الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يجب أن أعبد كوكو واوا؟

مستخدم العقل

2008 / 12 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بالأمس جاءني صديق قديم مشهود له بالورع و رجاحة العقل وبادرني بالسؤال:
- لماذا لاتعبد كوكو واوا؟

ولمّا دهشت من السؤال المباغت العجيب استدرك هو قائلا:
- أنا لاأقصد أغنية الأطفال الشهيرة، بل هو كوكو واوا الذي خلق كل شيء والذي بيده الثواب والعقاب

ازدادت دهشتي فأنا لا أعرف عن صديقي هذا ولعه بالمزاح خاصة في مثل تلك الموضوعات الحسّاسة. قلت له في كياسة:
- عفوا ولكني ظننت أن الله هو خالق كل شيء أو على الأقل فهذا هو ما تعلمناه جميعاً منذ صغرنا.
- وكيف استدللنا جميعاً على وجود الله؟
- من آياته التي تملأ الكون من حولنا
- حسنا دعني أوضّح الأمر لك قليلا، فاستدلالنا على وجود الله ينقسم إلى مرحلتين متتابعتين ...

ولما رأى ملامح الاهتمام على وجهي استطرد صديقي قائلا:
- المرحلة الأولى هي الاستدلال على وجود خالق لهذا الكون وهذا الاستدلال له العديد من الدلائل الموجودة في دقة خلق العديد من الأشياء من حولنا عملاً بنظرية البعرة والبعير التي تقول إن مثل ذلك الكون الدقيق التركيب لابد له مِن خالق، وإن كان هناك العديد من المفكّرين - في المقابل - الذين يتسائلون عمّن صنع ذلك الخالق إلا أنني سأسّلم - مؤقتاً - بوجود مثل ذلك الخالق.

أومأت برأسي موافقاً لما يقوله وإن كنت قد بدأت أشعر ببعض القلق من طريقته المنطقية ، ولكنه استطرد قائلا:
- أمّا المرحلة الثانية فهي الاستدلال على أن ذلك الخالق هو الله وليس معبوداً آخر مثل ياهوه أو كريشنا أو حتى زيوس الأغريقي، بل ليس شيئاً آخر لم نعرفه بعد. فكيف نعرف أن هذا الخالق هو الله؟

