الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الحجاب هو تكليف اسلامي من قبل الله سبحانة و تعالى على كل امرأة ؟؟ ﺟ ( 2 )

محمد عابدين

2008 / 12 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تكلمنا في الجزء الأول عن
إنه يقولون :
لا يجوز ان تتعبد المسلمة المؤمنة .. باي عمل تكليفي من فروع الدين إلا و تكون لابسه الحجاب الشرعي و بدونه يبطل العمل .

وتساءلنا عن ماهية الفرق بين المرأة المسلمة المؤمنة وبين كونها حرة أم َأمة ؟؟

وهل يقبل الله عز وجل التفرقة فيما بين من خلق من النساء .. أم إنه فهم بشري ينطوي على سلوك وفكر إبن بيئته وتقاليدها وأعرافها !!!

وهل تفسير الصحابي على قدر فهمه يعتبر حجة على الدين .. أم أن الدين حجة على الجميع ؟؟

أم إننا لازلنا في قداسة النصوص نحيا .. ونربط حياتنا وسلوكياتنا بها .. ليصل الأمر بأن يقول بعض العلماء : إن كلام السلف في حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم .

ومن هنا سندخل إلى موضوع مشروعية الحجاب وهل هناك فرق في التجاوب الإيماني لكلا ً من الحرة والأمة ؟
ومفهوم المضامين الأخلافية عن كلتاهما وعندهن .

يُعتبر الحجاب واحدا من أهم الشعائر الاسلامية .. ويكتسب أهمية كبيرة في خطابنا الاسلامي باعتباره رمز الحشمة والعفاف والفضيلة .. وفي المقابل ينظر إلى السفور في نفس الخطاب باعتباره فجور و فساد وإنحلال أخلاقي .

و صدرت العديد من الكتب والمؤلفات والنشرات والمنشورات الإسلامية ، وقيلت الخطب الرنانة ، وتكلمت الألسن الفصيحة ، وإزجلت الأشعار التي تتكلم عن المضامين الأخلاقية للحجاب إلى أن تشبع الفكر العام بها ، وصل هذا التشبع السلوكي لدرجة إعتباره فريضة ..

والسؤال الذي يُطرح وبإلحاح :

هل كان هناك مكان لكل هذه المضامين الأخلاقية التي يتحدث عنها اسلاميو اليوم عند فرض الحجاب لأول مرة وذلك في وجود تصنيف للنساء .. فيما بين الحرة والأمة ؟؟

.. مع الأخذ في الإعتبار مبدأ أن كلتاهما نساء ولديهن نفس بواعث الفتنة .. بل يمكن أن تكون هناك أمة فاتنة يفتتن بها الرجال عن أخرى حرة .

فهل في مثل هذه الحالة يحق لنا أن نتكلم عن العفاف والفضيلة والحشمة لحجاب الحرة ونترك الأمة سافرة لا تملك عفافها وطهرها وأخلاقياتها .. وما ذنبها كونها أمة ؟؟ أوليست بإمرأة !!!!

فإن كان الحجاب الذي يتكلمون عنه اليوم دراءً للفتنة وتحاشيا ً من الإفتتان و تمسكا ً بالفضيلة والعفاف للمرأة المسلمة .. ُترى ما تصنيف الأمة المسلمة الفاتنة من ناحية جنسها البشري كونها إمرأة !!

وللإجابة على هذا السؤال يقتضي منا الرجوع الى الظروف التاريخية التي احاطت بتشريع الحجاب .. ودراسة أسباب نزوله ..

وإن أول ما يستوقفنا في آية الحجاب كما يدعون هذه العبارة ( ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين ) من الآية 59 من سورة الأحزاب ( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما ) ..

فما المقصود بتلك العبارة على وجه الدقة ؟؟

وما الغاية من فرض الحجاب على فئة من النساء دون الأخرى وكلاهما تحت راية الدين ومنتميات إليه .. ومن نفس الجنس البشري الذي نخشى فتنته على الرجال ؟؟

تعالوا معي لنرى كيف كان الفكر آبان تلك الأيام الخوالي متدرجا ً من الحالة النمطية القائم عليها سلوك المجتمع إلى التشدد :
ويخبرنا ابن كثير في تفسيره :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( كان فساق أهل المدينة يخرجون بالليل ........ فاذا رأوا المرأة عليها جلبابا قالوا : هذه حرة فكفوا عنها ، واذا رأوا المرأة ليس عليها جلبابا قالوا : هذه أمة !! فوثبوا عليها !!!!! ) ( ابن كثير : 3/855 )
ويقول إبن سعد في طبقاته :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( كان نساء النبي يخرجن بالليل لحاجتهن ، وكان الناس من المنافقين يتعرضون لهن فيؤذين ، فشكوا ذلك ، فقيل ذلك للمنافقين فقالوا : انما نفعل ذلك بالاماء !!! فنزلت هذه الآية - أي آية الحجاب ) ( طبقاتابن سعد : 8/141 )
( لما كانت الحرة تخرج فتحسب أنها أمة فتؤذى ..... أمرهن الله أن يخالفن زي الاماء ، ويدنين عليهن من جلابيبهن ) ( طبقات ابن سعد : 8/141 )
ويقول البيضاوي :
ــــــــــــــــــــــــــــ
( و ذلك ادنى أن يعرفن يميزن من الاماء والقينات فلا يؤذين فلا يؤذيهن أهل الريبة بالتعرض لهن ) ( تفسير البيضاوي : 4/386 )


