الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(( لكل جديدٍ لذّة ))

كريم الشريفي

2008 / 12 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يقال ان الوزير بخلافة المتوكل صاعد ابن مخلد(( انتقل من النصرانية الى الأسلام ، فجاء نديمه أبو العيناء يسأل عنه لانه صاحب مخلد ويقضي سهراته ومجنومه معه قبل الأستيزار.. سأل احدهم أين مخلد؟ قالو له، انه مشغول بالصلاة فقال دعوه يصلي وقال قولته الشهيرة – لكل جديدٍ لذّة-)). أن الثنائيات الحادة تصيب الأشخاص وتطبعهم وتؤثر بهم مثلما تصنع بالأشياء.. ومن هذه الثنائيات والتحولات المتضادة بالمواقف والمواقع والمناصب للأشخاص والأشياء على السواء لها انعكاسات كثيرة وكبيرة تتراوح بين السلب والأيجاب.ومن هذه الثنائيات بعراق اليوم هي كثيرة والحمد لله، منها ان يتّحول (الجحش*) الى وزير ، والتّواب** الى عضو برلمان ، والجلاد الى ديمقراطي ، والمعدم الى مليونير، ورجل الدين الى تاجر عالمي، والجندي الى واعظ ، والخزعبلاتي الى فلكي . بالحقيقة هذا يشبه الى حّد بعيد عوالم الف ليلة وليلة... حيث ينقلب العفريت الى أسد وبضربة سيف تقسمه الى قسمين الأعلى يتّحول الى عقرب ثم ينقلب الى عُقاب ، وبعدها الى قط أسود او بُنّي وهكذا الخ.. هذه التحولات والأنتقالات جديرة بأن تدرس دراسة متأنية تخضع الى معايير العلوم الأجتماعية والنفسية لمعرفة نتائجها المستخلصة حتى لا تتكرر في المستقبل اللأمضمون. أن التحول من موقع اجتماعي الى موقع آخر افضل منه ، او من مقام اقتصادي الى آخر احسن منه اذا لم يكن بالتدرج والأستحقاق سينقلب الى وبالاً لانه سيكون مصحوب بأسقاطات انفعالية ونفسية قد تنتج عن ممارسات فضّة وانتقامية ضّد الأخرين ، لانها تصبح تعبيراً ومتنفساً عن مكبوتات ومخاوف وعقد من الشّح والعوّز المتراكم الذي مّر بها هذا المُتّحوِل قبل تحوله الجديد .ان تأريخ الشعوب هو انعكاس لرجال الدولة والقادة والمفكرين في تلك الشعوب، والتحول الذي يحدث بالصدفة يكون نادر واستثنائي وليس هو القاعدة كما يحصل لدينا في العراق الآن وقبل الآن. لو سلمنا بمقولة العالم الأجتماعي (امرسون) يقول قدموا لي عشرة من الشخصيات الكبيرة ، اخبركم عن تأريخ المجتمع البشري قبل أن اقرأه! عرفوني بنّي الأسلام حتى اخبركم عن تاريخ الأسلام ، وصفو لي حياة نابيون حتى اعرض لكم تاريخ اوربا الحديث .. هذا يعني ان تأريخ الدول والشعوب تعرفه من خلال قادته وانجازاتهم الأجتماعية والسياسية الكبيرة . ان شقاء وسعادة المجتمع لا تتحكم بها الشعوب ، ولا العوامل والقوانين الطبيعية والأجتماعية الجبرية ، ولا الصدفة ، وانما يعود ذلك الى الشخصيات الذين يظهرون لقيادة المجتمع ويقومون بتغيره نحو الأحسن. فهل نتوقع من (جحش) اناني ،أو تواب يعاني عقدة النقص، أو جلاد منبّوذ، أو ملائي مشعوذ ان يبني العراق ؟ مستحيل ..لو اجتمعو كل هؤلاء على جعل التيار الكهربائي أن يستمر ساعة اضافية لن ولم يستطيعوا ذلك ..كيف يحدثون تغيير جذري في بنية المجتمع امثال هؤلاء ؟ اذن نحن لدينا اكثر من اشكالية نحتاج الى فك رموزها والبحث عن حّل لها واولها هذه الثنائيات التي نراها بالأشخاص وهم في صنع القرار السياسي . كلهم تابعين الى ولي النّعمة أما ان يكون رئيس كتلة برلمانية أو سياسية او رئيس اقليم ، أو شيخ عشيرة ..والويل لمن يخرج عن الولاء لانه سيحرم من الأمتيازات من وليّ نعمته ، ويُطرد من جنّة النعيم والبحبوحة الى الهامش والأهمال .هذا فضلاً عن عدم تفاهم (القادة ) بينهم لا فكراً ولا لغةً ولا وطنيةً لذلك ترى الأختلافات حتى على الأتفاقات بينهم وهذا يذكرنا بصاحب ( التكأكؤ) . أبو علقمة النحوي المشهور بالبلاغة والفصاحة.. يوماً دخل الى أفضل الأطباء للعلاج وكان الطبيب على قسط من البلاغة أيضاً.. قال علقمة للطبيب : أَمتع الله بك! اكلت لحوم الجوأزل، فطسأتُ طأسأةً، فأصابني وجعٌ بين الوابلة ودأية العنق حتى خالط الخِلب، وألِمت له الشراسيف. فهل عندك دواء؟ قال له الطبيب : خذ حرقفاً ،وسلقفاً،وشرقفاً، فزهزقه،ورقرقه، واغسله بماء ذوب ،واشربه بماء الماء. قال له علقمة أعد، ويحك عليّ. فأني لم افهم منك ؟ فقال له الطبيب(( لعن الله أقلنا إفهاماً لصاحبه))! فما بالك بفصاحة السريان والكرد والتركمان والعرب والأعارب وهم في ثنائيات هزيلة في البرلمان؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا لذة يُرتجى من هؤلاء!
علي نور ( 2008 / 12 / 24 - 15:36 )
لقد اصب في تشخيصك لظاهرة الرطانة في البرلمان العراقي ..اغلب الأعضاء جاءوا بغير استحقاق وبالتالي ترميزك في محله.

اخر الافلام

.. حديث السوشال | فتوى فتح هاتف الميت تثير جدلاً بالكويت.. وحشر


.. حديث السوشال | فتوى تثير الجدل في الكويت حول استخدام إصبع أو




.. عادات وشعوب | مجرية في عقدها التاسع تحفاظ على تقليد قرع أجرا


.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس




.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر