الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جريمة العقاب الجماعي وجذورها في الفكر الإسلامي

مستخدم العقل

2008 / 12 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لاشك أن جميع الشعوب المتحضّرة تعتبر العقاب الجماعي هو من الجرائم الأخلاقية البشعة التي تُعرّض مرتكبها للمحاكمة الجنائية كمجرم حرب ، ولكن في المقابل فإن جميع العمليات الإرهابية الإسلامية هي من نوعية العقاب الجماعي. فعلى سبيل المثال فإن الإرهابيين قد قاموا بقتل المئات من البريطانيين في لندن في يوليو عام 2005 وذلك بسبب سياسة الحكومة البريطانية في العراق، وقبل ذلك بعام واحد قام مسلمون آخرون بتفجير قطارات المترو في مدريد وقتل المئات من المواطنين الأسبان الذي لاذنب لهم سوى كونهم مواطنين أسبان ، ومنذ ايام قليلة قام مسلمون آخرون بقتل المئات بسبب كونهم هنود بل وقاموا بمهاجمة مركز يهودي في بومباي وقتل مَن فيه وذلك فقط لأنهم يهود. وحتى هذه اللحظة فإننا مازلنا نرى العديد من المسلمين يقومون بالدعاء يومياً على جميع اليهود أو على جميع المسيحيين وذلك بسبب أن بعض اليهود أو بعض المسيحيين قد آذى بعض المسلمين. بل وقد وصل الأمر الى ممارسة العقاب الجماعي بين السنّة والشيعة في العراق حيث يقوم المسلمون الشيعة في كل يوم تقريباً بتفجير مساجد وأسواق المسلمين السنّة وقتل المئات وذلك كنوع من العقاب الجماعي بسبب ممارسات بعض هؤلاء المسلمين السنّة والعكس صحيح طبعاً حين يقوم المسلمون السنّة – أيضاً – بقتل المئات من الشيعة وذلك بسبب ممارسات بعض هؤلاء الشيعة.

من أجل وقف ذلك النزيف الذي لاينتهي من الدم والخراب فإننا يجب أن نقوم بتحليل ظاهرة ممارسة هؤلاء المسلمين لجريمة العقاب الجماعي وذلك بهدف وضع يدنا على السبب الحقيقي الذي يدفع هؤلاء المسلمين لممارسة تلك الجريمة القذرة ، بالطبع فإن المدافعين عن الإسلام – كعادتهم – يتبارون في التشدّق بالكلمات المعسولة التي هي بعيدة كل البعد عن الواقع الأليم فيدّعون بكل صفاقة أن هؤلاء الإرهابيين لايمثّلون الإسلام الحقيقي متناسين أن جميع المسلمين – تقريباً – يمارسون جريمة العقاب الجماعي وذلك حين يقومون بالدعاء في صلاتهم على اليهود أو المسيحيين (ككل) وذلك بسبب أخطاء بعض هؤلاء اليهود أو المسيحيين ، بل لقد وصل الأمر الى قيام قناة العالم الإخبارية بنقل صور لبعض الحجاج في الأسبوع الماضي وهم يحملون لافتات مكتوب عليها (الموت لأمريكا) وذلك فيما يُعرف بمراسم الولاء والبراء التي يمارسها الحجيج. فهؤلاء الحجاج المسلمون الذين يُفترض فيهم أنهم يمارسون واحداً من أعمق وأهم المشاعر الدينية الإسلامية يتمنّون الموت لشعب بالكامل وذلك بسبب جريمة ارتكبها بعض أفراد ذلك الشعب. فهل يمكن بعد ذلك أن نصدّق الادّعاءات القائلة بأن المسلمين لايمارسون العقاب الجماعي؟

للأسف الشديد فإن القرآن والسنّة (وهما أهم مصادر التشريع الإسلامي) يعتبران أن العقاب الجماعي هو من الممارسات العادلة التي لاغبار عليها. ففي القرآن الكريم نجد أن الله يتوعد الكافرين بالعذاب في الآية 22 من سورة الصافات قائلاً (((احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ))) فالله لايكتفي بمعاقبة الذين ظلموا ولكنه يتوعد أزواجهم أيضاً بالعقاب. كذلك فإن الآية 4 من سورة الأعراف تقول (((وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ))) أي أن الله قد قام بمعاقبة العديد من القرى (بمَن فيها من الأطفال والأبرياء الآخرين) وذلك بسبب عدم تصديق "بعض" أهل تلك القرى للرسل. كذلك فإن الآية 11 من سورة الأنبياء تقول (((وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ))) أي أن الله قد مارس العقاب الجماعي ضد سكان القرى في الماضي فكان يبيد قرى كاملة (بمَن فيها من الأطفال والأبرياء الآخرين) وذلك بسبب الممارسات الظالمة لبعض سكان تلك القرى. كذلك فإن الله يؤكد مرة أخرى على ممارسته للعقاب الجماعي لأهل قرية لوط وذلك في الآية 31 من سورة العنكبوت التي تقول (((وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ))) وقد استثنى الله من ذلك العقاب لوطاً وأهله فقط (عدا امرأته) وذلك بنص الآية التالية وهي الآية 32 من سورة العنكبوت التي تقول (((قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ))) فالله استثنى فقط لوطاً وأهله (عدا امرأته) أما أطفال تلك القرية والأبرياء الذين لم يَظلموا أحداً فلم يستثنهم الله من العقاب. كذلك فهناك الآية 5 من سورة التوبة التي يأمر فيها الله المسلمين بأن يقتلوا المشركين حيث يجدوهم دون أي استثناء حيث تقول بالنص (((فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ))) فالله لم يستثن أي مشرك صالح مسالم عاشق للخير (كبعض البوذيين مثلاً).

أما السنّة النبوية فهي تحكي لنا أن الرسول كان يمارس العقاب الجماعي بصورة شبه دائمة ، فالحديث الوارد في الصحيحين (البخاري ومسلم) يقول بالنص (((حاربت ‏ ‏النضير ‏ ‏وقريظة ‏ ‏فأجلى ‏ ‏بني النضير ‏ ‏وأقر ‏ ‏قريظة ‏ ‏ومن عليهم حتى حاربت ‏ ‏قريظة ‏ ‏فقتل رجالهم وقسم نساءهم وأولادهم وأموالهم بين المسلمين إلا بعضهم لحقوا بالنبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فآمنهم وأسلموا وأجلى ‏ ‏يهود ‏ ‏المدينة ‏ ‏كلهم ‏ ‏ بني قينقاع ‏ ‏وهم رهط ‏ ‏عبد الله بن سلام ‏ ‏ويهود بني حارثة ‏ ‏وكل ‏ ‏يهود ‏ ‏المدينة))) ومن نص الحديث نجد أن الرسول قد قام بإجلاء يهود بني النضير بالكامل من أرضهم وذلك بسبب محاربتهم له وبالطبع فإن المقصود بالحرب هنا هو محاولة الاغتيال التي قام بها رجلان من بني النضير (والمشكوك في صحتها تاريخياً) فقام الرسول بإجلاء القبيلة بكاملها من أرضها بسبب ذنب رجلين من القبيلة. ونفس الحديث ينص أيضاً على أن الرسول قد قام بقتل جميع رجال بني قريظة وقسّم نساءهم وأطفالهم بين المسلمين وذلك كعقاب جماعي لخيانة بعض أفراد القبيلة للعهد الذي كان بينهم وبين الرسول وبالتالي فإن الرسول قد قام بتقسيم أطفال القبيلة كجوارٍ وعبيد للمسلمين بسبب ذنب آبائهم. ومن المعروف أن الرسول لم يمنع أصحابه من ممارسة العقاب الجماعي تجاه أطفال المشركين وذلك من واقع الحديث الوارد في الصحيحين أيضاً والذي يقول (((قلت يا رسول الله ‏ ‏إنا نصيب في ‏ ‏البيات ‏ ‏من ‏ ‏ذراري ‏ ‏المشركين قال هم منهم))) فالرسول – طبقاً لنص الحديث – لم يمانع في قتل أطفال المشركين حي أنهم "منهم". ومن التراث النبوي في جريمة العقاب الجماعي أيضاً الحديث الوارد في صحيح البخاري والذي يقول (((‏كان بيت في الجاهلية يقال له ‏ ‏ذو الخلصة ‏ ‏والكعبة اليمانية ‏ ‏والكعبة الشأمية ‏ ‏فقال لي النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏ألا تريحني من ‏ ‏ذي الخلصة ‏ ‏فنفرت في مائة وخمسين راكبا فكسرناه وقتلنا من وجدنا عنده فأتيت النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فأخبرته فدعا لنا ولأحمس))) فالرسول شعر بالسرور ودعا لأصحابه بسبب قيامهم بقتل المصلّين الذين كانوا يتعبّدون في إحدى الكعبات المنافسة لكعبة مكة وذلك كعقاب لهؤلاء المصلّين لأنهم غير مسلمين.

وفي النهاية فإنه لاشك أن معظم الحضارات القديمة كانت تمارس العقاب الجماعي في العصور الغابرة ولكن التطوّر الأخلاقي قد جعل منه الآن جريمة أخلاقية وجنائية يُعاقب عليها الضمير الإنساني قبل أن يُعاقب عليها القانون الدولي ، فهل يوجد أمل في أن يصل صوت الضمير الإنساني الى المسلمين لكي يتوقفوا عن ممارسة تلك الجريمة التي يمارسها "جميع" المسلمين بصورة شبه مستمرة – على مستوى النيّة والرغبة – وذلك في صلواتهم وشعائرهم قبل أن يمارسها "بعض" المسلمين بصورة فعلية حقيقية في عملياتهم الإرهابية.












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عقاب جماعى ام جريمه قتل الابرياء
مكار عبد المكير ( 2008 / 12 / 17 - 02:20 )
فى الحقيقه اختلف معك فى التعبير عن الواقع حيث ان مايفعله المسلمين ليس عقاب وانما هو جريمه قتل الابرياء ... لان العقاب لايجوز الا للذى يحمل سلطة العقاب ... وانا ليس لى سلطه على ابن الجيران لكى اعاقبه ...
بل سلطتى على اولادى لمعاقبتهم .. سلطتى على مرؤسى/ العاملين لدى لكى اعاقبهم ...

فليس عقاب بدون اذى او جريمه ..
والابرياء لايعاقبون وانما اى فعل ضدهم هو جريمه وظلم ولابد من معالجه سبب افكار المسلمين المتشددين واقصاؤه قبل معاقبتهم.

وسبب الجريمه والمحرض الاول ضد هؤلاء الابرياء هو -القران -


2 - وماذا عن تاريخ الشيوعية الدموى
samy ( 2008 / 12 / 17 - 09:30 )
نريد من حضتك بما إنك مستخدم للعقل أن تحدثنا عن تاريخ الشيوعية وما به من سفك للدماء وجرائم يندى لها الجبين خجلا.