ويقول الطبري :
ــــــــــــــــــــــ
( يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين لا يتشبهن بالإماء في لباسهن إذا هن خرجن من بيوتهن لحاجتهن فكشفن شعورهن ووجوههن ولكن ليدنين عليهن من جلابيبهن لئلا يعرض لهن فاسق إذا علم أنهن حرائر بأذى من قول ) ( تفسير الطبري : 22/45 )
يقول القرطبي في تفسيره لسورة الأحزاب :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( لما كانت عادات العربيات التبذل ، وكن يكشفن وجوهن كما يفعل الاماء ، وكان ذلك داعية الى نظر الرجال اليهن وتشعب الفكرة فيهن أمر الله رسوله ان يأمرهن بارتداء الحجاب عليهن اذا اردن الخروج الى حوائجهن ، وكن يتبرزن في الصحراء قبل ان تتخذ الكنف ، فيقع الفرق بينهن وبين الأماء .... وكانت المرأة من نساء المؤمنين قبل نزول هذه الآية تتبرز للحاجة فيتعرض لها بعض الفجار يظن أنها أمة ، فتصيح به فيذهب ، فشكوا ذلك الى النبي فنزلت هذه الآية )
وقال الضحاك والكلبي :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نزلت في الزناة الذين كانوا يمشون في طرق المدينة يتبعون النساء إذا برزن بالليل لقضاء حوائجهن فيغمزون المرأة فان سكتت اتبعوها وان زجرتهم انتهوا عنها ولم يكونوا يطلبون إلا الاماء ولكن كانوا لا يعرفون الحرة من الأمة لان زي الكل كطان واحد يخرجن في درع وخمارة الحرة والامة كذاك فشكون ذلك إلى أزواجهن فذكروا ذلك لرسول الله ص فنزلت هذه الآية والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات الآية ثم نهى الحرائر أن يتشبهن بالإماء فقال جل ذكره يا آيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيهن جمع الجلبات وهو الملاءة التي تشتمل بها المرأة فوق الدرع والخمار وقال ابن عباس وأبو عبيدة أمر نساء المؤمنين أن يغطين رؤوسهن ووجوهن بالجلابيب إلا عينا واحدة ليعلم انهن حرائر ذلك ادنى أن يعرفت انهن حرائر فلا يؤذين فلا يتعرض لهن وكان الله غفورا رحيما قال انس مرت بعمر بن الخطاب جارية متقنعة فعلاها بالدرة وقال يالكاع اتتشبهين بالحرائر القي القناع )
( تفسير البغوي 3/544)
ويزداد الأمر سؤا حين تعلمنا احد الروايات الآتي

قال ابن عباس رضي الله عنهما :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عيناً واحدة ) .
وأخرج ابن جرير عن أبي صالح رضي الله عنه قال قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة على غير منزل فكان نساء النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهن اذا كان الليل خرجن يقضين حوائجهن وكان رجال يجلسون على الطريق للغزل فانزل الله يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك يعني بالجلباب حتى تعرف الأمة من الحرة
وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال كان رجل من المنافقين يتعرض لنساء المؤمنين يؤذيهن فاذا قيل له قال كنت أحسبها أمة فأمرهن الله تعالى ان يخالفن زي الأماء ويدنين عليهن من جلابيبهن تخمر وجهها إلا احدى عينيها ذلك أدنى ان يعرفن يقول ذلك أحرى ان يعرفن ) ( الدر المنثور : 6/659 )
وقوله رضي الله عنه :
ويبدين عيناً واحدة إنما رخص في ذلك لأجل الضرورة والحاجة إلى نظر الطريق فأما إذا لم يكن حاجة فلا موجب لكشف العين .
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله يدنين عليهن من جلابيبهن قال يسدلن عليهن من جلابيبهن وهو القناع فوق الخمار ولا يحل لمسلمة أن يراها غريب إلا ان يكون عليها القناع فوق الخمار وقد شدت به رأسها ونحرها

وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال كانت الحرة تلبس لباس الامة فامر الله نساء المؤمنين ان يدنين عليهم من جلابيبهن وأدنى الجلباب ان تقنع وتشده على جبينها

وأخرج ابن أبي حاتم : عن السدي رضي الله عنه في الآية قال كان أناس من فساق أهل المدينة بالليل حين يختلط الظلام يأتون إلى طرق المدينة فيتعرضون للنساء وكانت مساكن أهل المدينة ضيقة فاذا كان الليل خرج النساء إلى الطرق فيقضين حاجتهن فكان أولئك الفساق يتبعون ذلك منهن فاذا رأوا امرأة عليها جلباب قالوا هذه حرة فكفوا عنها واذا رأوا المرأة ليس عليها جلباب قالوا هذه أمة فوثبوا عليها
وأخرج ابن المنذر : وابن أبي حاتم عن محمد بن سيرين رضي الله عنه قال سألت عبيدا السلماني رضي الله عنه عن قوله الله يدنين عليهن من جلابيبهن فتقنع بملحفة فغطى رأسه ووجهه وأخرج احدى عينيه )

والجلباب هو الرداء فوق الخمار بمنزلة العباءة .

