الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلسفة القيم 5 لا حريات إذن لاقيم

سيد القمنى

2008 / 12 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يذهب الشيخ قرضاوي إلى آيات القرآن الكريم يستخرج لنا القيم الدينية الإلهية ، كما في الآيات الكريمة القائلة : " قد أفلح المؤمنون ، الذين هم في صلاتهم خاشعون ، و الذين هم لفروجهم حافظون ، إلا على أزواجهم أو ما ملكت إيمانهم فإنهم غير ملومين . فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ، و الذين هم لأماناتهم و عهودهم راعون ، و الذين هم على صلواتهم يحافظون ، أولئك هم الوارثون ، الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون / 1: 11 / المؤمنون " .
و يعقب فضيلة الدكتور بقوله : " في هذه اللوحة نجد الخشوع في الصلاة و الفعل للزكاة هي معدودة في إطار الشعائر و العبادات جنباً إلى جنب مع الإعراض عن اللغو و حفظ الفروج عن الحرام / ص 92 ، 93 / كتاب ملامح المجتمع المسلم " .
بل و يرى الشيخ أن هذه الأخلاق الإلهية ليست قاصرة على المسلمين فقط فهي صالحة للدنيا كلها ، فيقول : " المرجعية الإسلامية من سماتها أنها عقلانية و دنيوية ، عقلانية مؤمنة ، و دنيوية مربوطة بالأخروية .. هي أخلاقية إنسانية عالمية وسطية ،لأنها ترجع إلى الوحي الإلهي . . و ما يبينه من سنة الرسول . . لأن الإنسان هو الذي يطبق هذه الشريعة و هو الذي يفسرها و يفهمها ، و هي أخلاقية لأنها تعتمد على الأخلاق أساساً ، إنما بعثت لأتمم كمارم الأخلاق ، و هي عالمية لأنها لم تجيئ لجنس دون جنس و لا لإقليم دون إقليم ، و هي وسطية دائماً . . تجدها مثالية و واقعية ربانية و إنسانية ، مادية و روحية ، أرضية و سماوية ، حاضرية و مستقبلية / حلقة الدستور و مرجعية الشريعة / برنامج الشريعة و الحياة / الجزيرة " .
و هكذا فالمسلمين هم من تصفهم الآيات بقولها : " و الذين يجتنبون كبائر الإثم و الفواحش ، و إذا ما غضبوا هم يغفرون ، و الذين استجابوا لربهم و أقاموا الصلاة و امرهم شورى بينهم و مما رزقناهم ينفقون . و الذين إذا أصابهم البغي هم ينصرون ، و جزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفى و أصلح فأجره على الله إن الله لا يحب الضالين / 63 – 40 الشورى / كتابه ملامح المجتمع المسلم / ص 94 " .
إذن لاشك أن أولى الناس بمعرفة القيم كما عند قرضاوي ، هم السلف الصالح من الصحابة الأطهار ، و رغم ذلك لا نجد بين ما تزدحم به أرفف مكتبتنا التراثية ، عنواناً واحداً باسم القيم ، و لا مبحثاً و لا حدثاً و لا حكاية حكاها السلف الصالح عن القيم .
إن مشايخ زماننا يحكون لنا حكايات و حواديت في موطن الجد ، و كان المفترض ألا يحكي لنا المشايخ كلاماً نظرياً توهمياً عن القيم ، إنما أن يستخرج لنا من أحداث تاريخنا ، خاصة أن المفاهيم قد تغيرت دلالاتها منذ ذلك الزمان و زماننا اليوم ، فما عاد معنى الوفاء بالعهد و لا المساواة و لا الحق يحمل ذات الدلالات القديمة . و مشايخنا يسقطون الدلالات المعاصرة على مفاهيم قديمة تتعلق بزمنها و مكانها وحدهما . أو ليقول لنا مشايخنا إذن ماذا فعل الصحابة ، و كيف قيموا الأشياء المادية ، و كيف قيموا المعاني الدافعة للسلوك ، بدلاً من أخذهم كلام ديكارت و روسو و فولتير ، عند المشايخ 700 ألف حديث المفروض أن كلهم قيم لو كانوا صادقين ، فأين هي هذه القيم ؟
تعالوا نفترض مع مشايخنا أنه ضمن القيم الإلهية الإسلامية تقع قيمة المساواة و الحرية ، و قررنا اختبار هذا القول بالرجوع إلى التراث الإسلامي ذاته ، هناك لن تجد ما تعنيه دلالة مصطلح المساواة اليوم ، فقد أعطى الإسلام للمهاجرين ميزة على الأنصار ، و أعطى كليهما ميزة على بقية العرب ، و أعطى للعرب المسلمين ميزة على مسلمي البلاد المفتوحة ( الموالي ) ، و اعطى للرجل ميزة على المرأة ، و اعطى للسادة ميزة على العبيد ، و أعطى جميع المسلمين ميزة على أهل الذمة ، و أعطى أهل بدر ميزة على بقية المسلمين فغفر لهم ما تقدم من ذنبهم و ما تأخر ، و كل رتبة من هذه الرتب تترتب عليها حقوقاً و واجبات غير بقية الرتب ، و هوبدلالات مفهوم المساواة اليوم ، سيكون هو انعدام المساواة نفسه ، و لا تجد عند عرب الجزيرة قبل الفتوحات شيئاً اسمه العلم غير علم واحد هو علم الأنساب ، و هو علم عدم المساواة ، حتى أن النبي نفسه ( ص ) ولأنه كان يخاطب ناس زمانه على قدر عقولهم ، كان ينصح شاعره حسان بن ثابت قبل أن يقدم على هجاء الناس، أن يلجأ إلى أبي بكر الصديق لأنه عالم بأنساب الناس ، ليعلم أين يخوض و يتحرى أين يحاذر . ولا تجد أى صدى لحديث : لافضل لعربى على أعجمى ، لأن الفقة الذى يدرسة أبناؤنا بمصر والسعودية يؤكد على وجوب فسخ زواج الحرة المسلمة بالعبد المسلم ، وزواج العفيفة بالفاجر ، والعربية بالأعجمى ، لأن ذلك عار يلحق المسلمين جميعا / روض المربع بشرح زاد المستنقع / ص 384 .
لهذا فإن تفضيل الإسلام بجعله سابقاً لكشف القيم يسيئ إليه ، و الأكرم أن نقول أن تلك كانت طرائق زمنه و طرائق العيش فيه و نظمه المجتمعية القبلية ،وأنها لا تشينه ، فلا هي جميلة و لا هي قبيحة بقدر ما تعبر عن واقع مجتمعها حينذاك و أنها كانت تناسب هذا المجتمع تحديداً ، و إن صلحت له فهي مما لا يصلح بالمرة لزماننا . و مثل المساواة أيضاً مفهوم الحرية الذي لا يوجد في ديننا بالمرة و بالمطلق ، و لا في مجال لأى حديث عن الحرية مع تشريعات تشرع الرق و نكاح ملك اليمين . و لو قلنا أن تلك التراتبية الطبقية الموغلة في طبقيتها هي المعيار القيمي الإلهي ، فهو ما يعني أنها كانت أدني بدرجات من المعيار الإنساني الذي اكتشفته دول حضارات المتوسط ، و بخاصة اليونان و الروم الذين سبقوا إلى تأسيس القيم الإكسيولوجية في التاريخ ، ثم أدنى من قيم زماننا بمراحل أبعد . و من ثم لا يبقى بيدنا سوى نسبة مثل هذه المفاهيم لزمانها بدلالات زمانها ، و دون إقحامها في زماننا حتى لا نهين الدين و نضل السبيل نحو الرشاد .
و إذا كانت القيم دينية إلهية ، فهل كانت قابلة للنسخ كأوامر بآيات ناسخة ؟ يعني هل تم نسخ قيم التسامح في الزمن المكي ، بقيم القتال في الزمن المدني ، بعد أن نسخت آيات السيف كل آيات حرية الاعتقاد و التسامح ؟ حسبما تقول لنا علوم القرآن ؟
إذن صيانة للدين من عبث مشايخ آخر الزمان ، علينا أن نقدم اعترافاً هادئاً متواضعاً ، أن ديننا ليس هو كمال الأزمنة و الأمكنة التي ذهبت و التي لم تأت بعد ، إنما كان ديناً عاقلاً رصينا متوافقا مع ظرفة التاريخى ، يخاطب ناس زمنه على قدر عقولهم و عاداتهم و تقاليدهم و نظمهم و معارفهم ، و أن نسلم بأن الإنسان هو الوحيد المخير بين المخلوقات ، لذلك هو الوحيد المؤهل لصيانة القيم ، لأنها معياره للإختيار و المفاضلة و وسيلته و أداته ، أن يختار القراءة في المصحف أوأن يختار مشاهدة هيفاء وهبي تتغنج ، و قيم الإنسان هي التي توجهه لاختيار أحدهما : زياره الحسين أو زيارة الملاهي الليلية ، و الحرية هي الأساس الوحيد لقيام إرادة الإختيار ما بين الماء و الخمر ، من هنا و حتى نقول بوجود قيم حقيقة لا أوامر مفروضة ، يجب أن يكون الخمر و الماء في السوق ، عندها يمكن القول أننا أصحاب قيم عندما نختار ، و حيث لا توجد سوى سلعة واحدة ، و لا توجد حرية اختيار ، لا يصح الحديث عن قيم ، لأن المجتمع حينها يصبح كالحشرات و هي كائنات اجتماعية تسلك بموجب جبر طبيعي لذلك ليس لديها شئ اسمه القيم ، رغم أن النحل ينتج عسلاً و العقرب ينتج سماً، فإن الإنسان هو الوحيد القادر على الفرز بينهما ، لذلك نجد الإنسان المجبر على أداء سلوك بعينه هو مجرد حشرة أوهو ليس أكثر من حصان بلجام . والحصان لايملك قيما ، ومع اللجام لايملك تصرفة ولا قرارة ، القيمة تكون عند الممسك باللجام ، الذى يوجه الحصان . ألا ترون جماعات الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر تسوق الناس إلى الصلاة بالعصى ؟ يسوقونهم إلى المسجد كمن يسوق الخراف إلى الزريبة ، بينما الملائكة مسيرة للتعبد وحدة وغير مخيرة فى فعلها ونحن لسنا بملائكة ، وعندما تكون القيم مفروضة لا نكون فد أصبحنا ملائكة ، ولا نكون بقينا بشراً ، إنما أصبحنا حيوانات للراعى ، وأدنى بالنسبة لة من العبد بالنسبة للسيد ، فلماذا لايستسشعر السيادة ويقرعنا بالعصا ؟.
عند تمييز الإنسان عن الحيوان وضع الفلاسفة تعريفات للإنسان ، فقيل في المبتدأ أن الإنسان حيوان ناطق ، حتى اكتشف الإنسان أن لبعض الحيوانات لغات خاصة للتفاهم فيما بينها ، فقيل أن الإنسان حيوان عاقل ، أى يستخدم عقله في الفهم و المعرفة ، حتى تأكد أن العقل قسمة بين الحيوانات ، و من ثم جاءت الفلسفة الماركسية لتعرف الإنسان بأنه حيوان صانع ، لأنه الوحيد بين الحيوانات الذي يستطيع أن يصنع شيئاً لم يكن موجود من قبل ، حتى قيل اليوم أن الإنسان حيوان قيمي ، فهو و الحيوان يشتركان في كل التفاصيل الفسيولوجية ، لكن الإنسان من بين كل المخلوقات هو الذي يتميز بأنه يصنع لنفسه و لمجتمعه قيماً ، و يصنع لهذه القيم قوانين تحميها فيتنازل بإرادته عن إشباع بعض رغباته مقابل العيش في الجماعة آمناً .
فالحرية لا مناص عنها عندما نتحدث عن القيم ، لأن الحرية هي ما يتيح لي القدرة على التقييم و المعايرة و المفاضلة و الاختيار ، و حيث لا توجد حريات ، لا توجد قيم .
و القيم الاخلاقية بالتحديد و بالتخصيص هي سلوك غيري ، يضع الغير نصب عينيه عند أى سلوك ، و عادة ما تكون في صالح الغير و لا تنفع فاعلها و عادة ما تضره ، و رغم ذلك يفعلها الإنسان لذاتها دون أن يتوقع منها نفعاً شخصياً . فعندما يكون التاجر أميناً و صادقاً فهو يخسر أرباحاً أكثر لو ألتوى و كذب ، و إلتزام الزوج بالوفاء للزوجة يحرمه من متع متنوعة ، و عندما يحسن الإنسان بماله و جهده للفقراء ، فهو يخسر أمواله ، و الامتناع عن السرقة هو حرمان من المال المفترض أن يُسرق ، بينما الزوجة التي لا تخون زوجها خوف القتل او الطلاق او الجحيم هي لا تملك أية قيم ، هي خائفة ليس أكثر ، و اللص الذي لا يستطيع أن يسرق في السعودية لم يصبح شريفاً و ليس صاحب قيمة أخلاقية ، بقدر ما هو خائف من قطع يده . و الذي يحسن للناس علانية ليس لديه قيمة أخلاقية لأنه مجرد منافق ، و الأم التي ترعى ولدها كي يطيعها و يرعاها في كبرها هي مجرد مرابية تداين ولدها بدين تريد استرداده .
هذا بينما الفعل المندرج تحت معنى القيم غالباً ما يرتد على صاحبه ، و هو ما وعاه المثل العامي المصري : " خير تعمل ، شر تلقى " ، لكنه هو نفسه و رغم علمه بذلك الذي قال : " إعمل الخير و ارميه البحر " . لأن الإلتزام بقيم الأخلاق يعود على المجتمع كله بالأمن و السلام و السعادة . ( النماذج المضروبة في الفقرة السابقة لكاتب مجهول على النت ) .
و إذا كان فقهاء زماننا يطلبون لنا عادات و تقاليد زمن الإسلام الأول ، فإن ذلك يستلزم أولاً وجود الحكومة الإسلامية الأولى أو شبيهها ، و ثانيها وجود مجتمع القرن السابع الميلادي بنظمة وعاداتة وتقاليدة وبدائيتة ، و كلة غير موجود اليوم ، و من ثم فإن أحكامه و عاداته و تقاليده لم تعد موجودة ، و لا شك أن قيم مجتمع يركب الدواب لابد أن تختلف عن مجتمع يركب سيارة كاديلاك أو غيرها من أحدث الطرز ، و قائد الطائرة الذي يتعامل مع الطائرة معاملة البقرة المقرونة ( المربوطة من قرونها ) بدعائة فى الميكروفون عند الإقلاع : " الحمد لله الذي سخر لنا هذا و ما كنا له مقرنين ، وإنا إلى ربنا لمنقلبون" ، أى ما كنا بقادرين على تلجيمها وإمساكها من قرونها دون تسخيرها لنا من قبل ربنا ،(إن المشكلة النفسية أنك تتابع بهلع أخطر لحظة للطيران ... ويقول لنا الطيار .. إنا لمنقلبون !!! ) ، مع إن المصرى فى مثلة الشعبى يقول : ( الملافظ سعد ) ، طيارنا عندما يقول هذا يكون كالعربجي يقود طائرة ، و علية فإن طيارينا لا يطيرون بنا بثقافة الطائرة ( الحضارة و العلم ) ، إنما بثقافة العربجي ، لذلك أنا شخصياً لا أحجز للسفر على أى شركة طيران عربية .... و ياروح ما بعدك روح !!! .
و عادة ما يربكك مشايخنا في القول بالنقيضين في آن واحد ، فهم يحدثوننا عن العفة الجنسية و الطهارة الجسدية ، و مع ذلك يقرون حتى اليوم بملك اليمين ، و لا يحيلونها إلى زمانها توقيراً لهذا الدين ، و لا تفهم معنى العفة الجنسية و عفة الفروج ، مع مبدأ استباحة الفروج في حال القتال ، أو فى حال الشراء أو فى حال إعطائها الأجر، و قد تم استباحة مسلمين صحابة أجلاء لفروج صحابيات و بنات صحابة في أكثر من موقعة مخزية في أكثر من فتنة بداخل الحرمين ، تمترس كل أطرافها المتصارعين وراء الدين و القرآن و الحديث ،و اعتبر غيره مرتداً ، وبعدها أصبح هذا رافضى وذاك من النواصب وهذا باطنى وذاك خارجى . هذا ناهيك عن استباحة فروج غير المسلمات في حروب الفتوحات و اللائي كن بمئات الألوف .
و إذا كان فقهاء زماننا يصرون على الإبقاء على فقه كامل هائل للرقيق يدرسه أولادنا و بناتنا في مدارسنا الدينية حتى اليوم ، و الإبقاء على فقه الجهاد و الذي يشتمل السبايا و الرقيق كغنائم طيبة حلال ، و يريدون اليوم تطبيق هذه الشريعة ، فلماذا لا يصارحون المسلمين بما يخفى عنهم في شئون دينهم بشفافية و وضوح ، و يطالبون لهم بحقوقهم الشرعية في ملك اليمين ، و وجوب إعادة فتح أسواق الرقيق مرة أخرى ، حتى يمكن تفعيل الشريعة ؟
ثم أن قيمة عدم الزنا لاشك قيمة محترمة ، و حفظ الفرج قيمة محترمة بالتأكيد ، لكن الخلاف هنا سيكون حول تعريف معنى الزنا . فالإسلام يعطي المسلم الحق في الزواج بأربع ، و يمكنه تطليقهن و الزواج بغيرهن مادام قادراً على الإنفاق ، و هو ما فعله الصحابة فتزوج الراشدون حتى تسع نسوة ، و جمعوا ملك اليمين دون تحديد ، و كان الحسن بن على منكاحاً لم يلمه أحد على زيجاته التي بلغت حوالي المئتي زيجة ، وهو من هو ؟ ! هوالحفيد النبوى العالم بشرع اللة والأشبة بجدة كما قال عنة النبى ( ص ) ، ومع كل هذة الإباحة لن يرتكب القادر ماليا جريمة الزنا ، من سيقع فى الجريمة هو الفقير الذى لايملك مهرا ولاثمن جارية ، و هو ما يعني لنا اليوم بعد تغير الأزمان أن نساء المجتمع المسلم سيكونن من نصيب الأغنياء وحدهم القادرين على الزيجات العديدة و شراء الغواني من سوق الرقيق ، و هو أيضاً ما يعني حرمان الفقراء من اشباع حاجتهم الطبيعية في ظل المزايدة علي النساء ، و هو ما يشكل بمعنى من المعاني طبقية من نوع شديد الخصوصية و شديد القسوة على المجتمع كله ، الذي لابد في هذه الحال أن يضع حلولاً لهذه المشكلة حتى لاتنتشر فية الذيلة وجرائم الخطف والاغتصاب ، عن طريق دعم الحكومة الإسلامية المرتقبة للفقراء ، و رحم الله أخي فرج فودة عندما قال بضرورة إضافة بند إلى بنود بطاقة التموين الخضراء ( دعم كلي ) ، فيضاف إلى بنود الزيت و الشاي و السكر و السمن ، بند بعدد من النسوان كملك يمين ، حتى لا يحدث تفكك مجتمعي و حتى لا تنتشر الرذيلة تحت ستار تطبيق الشريعة .
نعم لاشك أن الآيات الكريمة عندما تصف المؤمنين بأنهم إذا ما غضبوا هم يغفرون ، فإنها تضع مبدأ رفيعاً و إنسانياً ، لكن هل طبق المسلمون ذلك فعلاً ؟ أو هل طبق صحابة الرسول هذه القيمة العظيمة حتى يحذو المسلمون حذوهم ؟
أبو بكر الصديق خير عارف بالدين ، عندما رفضت قبائل العرب الإعتراف ببيعته و منعوا الزكاة تعبيراً عن هذا الرفض ووزعوها في مضاربهم على فقراء من ذوي قرباتهم حسب الأمر الإسلامي ، أمر أبو بكر بقتالهم و ذبحهم و أسرهم و سبى نسائهم ، فقتلوا منهم مقتلة عظمى فى مذبحة تاريخية كبرى لم يسلم منها الشيوخ و لا العجائز و لا الأطفال ، و هي حقائق يعلمها مشايخنا و تسجلها كتبنا التراتبية بكل فخر و اعتزاز و لا يخلو منها مصدراً من مصادرنا حديثا أو فقها أوتفسيراً أو سيرة أو تأريخا .
و ماذا حدث عندما سمع أهل مدينة ( أُليس ) جنوبي الفرات بما حدث لغيرهم على يد الغزو العربي ، فقرروا المقاومة صيانة للأموال و الأعراض ؟ ، و هو ما أغضب خالد بن الوليد ، فأقسم بالله أن يجري نهرهم بدمائهم ، و أمر بسد مياه النهر ، ثم أمر جيشه بأسر أهل أليس لا قتلهم ، حتى يفي بقسمه لله ، فجمع منهم سبعين ألف أسير، و أمر بذبحهم في مجري النهر الجاف ، و استمر الذبح ثلاثة أيام يأتون مصفدين بالحبال إرسالاً ( أي جماعات ) ليذبحوا في مجرى النهر كي يجري بدمائهم ، وحتى يبر خالد بقسمه لربه .
أين يا مولانا يمكن وضع هذه الدراما المرعبة من قيمة العفو عند المقدرة و الغفران عند الغضب ؟ و ماذا عن قمع يحى شقيق أبو عبداللة السفاح لثورة مدينة طميسة ، و عدد المدنيين الهائل الذي أخمده ، و لم يستطيع أن ينام حتى تم إٍسكات كل الأصوات من حوله ، سواء أصوات الثكالى بقتلهم أو أصوات الجرحي بتعجيل موتهم .(لايخلو مصدر من مصادر السير والنأريخ الإسلامى يخلو من ذكر تفاصيل هذة الوقائع ) .
هل هذا ما يعرضه علينا مولانا عند الغضب ؟ أم كان أبو بكر و خالد و غيرهم من أبطال الفتوحات يفعلون ما هو ضد قيم الإسلام ؟ إما هذا و إما ذاك و يجب أن يختار مشايخنا : إما الاعتراف بحقيقة ما حدث و تسميته بإسمه حتى نصدقهم و نحترمهم ، أو أن يظلوا على حالهم الهارب طوال الوقت من المناقشة العقلانية ، و هو طريق و سكة بدأناها مع الصحوة الإسلامية ، إسمها سكة اللى يروح مايرجعش .
و يبقى ان نتابع البحث وراء القيم المعروضة علينا من أهل الدين ، لمناقشة دروبها و تفاصيلها ، للتيقن مما يعرضه علينا مشايخنا ما بين سكة السلامة و سكة الندامة .












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لعلك سمعتها الف مرة
سلام السوسنة ( 2008 / 12 / 14 - 20:03 )
اعني شكرا لكتاباتك التي جعلت التنوير هدفا والعقلانية وسيلة واعادة صياغة الاسلام حلا.
كتبت يوما بضعة سطور في هذا المنبر الجميل فوجدت الجهد كبيرا والوقت طويلا لمن شاء تحري المراجع لا الخطابة.
عندما ارى ثقافتك الموسوعية وتحريك العلمي بحثا عن مرجع لكل مقوله وقدرتك على طرح الحل.......وكل هذا وانت تتمسك بخيط رفيع اسمه ثقافة حقوق الانسان المعاصرة ، عندما ارى كل هذا لا املك سوى ان اكرر مع الاخرين شكرا للمرة الالف
شكرا لانك تفعل هذا نيابة عنا جميعا.... انه فرض يسقط عنا لانك تقوم به وبين الحين والاخر نردد نحن كالصدى خطابك

محبة


2 - كلمات مضيئة
محمد عابدين ( 2008 / 12 / 14 - 21:57 )
وصل بهم الحقد ليقولوا عنكم إنكم من الضيوف الدائمين على مائدة السفير الإسرائيلي .. ويلومنني بأني تلميذكم .. فهل هذا يرضيكم ؟؟
أشرف بكوني من تلاميذكم وياليتني إكتسب كل ما عندكم من ثقافة وعلم .. وقتها لو رحت عن تلك الدنيا أكون قد تركت فيها ما ينفع
.. علم ينتفع به أولادنا وأجيالنا القادمة .. تقبل تحياتي .. محمد عابدين


3 - سفالات
مبيد الملاحدة ( 2008 / 12 / 15 - 00:02 )
بديل قيم الدين قيم اهل السفالات


