الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صلاة كلب

زيد ميشو

2008 / 12 / 28
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


كثيراً ما نستخدم صفات الحيوان لنصف بها طبائع الإنسان إن كان بالسلب أم بالإيجاب . وذلك كي نقرب أحكامنا على تصرفات البشر . كون ذلك إن الحيوان محدود الطباع . وأحياناً نختار أسماء حيوانية لحديثي الولادة لدلالات محببة . مثلاً ضرغام ، فهد ، نمر ، شاهين ، ريم ، شبل ، غزلان ، وغيرها من الأسماء التي تدل على القوة والجمال . بينما لانعطي أسماء أخرى كحمار وهو معروف بصبره لكننا نفتخر بتسمية أيوب ويدل على معنى الصبر ، ونسمي وفاء ولا نسمي كلب لأن الكلب في عرفنا شتيمة بينما معروف عنه الوفاء .
الإنسان بتكوينه قادر على التحلي بكل صفاة الحيوانات بينما لايمكن للحيوان أن يسموا إلى مستوى الإنسان . لإن طباع الأخير ليست غرائز فقط بل تتعدى ذلك بكثير عكس الحيوان الذي خلق ليكون كما هو بطبيعته ، ولايلام على تصرف كونه يفتقد للعقل المجرد والتحليل وأكتساب المعرفة . ولايمتلك لغة علمية يتحاور بها . وإذا كان العاقل يستطيع أن ينبح ويمأمأ ويصهل ويزأر ويقلد كل أصوات الحيوانات حتى إنه يستطيع التغريد إذا إمتلك مثل هذه الموهبة ، بينما الحيوان لايمكن أن يتكلم بلغة الإنسان ويفهم مايقول ، حتى الببغاء الذي تسمع له كلمات لكنه لايقصد بها لغة تخاطب . والإنسان كما هو معرف أسمى الخلائق لإمتلاكه العقل ، وعندما نقول إنسان من الإنسانية فنحن ندرك ماهية هذه الكلمة ورقيها . وما يثير الإستغراب هو تغاضي الكثيرين لصفاتهم الإنسانية القيمة ليتخذوا صفاة حيوانية في تصرفاتهم ، فتبنى قسماً منهم صفاة المفترس منها ليأكل القوي منهم الضعيف ، وآخرين إقتدوا بالحمار في الحمولة والتحمل والسكوت ، وآخرين أستلهموا من الكلاب طاعتهم لأجل عظمة ، ومجموعة كالثعالب ماكرين ، وكالغربان سراق وكالعقارب لادغين وكالثعابين مسمومين . بينما تناسوا الرحمة والمسامحة والحب والتواضع وقبول الآخر المختلف والشعور بالآخر وغيرها الكثير مما لايعرفها الحيوان . فماذا عسانا أن نفعل حيال هذا النوع من البشر ؟
أخترت صلاة غريبة بعض الشيء أستليتها من كتيب صلوات غير عادية جمعها ونقلها إلى العربية الأب كميل حشيمة اليسوعي ، مطبعة دار المشرق في لبنان . كتيب صغير لايتعدى الستون صفحة جمعت بها صلوات رائعة جداً منها صلاة تحت عنوان ( صلاة كلب ) . عنوان غير مألوف ذو محتوى عميق أعتقد بأن فيه الحل لمن تناسى إنسانيته في خضم صخب الحياة والسعي الغير مشروع من أجل المادة والسلطة والخضوع للغرائز ، . تقول الصلاة :


صلاة كلب
آه ! ربّي ن أنت الذي يملك على جميع الخلائق
إجعل الإنسان ، سيدي ، أميناً لقريبه
كما أني أنا أمين له ....
إجعله حارساً نزيهاً للخيرات التي سلّمتَه إياها ،
على نحو ما أنا أحرس خيراته .
هبّ له صبراً شبيهاً بصبري عندما أنتظر عودته
من دون ان أتذمر ....
آه! ربّي ، أنت الذي يريد الكمال لكل مخلوق ،
هب الإنسان ، سيدي ، أن يتصرف دوماً
تصرُّف الإنسان ،
كا أني أتصرّف دوماً تصرّف الكلب !









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تنظر الحكومة الإسرائيلية لانتهاء مفاوضات القاهرة دون اتف


.. نتانياهو: إسرائيل مستعدة -للوقوف وحدها- بعد تعهد واشنطن وقف




.. إطلاق مشروع المدرسة الإلكترونية في العراق للتقليل من الاعتما


.. نتنياهو: خسرنا مئات الجنود بغزة.. وآمل تجاوز الخلاف مع بايدن




.. طلاب إسبان يدعمون غزة خلال مظاهرات في غرناطة