وسنكتفي بهذا القدر من علم وعلوم ومفاهيم أهل السلف حول مشروعية الحجاب ..
والمضامين الأخلاقية عندهم .... لكن بقي السؤال كما هو يلح على إجابته :
هل كان هناك مكان لكل هذه المضامين الأخلاقية التي يتحدث عنها اسلاميو اليوم عند فرض الحجاب لأول مرة وذلك في وجود تصنيف للنساء .. فيما بين الحرة والأمة ؟؟

فبرغم الملائكية التي يصورها لنا كتاب هذا العصر من الاسلاميين لمجتمع الرسول .. نرى من تفاسير وحكاوي أهل السلف أن الحقيقة مغايرة تماما !!! .
اذا فالحجاب في أصله تشريع ذو مضمون طبقي غايته الاساسية تمييز الحرة من الأمة ، ليس إلا .. وليس فريضة من الله عز وجل !!!!!
وهذا ما فهمه الصحابة من تشريع الحجاب وواضح في تفسيراتهم
وتعامى عنه التابعين والناقلين خشية العار والفضيحة
ولو كان الحجاب فريضة
لكان نزل على جميع النساء الحرائر والإيماء
وكلهن مسلمات مؤمنات
والله عز وجل عندما ]امر فأمر يشمل ويعم الجميع
ولا تفرقة لديه بين مخلوقاته وهو العادل ذو القوة المتين
لذلك نرى ك
اذ كان عمر بن الخطاب وهو من هو .. يطوف في المدينة فاذا رأى أمة محجبة ضربها بدرته الشهيرة حتى يسقط الحجاب عن رأسها ويقول : فيم الاماء يتشبهن بالحرائر( طبقات ابن سعد : 7/127 ) .
فهل بعد كل ما سبق يحق لنا أن نقول
الحجاب فريضة .. يا أختاه !!!!!!!!!!
ولنا لقاء أخر بإذن الله في الجزء الثالث
من هذا المقال .. نتابع فيه التاريخ الإجتماعي لمجتمع البداوة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - طرح غير واضح
سامر ابراهيم ( 2008 / 12 / 15 - 03:45 )
ورد في المقال الفقرة التالية : (( اذا فالحجاب في أصله تشريع ذو مضمون طبقي غايته الاساسية تمييز الحرة من الأمة ، ليس إلا .. وليس فريضة من الله عز وجل !!!!! )).. طيب السؤال هو : من الذي شرّع للحجاب؟ أليس الله نفسه - كما يعتقد المسلم المؤمن- هو الذي شرّع ذلك في القرآن؟.. أنا أرى ثمة تناقض في طرح الكاتب : فهو من جهة يقر بتشريع الحجاب الوارد في القرآن، لكنه من الجهة الأخرى ينفي أن يكون ذلك من الله، لأن الله لا يقبل بالتمييز بين البشر.. فإذا لم يكن الحجاب شريعة إلهية، فياترى من الذي شرّع ذلك إذاً في القرآن؟ نرجو من السيد الكاتب أن يوضح هذا الغموض أو التناقض في طرحه.. وأخيراً، فإن التمييز بين البشر وارد في القرآن كما في الآية التي تقول : (( ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات..)) أو التي تقول : (( والله فضل بعضكم على بعض في الرزق..)).


2 - رد على تعليق الأستاذ سامر
محمد عابدين ( 2008 / 12 / 15 - 05:44 )
سيدي الفاضل :
من عنوان المقال يتضح إنه الجزء الثاني .. ولو كنتم إطلعتم على الجزء الأول لكنتم وجدت الرد على سؤالك .. وعلى كل ٍ كلمة الحجاب وردت في القرآن سبع مرات وكلها لم ترمز لحجاب المرأة أو لتغطية شعرها ووجهها وإحدى عينيها .. عد سيدي للجزء الأول وإربطة بما بعده بالجزء الثاني وقارن وتساءل.. ثم حدد سؤالك وقتها .. وأسألك أنا هنا بعد قراءتك للجزء الثاني وفي ضوء الجزء الأول : من الذي شرع الحجاب أهو الله أم تفسيرات ومفاهيم البشر ومروياتهم ؟؟ ومنتظر ردكم
وتقبلوا تحياتي
محمد عابدين

اخر الافلام

.. عادات وشعوب | مجرية في عقدها التاسع تحفاظ على تقليد قرع أجرا


.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس




.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا