الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكيمياء القاتلة التطرف بين الذات الانسانيه والعقيده الدينيه

عبد العزيز الخاطر

2008 / 12 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كيمياء التطرف تتمثل فى تماهى العقيده مع الذات بحيث تصبح هى الذات ويصبح بالتالى تعاطى اى نقد او مخالفه لهذه العقيده يتم على اساس انه موجه الى الذات. فالمتطرف لا يرى تلك المسافه الضروريه التى تفصل بين الذات الانسانيه المتمثله فى خلق الله اجمعين وبين العقيده التى يتبناها هو وقد لايتبناها غيره من الناس, بل من الواقع جدا ان لايعتنق الجميع العقيده الواحده نفسها لان سنه الله تقتضى الاختلاف . فتراه يثور عندما يحاور او يسمع لمن يخالف عقيدته او لايضمر انسانيه لمن يرى انه يعتنق عقيدة اخرى فبصبح الامر لديه قضية وجود ,ولان قدرته على التحمل او معايشة اصحاب العقيده الاخرى ضئيله ولانه يرى فى ذلك فناء لذاته وتلاشيا لها فانه يسعى الى الغاء الاخرين وحقهم فى الاختلاف بشتى السبل المتاحه, فيقصى اذا امكن الاقصاء ويسفك الماء اذا تطلب الامر ذلك.
فناء الذات فى العقيده هو كيمياء التطرف التى يجب ايقاف تبلورها او اشتعالها او على الاقل تفكيك جزئياتها بشكل او باخر . ثمة وسائل عديده لانجاز ذلك منها او من اهمها اللجوء الى الاسبقيه التاريخيه لوجود كل من الذات والعقيده والتركيز على ان الذات هى الاساس او هى صاحبة الاسبقيه ثم ياتى تبنى الانسان للعقيده بمعنى اخر هو ان يولد الانسان ذاتا ومن ثم يتبنى العقيده او المنهج التى يقتنع بها او به وللعوامل الاجتماعيه والثقافيه وحتى الجغرافيه تاثير فى ذلك فالانسان منتوج اجتماعى كما يرى البعض.
وبالتالى للذات الانسانيه صفات تميزها عن غيرها من الذوات الاخرى المخلوقه فهى انسانيه الطابع اى انها تقيل التعايش وان كان ثمة اختلاف فى اللون او فى اللسان او الشكل ولكن الطابع الانسانى جامع لما تحته من خصائص اختلافيه صغرى. فمن الضروره او من مستلزمات الوعى الطبيعى ان لاتغير العقيده المتبناه من هذه القابليه الانسانيه للتعايش. بمعنى اخر ان تحافظ هذه العقيده على انسانيه الذات وحريتها فى الاختيار وأن بنت فوقها رؤيتها المختلفه وتصورها للكون ولها كل الحق فى الدفاع عن ذلك والاستماته فى ذلك ايضا بشرط ان لاتفرط او تغفل عن الاساس فى حرمة الذات الانسانيه واحقيتها فى الوجود والتواجد وحرية الاختيار.

التراكم والفهم التاريخى الذى ادى الى فناء الذات فى العقيده هو الكيمياء التى يخرج بها المتطرف من المختبر فيرى العالم بشكل احادى وضيق فلا انسانيه دون ما يعتقده ولا عقيده غير تلك التى تخرج مع انفاسه, والعالم بالنسبة اليه بؤره ضيقه لاتحتمل الغير المختلف. ان اشكالية التطرف هى فى كونه يبدأ بالبعيد ثم ياتى على القريب, فالذوات الاخرين تنكمش با ستمرار لينفرد المتطرف وحده ذاتا وعقيده, كنت ارى ولازلت ان عملية التدريس يجب ان ترتكز على اكثر من مستوى ياتى فى مقدمتها المستوى الانسانى ومن ثم المستوى الدينى والاجتماعى فاختلاف المدارس والمناهج على اشكالها من الضروره ان لايخرج عن ذلك فلا ياتى اصحاب مدرسه بعينها باولويه خاصه بها تجعل من المستوى الدينى يلغى ما بعده او يلغيه او اخرى ترى فى البعد الاجتماعى الطبقى او الاثنى اولويه على المستوى الانسانى مثلا. لا انفكاك من خطورة التطرف الا بادراك المسافه بين الذات الانسانيه التى كرمها الله والذى امتلك وحده اعادتها اليه وبين ما تعتقد به او تتبناه وان بداية تطرفها يبدأ فى تماهيها مع ما تعتقد بشكل ينسيها اصلها الانسانى او قاسمها المشترك مع سائر البشر او بنى الانسان عامة وقد يجنح بها ذلك الى شاطىء الاقصاء الذى يرى فى الاخرين ذواتا لاتستحق الحياه لا لشىء الا كونهم مختلفين وفى ذلك تجن على ماجاءت به جميع الاديان والرسالات بل وتمرد على امر الله بتكريم الانسان وحريته فى الاختيار وبيان قدرة الله وعظمته فى خلق هذا التنوع والاختلاف حيث لو شاء سبحانه لجعلنا امة واحده .ولكن جكمته اكبر من ان يحتويها اويدركها عقل مخلوق او بصيرة بشر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المسلمون في الهند يؤدون صلاة عيد الأضحى


.. عواطف الأسدي: رجال الدين مرتبطون بالنظام ويستفيدون منه




.. المسلمون في النرويج يؤدون صلاة عيد الأضحى المبارك


.. هل الأديان والأساطير موجودة في داخلنا قبل ظهورها في الواقع ؟




.. الأب الروحي لـAI جيفري هنتون يحذر: الذكاء الاصطناعي سيتغلب ع