومية تقليد هذا الأسلوب المتبع فى تقييم وتقويم العملية التعليمية. ما يدعو للدهشة أن هذه المؤسسات التعليمية قد تجتاز اختبارات الأيزو وغيرها من معايير عالم الصناعة والتجارة لأن قياس الجودة فى عالمنا ينحصر فى فحص المستندات الورقية التى تتعلق بنسبة حضور الطلاب والاختبارات الدورية ولا تولى اهتماما لمعايير قبول الطلاب. ويعلم الجميع أن معيار القبول فى هذه المؤسسات يعتمد كليا على قدرات الطالب المالية. فالطالب الذى يدفع آلاف الجنيهات فى السنة هو "زبون لقطة" لا يمكن التفريط فيه. والطالب فى هذه الحالة ينتابه شعور بأن المؤسسة لا تهتم بقدراته الذهنية ولكنها تنظر إلى جيوبه المنتفخة بالمال حين يأتى لتسديد الرسوم الدراسية الباهظة. وفى الغالب الأعم فإن هذا الشعور يظل ملازما للطالب طوال فترة الدراسة، فتراه مستهترا لا يهتم سوى بتسجيل اسمه فى كشوف الحضور ولا يقوم بالتركيز أثناء المحاضرة وقد يسعى للغش فى الاختبارات الدورية ويتولد لديه شعور حقيقى بأنه يدفع أجر الأساتذة ومن ثم فمن حقه أن يجتاز كل الاختبارات ومن حقه أن يفعل ما يشاء أثناء المحاضرة. أما إذا اعترض أستاذ المادة على سلوك الطالب فعندئذ يسبقه الطالب بالشكوى لدى الإدارة التى توجه أصابع الاتهام للأستاذ الذى لا يمتلك المرونة ولا يتسلح بسلاح التهاون والتغاضى عن حالات الغش أو عدم الانضباط. وفى رأى فإن المؤسسة تعتبر الأستاذ مذنبا والطالب بريئا لأن الطالب يضيف لرصيد حساب المؤسسة فى البنوك بينما يخصم الأستاذ مستحقاته من هذا الحساب. والغريب أن هؤلاء الطلاب الفاشلين يبدون آراءهم فى الاستمارة حول أمور شتى منها الحكم على قدرة الأستاذ فى طرح أهداف الدرس ومحتواه فى تسلسل منطقى واللافت للنظر أن الاستمارة تطرح سؤالا غريبا على الطلاب ومضمونه يتعلق بمدى احترام الأستاذ للطلاب ولكنها لا تهتم بمدى احترام الطلاب لأستاذهم.

وفى الخاتمة فإن هذا الأسلوب فى إدارة العملية التعليمية لن يؤدى إلى نتائج مرجوة إلا إذا تم مراعاة كل عناصر الإنتاج بما فى ذلك جودة المادة الخام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصة قتل مو?لمة والضحية الشاب باتريك.. ???? من القاتل؟ وما ال


.. لا عيد في غزة.. القصف الإسرائيلي يحول القطاع إلى -جحيم على ا




.. أغنام هزيلة في المغرب ومواشي بأسعار خيالية في تونس.. ما علاق


.. رغم تشريعه في هولندا.. الجدل حول الموت الرحيم لا يزال محتدما




.. لحظات مؤلمة.. مستشفيات وسط وجنوب غزة تئن تحت وطأة الغارات ال