4 - عظيم د قمني
عبد صموئيل فارس ( 2008 / 12 / 15 - 14:49 )
عزيزي الدكتور قمني
رائد من رواد التنوير في هذا الجيل وفارس من فرسان العلمانيه العظام مع خالص مودي وتحياتي


5 - كم نحن بحاجةلك
رحمن الناصري ( 2008 / 12 / 15 - 17:47 )
كم نحن بحاجة الى هذا التنوير، فلو تجرأ عدد اكبرمن المثقفين العقلانيين الصامتين ، لكان حالنا افضل ، بل ان الاسلام نفسه بحاجة لك ولعقلانيتك يا سيدي الفاضل ، ومن باب المحافظة على هذا الدين من ان يضل اداة طالما اسئ استعمالها ، نتيجة سوء فهم اوتعصب اعمى اولمصالح انانيةضيقة.و


6 - اعادة قراءة للتاريخ العربي و الاسلامي !
زين ( 2008 / 12 / 15 - 20:00 )
لا يزال الدارج و المتعارف عليه لتاريخنا العربي و الاسلامي على الصعيد الاكاديمي و الفقهي قراءة واحدة لمجمل احداثه و مسار محطاته .. قراءة تفتقد الروح النقدية و تتسم بالرؤى الغيبية و الطابع القدسي مما خلق لدينا تاريخا مزيفا قائما عل التحليل الوهمي و التخيلي بما نراه و نرغبه مفصلا وفقا لمقاسات رؤانا الغيبية و مفاهيمنا للقيم دون مراعاة للظروف الزمانية و المكانية مولدة هذه القيم و المفاهيم و نسقطها اسقاطا لتفسير احداث و وقائع متباعدة مئات السنين عن بعضها بذات المنظور الجامد نفسرها و نحللها لا كما هي وفقاً لمسوغاتها و مبررات ظهورها و تطورها مبنيا على تحليل علمي و نقدي لمجرياتها انما وفقا لما يحلو لنا و بالاحرى وفقا لما يتطلبه منظورنا الديني الغيبي التراثي وهو ما اوقع مؤرخينا في تكوين تصور تعسفي لوقائع التاريخ الاسلامي على مر العصور حفاظا على وهم الطابع القدسي لافراده و عناصره و مكوناته .. و لكن هناك التفاته حضارية و عصرية لأعادة كتابة و بالتالي قراءة تاريخنا العربي و الاسلامي بمنظور علمي و نقدي جدلي يتصدر مهمتها عدد من الكتاب و البحاثة الافاضل ككاتب هذا المقال الرائع سيد القمني و ماخطه سابقا الشهيد حسين مروه و مايكتبه و يسطره الاساتذة نصر حامد ابو زيد و فراس السواح و صادق جلال العظم و عدد م


7 - لولا الشيطان لما كان هناك أديان
هرمز كوهاري ( 2008 / 12 / 15 - 21:43 )
إستاذنا السيد القمني المحترم
كما تعرف أنت أكثر من غيرك أن الدين هو وسيلة وليس غاية فهو وسيلة للوصول لملئ الجيوب الكروش والصعود على العروش ، وهو وسيلة للتجارة ووسيلة للإقتصاد ووسيلة للجرائم البشعة ، أصبح الحجاب صناعة رائجة أوروبية و مؤسسات ومواقع دينية وفنا دق وجسور للحجاج ثروة إقتصادية لشركات البناء العالمية والمحلية ، أقصد أن الدين الإسلامي أصبح تجارة لغير المسلمين بل للملحدين أيضا من أصحاب شركات البناء والنقل وصناه الثريات ، وشركات توفير الحصو لقتل الشيطان المسكين دون أن يقروا أن لولا الشيطان لما كان هناك لا أديان ولا إيمان ، فالشيطان هو أكثر من يخدم المؤمنين
لماذا هناك أنهار من الخمور وهنا لا نجده حتى في الجحور ؟؟؟

اخر الافلام

.. السيدة انتصار السيسى تهنئ الشعب المصري والأمة الإسلامية بحلو


.. تكبيرات العيد في الجامع الازهر في اكبر مائدة إفطار




.. شاهد: في مشهد مهيب.. الحجاج المسلمون يجتمعون على عرفة لأداء


.. 41-An-Nisa




.. 42-An-Nisa