قلت له في شيء من الدهشة:
- وهل يصنع الإسم فارقاً كبيراً؟ يكفي أننا نعبد الإله الواحد القهّار أيّا ما كان اسمه.
- بل أن كل الفرق يكمن في الإسم ومايتبعه من تعاليم. فإنك إن كنت تؤمن بالله كما هو في التصوّر الإسلامي فإنه لن يكتفي بذلك الأيمان منك بل سيطلب منك تكاليفاً أخرى مثل الصيام والصلاة والحج وكذلك سينهاك عن أشياء أخرى مثل أكل لحم الخنزير ومصافحة النساء واقتناء الكلاب
- ولكن معظم تلك الأوامر والنواهي هي في النهاية لمصلحتنا
- وماهي مصلحتك في الامتناع عن أكل لحم الخنزير على سبيل المثال؟ قد يكون السبب هو احتوائها على نسبة عالية من الدهون المشبّعة الضارة بالصحة ولكنك في المقابل تأكل لحوم الخراف التي تحتوي على أضرار أكثر من لحم الخنزير. ثم إذا طلب منك طبيبك مثلاً أن تمتنع عن أكل الخيار وذلك من أجل صحتك ولكنك أصررت على أكله فهل يعاقبك الطبيب على ذلك؟ إنها في النهاية صحتك وأنت ستكون أول من يُضار فهل يجب أن تُعاقب أيضاً عقاباً أبدياً؟
- هل تعني أن استدلالك على أن الخالق هو الله باطل بسبب عدم معقولية أوامره ونواهيه؟
- بل هناك ما هو أكثر، فكيف عرفنا أصلاً بوجود الله؟
- من خلال معجزة القرآن التي أعطيت للرسول محمد عليه الصلاة والسلام
- حسناً ... بالرغم من وجود العديد من التناقضات والأخطاء التاريخية والعلمية وحتى اللغوية في القرآن فدعنا نسلّم أنه كان إعجازاً لغوياً في عصره فهل يكفي هذا كدليل على وجود الله أو نبوة محمد؟
- يقولون أنه لايوجد بشر يستطيع كتابة ولو سورة واحدة من القرآن
- إن هناك العديد من الأعمال الأدبية والفنية والعلمية العظيمة التي أتى بها العديد من البشر ولكن أحداً منهم لم يحاول ادّعاء النبوة أو السيطرة على العالم من خلال تلك الأعمال. ما هو الفرق لو جاء تولستوى وادّعى أن رواياته هي إلهام من عند الخالق أو لو جاء جبران خليل وادّعى أن قصائده هي أيضاً من عند الخالق؟ لاتنس أنه لايوجد بشر يستطيع أن يضاهي قصيدة لجبران أو رواية لتولستوى. بل ما هو الفرق لو جاء كبير الطهاة في مطعمك المفضّل وادّعى النبوة بدليل أنه لايوجد من يستطيع مضاهاة طهيه؟ ما هو الفرق بين الرسول محمد وكل هؤلاء؟
- الفرق هو أن القرآن يحمل معانٍ عظيمة لصالح البشرية جمعاء فلا يمكن تشبيهه بوجبة لذيذة تأكلها في مطعم
- بالرغم من أن القرآن يحتوي أيضا على العديد من الآيات التي تحضّ على العنف والكراهية والعنصرية بل ويحتوي أيضا على العديد من الآيات شديدة الخصوصية للحديث عن الرسول وزوجاته وأعدائه ممّا لايعني الكثير للبشرية الآن، إلا أنني أتفق معك أن القرآن يحوى العديد من الآيات التي تحمل معان عظيمة للبشرية جمعاء، ولكن لاتنس أن أعمال تولستوى وجبران خليل أيضا تحمل معان عظيمة لصالح البشرية. فما هو الفرق؟ إن شخصا مثل توماس إديسون له مايزيد عن ألف اختراع علمي كلها لصالح البشرية ولاغنى عنها في حياتنا بدءا من المصباح الكهربائي وحتى مسجّل الأصوات (الفونوغراف) مروراً بشبكات توزيع الكهرباء ومحطات توليد الطاقة وغيرها من الأعمال العظيمة. وبالرغم من ذلك لم يدّع يوما النبوة
- مالذي تهدف اليه من حديثك هذا؟
- الذي أهدف اليه هو أننا ليس لدينا دليل دامغ على أن خالق كل هذا الجمال والنظام المتقن مِن حولنا هو الله، فالجمال والنظام موجودان منذ الأزل ويمكن لأي شخص أن ينسبه الى أي كائن ما كان، يستوي في ذلك الله أو يهوه أو زيوس أو كريشنا أو أي معبود آخر. بل لو قلت لك أن هناك خالقاً أسمه كوكو واوا وأن هذا الخالق يعيش في أحد الكواكب في إحدى المجرات التي لانراها فكيف تثبت أنني كاذب؟

نظرت الى صديقي ملياً أفكر في إجابة مناسبة ولكنه استكمل حديثه:
- إن كوكو واوا هذا يأمركم بالإحسان الى الفقير واليتيم وألا تسرقوا وألا تقتلوا وغير ذلك من القيم الإنسانية التي تدعو اليها أية ديانة أو أي مذهب فلسفي. لقد أبلغني أن أدعوكم الى الأيمان به وأن أحذركم أنكم إذا لم تعبدوه فسيلقي بكم في العذاب الأبدي
- هل يوجد لديه جنة ونار أيضا؟
- إن الجنة لديه هي أن ينقلكم في سفينة فضاء الى الكوكب الذي يعيش به حيث يوجد الكثير من المراعي والكلأ والطعام، أما الجحيم لديه فهو أن يلقيكم في كوكب آخر به مجال مغناطيسي بالغ القوة بحيث تشعرون بالكهرباء تلهب أجسادكم والطنين يصمّ آذانكم حتى لاتستطيعون النوم أو التفكير في أي شيء
- يبدو أنه لا مفر من بعض السادية حين تدعو الى أية ديانة
- إن كوكو واوا في انتظارك لكي تعبده ويحذرك أنك إذا لم تؤمن به وتكفر بالله فسوف يلقي بك في الجحيم المغناطيسي ذلك، فهل ستتبعه أم لا؟

منذ سألني صديقي (السابق) هذا السؤال وأنا في عذابٍ مقيم لا أدري بمَ أجيبه فهل يمكن أن أجد مَن يساعدني بالإجابة؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حاخامات يهود يمزقون علم إسرائيل خلال مظاهرة في نيويورك


.. بايدن يؤكد خلال مراسم ذكرى المحرقة الالتزام بسلامة الشعب الي




.. نور الشريف أبويا الروحي.. حسن الرداد: من البداية كنت مقرر إن


.. عمليات نوعية لـ #المقاومة_الإسلامية في لبنان ضد تجمعات الاحت




.. 34 حارساً سويسرياً يؤدون قسم حماية بابا الفاتيكان